أخبار

يوم حداد بلا مشاركة رسميّة أو لأي مسؤول

عام على انفجار بيروت... اللبنانيون لم يفيقوا من حزنهم وغضبهم

متظاهرون وأهالي ضحايا انفجار بيروت يتجمعون في مظاهرة خارج منزل وزير الداخلية اللبناني في قريطم غربي بيروت في 13 تموز/ يوليو 2021.
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت: يحيي اللّبنانيون ذكرى مرور عام على إنفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص ودمّر أحياء في المدينة وفاقم إنهيارًا إقتصاديًا ينهش البلاد، مطالبين بالعدالة ومنتقدين انعدام محاسبة المسؤولين عن الإنفجار المروّع.

وبالتزامن، تعقد الدول المانحة عبر تقنية الفيديو بدعوة من فرنسا وبرعاية الأمم المتّحدة، مؤتمرها الثالث منذ الإنفجار "من أجل لبنان"، تأمل أن تجمع خلاله مبلغ 350 مليون دولار.

ودعت أحزاب معارضة ومجموعات ناشطة تأسّست خلال احتجاجات 2019 ضدّ الطبقة الحاكمة إلى تظاهرات في مناطق عدّة من بيروت، تحت شعار "العدالة الآن".

إنفجار هائل

وفي الرابع من آب/ أغسطس 2020، اندلع حريق في مرفأ بيروت تلاه عند الساعة السادسة وبضع دقائق (15,00 ت غ) إنفجار هائل وصلت أصداؤه إلى جزيرة قبرص، وألحق دماراً ضخماً في المرفأ وأحياء في محيطه وطالت أضراره معظم المدينة وضواحيها.

وعزته السلطات إلى 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم مخزّنة منذ العام 2014 في المعبر رقم 12 في المرفأ.

قتل الإنفجار 214 شخصاً على الأقل بينهم موظّفون في المرفأ وعناصر فوج إطفاء كانوا يحاولون إخماد الحريق، كما قُتل أشخاص في منازلهم جرّاء الزجاج المتساقط وآخرون في سياراتهم أو في الطرق والمقاهي والمحلّات. ودفنت عائلات كثيرة مجرد أشلاء بقيت من أبنائهم.

وفي بلد شهد خلال السنوات العشرين الماضية إغتيالات وتفجيرات لم يكشف النقاب عن أيّ منها، إلّا نادرًا، ولم يحاسب أي من منفّذيها، لا زال اللّبنانيون ينتظرون أجوبة لتحديد المسؤوليّات والشرارة التي أدّت إلى وقوع أحد أكبر الإنفجارات غير النووية في العالم.

حداد ومسيرات

وأعلنت السلطات الأربعاء يوم حداد. لكن لا مشاركة رسميّة أو لأي مسؤول في أي من التحرّكات العديدة التي نظّمت لإحياء الذكرى.

ودعا أهالي الضحايا إلى مسيرات تنطلق عند الساعة الثالثة والنصف (12,30 بتوقيت غرينتش) في اتجاه المرفأ حيث ستتم تلاوة صلوات إسلاميّة ومسيحيّة. وعند تمام الساعة السادسة وسبع دقائق، أي لحظة وقوع الإنفجار، ستُتلى أسماء ضحايا الإنفجار.

كما ستنطلق من مناطق عدّة في بيروت تظاهرات دعت إليها أحزاب ومجموعات معارضة ومحامون وأطبّاء، على أن تلتقي قرب المرفأ قبل أن تتوجّه إلى مجلس النواب.

وخلال مؤتمر صحافي الإثنين، حدّد أهالي الضحايا مهلة 30 ساعة للمسؤولين لرفع الحصانات عن مسؤولين استدعاهم قاضي التحقيق طارق بيطار ليمثلوا أمام القضاء. وقال والد أحد الضحايا ابراهيم حطيط "صَبَرنا حتّى نفد صبرنا... الرابع من آب هو يوم وجعنا".

على مواقع التواصل الإجتماعي وعلى شاشات التلفزة، ينشر مستخدمون منذ أسابيع، صورًا لهم مع شعار "العدالة لضحايا إنفجار مرفأ بيروت"، أو دعوات للتعبئة من أجل المشاركة في التجمّعات والتظاهرات الأربعاء، مع شعارات وهاشتاغات مختلفة "#بدنا_نحاسب"، "كلنا ضحايا، كلهم مسؤولون"، "ارفعوا_الحصانات_الآن"، "لن_ننسى".

العائق في الحصانات

وأكّدت مصادر قضائيّة لفرانس برس أنّ الجزء الأكبر من التحقيق انتهى. لكن الحصانات والأذونات السياسيّة تقف اليوم عائقاً أمام استدعاء نواب ووزراء سابقين ورؤساء أجهزة أمنيّة وعسكريّة تبيّن أنّهم كانوا يعلمون بمخاطر تخزين كميّات هائلة من نيترات الأمونيوم في المرفأ ولم يحرّكوا ساكناً لإخراجها منه، إلى التحقيق.

وبعد نحو خمسة أشهر على تسلّمه الملف إثر تنحي قاض سابق بسبب ضغوط سياسية، أعلن بيطار الشهر الماضي عزمه استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب كمدّعى عليه، ووجّه كتاباً إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة عن ثلاثة نواب شغلوا مناصب وزاريّة، كما طلب الإذن بملاحقة قادة أجهزة أمنيّة وادعى على قائد الجيش السابق.

وأظهرت تقارير أوّلية أعدّها جهاز أمني مباشرة بعد وقوع الإنفجار واطّلعت وكالة فرانس برس عليها حديثاً، أنّ أطنان نيترات الأمونيوم كانت مخزّنة إلى جانب مواد قابلة للإشتعال والإنفجار، مثل براميل من مادّة الميثانول والزيوت وأطنان من المفرقعات النارية، وفتيل.

واتّهمت منظّمة هيومن رايتس ووتش الثلاثاء السلطات اللّبنانية بانتهاك الحق بالحياة وجرم الإهمال بعدما أظهرت في تحقيق خاص تقصير مسؤولين سياسيّين وأمنيّين في متابعة قضيّة شحنة نيترات الأمونيوم. كما اتّهمت منظّمة العفو الدولية الإثنين السلطات بأنّها تعرقل "بوقاحة" مجرى التحقيق في الإنفجار.

إنهيار وأزمات متلاحقة

وعمّقت كارثة الإنفجار وتفشّي فيروس كورونا قبلها، الإنهيار الإقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف العام 2019 وصنّفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وبات أكثر من نصف اللّبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت اللّيرة الّلبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسيّة بأكثر من 700 بالمئة خلال عامين.

ويهدف المؤتمر الدولي إلى تأمين أكثر من 350 مليون دولار للإستجابة لحاجات السكان، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسيّة الإثنين. وسيشارك فيه عدد كبير من الدول بينها السعودية وقطر والولايات المتحّدة وغيرها...

ومنذ إنفجار المرفأ، يقدّم المجتمع الدولي مساعدات إنسانيّة مباشرة إلى اللّبنانيين من دون المرور بمؤسّسات الدولة المتّهمة بالفساد والهدر.

وبرغم الأزمات المتلاحقة، فشل المسؤولون اللّبنانيون بالتوصّل إلى اتفاق يتيح تشكيل حكومة منذ استقالة حكومة حسان دياب إثر الإنفجار، والتي لا تزال تقوم بمهام تصريف الأعمال. وفي 26 تموز/ يوليو، كلّف رئيس الجمهورية ميشال عون رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي تشكيل حكومة بعدما فشلت محاولتان سابقتان في ذلك.

ولم تنجح الضغوط الدوليّة التي مارستها فرنسا خصوصاً، في تسريع ولادة حكومة يشترط المجتمع الدولي أن تقبل على إصلاحات جذريّة مقابل تقديم دعم مالي للبنان.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف