طالت الحرس الثوري.. وقالوا إنها مؤامرة
وهزّت تصريحات ظريف أركان إيران!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من لندن: انشغلت إيران على مختلف مستوياتها وقياداتها ووسائل إعلامها بجدال مشحون بالتصادم، لما ما ورد من تسجيل صوتي لوزير الخارجية محمد جواد ظريف، واعتبر تسريبه "مؤامرة".
ويبدو أن تصريحات وزير الخارجية اثارت حفيظة قادة الحرس الثوري والاتجاه اليميني المحافظ في النظام الإيراني كونها تكشف عن جانب مظلم امام العالم لدور الحرس في توجيه سياسة طهران وتحميل المسؤولية لوزارة الخارجية.
وطلب الرئيس الإيراني، حسن روحاني، التحقيق في "مؤامرة" نشر التسجيل الصوتي لوزير الخارجية، الذي أثار تسريبه جدلا واسعا في البلاد، وفق ما أفاد به المتحدث باسم الحكومة، اليوم الثلاثاء.
وكان التسجيل نشر يوم الأحد على وسائل إعلام خارج الجمهورية الإسلامية، قبل أن يتم تداوله عبر وسائل أخرى داخل إيران وخارجها وعلى مواقع التواصل.
مواقف شخصية
وقالت الخارجية الإيرانية إن تصريحات ظريف المسربة تضمنت مواقف "شخصية" وأنها اقتطعت من حديث غير معد للنشر.
وأثار التسجيل، الذي امتد لنحو ثلاث ساعات، ونشرته قناة إيرانية معارضة، جدلا حادا في البلاد، إذ ينتقد فيه ظريف التدخل الواسع للقائد العسكري الراحل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، في السياسة الخارجية، ويتحدث فيه عن أولوية نالها "الميدان" على حساب الدبلوماسية.
وانتقدت الوكالة الإيرانية (فارس) تقديم ظريف نفسه خلال الحديث المسرّب بمثابة "رمز للدبلوماسية" في مواجهة سليماني الذي يشكل رمز "ميدان" المعارك.
سرقة التسجيل
وخلال مؤتمر صحفي متلفز، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، إن "سرقة التسجيل الصوتي مؤامرة ضد النظام السياسي للجمهورية الإسلامية، ونزاهة المؤسسات المحلية الفاعلة، وأيضا مؤامرة على مصالحنا الوطنية".
وأضاف ربيعي أن "الرئيس وجّه وزارة الأمن (الاستخبارات) بتحديد الضالعين في هذه المؤامرة"، معتبرا أن "ملف مقابلة السيد ظريف، ولأسباب واضحة، تمت سرقته ونشره من قبل أشخاص يجري العمل على تحديد هوياتهم"، من دون أن يوضح طبيعة هذه الأسباب.
ولم ينف المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده، صحة التسجيل، لكنه أكد، يوم الاثنين، أن التسجيل اقتطع من حوار امتد سبع ساعات ولم يكن معدا للنشر، وتضمن مواقف "شخصية" لظريف، الذي يشغل منصبه منذ عام 2013، بعد تولي روحاني منصب رئاسة الجمهورية.
وأثارت التصريحات المسربة انتقادات من سياسيين ووسائل إعلام محافظين، لا سيما أنها طالت سليماني، الذي يعد أحد أبرز مهندسي السياسة الإقليمية الإيرانية، ويحظى بمكانة كبيرة، لاسيما بعد مقتله في ضربة جوية أمريكية في العراق، مطلع العام الفائت.
ليست مقابلة
وقال المتحدث باسم الخارجية: "ما تم نشره لم يكن مقابلة مع وسائل الإعلام"، بل "حوار ضمن اللقاءات الروتينية (...) في إطار الحكومة". وأكد أن نقاشات كهذه دائما ما تكون "جدية، شفافة، ومباشرة".
واشتكى ظريف، مستخدماً لغة نادرة في أروقة السياسية الإيرانية، من المدى الذي وصل إليه تأثير قاسم سليماني القائد الراحل لفيلق القدس التابع للحرس الثوري في السياسة الخارجية، ملمحاً إلى أن سليماني حاول إفساد اتفاق إيران النووي لعام 2015 بالتواطؤ مع روسيا.
يذكر أن الحرس الثوري الإسلامي كان تأسس بعد ثورة عام 1979 لحماية المؤسسة الدينية الحاكمة والحفاظ على القيم الثورية وهو يتبع مباشرة المرشد الأعلى علي خامنئي. ولأعوام طويلة تولى قاسم سليماني قيادة قوة القدس الموكلة العمليات الخارجية للحرس الثوري، لكنه اغتيل بضربة أمريكية قرب مطار بغداد فجر الثالث من يناير/ كانون الثاني 2020.
روحاني والحرس
العلاقات بين حكومة الرئيس حسن روحاني والحرس الثوري مهمة نظراً لما تتمتع به هذه القوة العسكرية المتشددة، من نفوذ هائل، لدرجة أن بوسعها تعطيل أي تقارب مع الغرب إذا شعرت بأن ذلك يمثل خطراً على مصالحها الاقتصادية والسياسية.
وقال ظريف في التسجيل الذي بثته القناة التلفزيونية على تطبيق كلوب هاوس: "في كل مرة تقريباً ذهبت فيها للتفاوض (مع الدول الكبرى) كان (سليماني) يطلب مني أن أقدم هذا التنازل أو ذاك أو أثير نقطة ما".
ومضى قائلاً "كان النجاح على الساحة (العسكرية) أهم من نجاح الدبلوماسية. كنت أتفاوض من أجل النجاح على الساحة (العسكرية)".
غرد وأنكر
وأضاف وزير الخارجية الإيراني: "قلت (في اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي) إن العالم يقول إن صواريخ أسقطت الطائرة. إذا كان هذا ما حدث أبلغونا كي نرى كيف نستطيع تسوية الأمر". ومضى ظريف قائلاً "قالوا لي: 'لا، اذهب، غرد على تويتر وانكر ذلك".
وأكد ظريف أن نفوذه في السياسة الخارجية الإيرانية "صفر" وأنه لم يتمكن مطلقاً "من مطالبة أي قائد عسكري بفعل شيء ما من أجل مساعدة الجهود الدبلوماسية".
ومن جهتها، أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية التي قالت إنها حصلت على نسخة من التسجيل، بعض المقتطفات منه والتي جاء فيها قول ظريف إنه "في الجمهورية الإٍسلامية الميدان العسكري هو الذي يحكم (...) لقد ضحيت بالدبلوماسية من أجل الميدان العسكري، بدل أن يخدم الميدان الدبلوماسية"، وأن "هيكلية وزارة الخارجية هي ذات توجه أمني غالباً".
كما نقلت الصحيفة عنه قوله إن سليماني عمل عن قرب مع روسيا لمعارضة الاتفاق حول البرنامج النووي الذي أبرم بين طهران والقوى الكبرى عام 2015، بعد مفاوضات شاقة كان ظريف أبرز ممثل لإيران فيها.
محافظون ينتقدون
وأثارت التصريحات المسربة انتقادات سياسيين محافظين، لا سيما وأنها طالت سليماني الذي يعد من أبرز مهندسي السياسة الاقليمية الإيرانية، وكان يحظى بمكانة كبيرة.
ورأى النائب المحافظ نصرالله بجمن فر أن ظريف في تسجيله "يشكك بمسائل تندرج ضمن الخطوط الحمر للجمهورية الإسلامية التي يتولى فيها منصب وزير الخارجية"، وفق ما نقلت وكالة "فارس" للأنباء. وطلب النائب "توضيحات" من ظريف بشأن ما أدلى به.
وإلى ذلك، على الرغم من أن ظريف قال إنه لا يعتزم الترشح لانتخابات الرئاسة التي ستجرى يوم 18 يونيو/حزيران، قال بعض المنتقدين إن تصريحاته ترمي إلى كسب أصوات الإيرانيين الذين يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة وغيابا للحريات السياسية والاجتماعية.
وطرحت شخصيات بارزة في التيار السياسي المعتدل اسمه باعتباره مرشحاً محتملاً للانتخابات التي سيخوضها أيضاً عدة قادة بارزين من الحرس الثوري.