عرض مفهوم الحرمان الإنساني المتمثل باللجوء في المشرق
الحسن بن طلال يدعو للانتقال من المهانة إلى الكرامة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من لندن: دعا الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي والرئيس الفخري للمجلس الدولي للاجئين والنازحين، إلى إعادة التأكيد على القضية الإنسانية المتمثلة باللاجئين في المشرق العربي.
وقال الأمير الحسن بن طلال إن إعادة وضع قضيتنا الإنسانية من حيث أن حق العودة هو حق مُقدّر ومحترم يتم من خلال التركيز بصورة أساسية على مجاميع اللاجئين، وذلك على وقع تداعيات التطورات الإقليمية والخطوات الجارية وأهمية إيحاءات الأحداث التي شهدها هذا المشرق منذ عام 2011،
وأضاف في اللقاء الذي نظمه منتدى الفكر العربي عبر تقنية الاتصال المرئي، يوم الأربعاء 16/12/2020، حول قضايا اللجوء بمناسبة مرور عام على انعقاد المنتدى العالمي الأول للاجئين في جنيف: إن الانتقال من المهانة إلى الكرامة يتطلب هيكلة جديدة للتصور الخاص بذلك وإزالة الحواجز التي في أذهاننا على المستوى العربي؛ داعياً للتعاون من أجل بلورة هذا المفهوم الجديد لتجنب المزيد من العنف والصراع.
عودة اللاجئين
وتساءل حول إمكانية ضمان فعالية واستدامة عودة اللاجئين كحل جذري، وربط العودة بتحقيق النمو وإعادة الإعمار في البلد الأصل؛ معرباً عن الأمل في بلورة سياسات ملائمة وكفيلة بممارسة حق العودة للاجئين.
كما تساءل حول إمكانية وجود صوت من الإقليم تجاه الخارج، والحديث عن مُحرّك مشترك مع البرامج والمنظمات الدولية كبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية لتلبية احتياجات اللاجئين.
وقال إن هذه المسؤوليات المتعددة لا بد أن تُسلَّم لمجلس اجتماعي اقتصادي يضم القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ... إلخ، ليلتقي المعنيون في هذه المنطقة كما يلتقون ضمن إطار صنع القرار المتعلق بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بما يساعد على إيجاد هيكل للمؤشرات الأساسية خلال المرحلة المقبلة.
ودعا رئيس منتدى الفكر العربي والرئيس الفخري للمجلس الدولي للاجئين والنازحين إلى إنشاء نظام معرفي إقليمي لتحديد أولويات المنطقة بصورة واضحة وشفافة وأمينة، إلى جانب الشبكة البحثية الاستطلاعية للاتجاهات والقيم "الباروميتر العربي" على غرار الباروميتر الإفريقي، من أجل ضمان الاستقرار ووضع الخطط الاستباقية على مدى خمس أو عشر سنوات مقبلة.
الكرامة الإنسانية
وأضاف الأمير الحسن: علينا أن نبحث عن التصوّر المتعلق بعمل المنظمات المعنية في الانتقال من المهانة إلى الكرامة الإنسانية، وإذا أردنا أن نبحث عن استثمار فليكن الاستثمار برأس المال الإنساني؛ مبيناً أن جائحة كورونا التي أصابت أكثر من 75 مليون إنسان حتى اليوم، وحصدت أرواح ما يزيد على المليون من البشر، ربما خدمتها الظروف بمفهوم الانتقال عبر الحدود بين دولة وأخرى، فيما كان لهذه الجائحة والضوابط حولها أثرها غير المتساوي ما بين الطبقات المختلفة.
وشدّد على ضرورة اعتماد لغة واحدة في هذا الإقليم المشرقي بشأن ما سمّاه "فهرس الحرمان الإنساني"، وقال: إن أوجه الحرمان تأخذ أشكالاً مختلفة، وعلى العالم أن ينظر إلى موضوع الكرامة دون تمييز، ولا سيما أن اللاجئين الذين يدخلون الولايات المتحدة وأوروبا الغربية يُوزّنوا لمعرفة قدراتهم وعطائهم لاقتصاد الدولة المُضيفة. والدول المُضيفة المهمة هي الدول المستوردة في سوق الطلب أكثر من الدول المُصدّرة.
مداخلات
وخلال اللقاء قدمت شادن خلّاف كبيرة مستشاري السياسات ورئيسة وحدة سياسات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR في هذا اللقاء محاضرة حول متابعة نتائج أعمال هذا المنتدى العالمي وكيفية استخدام أهداف الميثاق العالمي بشأن اللاجئين.
كما شارك بالمداخلات، في اللقاء الذي أدار النقاش فيه الأمين العام لمنتدى الفكر العربي د. محمد أبو حمور، السفير السوداني السابق والأمين العام السابق للمنتدى د. الصادق الفقيه، ومديرة البرامج في المعهد العربي لحقوق الإنسان بتونس هاجر الحبشي، والمديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية في الأردن سمر محارب، وناصر ياسين مدير الأبحاث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية بلبنان.
اتفاق عالمي
وأوضح المشاركون أهمية الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين والمنتدى العالمي للاجئين في تحقيق التضامن في الاستجابة لقضية اللجوء، والمشاركة المنصفة في تحمّل المسؤولية عن اللاجئين والنازحين. إضافة إلى توضيح كيفية استخدام الأهداف الرئيسية للاتفاق العالمي بشأن اللاجئين من أجل التصدي للتحديات التي استحدثها أو فاقم وجودها فيروس COVID-19. وكذلك أهمية دور المجتمع المدني ومنظماته في سد ثغرات برامج التعامل مع الجائحة، لتحقيق استجابة عادلة اجتماعياً بعيدة عن التمييز بين اللاجئين، تعمل على حمايتهم وتقديم المساعدات لهم، رغم كل العوامل التي تؤثر بسياسات التعامل معهم على مختلف المستويات.
وأشار بعض المشاركين إلى إنجازات الأردن في التعامل مع قضية اللجوء في الجائحة على الرغم من محدودية الإمكانيات والتمويل، مما يمكن أن يشكل أنموذجاً في تقاسم العبء مع المجتمع الدولي باستضافة اللاجئين وحمايتهم في مختلف الظروف.
وأوضحت شادن خلّاف، رئيسة وحدة سياسات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، في محاضرتها أهمية الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين والمنتدى العالمي للاجئين في تحقيق التضامن تجاه الاستجابة لقضية اللجوء، والمشاركة المنصفة في تحمّل المسؤولية عن اللاجئين والنازحين، إضافة إلى كيفية استخدام الأهداف الرئيسية للاتفاق العالمي بشأن اللاجئين من أجل التصدي للتحديات التي استحدثها أو فاقم وجودها انتشار جائحة كورونا، ومن ذلك تخفيف الضغوط على البلدان المُضيفة للاجئين، وتعزيز الاعتماد الذاتي لهم، وتوسيع نطاق الوصول إلى حلول إعادة التوطين في بلد ثالث، ودعم الظروف في بلدان المنشأ لتهيئة عودة اللاجئين بأمان وكرامة.
وأشارت خلّاف إلى ما أكده الميثاق العالمي للاجئين والمنتدى العالمي في جنيف من أهمية تنفيذ نهج المجتمع بأسره في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأهمية المشاركة في تحمّل الأعباء والمسؤولية من جميع الأطراف الفاعلة، خاصة مع آثار الجائحة على هذه الدول، حيث يُعد تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني أولوية رئيسية لتعزيز قدرة المفوضية على حشد الدعم العام في المنطقة، وينعكس هذا في إنشاء الشراكات الموسّعة مع القطاع الخاص وأصحاب المصالح المالية الإسلامية، وبخاصة في مجال فريضة الزكاة.
توسع قاعدة التعاون
وبيّنت خلّاف التقدم في توسيع التعاون فيما بين الأكاديميين والممارِسين وصانعي القرار مما يتعلق باللاجئين، وتعتبر هذه المشاركة من قبل المؤسسات الأكاديمية والمؤسسات الفكرية ومراكز الأبحاث في المنطقة عاملاً مهماً في توفير التحليل بشأن التوجهات العامة للعمل الإنساني، مما يوفر الفرص لحوار أعمق حول الإشكاليات الأساسية التي تؤثر على المنطقة. ومن التوصيات الأساسية الناتجة عن الحوارات الإقليمية مع الأكاديميين تطوير أول منصة إقليمية باللغة العربية يقوم بإصدارها المعهد العربي لحقوق الإنسان في تونس، واستخدامها كأداة لتوفير الحماية للاجئين والمشاركة في تحمل المسؤولية.
المشرق العربي
وقال الوزير الأسبق والأمين العام لمنتدى الفكر العربي د. محمد أبو حمّور في كلمته التقديمية: إن المشرق العربي وخلال العقود الثلاثة الماضية كان الأكثر تأثراً والأكثر انعكاساً لمشكلات اللجوء بسبب ما مرَّ به من حروب وصراعات إقليمية واضطرابات ما سمّي بالربيع العربي، وكذلك انعكاسات الأزمات الاقتصادية عليه.
ومِن أوضح الأمثلة على هذه التأثيرات وانعكاساتها كون الأردن البلد الثاني عالمياً من حيث استضافة اللاجئين وأعدادهم مقارنة بعدد سكانه الأصليين، فحسب أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لعام 2019، استضاف الأردن ما يقارب 750 ألف لاجئ من 57 جنسية مختلفة، منها الجنسيات السورية والعراقية واليمنية والسودانية والصومالية وغيرها.
وأشار السفير السوداني السابق وعضو المنتدى د. الصادق الفقيه إلى أن قضية اللجوء السوري بيّنت الحاجة إلى الالتزام المُنسَّق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبين الدول المُضيفة، ذلك أن مقاييس الدول في استقبال اللاجئين تتباين. حتى إن التعامل مع اللاجئ ليس واحداً في الدول الملتزمة بالقوانين، حيث تعرض اللاجئ السوري للتمييز في بعض الدول الأوروبية والدالّ على البؤس الأخلاقي للمجتمع الإنساني.
تأثر اللاجئين
وركّزت هاجر الحبشي مديرة البرامج في المعهد العربي لحقوق الإنسان، على تأثر اللاجئين في المجتمعات والمخيمات النائية والمعزولة وفي المناطق الحضرية أيضاً بالسياسات الحكومية التي لم تشملهم وظروفهم ضمن استراتيجيات تعاملها مع جائحة كورونا.
ولذلك تبرز أهمية دور المجتمع المدني ومنظماته في سد ثغرات هذه البرامج، خاصة مع محدودية التنقل والوصول إلى المنظمات الدولية خلال الجائحة. ويتمثل دورها في توعية اللاجئين بماهية الوباء وطرق الوقاية والتعامل مع الفيروس في حالة الإصابة به، إضافة إلى مخاطبة اللاجئين بشكل مباشر عن طريق المتطوعين المحليين لتقديم المساعدات من أجل تخفيف وطأة الجائحة من الإغلاقات وقيود التنقل، ونقص المعلومات والمشاكل اللوجستية خاصة في المناطق النائية.
الجهود الأردنية
وأشارت سمر محارب المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية إلى الجهود الأردنية لاستضافة اللاجئين والقيام بتوفير احتياجاتهم؛ مؤكدة أن هذه الإنجازات تحققت رغم محدودية الإمكانيات والتمويل، ووصفت الاستجابة الشعبية والمحلية لجائحة كورونا فيما يتعلق باللاجئين بأنها استجابة تلقائية خالية من الخطابات العنصرية أو حالات الاعتداء على اللاجئين. أما على المستوى التشريعي، فقد تمت مأسسة الدعم القانوني لمختلف جنسيات اللجوء، وذلك لحماية اللاجئين في إطار قانوني بناءً على التعهدات الدولية، إضافة إلى وضع إجراءات عملية مثل وجود المحاكم في مخيم الزعتري ومخيم الأزرق. كما قامت الحكومة الأردنية بالتعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين بدمج اللاجئين في خدمات الرعاية الاجتماعية وخصوصاً خلال الجائحة، فكانت النتيجة قلة عدد الحالات المصابة بالفيروس رغم الاكتظاظ السكّاني الذي تشهده مخيمات اللاجئين والمناطق الأخرى التي يتركّزن فيها.
عوامل مؤثرة
وبيّن ناصر ياسين مدير الأبحاث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، بعضاً من العوامل المؤثرة في توجهات المنظمات الدولية والتوجهات العالمية والوطنية فيما يخصّ أزمات اللجوء. ومنها طول المدة الزمنية التي تستمر على مداها هذه الأزمات، خاصة مع انتشار الحروب الداخلية التي تؤخّر عودة اللاجئين لبلدانهم، ويترتب على ذلك أن يستغرق حل الأزمة مدة عشرين عاماً حسب مفوضية اللاجئين. كما تركّز اللاجئين بأكثريتهم في عشرة دول نامية أو فقيرة تستضيف حالياً 50% من مجمل اللاجئين في العالم، منها الأردن ولبنان والسودان.
ومن العوامل الأخرى استقرار معظم اللاجئين في المدن والقرى بين فقراء الدول المُضيفة، وذلك بعد استقرارهم بعض الوقت في المخيمات، مما نجم عنه جغرافيا جديدة، وما يمكن أن يؤدي إلى تجرّد قضايا الهجرة واللجوء من جانبها الإنساني وتمركزها في صلب الحراك السياسي والانتخابي في دول الغرب.