الجيش يوجِد ممرات ريفية آمنة للرعاة
النزاعات تهدِّد تجارة خراف العيد في الساحل الإفريقي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نيامي (النيجر): يندب تاجر الماشية علي زالا حظّه إذ يواجه صعوبة في الحصول على خراف يمكن بيعها هذا العام بعدما كان يحقق دخلا جيّدا قبيل عيد الأضحى الذي يبدأ الأسبوع الجاري.
ويقول بينما يجلس وسط حوالى 30 خروفا أشبه بهياكل عظمية في العاصمة النيجرية نيامي "هناك نقص لم نشهد مثله من قبل جرّاء الأزمة الأمنية اللعينة هذه".
وتعطي فترة عيد الأضحى عادة دفعة لتجار الماشية، لكن زالا الذي يسافر إلى شرق النيجر الذي يشهد حربا لشراء الماشية وإعادة بيعها في العاصمة، لم يتمكن هذه السنة من العثور على خراف يمكن بيعها.
ويؤكد بينما يلتفت إلى القطيع الذي يبدو في حالة بائسة "في السابق، كان بإمكاني جلب 500 رأس ماشية إلى نيامي، لكن أنظروا".
وعلى غرار كثيرين يعملون في القطاع، يواجه زالا صعوبات نظرا إلى النزاع الجهادي الدائر في منطقة الساحل.
هجومات متكررة
وتكثر الهجمات التي ينفذها جهاديون وتلك الناجمة عن نزاعات عرقية، كما تنتشر عمليات سطو مسلح. وفي المناطق الشاسعة الخارجة عن سيطرة الدولة، يفرض المسلّحون الإسلاميون عادة ضرائب تؤخذ كماشية.
كما تتسبب موجات الجفاف التي تضرب المنطقة شبه القاحلة مرارا بنفوق القطعان. وبات التجار الذين يصلون إلى الأسواق في مدن منطقة الساحل يجلبون معهم عددا أقل من رؤوس الماشية، ما يرفع الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين.
ويقول ماماني ساني، المنتمي إلى رابطة محلية للمستهلكين، "تربّي الحيوانات على مدى أشهر ومن ثم يأتي أحد قطاع الطرق ويسرقها في دقائق".
واتسع نطاق تمرّد إسلامي أطلق في شمال مالي عام 2012 ليصل إلى وسط البلاد كما بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.
وقتل الآلاف في النزاع كما نزح أكثر من مليوني شخص، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وعلى مدى سنوات، تحوّلت السرقة إلى أحد معالم اقتصاد الحرب.
ويقول عبد العزيز الوالي، العضو البارز في رابطة "بيليتال ماروبي" للرعاة في غرب إفريقيا، "لم يعد لدى مربي الماشية حرية الحركة بشكل كامل".
عمليات ابتزاز
وأشار متحدثا من العاصمة المالية باماكو إلى ازدياد خطر التعرّض إلى هجمات وعمليات ابتزاز أثناء التوجّه إلى الأسواق.
ويبدو المشهد مشابها في أنحاء منطقة الساحل إذ يتحدّث تاجر الماشية عيسى ويدراوغو من واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، عن المشكلات التي يواجهها في الإمدادات.
وأفاد التاجر البالغ 33 عاما بأن لصوصا سرقوا مئتي رأس ماشية من أحد مورّديه وقتلوا الراعي الذي كان يحرس الحيوانات.
وأكد عضو رابطة رعاة مالية طلب عدم كشف هويته أن انعدام الأمن والتعرّض إلى القتل بات الوضع الطبيعي بالنسبة إلى الملايين من سكان منطقة الساحل.
لكنه شدد على أن الرعاة على وجه الخصوص، هم الأكثر عرضة للخطر قائلا "على الناس أن يدركوا ذلك".
وفي ظل ارتفاع الأسعار جرّاء انعدام الأمن والتغيّر المناخي، يجد المستهلكون صعوبة في العثور على خراف العيد.
وأفاد الموظف الحكومي في بوركينا فاسو أحمد سيس بأن الخراف التي كان ثمنها يبلغ 35 ألف فرنك إفريقي في الماضي (53 يورو، 63 دولارا) باتت اليوم تكلّف 80 ألف فرنك إفريقي.
ممرٌ آمن
وتعد مالي وبوركينا فاسو والنيجر من بين أفقر بلدان العالم حيث دمّرت النزاعات الاقتصاد.
وقال وزير الماشية في مالي يوبا با إن الجيش أوجد ممرات عبر الريف للسماح للرعاة بالسفر بشكل آمن، لكنه أقر بأن تفشي انعدام الأمن رفع الأسعار.
وقال إن الحكومة أطلقت عرضا ترويجيا يضمن بأن يكون "لدى كل مواطن مالي خروف يمكنه ذبحه".
لكن بدت أسواق الماشية التي كانت في الماضي تعج بالحياة مهجورة هذا العام في أنحاء الساحل.
ويستذكر جامع الضرائب في سوق نيامي الرئيسي للماشية موسى عبده كيف كانت الشاحنات المليئة بالماشية تصل إلى السوق وتغادره كل يوم.
أما اليوم، فلم تعد تدخل إلى السوق يوميا سوى بضعة شاحنات على متن كل منها بضعة عشرات من رؤوس الماشية، بحسب عبده.
في أحد شوارع نيامي، يبدو ماسو زاكو على وشك الاستسلام بينما يجر 15 كبشا تحت حرارة الطقس البالغة حوالى 45 درجة مئوية.
وحاول بيعها منذ الصباح من دون جدوى بينما يجد نفسه غير قادر على خفض سعرها.
وقال بينما تصبب العرق من جبهته "أشعر بالإرهاق ولم تعد الحيوانات تريد المشي أكثر من ذلك".