فضاء الرأي

المساءلة والمحاسبة من صفات الحكم الرشيد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يمكن القول ان هناك خصائص رئيسية للحكم الديموقراطي في العالم المعاصر تتمثل في قيام مؤسسات مجتمعية قوية، يتحقق التوازن بينها من خلال شبكة مترابطة من علاقات الضبط والمساءلة والمحاسبة، حيث تضمن شفافية الحكم فعالية الضبط، الأمر الذي ييسر المساءلة والمحاسبة بما يضمن الحفاظ على المصلحة العامة. لذا تعد المساءلة والمحاسبة واحدا من المعايير المهمة لضبط الأداء الحكومي والحد من الخروقات والانحرافات في عمل الحكومة التي قد تحيد عن مسارها الصحيح إذا ما غيب مبدأ المساءلة والمحاسبة.
والمساءلة والمحاسبة حسب تعريف القاموس السياسي تعني: واجب المسؤولين عن الوظائف الرسمية سواء اكانوا منتخبين او معينين، وزراء او موظفين عموميين، في ان يقدموا تقارير دورية عن عملهم وسياساتهم ونجاحاتهم في تنفيذها. كذلك، يعني المبدأ حق المواطنين في الحصول على التقارير والمعلومات اللازمة عن عمل كل من يعمل في إدارة الشؤون العامة للبلاد (وزراء، ونواب برلمان، وموظفون حكوميون، وأصحاب المناصب العليا في الدولة)، كي يتأكدوا من أن عمل هؤلاء يتفق ويتطابق مع القيم العامة ومع تعريف وظائفهم ومهامهم بموجب القانون. وللمساءلة والمحاسبة أساليب وإجراءات منظمة عبر قنوات لا ينبغي للفرد بصفته الشخصية القيام بأعبائها من باب مساءلته ومحاسبته لنفسه.
لقد عني كثير من الدراسات بأليات المساءلة والمحاسبة لإرساء قواعد الحكم الرشيد وبناء المجتمع الصالح، وقد توصل الباحثون في هذا المجال الى أربع آليات للمساءلة والمحاسبة:

المساءلة التنفيذية:
تعني مسؤولية الجهاز الحكومي التنفيذي عن محاسبة نفسه بنفسه عبر سبل إدارية، ووسائل تضبط العمل الإداري وتضمن سلامة الجهاز التنفيذي.

المساءلة التشريعية:
تعد المساءلة ضمن السلطة التشريعية واحدة من اعرق أليات المساءلة والمحاسبة في النظم الديموقراطية، حينما يلعب البرلمان المنتخب من قبل الشعب دورا مهما في تقييد الحكومة والرقابة عليها، ومعارضتها في أحيان كثيرة لضمان استقامة سير العمل الحكومي.

المساءلة القضائية:
تشكل المساءلة القضائية ركنا أساسيا من اركان ضبط عمل الجهاز الحكومي وغير الحكومي، الذي تنهض به السلطة القضائية القائم عملها على أساس تطبيق القوانين النافذة من قبل القضاة في المنازعات والدعاوى المعروضة عليها، وباستقلالية تامة عن تدخل السلطتين التنفيذية والتشريعية في اعمالها.

المساءلة عبر السلطة الرابعة:

المقصود هنا سلطة الرأي العام مهما اختلفت اشكال التعبير عنها، لأن الرأي العام يمثل الشعب الذي هو مصدر السلطات، والمعني الأول بالرقابة العامة على مؤسسات الدولة وحسن سير عملها وتعقب الانحراف فيها أينما كان، ومحاسبة الأطراف المعنية بذلك عبر الوسائل المتوافرة التي من أهمها: منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام والصحافة التي يطلق عليها السلطة الرابعة.

لقد اوجد العديد من الدول التي اعلنت التزامها بتطبيق آليات الحكم الديموقراطي سبلا مختلفة لتعزيز مشاركة المواطنين بشكل أوسع في آليات المساءلة والمحاسبة لتعزيز مصداقيتها وشفافية أدائها. المؤسف حقا، وما يحز في النفس، ان الكثير بل الأغلبية من المسؤولين في العالم العربي تضيق صدورهم من المساءلة والمحاسبة والنقد البناء. والبعض منهم يعتبر نسفه فوق القانون ومنزها عن الخطأ والتقصير ولا تجوز مساءلته او محاسبته تحت أي ظرف من الظروف، وكم من الجرائم ارتكبها هؤلاء الحمقى (المتعالون على القانون والأخلاق والقيم الإنسانية) بحق اوطانهم وشعوبهم.

العقل والمنطق والأعراف تؤكد ان الشخص الذي يقبل بوظيفة عامة لها ارتباطات بمصالح الناس والعباد، لا بد ان يهيئ نفسه للمساءلة والمحاسبة، ومن لا يرتضي المساءلة والمحاسبة فعليه ترك الوظيفة العامة والتوجه لأعماله الخاصة. يقول "الإمام علي" عليه السلام: "من نصب للناس نفسه إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، فمعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا يمكن
متابع -

الحكم الرشيد لا يمكن ان يكون في ظل الانظمة السلطوية القمعية الوظيفية الحالية ، شرط ذلك زوال هذه الانظمة والاتيان بنظم شعبية و حكومات منتخبة ..

الى أذكى اخواته - متابع كالعاده والذى يتلون كل دقيقه
فول على طول -

الأنظمه السلطويه والقمعيه هى بضاعتكم منذ يبدء الدعوه وحتى تاريخه ..ونظام الانقلابات والاغتيلات والتوريث والقتل والقمع هى شريعتكم التى تحتكمون اليها ..الذى لا ينطق عن الهوى قام باعدام حتى من هجوه ببيت من الشعر ..اذن لماذا تستغرب ذلك هذه الأيام ؟