حملة متسارعة لإزالة الألغام
هذا ما خلّفه الروس في ليبيا: دمى ومراحيض مفخخة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يقول خبراء إزالة الألغام الليبيون إن المرتزقة الروس فخخوا مقاعد المراحيض والأبواب والدمى لتنفجر عند لمسها.
إيلاف من بيروت: مع فرار المرتزقة الروس من العاصمة الليبية في الصيف الماضي، تركوا ورائهم منازل وساحات مفخخة. ويقول خبراء إزالة الألغام الليبيون إن هؤلاء المرتزقة فخخوا مقاعد المراحيض والأبواب والدمى، لتنفجر عند لمسها.
وبحسب تقرير لـ "واشنطن بوست"، ربما كانت علب الصودا الفارغة هي الأكثر مراوغة، إذ يحب العديد من الشباب الليبيين سحقها بطريقة هزلية، ولذلك صمم الروس العلب لتنفجر عند ضغطها. ويقول ربيع الجواشي، رئيس مؤسسة الحقول الحرة الليبية لإزالة الألغام: "لقد درسونا، وعرفوا حتى كيف كان أطفالنا يلعبون، إنهم يعرفون كيف نفكر".
الآن، تجوب فرق إزالة الألغام في ليبيا المناطق التي دمرتها الحرب لتخليصها من هذا الإرث القاتل، لتجد ذخائر غير منفجرة خلفها الروس وغيرهم وراءهم، قصدًا أو من غير قصد. ويعود تاريخ بعض هذه الذخائر إلى ثورة الربيع العربي في ليبيا قبل عقد من الزمن، والتي أدت إلى إطاحة الديكتاتور معمر القذافي وقتله وترك مخازنه الضخمة من الأسلحة في أيدي الميليشيات. في أحياء طرابلس الجنوبية التي دمرتها الحرب مثل عين زارة، يكتشف خبراء إزالة الألغام قذائف غير منفجرة وقذائف هاون أميركية من ترسانات القذافي.
مفخخات دموية
لكن أكثر الاكتشافات دموية كانت ألغام روسية الصنع، بحسب خبراء إزالة الألغام الذين يقولون إنهم لم يروا شيئًا مثلها قبل حملة الظابط الليبي المنشق خليفة حفتر الفاشلة في عام 2019 للاستيلاء على العاصمة. ما زالت المئات، وربما الآلاف، من العائلات غير قادرة على العودة إلى ديارها بسبب الألغام والمتفجرات الأخرى. وتظهر تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي كل أسبوع تقريبًا عن وقوع إصابات وضحايا.
قال معاد العربي، مدير العمليات في مؤسسة الحقول الحرة: "من بين جميع النزاعات في ليبيا منذ عام 2011، كان هذا الصراع هو الأسوأ بالنسبة إلينا. وجدنا الكثير من الأسلحة الجديدة، كلها أتت من الخارج".
ذات صباح، تجمع فريق من خبراء إزالة الألغام في مكتب مؤسسة الحقول الحرة بعدما تلقوا مكالمتين للمساعدة. قال قائد الفريق محمد زلاتيني لعناصره: "العائلات في انتظارنا، أتمنى لكم الأفضل، وآمل أن نعود بأمان". وانسحبت قافلتهم المكونة من أربع سيارات، بينها سيارة إسعاف، وبعد نصف ساعة وصلوا إلى مزرعة قبالة طريق مطار طرابلس، وهو خط المواجهة السابق للحرب. ارتدى زلاتيني ونائبه ملابس واقية زرقاء وأقنعة.
ثلاثة قذائف
وضعت في أحد الحقول قذيفة هاون أميركية الصنع من عيار 81 ملم ولا تزال الزعنفة ملتصقة بها. كشط زلاتيني الأوساخ عن السلاح ووجد دبوس الأمان سليمًا. حمل القذيفة إلى شاحنة صغيرة، ووضعه مع زميل له على سرير من الرمل داخل صندوق سميك.
المحطة التالية كانت مزرعة أخرى. كانت قذيفة كبيرة موجودة في حقل منذ تسعة أشهر. تم العثور على اثنتين آخريين في الآونة الأخيرة.
قال خالد الزروق (43 عاماً)، وهو موظف حكومي اتصل بخبراء إزالة الألغام: "هذا أمر طبيعي للغاية، فحتى أطفالنا يلعبون في الملعب، في كل مكان. نحن نحذرهم من الاقتراب إذا رأوا هذه الأسلحة".
بعد أقل من ساعة، تخلص زلاتيني بأمان من ثلاثة قذائف، كانت كلها روسية الصنع. وقال: "إنه لأمر محزن أن نرى نفايات العالم ملقاة في ليبيا، والمسؤولون هم أولئك الذين دعموا الأطراف المتقاتلة. لو لم يكن هناك دعم خارجي لما حدث هذا. نحن الليبيون ندفع الثمن الآن".
في الصيف الماضي ، كانت فرق مؤسسة الحقول الحرة من أوائل خبراء إزالة الألغام الذين دخلوا المناطق التي كانت تحت سيطرة المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر المرتبطة بالكرملين. وقال الجواشي إنهم اكتشفوا 107 عبوات ناسفة بدائية الصنع في شارع واحد في جيب صلاح الدين الجنوبي بطرابلس.
أفكار قاتلة
واكتشف خبراء إزالة الألغام داخل المنازل معدات كمال الأجسام وزجاجات مياه مستوردة وعلب حليب مدعم. كُتبت كتابات على الجدران باللغتين الروسية والصربية. كما كان هناك تعليمات حول كيفية فتح الأبواب أو الذهاب إلى الحمام من دون تفجير الأفخاخ المتفجرة التي صممها المرتزقة. تم تصميم مرحاض واحد بجهاز استشعار لإشعال تسعة أرطال من مادة "تي إن تي" عندما يجلس شخص على المقعد، كما يتذكر خبراء إزالة الألغام.
قالوا إنهم عثروا أيضًا على دمية بهيئة دب متصلة بستة أسلاك ومعدة لتنفجر عندما يتجه شخص ما نحوها من أي اتجاه. صُممت قنبلة علبة الصودا الفارغة بنظام لوحة الضغط ليتم تشغيلها بوزن نصف رصاصة كلاشينكوف. وقال العربي: "المشكلات التي واجهناها لم تكن المفخخات بل طريقة وضعها، كانت مفخخة بطريقة جديدة لم نصادفها من قبل".
وأفاد خبراء إزالة الألغام أيضًا أنهم عثروا على مجموعة من الألغام المبتكرة، بما في ذلك "لغم نثر" روسي ينتشر بنفسه ويدمر نفسه ذاتيًا في غضون 100 ساعة، ولغم مضاد للأفراد بأشعة الليزر كأسلاك تفجير، ومجموعات من الألغام مرتبة ليكون الأول فخًا لينفجر آخر بعده.
فاجنر مسؤولة
أرسل خبراء إزالة الألغام صوراً من هذه المفخخات إلى مستشارين في الولايات المتحدة وأوروبا. وقال مستشار أوكراني إن الأجهزة تشبه تلك المستخدمة في الصراع في شبه جزيرة القرم، حيث قاتلت قوات فاجنر أيضًا.
على مدى عدة أسابيع في الصيف الماضي، أفاد عضوان من فريق إزالة الألغام بإزالة أكثر من 400 لغم وعبوة ناسفة أخرى من أكثر من 200 منزل. لكن هذا النجاح جاء بتكلفة عالية. في أوائل يوليو، قُتل هذا العضوان عندما انفجرت بهما عبوة ناسفة مخبأة داخل منزل.
بعد انسحاب قوات حفتر الصيف الماضي، عاد عبد الرحمن الغبيلي، وهو عامل اتصالات يبلغ من العمر 48 عامًا، إلى دار عائلته. عندما فتح الباب الأمامي لمنزله، لم يكن على دراية بالمخاطر التي تنتظره. يتذكر الغبيلي: "عندما أدرت مقبض الباب وضغطت، سقطت قنبلة يدوية وانفجرت، فأصيبت ساقي بجروح بالغة".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "واشنطن بوست". الأصل منشور على الرابط:
https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/libya-war-mines-explosives/2021/05/28/7d64da3c-9bab-11eb-8a83-3bc1fa69c2e8_story.html?utm_source=rss&utm_medium=referral&utm_campaign=wp_world-middle-east