تتجاوز ما كانت تسيطر عليه في أوج قوتها
كيف فرضت حركة طالبان سيطرتها على نصف مساحة أفغانستان؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سيطرت حركة طالبان على مساحات من الأراضي خلال الشهرين الماضيين تتجاوز المساحات التي كانت تسيطر عليها عندما كانت الحركة في اوج قوتها قبل الإطاحة بها عن حكم افغانستان في عام 2001.
وعلى مدار العشرين عاماً الماضية، كانت خريطة السيطرة على الأرض متقلبة ودائمة التغيير.
ونلقي فيما يلي الضوء على الأوضاع المتغيرة على الأرض والجهة التي تفرض سيطرتها على المدن والبلدات والمناطق في البلاد.
وجود قويمن الواضح أن حركة طالبان باتت أكثر جرأة وثقة بالنفس في الأسابيع الأخيرة بسبب انسحاب القوات الأمريكية من جهة واستعادتها العديد من المناطق من القوات الحكومية من جهة أخرى.
وتظهر عمليات المسح التي قامت بها الخدمة الأفغانية في بي بي سي، أن لمسلحي الحركة وجود قوي في جميع أنحاء البلاد الآن، بما في ذلك في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية والأقاليم الوسطى مثل غزني وميدان وردك. كما أنهم يقتربون من المدن الكبرى مثل قندوز وهيرات وقندهار ولشكرغاه.
ونقصد بكلمة السيطرة هنا، المناطق التي تسيطر فيها طالبان على المركز الإداري ومقار الشرطة وجميع المؤسسات الحكومية الأخرى.
حركة طالبان: "كسبنا الحرب، وأمريكا خسرتها"
تركيا وأفغانستان: ماذا تجني أنقرة من حمايتها لمطار كابول وما التحديات التي تنتظرها؟
قامت القوات الأمريكية وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي بإزاحة حركة طالبان عن السلطة في نوفمبر/تشرين الثاني 2001. وكانت الحركة تؤوي أسامة بن لادن وشخصيات أخرى من القاعدة لها علاقة بهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة.
لكن على الرغم من استمرار وجود القوات الدولية في البلاد وانفاق مليارات الدولارات على دعم وتدريب القوات الأفغانية، إلا أن طالبان استطاعت إعادة تجميع وتوحيد صفوفها واستعادة قوتها تدريجياً في المناطق النائية.
تشمل المناطق التي تتمتع فيها الحركة بالنفوذ معاقلها التقليدية في جنوب البلاد والجنوب الغربي، مثل أقاليم شمال هلمند وقندهار وأروزغان وزابول. ولكن أيضاً في التلال الواقعة في جنوب فارياب في الشمال الغربي وجبال بدخشان في الشمال الشرقي.
وأظهر مسح أجرته بي بي سي في عام 2017 ، أن حركة طالبان كانت تسيطر بشكل كامل على عدد من المناطق. لكن البحث أظهر أيضاً أنها كانت تنشط في أجزاء أخرى كثيرة من البلاد وشنّ مسلحوها هجمات منتظمة بشكل أسبوعي أو شهري في بعض المناطق، مما يشير إلى أن قدراتها كانت أكبر بكثير من التقديرات السابقة.
وتفيد التقارير أن حوالي 15 مليون شخص، أي نصف عدد سكان أفغانستان، يعيشون في مناطق إما تسيطر عليها طالبان أو حيث للحركة وجود علني وتشن هجمات منتظمة فيها على القوات الحكومية.
هل قوات طالبان صامدة؟
على الرغم من أن مسلحي طالبان يسيطرون الآن على مساحة أكبر من الأراضي مما كانوا يسيطرون عليها منذ عام 2001 ، إلا أن الوضع على الأرض متقلب باستمرار.
واضطرت الحكومة إلى التخلي عن بعض المراكز الإدارية في بعض المناطق بسبب عدم قدرتها على تحمل ضغوط طالبان، كما استعادت الحركة بعض المناطق الأخرى من الحكومة بالقوة.
وحيثما تمكنت الحكومة من إعادة تنظيم قواتها وحشد ميليشيا محلية، استعادت بعض المناطق التي خسرتها أو لا تزال تقاتل في بعض منها.
ورغم أن معظم القوات الأمريكية غادرت في يونيو/ حزيران، إلا أن عدداً صغيراً منها ما زال في كابول وشنت القوات الجوية الأمريكية غارات جوية على مواقع طالبان خلال الأيام القليلة الماضية.
وتسيطر القوات الحكومية الأفغانية بشكل أساسي على المدن والمناطق الواقعة في السهول أو في قرب مجاري الأنهار حيث يعيش عدد كبير من السكان أيضاً.
أما المناطق التي تتمتع فيها حركة طالبان بوجود ملموس وقوي، فعدد السكان فيها ضئيل، حيث يعيش أقل من 50 شخصاً في كل كيلومتر مربع في العديد من المناطق.
وتقول الحكومة إنها أرسلت تعزيزات إلى جميع المدن الرئيسية المهددة من قبل طالبان وفرضت حظر تجول لمدة شهر في جميع أنحاء البلاد تقريباً في محاولة لمنع طالبان من إقتحام المدن.
ورغم أنه يبدو أن الحركة تقترب من مراكز مثل هيرات وقندهار، إلا أن مسلحي طالبان لم يتمكنوا من الاستيلاء على أي منها حتى الآن. ولكن المكاسب الإقليمية التي تحققها الحركة تعزز موقعها في المفاوضات وتدر عليها إيرادات في شكل ضرائب وغنائم حرب أيضاً.
ولقي عدد قياسي من المدنيين مصرعهم نتيجة الصراع في النصف الأول من هذا العام.
وتلقي الأمم المتحدة باللوم في معظم حالات مقتل المدنيين االذين بلغ عددهم حتى الآن 1600 ضحية، على حركة طالبان وعناصر أخرى مناهضة للحكومة. كما أجبر القتال العديد على الفرار من منازلهم، حيث نزح حوالي 300 ألف شخص منذ بداية العام وحتى الآن.
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن هناك موجة جديدة من النزوح الداخلي من أقاليم بدخشان وقندوز وبلخ وبغلان وتخار مع تقدم طالبان وسيطرتها على مساحات شاسعة من المناطق الريفية.
ويفر بعض الناس إلى القرى أو الأحياء المجاورة بشكل مؤقت ثم يعودون إلى منازلهم بعد مرور أيام، أما البعض الآخر فيفضل الانتظار لبعض الوقت.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية، أن هجمات طالبان أجبرت اللاجئين الأفغان والقوات الحكومية على عبور الحدود إلى طاجيكستان.
وبحسب الأنباء الواردة، سيطرت طالبان على عدد من المعابر الحدودية الرئيسية أيضاً، بما في ذلك معبر "سبين بولداك"، وهي بوابة رئيسية للعبور إلى باكستان.
وتقوم طالبان الآن بجباية الرسوم الجمركية على البضائع التي تدخل البلاد عبر المعابر التي تسيطر عليها رغم عدم وضوح قيمة المبالغ التي تجبيها بشكل دقيق لأن حجم التجارة قد انخفض بسبب القتال الدائر في المنطقة.
فعلى سبيل المثال كان معبر إسلام قلعة، الواقع على الحدود مع إيران، يدر أكثر من 20 مليون دولار شهرياً.
وأدى تراجع حركة الواردات والصادرات إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الأسواق وعلى رأسها الوقود والمواد الغذائية.