أخبار

بين تمرد مؤيد لبقاء الجزائر فرنسية وهجمات نفذها يمينون

منظمة الجيش السري ما زالت مرتبطة بأحلك مراحل الحرب الجزائرية قبل 60 عامًا

ريجيش غويام الجندي السابق في ألوية الجيش السري الفرنسي بالجزائر
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

روايان: بعد ستين عاما على تشكيل منظمة الجيش السري لا يزال هذا الاسم مرتبطا بأحلك مراحل الحرب الجزائرية بين التمرد المؤيد لبقاء الجزائر فرنسية وهجمات نفذها متشددون في اليمين المتطرف حتى في فرنسا.

وبعد وقت قليل انضم ريجيس غيليم لمنظمة الجيش السري التي ستدمي بدورها الجزائر. وقال "الاعتداء الذي كان له أكبر أثر لدي هو ذاك الذي حدث في سيرك مونتي كارلو في أيلول/سبتمبر 1960. عندها تتصرف بطريقة وحشية".

بالنسبة الى ريجيس غيليم الذي كان يعمل مساعد محاسب في مستغانم (غرب الجزائر)، صارت منظمة الجيش السري الحصن الأخير ضد جبهة التحرير الوطني التي خاضت بدورها حربا لا هوادة فيها من أجل استقلال الجزائر منذ 1954.

وروى "في سن ال12 رأيت رأسين مقطوعين على خط سكة الحديد يعودان لحارسي حاجز السكة، وهما رجل وزوجته".

لكن "الشرارة" التي دفعته لحمل السلاح سيكون الاعتداء على سيرك مونتي كارلو في مستغانم الذي أوقع خمسة قتلى ونحو خمسين جريحا.

ويشعر ريجيس غيليم المدير التجاري المتقاعد في روايان (غرب فرنسا)وعمره اليوم 76 عامًا، بحزن عندما يستذكر تلك الامسية.

وقال "عندما حمل صديقي خطيبته التي كانت موجودة في المكان كانت فقدت ساقيها. سقطت القنبلة عليها".

واضاف المقاتل الذي انخرط لاحقا في صفوف منظمة الجيش السري بعد انضمامه الى حركة قومية ثورية نشأت في فرنسا وانتقلت الى الجزائر نهاية العام 1956، "قلت لنفسي في حينها: الآن سنثأر، العين بالعين والسن بالسن".

تابع ريجيس غيليم "منذ تلك اللحظة بدأت مع أصدقاء ما كنا نسميه مكافحة الارهاب. ثم تشكلت منظمة الجيش السري وتم تجنيدي لانه كان لدي مجموعة كومندوس صغيرة".

شارك المقاتل الشاب بداية في الخدمات اللوجستية الملازمة لأي منظمة سرية: تأمين سيارات واسلحة وعمليات سلب لجمع الاموال.

وبعد ان انتقل من مستغانم الى مدينة وهران حيث كانت حرب العصابات على أشدها، وجد نفسه وجها لوجه مع الحراس المتنقلين، حيث كانت تدور أحيانا حرب شوارع حقيقية.

لكنه شارك ايضا في عمليات أعنف في صلب أنشطة المنظمة مثل "الاستهداف" والقضاء على "الخصوم" الرافضين لبقاء الجزائر فرنسية.

محامو نشطاء جبهة التحرير الوطني والتجار المشتبه في تمويلهم الجبهة والشيوعيون والشرطيون والجنود الذين يتعقبون منظمة الجيش السري... قتل ما لا يقل عن 2200 شخص في الجزائر أو في فرنسا ضحايا عمليات تفجير أو إعدام تعسفي أو اعتداءات جماعية.

ورغم تأكيده "انه غير نادم على شيء" لا يتحدث ريجيس كثيرا عن عمليات القتل التي اتهمه القضاء الفرنسي بها بعد سنوات. وهي اتهامات سيفلت منها من خلال التحاقه بصفوف الفيلق الاجنبي.

وقال "كان لدي واجب لا بد من تأديته وكنت أقوم بذلك. ... مهمتنا في البداية كانت منع وصول أي امرأة محجبة الى مستغانم. كان أعضاء جبهة التحرير الوطني يلجأون إلى هذه الحيلة للدخول والقاء القنابل" ملمحا الى أن بعض عمليات التدقيق كانت قاتلة.

منتقدو ريجيس يعتبرونه ورفاقه مجرمين وإرهابيين، لكنه يفضل أن يعتبر نفسه "مقاوما" في خدمة بقاء الجزائر فرنسية.

وقال "منظمة الجيش السري كانت الملجأ الأخير لابقاء العلم الفرنسي يرفرف في الجزائر. خسرنا المعركة. التاريخ يقف دائما مع المنتصر".

هذه الملاحظة أغضبت جان فيليب ولد عودية (79 عاما) نجل أحد القادة الستة للمراكز الاجتماعية التربوية الذين قتلوا على يد منظمة الجيش السري في 15 آذار/مارس 1962 في الجزائر، قبل اتفاقيات إيفيان التي وضعت حدا لحرب الجزائر وأنهت 132 عاما من الاستعمار الفرنسي لها.

وقال ولد عودية وهو اليوم طبيب متقاعد يعيش في كلامار قرب باريس "ضد من كانوا يقاومون؟ ضد فرنسا؟ كانوا قوميين ضد الأمة!".

وأضاف "لا نرفع شأن القضية التي نزعم الدفاع عنها عندما نقتل غدرا وبدم بارد أشخاصًا في الشارع لا علاقة لهم على الاطلاق بهذه المسألة".

هو الآخر انقلت حياته رأسا على عقب بعد أن هاجمت مجموعة كومندوس من منظمة الجيش السري تضم عددا من العسكريين، المبنى الذي كان يعقد فيه المسؤولون الستة من المراكز الاجتماعية اجتماع عمل، وبينهم الكاتب مولود فرعون.

اقتيد المسؤولون الستة الذين كانوا اساتذة سابقين يعتقد أنهم متعاطفون مع القضية الجزائرية، الى خارج المبنى حيث أعدموا بدم بارد رميا بالرصاص.

وذكر جان فيليب "فتح القتلة النار أولا على الساقين ليسقط كل فرد أرضا وتستمر معاناته لبضع دقائق اضافية".

واضاف "اطلقوا 103 رصاصات (...) لم أتمكن من التعرف على وجه والدي الذي شوهته رصاصتان اطلقتا من مسدس عيار 11,43".

وهو يرى أن قتال منظمة الجيش السري كان لا طائل منه. ويقول "أفهم أنهم ما زالوا حتى الآن لا يتقبلون انهم ما كانوا سيغيرون شيئًا في مسار تاريخ الجزائر. لو كان هدفهم البقاء في الجزائر (...) فقد لجأوا إلى أسوأ نهج لتحقيق ذلك".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف