مقتل قاسم سليماني: هل يمثل اغتيال القائد الإيراني مسألة شخصية لبومبيو؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قلة من المسؤولين الأميركيين الذين يتمتعون بمعرفة عميقة بشأن إيران مثل وزير الخارجية مايك بومبيو، وفقا لسوزان كيانبور مراسلة بي بي سي، التي تضيف أن الصراع شخصي بالنسبة له.
في أوائل عام 2016، تراجع بومبيو، عضو الكونغرس عن ولاية كانساس وقتها، شخصيا عن طلب للحصول على تأشيرة سفر إلى إيران، كان قد وجهها إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي.
وذهب بومبيو واثنان آخران من أعضاء مجلس النواب من الجمهوريين في سيارات سوداء إلى السفارة الباكستانية في واشنطن، مقر قسم إدارة المصالح الدبلوماسية لإيران، نظرا لعدم وجود علاقات رسمية بين طهران والولايات المتحدة.
كانت أهداف أعضاء الكونغرس طموحة.
كانوا يرغبون في الذهاب إلى طهران لمراقبة الانتخابات البرلمانية الإيرانية، وزيارة المواقع النووية، وعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين الإيرانيين، ومقابلة سجناء أمريكيين، والحصول على معلومات بشأن برنامج الصواريخ البالستية في البلاد وأشياء أخرى.
وبطبيعة الحال، لم يتخطوا أبعد من قاعة الاستقبال في السفارة ولم يذهبوا إلى إيران، حتى أرسل بومبيو رسالة واضحة مفادها، "أضعكم نصب عيني".
بعد مرور عام، لعب عضو الكونغرس بأوراقه السياسية كما ينبغي، وسرعان ما ارتفعت أسهمه، وحصل على وظيفة مرموقة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتولى منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
وقال مسؤول إيراني مازحا إنهم كانوا يتمنون لو كانت السفارة قد أصدرت له تأشيرة سفر "كان يمكن أن يكون لدينا مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في طهران!".
كان لدى بومبيو، خلال السنوات الست التي قضاها في الكونغرس، هدفا رئيسيا وهو معرفة أدق تفاصيل هجوم شنه متمردون عام 2012 استهدف السفارة الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية، وأسفر عن مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز.
وكان بومبيو من بين الجمهوريين الذين يقودون حملة انتقاد مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة آنذاك ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، إذ ألقى عليها باللوم في عدم بذل المزيد من الجهد لإنقاذ السفير وثلاثة من المسؤولين الأميركيين الآخرين الذين قُتلوا أيضا.
لكنه كان يضع نصب عينيه أيضا الحرس الثوري الإيراني.
دأب بومبيو، بصفته عضوا في لجنة الاستخبارات الدائمة التابعة لمجلس النواب، على دعوة مسؤولي الاستخبارات الأمريكية لمناقشة نفوذ فيلق القدس وقاسم سليماني، الذي كان يركز عليه شخصيا منذ سنوات.
لذلك عندما سنحت الفرصة كان بومبيو من بين الذين نصحوا ترامب باغتنامها، على الرغم من علمه بأن الخطوة قد تؤدي إلى نشوب حرب وتنشيط خلايا "إرهابية إيرانية" في شتى أرجاء العالم.
كانت المخاوف من الفصائل المقاتلة التي تعمل بالوكالة لحساب إيران سببا منع الرئيسين الأمريكيين السابقين، باراك أوباما وجورج دبليو بوش، من قتل سليماني.
وكان قرار استهداف الجنرال الإيراني يحتل أولوية بالنسبة لبومبيو، لمنع تكرار حدوث هجوم آخر على غرار هجوم بنغازي، لاسيما في أعقاب الهجوم الذي استهدف مقر السفارة الأمريكية في بغداد في أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بيد أن الانتقام من الحرس الثوري الإيراني يعود إلى زمن تدريبه في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في "ويست بوينت".
كان بومبيو خلال تلك الفترة، من عام 1982 إلى 1986، يتلقى تدريبات في الأكاديمية، وكانت وتيرة التوترات مع إيران ووكيلها في لبنان، حزب الله، عالية.
كانت الحرب الباردة لا تزال مستمرة، وأُرسل بومبيو إلى ألمانيا للعمل في وظيفة ضابط في الجيش الأمريكي.
في ذلك الوقت، قُتل 241 فردا من مشاة البحرية الأمريكية والبحارة في هجوم استهدف مقر قوات حفظ السلام الأمريكية في بيروت.
وكان التهديد السوفيتي وجوديا، بيد أن الأمر كان مختلفا بالنسبة لبومبيو، إذ كان التهديد المتنامي والأكثر إلحاحا بالنسبة له هو إيران ومَن يعملون لصالحها.
وبعد 35 عاما من ذلك الوقت وجهت الولايات المتحدة أكبر ضربة لهذا التهديد حتى الآن.
يقول مايكل بريجنت، ضابط مخابرات سابق في الجيش الأمريكي سبق وعمل في العراق وأدلى مؤخرا بشهادته أمام الكونغرس بشأن مستوى النفوذ الذي كان يتمتع به سليماني في العراق "إنه حدث عظيم بالنسبة لبومبيو لأنه أقنع الرئيس بأهمية قاسم سليماني".
وأضاف "التخلص من البحرية الإيرانية أو موقع نووي، لم يكن ليعادل قاسم سليماني".
ويقول بريجنت، الذي أطلع الوزير بومبيو عدة مرات بشأن فيلق القدس "هذا هو أبرز شخص يمكنك التخلص منه إذ يلي في الأهمية آية الله الخامنئي".
ويتيح التخلص من سليماني فرصة أمام بغداد للتخلص من النفوذ الإيراني، وهي خطوة من المحتمل أن تمنح وزير الخارجية نصرا دبلوماسيا وعسكريا أيضا.
بيد أن أحد كبار المساعدين السابقين يقول إن بومبيو أكثر بكثير من كونه وزير خارجية.
ويقول ستيف بانون، العقل المدبر لفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2016 والمستشار السابق للبيت الأبيض، إنه (بومبيو) يلعب أيضا دور وزير الدفاع الفعلي ومستشار الأمن القومي ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية.
وليس لدى الرئيس ترامب نفس العلاقة مع المسؤولين الذين يشغلون تلك المناصب كما هو الحال مع وزير خارجيته.
وتعمقت العلاقة التي تربط بومبيو وترامب عن طريق بانون، الذي يقول إن بومبيو اختير لتولي منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية بعد الانتخابات بفترة وجيزة عام 2016 بسبب أفكاره المدروسة جيدا بشأن الأمن القومي، لاسيما تلك التي تتعلق بإيران.
وفي أول عطلة لنهاية الأسبوع لترامب بعد توليه رئاسة البلاد، أجرى بانون وبومبيو محادثة خاصة وهما يشاهدان ترامب يلقي خطابا في مقر وكالة الاستخبارات المركزية في ولاية فرجينيا أثناء معركة دائرة في مدينة تدمر القديمة في سوريا.
كانت القوات الخاصة الأمريكية تدعم المقاتلين الذين كانوا يحاولون استعادة المدينة القديمة من تنظيم الدولة الإسلامية في ذلك الوقت، وكان فيلق القدس موجودا أيضا في تدمر، تلك المدينة التي كانت قبل ثلاثة آلاف عام محطة على الطريق بين الرومان والإمبراطورية الفرثية (الإيرانية).
نشبت حرب في وقت لاحق بين الإمبراطوريتين، الرومانية والفارسية.
وقال بانون مازحا خلال تلك المحادثة"لم يتغير الأمر. نحن الرومان"، وطلب من بومبيو شخصيا تقديم موجز المعلومات الاستخباراتية اليومية شديد السرية للرئاسة.
وأضاف بانون لوزير الخارجية الأمريكي المستقبلي "إنه يحتاج إلى شخص يمكن التواصل معه".
ويبدو أن المسؤولين الإيرانيين لديهم اهتمام ببومبيو، ويقرون بأنه أشد أسلحة إدارة ترامب حدة.
وكان بومبيو قد قرر مؤخرا عدم خوض سباق الترشح لعضوية مجلس الشيوخ الأمريكي، وقرر بدلا من ذلك البقاء في منصب وزير الخارجية في وقت يشهد توترات عالمية متصاعدة يخشى الكثيرون من أنها قد تؤدي إلى الحرب.
ويتوقع المطلعون على الأمر أن يضاعف البيت الأبيض عقوباته وإنفاذها.
ويعد الهدف النهائي هو إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات.
ويقول يوسف العتيبة، السفير الإمارتي لدى الولايات المتحدة "ثمة حاجة إلى نسخة ثانية لخطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي) تتسم بفاعلية وتشمل أنشطة إيران الإقليمية، والوكلاء، وبرامج الصواريخ، وتتضمن هذه المرة صوتا إقليميا على الطاولة".
ومن دون شك سوف يترشح بومبيو يوما للرئاسة الأمريكية، لكن حتى ذلك الحين، سيظل شوكة في خاصرة إيران، مع استمرار حملة الضغوط القصوى التي تمارسها الإدارة الأمريكية لهزيمة النظام الإيراني.