هجرها سكانها بحراً وسيراً على الأقدام
موزمبيق: بالما مدينة مهجورة في ظل تنظيم الدولة الإسلامية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
موزمبيق: أعلن تنظيم الدولة الإسلامية الاثنين السيطرة على مدينة بالما الساحلية في شمال موزمبيق، إثر هجوم بدأه الأربعاء وأدى إلى فرار الآلاف من سكانها بحراً وسيراً على الأقدام.
وسار كثير من السكان لأيام عابرين غابات بحثاً عن ملاذ في بلدة مويدا المجاورة على بعد 180 كيلومترا جنوب بالما، حيث وصلوا منهكين ومع أقدام منتفخة.
وأفاد أحد الفارين الذي فضل عدم إعطاء اسمه "طوال الطريق ... سقط الكثير من الناس من التعب ولم يكن بوسعهم مواصلة السير خصوصا كبار السن والأطفال".
وبدءا من الاربعاء، هاجم المسلحون مدينة بالما الساحلية الصغيرة التي تعد 75 ألف نسمة والواقعة على مسافة حوالى 10 كيلومترات من مشروع غاز ضخم تديره مجموعة توتال الفرنسية، يتوقع أن يبدأ الانتاج فيه خلال العام 2024.
وقتل عشرات المدنيين في الأيام الأخيرة جراء الهجوم، فيما يستمر نزوح الآلاف من المنطقة مستخدمين كل السبل المتاحة، وفق ما أفاد شهود ومصادر.
وأورد التنظيم المتطرف في بيان نشرته حسابات جهادية على تطبيق تلغرام "شنّ جنود الخلافة هجوماً واسعاً" الأربعاء على المدينة حيث "استمرت الاشتباكات ثلاثة أيام، استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة وتمت مهاجمة ثكنات عسكرية ومقرات حكومية".
وأسفر الهجوم وفق البيان عن "السيطرة على المدينة بما فيها، بعد قتل" العشرات من "الجيش الموزمبيقي والنصارى وبينهم رعايا دول صليبية، وإصابة العشرات"، عدا عن "السيطرة على مبان ومصانع وشركات وبنوك حكومية".
وقتل عشرات الأشخاص في الهجوم الواسع الذي نفذه الجهاديون من ثلاث جبهات، ويعد أكبر تصعيد للتمرد الإسلامي الذي يضرب شمال موزمبيق من 2017.
وفرّ بعض الناجين إلى موقع مشروع الغاز، حيث تم نقلهم إلى العاصمة الإقليمية بومبا في قوارب.
وأكدت الحكومة الموزمبيقية مساء الأحد مقتل سبعة أشخاص على الأقل في كمين أثناء محاولتهم الجمعة الفرار من فندق لجأوا إليه.
ومن ضمن القتلى رجل من جنوب افريقيا، على ما أفادت أسرته.
وأفاد أحد الناجين وكالة فرانس برس في رسالة الكترونية أنّ "الهجمات بدأت بعيد وصول سفينة كبيرة تحمل أغذية".
وتابع "هاجموا المدينة وجلبوا شاحنات لحمل الأغذية".
بدورها، دانت الأمم المتحدة "بشدّة الهجمات" على المدينة الساحلية، كما أعلن الناطق باسمها ستيفان دوجاريك الاثنين.
وقال "نحن قلقون جدا ازاء الوضع الذي لا يزال يتطور في بالما حيث بدأت هجمات مسلحة في 24 آذار/مارس وأسفرت عن مقتل عشرات الأشخاص بعضهم كان يحاول الفرار من فندق لجأوا اليه".
من جهتها أعربت الولايات المتحدة عن التزامها العمل مع سلطات موزمبيق لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.
وتستمر القوارب التقليدية في الوصول إلى بيمبا آتية من بالما محملة بآلاف النازحين، وفق عدة مصادر.
وقالت مصادر لوكالات إغاثة إنّ 6 آلاف إلى 10 آلاف شخص ينتظرون إخلائهم بعد الهجوم على بالما.
وأجبر الهجوم العمال الأجانب والمحليين على الاحتماء موقتا في محطة غاز شديدة الحراسة في شبه جزيرة أفونغي على بعد 6 كيلومترات من بالما، على ساحل المحيط الهندي جنوب الحدود مع تنزانيا المجاورة.
وهناك عمليات جارية لنقلهم إلى بيمبا على بعد حوالى 250 كيلومترا جنوب بالما.
والأحد، وصلت سفينة ركاب كبيرة تحمل اسم "سي ستار" على متنها نحو 1400 شخص، معظمهم عمال في موقع مشروع الغاز ومن بينهم موظفون في توتال.
وأفاد مصدر وكالة فرانس برس أنّ "السلطات أشارت إلى أن سفينة أخرى ستصل خلال اليوم (الاثنين)".
ولا يزال آلاف آخرون عالقين في أفونغي، ومن المتوقع أن يصلوا في قوارب أصغر في أقرب وقت.
وفرضت قوات الجيش والشرطة طوقا أمنيا في المنطقة، مانعة الوصول للمكان الذي تصل إليه القوارب.
ومن المتوقع أنّ تجري وكالات الإغاثة مباحثات طارئة في بيمبا لتنسيق جهود الإجلاء والمساعدات الإنسانية للسكان الوافدين.
وقالت وزارة الدفاع مساء الأحد أنّ قوات الأمن "عزّزت استراتيجيها العملانية لاحتواء الاعتداءات الإجرامية للإرهابيين وإعادة الحياة إلى طبيعتها في بالما".
وأوضحت أنها أطلقت "عمليات ترتكز أساسا على إنقاذ مئات السكان خلال الأيام الثلاثة السابقة".
وتستضيف العاصمة الإقليمية بيمبا مئات آلاف الأشخاص الذين فروا جراء التمرد الإسلامي الذي أدى إلى نزوح قرابة 700 ألف شخص من منازلهم في المنطقة الشاسعة.
وقال شهود لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية إنّ المهاجمين أطلقوا النار على الناس في المنازل وفي الشوارع "فيما كانوا يحاولون الفرار حفاظا على أرواحهم".
وأفاد شهود وكالة فرانس برس أنّ المسلحين هاجموا مصارف ومراكز للشرطة أولا قبل مهاجمة بقية البلدة.
وما زالت هوية قادة هؤلاء المتمردين غير معروفة علمًا أنهم معروفون محلياً باسم "الشباب". بيد أنّهم اعلنوا ولاءهم لتنظيم الدولة الإسلامية العام 2019.
ورغم أنهم أطلقوا حملتهم في 2017، قال خبراء إنهم باشروا حشد الصفوف قبل ذلك بعقد مستغلين الشباب الذين اعتنقوا مذاهب متشددة من الإسلام في تعبير عن سخطهم من تناول السكان للكحول وارتيادهم المساجد بالأحذية والملابس القصيرة.
وأسفر النزاع عن مقتل 2600 شخص على الأقل، أكثر من نصفهم مدنيون، حسب منظمة "أكليد". كذلك أدى إلى نزوح أكثر من 670 ألف شخص عن منازلهم، حسب الأمم المتحدة.
وقالت منظمة اطباء بلا حدود "نشعر بقلق بالغ إزاء تأثير الاندلاع الجديد للعنف على أشخاص ضعفاء في الأساس إذ يعانون جراء سنوات من النزاع".