أخبار

إيران تحيي ذكرى قاسم سليماني بعد عام على اغتياله

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

طهران: تحيي إيران هذا الأسبوع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال اللواء قاسم سليماني، أبرز قادتها العسكريين الذي قتل بضربة أميركية في العراق، وأضحى رمزا على امتداد الجمهورية الإسلامية.

وقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري فجر الثالث من كانون الثاني/يناير 2020، ومعه نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، في ضربة جوية قرب مطار بغداد، خارج حدود إيران، في عملية اغتيال وضعت الجمهورية الإسلامية بمواجهة تحديات على صعيد دور إقليمي كان سليماني أحد أبرز صانعيه.

وزاد مقتل قائد بحجم سليماني بأمر مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التوتر بين واشنطن وطهران. ورغم أن الأخيرة قصفت بالصواريخ بعد أيام قاعدة عين الأسد في العراق حيث يتواجد جنود أميركيون، يؤكد المسؤولون الإيرانيون أن "الانتقام" من الضالعين في الاغتيال لم يطوَ بعد.

ما بين القتل والرد الذي رافقه إسقاط طهران بالخطأ طائرة مدنية أوكرانية ومقتل 176 شخصا كانوا على متنها، ووري سليماني الثرى في مسقطه كرمان (جنوب شرق)، بعد مراسم تكريم في محافظات عدة شارك فيها الملايين.

وعكست المشاهد التي لم تعرفها الجمهورية الإسلامية منذ وداع مؤسسها آية الله روح الله الخميني العام 1989، الهالة التي تمتع بها سليماني في حياته، واستمرت بعد اغتياله.

ولم تعلن السلطات بعد تفاصيل إحياء ذكرى سليماني التي تصادف السبت وفق التقويم الفارسي (الأحد وفق الميلادي)، وتأتي وسط أزمة كوفيد-19 التي يتوقع أن تحول دون مراسم شعبية حاشدة.

وقال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي خلال استقباله هذا الشهر عائلة الراحل، "صار الشهيد بطل الشعب الإيراني والأمة الإسلامية"، وفق ما أورد موقعه الإلكتروني.

وجمعت علاقة وثيقة خاصة خامنئي وسليماني، أبرزتها صور تظهر المرشد وهو يعانق سليماني بحرارة، أو يقبّل رأسه أثناء جلوسه قربه في مناسبات دينية.

وقبل أشهر من الاغتيال، قلّد خامنئي سليماني "وسام ذو الفقار"، ليصبح أول شخص ينال أعلى وسام عسكري منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية العام 1979.

وأمّ خامنئي الصلاة على سليماني والمهندس في طهران، بمشاركة مسؤولين وحشود شعبية.

وقال المرشد خلال استقباله عائلة سليماني، إن الأخير كان "تبلورا للقيم الثقافية الإيرانية ولإيران".

وأضاف "عندما استشهد، لم يكن الثوريون وحدهم من كرّموه وأحيوا ذكراه في الوجدان وعالم الواقع والخارج، بل جميع الفئات، حتى أولئك الذين لم يُتوقّع منهم التعبير عن مثل هذه المشاعر تجاه عنصر ثوري".

وتقول الباحثة الأولى في "مركز الجزيرة للدراسات" في الدوحة فاطمة الصمادي "قلّ أن تجد شخصية عليها إجماع داخل إيران كما سليماني".

وتضيف لوكالة فرانس برس "وجد فيه الإيرانيون على اختلاف توجهاتهم (...) صورة البطل، وصار نموذجا للشباب والأطفال"، معتبرة أن "رمزية سليماني مسألة في غاية الأهمية للجمهورية الإسلامية".

بعد رحيله عن 62 عاما، بات اسم "الشهيد قاسم سليماني" حاضرا في كل مكان: جادة رئيسية في طهران وشوارع ومبانٍ في مشهد وشيراز وأصفهان ومدن أخرى، منحوتات، أناشيد وأغانٍ عنه، ومسلسل تلفزيوني ولوحات في الساحات.

ويحضر اسمه أيضا في الكثير من المناسبات السياسية، وتبرز صورته في محطات عدة، ومنها مراسم تشييع العالم النووي محسن فخري زاده الذي اغتيل في تشرين الثاني/نوفمبر في طهران. واتهمت السلطات إسرائيل بالاغتيال.

وشهدت الفترة الماضية إطلاق موقع إلكتروني لـ"حفظ ونشر آثار" الراحل، كما نُشِرت على موقع آخر وصيته "الإلهية السياسية" التي كتب فيها إنه "نذر" حياته "لأجل الشعب الإيراني".

ويقول الأستاذ الجامعي الإيراني مهدي زاكريان إن سليماني كان يتوجه "الى كل الإيرانيين، وليس فقط طبقة اجتماعية واحدة"، وأثناء تطرقه الى مواضيع اجتماعية وسياسية "كان يحاول دائما التحدث بطريقة محسوبة ويتأمل بسبل تفادي التوترات" في بلاد تتنوع تياراتها فكريا وسياسيا واجتماعيا.

من الأمثلة على ذلك، شريط مصوّر انتشر العام 2017 ينصح خلاله سليماني سياسيي بلاده بأن تقسيم الشعب بين "محجبة، غير محجبة، يسار، يمين، إصلاحي، محافظ... لن يترك أي شخص بقربكم".

كان سليماني قليل الظهور على المنابر، وأجرى مقابلة تلفزيونية واحدة فقط بثها التلفزيون الإيراني الرسمي العام الماضي، وخصصها للحديث عن حضوره في لبنان خلال حرب تموز/يوليو 2006 بين حزب الله وإسرائيل.

وبدأ دوره العسكري في سنوات الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988)، وتدرج في المسؤوليات، وتولى اعتبارا من 1998 قيادة فيلق القدس الذي يوكل إليه أداء مهام خارجية.

بعدما بقي في الظل لأعوام طويلة، بدأ دوره بالخروج الى العلن إقليميا مع اتساع مهام الدعم التي تقدمها إيران لدول وأطراف حليفة مثل الرئيس السوري بشار الأسد، والعراق خصوصا بعد هجوم تنظيم الدولة الإسلامية العام 2014.

ويرى زاكريان أن "اغتيال +سردار+ (لقب الضباط الكبار في الحرس) سليماني منح، للمرة الأولى، نوعا من شرعية شعبية للحضور الإقليمي والدولي لإيران، وتشكّل إجماع" حول ذلك بين مختلف الأطراف في إيران.

بعد اغتياله، نعاه كل من العراق وسوريا وحزب الله اللبناني وفصائل عراقية وفلسطينية، ويتوقع أن تحيي هذه القوى الذكرى السنوية لاغتياله.

داخل إيران، يقارن البعض بين سليماني وأساطير التاريخ الفارسي القديم.

وقارن الشاعر ميلاد عرفان بور في نشيد عرض تكرارا عبر التلفزيون خلال التشييع، بين سليماني وأساطير الملحمة الفارسية "شاهنامه" ("كتاب الملوك") لأبو قاسم الفردوسي.

ويقول عثمان بور لوكالة فرانس برس "عرفنا العديد من الأبطال، بعضهم متخيلون، على مدى تاريخنا الطويل، لكن سليماني كان إنسانا عرفناه بلحمه ودمه"، مشددا على ضرورة أن تنقل الى الجيل الشاب "رسالة ورواية شجاعة الجنرال".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف