أخبار

بعد أسابيع من الانفجار المروع

حريق ضخم في مرفأ بيروت يثير الرعب بين سكان المدينة

صورة تظهر الدخان الناجم عن الحريق الهائل في ميناء بيروت في 10 سبتمبر 2020
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت: اندلع حريق ضخم الخميس في أحد مستودعات مرفأ بيروت، حيث تخزن اللجنة الدولية للصليب الأحمر مساعدات إنسانية، ما أثار الرعب بين اللبنانيين بعد أكثر من خمسة أسابيع من الانفجار المروّع الذي حوّل بيروت مدينة منكوبة.

وقال رئيس الجمهورية ميشال عون إن الحريق قد يكون عملاً "تخريبياً" أو نتج عن "خطأ" أو "إهمال"، بعدما كان وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار تحدّث عن "معلومات أولية" تفيد بأن "أحدهم كان يقوم بورشة تصليح، مستخدماً صاروخاً ما أدى الى تطاير شرارة واندلاع الحريق".

ورغم مرور ست ساعات تقريباً على بدء جهود الإطفاء، لم يتم إخماد النيران بالكامل، وفق ما ذكر مصورو فرانس برس. وتمكن مواطنون مقيمون في ضواحي بيروت من رؤية سحب كبيرة لدخان أسود تنبعث من المرفأ وتغطي سماء بيروت.

واندلع الحريق، وفق ما أفاد الجيش اللبناني، في مستودع للزيوت والإطارات في السوق الحرة في المرفأ. وما لبث أن تمدّد إلى مستودعات مجاورة تُخزّن فيها بضائع مستوردة. وكانت هذه المستودعات قد تضرّرت بشدة جراء انفجار المرفأ في 4 أغسطس.

وأوضح مدير عام المرفأ بالتكليف باسم القيسي لقناة "إل بي سي" التلفزيونية، أنّ المستودع حيث اندلعت النيران يعود لشركة خاصة تعنى بشحن البضائع وتخزينها. وقال إنه "بدأ في براميل الزيت نتيجة الحرارة أو خطأ ثان" مضيفاً "من المبكر أن نعرف".

ومساء، أعلن المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط والأدنى فابريزو كاربوني في تغريدة أن "المستودع حيث اندلعت النيران تخزّن فيه اللجنة.. الآلاف من الحصص الغذائية ونصف مليون ليتر من الزيت".

وأضاف "حجم الضرر لم يُحدّد بعد وقد تتأثر عملياتنا الانسانية بشكل كبير".

وتعمل فرق الدفاع المدني وفوج الإطفاء بمشاركة مروحيات الجيش على إخماد الحريق منذ ساعات. إلا أن ذلك لم يحل دون تمدّد الحريق الى مستودعين آخرين على الأقل، يضم أحدهما أجهزة كهربائية منزلية.

وقال مدير العمليات في الدفاع المدني جورج أبو موسى إن "البضائع الموجودة وكميتها ونوعيتها تحول" دون القدرة على اخماد النيران بسرعة.

ورجّح عون في مستهل اجتماع المجلس الأعلى للدفاع في القصر الرئاسي، أن يكون الحريق "عملاً تخريبياً مقصوداً أو نتيجة خطأ تقني أو جهل أو إهمال" معتبراً أنّه "في كل الأحوال يجب معرفة السبب بأسرع وقت ومحاسبة المسبّبين" له.

صدمات لا تنتهي
وبعد وقت قصير من اندلاع الحريق، قال هيثم وهو أحد العمال في المستودع الأول الذي التهمته النيران، "كنا نعمل وفجأة بدأوا يصرخون، أخرجوا من الشركة"، مضيفاً أن "أعمال تلحيم كانت قائمة.. واندلعت النيران، لا نعرف ماذا حصل".

وتابع "تركنا كل شيء وبدأنا نركض، تذكرنا الانفجار. لم أعد أعلم هل أتصل بعائلتي أو أخوتي الذين يعملون في المرفأ".

وأثار الحريق حالة من الهلع في بيروت التي ما زالت تلملم جراحها بعد الانفجار المهول الذي أوقع أكثر من 190 قتيلاً وأصاب أكثر من 6500 بجروح، عدا عن تشريد نحو 300 ألف شخص من منازلهم.

وقالت هالا التي كانت قد استأنفت الخميس عملها في حي مار مخايل المحاذي للمرفأ في تغريدة "كان اليوم هو أول يوم عمل لي في المكتب.. بعد إصلاحه بالكامل. بينما كنت جالسة، نظرت عبر النافذة إلى يميني لأرى دخاناً أسود ضخماً. بدأ جسدي يرتجف دون أن أتمكن من السيطرة على نفسي وملأت الدموع عيني".

وتابعت "اللعنة عليهم (بسبب) صدماتنا التي لا تنتهي".

وأبدت الرئاسة الفرنسية "استعدادها للاستجابة للاحتياجات إذا لزم الأمر" مؤكدة أنّها "تتابع الوضع من قرب".

وغرّدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين "يحزنني أن أرى حريقاً يجتاح مرفأ بيروت مرة أخرى" مبدية تعاطفها "مع الشعب اللبناني الذي سبق وعانى من انفجار مدمر الشهر الماضي".

مسرح الجريمة
وأثار اندلاع الحريق الخميس شكوكاً لدى سياسيين وحقوقيين، خصوصاً أنه الثاني هذا الأسبوع، بعد حريق الثلاثاء اندلع وفق الجيش في الردميات المختلطة بنفايات وبقايا أخشاب وإطارات غير صالحة.

وأعادت الباحثة في منظمة العفو الدولية ديالا حيدر تغريد بيان الجيش الخميس، وسألت "حبّذا لو أخبرتمونا سبب الحريق في مرفأ مدمر وموضوع تحت عهدتكم".

وغرّد الباحث المتخصص في العلوم الجنائية وحقوق الانسان عمر نشابة "أين نعيش نحن؟ هذا مسرح جريمة وقعت منذ شهر! أين القضاء؟ أين الدولة؟ أين المسؤولية؟".

وسأل رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، الذي قدّم استقالته من البرلمان إثر الانفجار "كيف يمكن أن يندلع حريق جديد رغم وجود كافة الأجهزة الأمنية والقضائية في مسرح جريمة مرفأ بيروت؟".

وطالب "الأمم المتحدة بوضع يدها على التحقيقات".

وتحقّق السلطات في انفجار المرفأ الذي عزته إلى 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم كانت مخزنة منذ أكثر من ست سنوات من دون إجراءات وقاية كافية.

وكان الانفجار أثار غضباً عارماً، خصوصاً بعدما أكّدت تقارير ومصادر عدة أن السلطات، من أجهزة أمنية ورؤساء ومسؤولين سابقين وحاليين، كانوا على علم بمخاطر تخزين هذه المادة في المرفأ.

وأوقف القضاء حتى الآن 25 شخصاً، بينهم كبار المسؤولين عن المرفأ وأمنه. ويحقق المحقق العدلي القاضي فادي صوان، الذي استمع الخميس إلى وزير الأشغال والمدير العام لأمن الدولة، مع الموقوفين بهدف تحديد المسؤوليات ومعرفة ملابسات الانفجار وتحديد هوية الأشخاص الذين أهملوا أو تجاهلوا خطر إبقاء كميات هائلة من نيترات الأمونيوم.

وأعلنت قيادة الجيش قبل أسبوع العثور على أكثر من أربعة أطنان من نيترات الأمونيوم مخزنة في حرم الجمارك، تخلصت منها لاحقاً، ويحقق القضاء بشأنها. ولم يتضح ما إذا كانت جزءاً من الكمية الأساسية المخزنة في العنبر رقم 12.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف