الامم المتحدة ترفض استعراض المليشيات للقوة
كشف أممي لبيئة تعيق محاسبة "المجهولين" قاتلي متظاهري العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ايلاف من لندن: فيما حذرت الامم المتحدة الاثنين من خطورة معضلة تواجه محاسبة قتلة متظاهري العراق من "العناصر المجهولة" فقد اعلنت عن حصيلة الضحايا من الناشطين والاعلاميين مؤكدة انها وثقت 48 عملية اغتيال واكثر من 20 اختطافا نفذتها تلك العناصر التي ياشر عادة الى ارتباطها بايران.
واشارت البعثة في تقرير لها رفعته الى مجلس الامن الدولي ونشرت نصه على موقعها الالكتروني اليوم وتابعته "ايلاف" الى ان "ان التحقيق في الاغتيالات لم يتجاوز المراحل التحقيقية بعد وان المتورطين في الاغتيالات غالبا ما يفلتون من العقاب".
واضافت ان إجراءات اللجنة الحكومية التي شكلها رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي في تشرين الاول اكتوبر عام 2019 بعد ايام من اندلاع الاحتجاجات قد حددت هوية 44 منتسبا في القوات الأمنية مسؤولين بمختلف درجات المسؤولية عن مقتل وإصابة المتظاهرين بضمنهم من هم برتب عليا إلا أنه لم يجرِ سوى عدد محدود من التحقيقات والمحاكمات القضائية استجابة لذلك وبدت اغلب التوصيات بإيقاع عقوبات انضباطية وإدارية.
موقع قنص
وقالت البعثة ان النتائج الوقائعية للتقرير تشير إلى أن أكبر عدد من الإصابات في بغداد وقعت في منطقة مول النخيل وحددت موقع (قنص) في مبنى مهجور بالقرب من محطة وقود الكيلاني حيث وجدت اللجنة رصاصات من عيار 5.56 ملم، وحتى هذا التاريخ لم تتمكن البعثة من التأكد مما إذا كانت أية سلطة حكومية قد قدمت معلومات رسمية عن الجهة التي يعتقد أنها مسؤولة عن عمليات القتل هذه.
واشارت ابعثة الى انها طلبت في 18 نيسان ابريل الماضي من مجلس القضاء الأعلى تصنيف البيانات حسب الحوادث المنسوبة إلى قوات الأمن وتلك المنسوبة إلى "عناصر مسلحة مجهولة الهوية" وأن تتضمن رتب من يخضعون للتحقيق أو يُحالون إلى المحاكمة. يشار الى انه عادة ما يشار الى العناصر المجهولة الهوية بانها المليشيات العراقية الموالية لايران وتخضع لتوجيهات حرسها الثوري.
واوضحت انها تلقت رداً من مجلس القضاء يفيد أنه تم رفع 8163 قضية تتعلق بجرائم مزعومة مرتبطة بالمظاهرات إلى لجان التحقيق في الفترة من 1 تشرين الأول اكتوبر 2019 إلى 31 آذارمارس 2021 وانه من بين هذا العدد من القضايا لا يزال 3897 قيد التحقيق، و783 قضية أحيلت إلى محاكم جنائية أو "محاكم متخصصة '' و37 قضية أحيلت إلى محكمة جنح وقد بُرئت أو غرمت و345 حالة إفراج مشروط ، و13 قضية تتعلق بإلحاق أضرار بالممتلكات في مرحلة الاستئناف أو قيد التنفيذ حاليا وأغلقت 1122 قضية فيما لم يتم تقديم معلومات عن الحالات المتبقية البالغ عددها 1966 حالة.
واوضح المجلس انه تم إغلاق 451 قضية بسبب نسبتها إلى "جناة مجهولين" فيما لمحت المعلومات التي تم تقديمها سابقًا لبعثة الأمم المتحدة من قبل مصادر أخرى إلى أنه تم تسجيل 1831 حالة على أنها منسوبة إلى "جناة مجهولين" في بغداد وحدها.
ونوهت البعثة الى ان المعلومات التي قدمها مجلس القضاء لم تفرق بين القضايا التي تنطوي على جرائم ارتُكِبَت ضد المحتجين والتي تشمل القتل والإصابة، وتلك التي ارتكبها المحتجون، والتي تتعلق عادةً بحرق الإطارات ورشق الحجارة وإشعال النار في المباني مما يمنع البعثة من إجراء المزيد من التحليل.
اعتقالات في مسار ايجابي
واكدت البعثة انه وقعت في الأشهر الأخيرة عدة اعتقالات تتعلق بعمليات شن هجمات وعمليات القتل المستهدفة في العمارة وكربلاء والبصرة حيث يخضعون للتحقيق حاليا كما انهم ما زالوا رهن الاحتجاز.
وقالت ان القوات الامنية اعتقلت في البصرة في أيار مايو 2020 خمسة أشخاص يشتبه في قيامهم بإطلاق النار على متظاهرين قاموا بالتجمع أمام مكتب حزب سياسي ورشقوه بالحجارة مما أدى إلى مقتل أحد المتظاهرين وإصابة خمسة آخرين.
وقالت انه لغاية نهاية نيسان ابريل 2021 ، تم الإفراج عن ثلاثة منهم لعدم كفاية الأدلة فيما بقي اثنان منهم رهن الاحتجاز بانتظار إحالتهم إلى محكمة جنايات البصرة لمحاكمتهم قد تشير هذه الاعتقالات إلى مسار إيجابي نحو المساءلة عندما تحدث بما يتفق مع قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقية مع الحفاظ على حقوق المتهمين.
التعدي على سلطة الدولة
وفي اشارة الى اعتقال السطات للقيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح في 26 أيار مايو 2021 فقد اشارت البعثة الى انه قد تحول إلى تعدٍ على سلطة الدولة في سلوك يفسر من قبل الجهات المسلحة، مرة أخرى، عن البيئة العراقية المعقدة ويزيد من تضاؤل الثقة العامة.
وشددت البعثة على انه لا ينبغي لأحد أن يلجأ إلى استعراض القوة لتحقيق أهدافه وقالت انها تدرك أن التحقيقات في الحوادث المنسوبة إلى جماعات مسلحة تعمل خارج نطاق سيطرة الدولة بما فيها "العناصر المسلحة المجهولة الهوية" ويمكن أن تكون مليئة بالتحديات ومعقدة وطويلة الامد من الناحية الفنية مع ذلك، فان عدم احراز أي تقدم ملموس يثير القلق.
ونوهت على انه على الرغم من التزام الحكومة بالتحقيق ومقاضاة الجناة المتسببين في حالات الوفيات المشبوهة والاختفاء القسري والتعذيب فانها قد استمعت في مناسبات عديدة من مصادر قضائية ومحامين وضحايا بأن القضايا قد أغلقت أو تم "التنازل عنها" بناء على سحب الشكوى من قبل الضحايا.
واشارت الى انه هذا وثيق الصلة بشكل خاص بالقضايا المتعلقة بالتظاهرات المنسوبة إلى "العناصر المسلحة المجهولة الهوية"، حيث أبلغت، ثلاث عائلات على الأقل من أهل القتلى، أنهم تعرضوا للضغط "للتنازل عن القضايا" مقابل الدية أو تهديدهم بسحب شكواهم ضد جماعات مسلحة معينة.
كما أفادت مصادر عديدة لديها معرفة وثيقة بإجراءات المساءلة الجنائية بأن التحقيقات الأولية في الحوادث التي تورطت فيها جماعات مسلحة "مجهولة الهوية" قد أجريت وأن ملفات القضايا قد "أحيلت إلى بغداد" بينما أشار آخرون إلى التحديات في تحديد هوية الأفراد المسؤولين بسبب عدم رغبة أو قدرة بعض الجهات والقوات الأمنية من مشاركة المعلومات أو الأدلة وخاصة في ما يتعلق "بالقضايا الحساسة" بما فيها تلك المنسوبة الى الجماعات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة في اشارة المليشيات المرتبطة بايران.
واوضحت البعثة ان تقرير وصلتها تفيد بأنه في بعض المحافظات لم يتم تنفيذ أوامر القبض الصادرة من القضاء وخاصة تلك المتعلقة بمقتل المتظاهرين في جسر الزيتون في الناصرية.
لا ثقة بالقضاء الرسمي
وحذرت البعثة من ان الاخفاق في تنفيذ أوامر القبض يثير مخاوف أوسع حول غياب المساءلة عن جميع الج ا رئم ضد المتظاهرين اذ غالباً ما أعرب الضحايا الذين قابلتهم عن انعدام الثقة في نظام العدالة الرسمي، وقد أدى الافتقار إلى الثقة هذا إلى جانب نمط من التهديدات والترهيب المرتبط بمحاولات الضحايا للحصول على مساءلة جنائية للقضايا المتعلقة بالمتظاهرين، أدى إلى قيام البعض باللجوء إلى آليات عرفية قبلية غير رسمية.
ومن بين 47 أسرة تم مقابلتهم، أبلغت خمس أسر عن عرض الدية بما فيها على الأقل ثلاث أسر "تنازلت" عن قضايا في المحاكم الجنائية نتيجة ذلك.
خوف وترهيب
واضافت بعثة الامم المتحدة ان الضحايا ومحامون اشاروا الى وجود بيئة يسودها الخوف والترهيب فيما يتعلق بمتابعة المساءلة عن الجرائم المتعلقة بالتظاهرات خاصة تلك المنسوبة "للعناصر المسلحة المجهولة الهوية حيث يتم تهديد ذوي الضحايا الذين يطالبون بشكل علني بالمساءلة.
وقد وثقت البعثة عدة حالات تهديد لعائلات الضحايا وحالتين من المحامين على الأقل الذين تلقوا تهديدات لمحاولتهم العمل على القضايا التي تزعم المساءلة الجنائية لمسلحين منسوبين إلى أحزاب سياسية لإطلاقهم النار على المتظاهرين وردا على ذلك، امتنع المحامون عن العمل على مثل هذه القضايا وفي إحدى الحالات، غادروا محافظاتهم بصورة مؤقتة.
استمرار الافلات من العقاب
وشددت البعثة على ان استمرار الإفلات من العقاب وغياب الشفافية بصورة واضحة فيما يتعلق بالمسؤولين عن هذه الجرائم، بالإضافة إلى حوادث القتل المستهدف والمضايقات والتخويف المستمرة ضد الأفراد الذين ينتقدون هذه الأفعال بصرف النظر عن المساءلة أوعدم المساءلة، تشكل تهديدا غير مباشر.
وأشارت الى ان المحامين وعائلات الضحايا قد اكدوا بأن البيئة الحالية تثنيهم عن تقديم المشورة القانونية للضحايا أو تحريك ومتابعة الشكاوى ومثال ذلك اناعتقال القائد في الحشد الشعبي قاسم مصلح الاربعاء الماضي قد تحول الى تعد على سلطة الدولة وهيبتها في اشارة الى استعراض القوة الذي قامت به مليشيات تنمي الى الحشد الشعبية موالية لايران للمطالة باطلاق سراحه.. محذرة من ان هذا السلوك من جانب الجهات المسلحة يفسر مرة أخرى البيئة المعقدة في العراق ولا يؤدي إلا إلى زيادة تآكل ثقة الجمهور فيما يتطلب الامر انه يجب ان لايكون احد فوق القانون ولا ينبغي لأحد أن يلجأ إلى استعراض القوة للحصول على طريقهم.
وكانت العاصمة العراقية بغداد ومحافظات جنوبية قد شهدت في 25 من الشهر الحالي تظاهرات حاشدة رفعت شعار "من قتلني" رفضا لعمليات الاغتيال وللمطالبة بالكشف عن قتلة المتظاهرين منذ عام 2019 والضغط على الحكومة لاستكمال التحقيق في عمليات الاغتيال وقتل المتظاهرين ومحاكمة مرتكبيها.