فارق الحياة عن عمر يناهز 84 عاماً
عبد القدير خان: قصة الرجل الذي يعد "أبا للقنبلة النووية الباكستانية"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
توفي الدكتور عبد القدير خان، الرجل الذي يعتبر "أبا للقنبلة النووية الباكستانية"، عن عمر يناهز 85 عاما بعد نقله إلى المستشفى جراء إصابته بفيروس كورونا.
وكان قد اُشيد بالدكتور خان باعتباره بطلا قوميا لتحويله بلاده إلى أول قوة نووية إسلامية في العالم.
لكنه اشتهر أيضا بتهريب أسرار نووية إلى دول من بينها كوريا الشمالية وإيران.
وقال رئيس الوزراء عمران خان إن باكستان فقدت "أيقونة وطنية".
وكتب رئيس الوزراء على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر يقول: "كان محبوبا من أمتنا بسبب مساهمته الحاسمة في جعلنا دولة نووية".
وكان للعالم المعروف باسم إيه كيو خان، دورا أساسيا في إنشاء أول محطة تخصيب نووية باكستانية في كاهوتا بالقرب من إسلام أباد.
وبحلول عام 1998، أجرت البلاد تجاربها النووية الأولى.
وبعد فترة وجيزة من الاختبارات المماثلة التي أجرتها الهند، ساعد عمل الدكتور خان في الحفاظ على مكانة باكستان باعتبارها سابع قوة نووية في العالم مما أثار الابتهاج الوطني.
لكنه اعتقل في عام 2004 لمشاركته التكنولوجيا النووية بشكل غير قانوني مع إيران وليبيا وكوريا الشمالية.
وقد صدمت باكستان إزاء الكشف عن قيامه بنقل أسرار نووية إلى دول أخرى.
وفي خطاب تليفزيوني، قدم الدكتور خان "عميق أسفه واعتذاراته غير المشروطة".
وقد تم العفو عن الدكتور خان من قبل الرئيس الباكستاني آنذاك، برويز مشرف، لكنه ظل رهن الإقامة الجبرية حتى عام 2009.
وقد أثار التساهل في معاملته غضب الكثيرين في الغرب حيث أطلق عليه لقب "أعظم ناشر نووي في كل العصور".
لكنه ظل في باكستان رمزا للفخر لدوره في تعزيز أمنها القومي.
وقال الرئيس عارف علوي: "لقد ساعدنا في تطوير الردع النووي لإنقاذ الأمة، ولن تنسى الدولة الممتنة خدماته".
من الهند إلى باكستانتقول دائرة المعارف البريطانية إن الدكتور خان ولد في الأول من أبريل/نيسان من عام 1936 لعائلة متواضعة في بوبال بالهند، وهو مهندس باكستاني وشخصية رئيسية في برنامج الأسلحة النووية الباكستاني، كما أنه شارك أيضا لعقود في السوق السوداء للتكنولوجيا النووية وبيع التصميمات والصواريخ والخبرات أو تداولها مع إيران وكوريا الشمالية وليبيا وربما دول أخرى.
وخلال طفولة خان وتحديدا في 14 أغسطس/ آب من عام 1947 احتفلت باكستان باستقلالها عن بريطانيا، وفي اليوم التالي احتفلت الهند بالاستقلال أيضا عن التاج البريطاني، وذلك بعد أن انسحبت بريطانيا من بلد كانت تعتبره درة تاجها الامبراطوري، وخلفت وراءها دولتين مستقلتين هما الهند العلمانية ذات الغالبية الهندوسية وباكستان الإسلامية.
ولم يكن البريطانيون قبل الحرب العالمية الثانية على استعداد لمنح الهند استقلالها، ولم يدعم كثير من المسلمين والسيخ وغيرهم رؤية الزعيم الهندي غاندي الخاصة بالهند كبلد موحد، ولم يؤمنوا أنه يتحدث نيابة عن جميع الهنود.
وقدم غاندي بعد ذلك استقالته من حزب المؤتمر واعتزل الحياة السياسة، لكنه واصل حملته من أجل المساواة الاجتماعية لصالح "الداليت"، وهي الطبقة المعروفة باسم "المنبوذين".
وأجبرت قدرته على تعبئة الجماهير ونهجه السلمي الثابت، السلطات البريطانية على التفاوض.
كان يحيك جواربه ولا يغير عمامته رغم أنه كان الأغنى في العالم
تحققت أهداف غاندي عندما أضعفت الحرب العالمية الثانية قبضة بريطانيا على إمبراطوريتها، والتي قررت إنهاء وجودها في شبه القارة الهندية وتسليم السلطة إلى إدارة هندية.
ولكن كانت الخلافات مهيمنة آنذاك بين أكبر قيادتين سياسيتين في البلاد، وهما جواهر لال نهرو ومحمد علي جناح.
وكان نهرو، زعيم حزب المؤتمر وأول رئيس وزراء في الهند المستقلة، معارضا لمبدأ تقسيم البلاد على أسس دينية.
ولكن محمد علي جناح، زعيم عصبة مسلمي الهند، والذي أصبح حاكما عاما لباكستان عقب التقسيم، كان مصرّا على أن لمسلمي الهند الحق في تأسيس دولة خاصة بهم.
وكان جناح نفسه من دعاة الوحدة بين الهندوس والمسلمين، وعضوا في حزب المؤتمر في البداية قبل أن يغير موقفه ويقطع علاقته بالحزب الذي شك في انه يسعى لتهميش المسلمين، وبعد خروجه من المؤتمر ترأس جناح عصبة عموم مسلمي الهند.
وقد قاد وزير الدولة البريطاني لشؤون الهند وبورما، بيثيك لورانس، شخصيا في عام 1946 وفدا وزاريا إلى نيودلهي على أمل حل الأزمة بين حزب المؤتمر والعصبة وبالتالي نقل السلطة البريطانية إلى إدارة هندية واحدة، لكن الخلافات تفاقمت.
بدأت حرب أهلية دموية في الهند حيث أدت أعمال الشغب والقتل بين الهندوس والمسلمين التي بدأت في كالكوتا، إلى إرسال شرارات قاتلة من الغضب والجنون والخوف إلى كل ركن من أركان شبه القارة الهندية حيث بدا أن ضبط النفس قد اختفى.
فتم تكليف اللورد ماونتباتن، أحد أعمدة الأسرة البريطانية المالكة وقُتل في عام 1979 بانفجار قنبلة زرعها في يخته الجيش الجمهوري الأيرلندي، بمهمة إخراج بريطانيا من أكبر مستعمراتها.
وبعد وقت قصير من وصوله إلى دلهي، قرر مونتباتن أن الوضع خطير للغاية ويستلزم اللجوء إلى خيار التقسيم بدلا من المخاطرة بمزيد من المفاوضات السياسية، كما قرر أنه من الأفضل أن تتم عملية انسحاب القوات البريطانية من الهند بسرعة.
حقائق ومعلومات اساسية عن الهند
وقد أقر البرلمان البريطاني في يوليو/تموز من عام 1947 قانون استقلال الهند، وأمر بترسيم حدود الهند وباكستان بحلول منتصف ليل 14-15 أغسطس/آب من عام 1947.
لذلك تم الانتهاء من رسم خط تقسيم شبه القارة إلى دولتين في خمسة أسابيع فقط، وأعلنت الهند وباكستان استقلالهما في منتصف أغسطس/آب من عام 1947.
وعقب ذلك انضمت الولايات ذات الأغلبية الهندوسية للهند، ونظيرتها ذات الأغلبية المسلمة لباكستان بينما استمرت الخلافات حول كشمير إلى اليوم.
كان عدد سكان الهند آنذاك يناهز 400 مليون نسمة، غالبيتهم من الهندوس، وكان المسلمون يشكلون 25 في المئة تقريبا من مجموع سكان البلاد.
وقال مسؤول بريطاني عليم ببواطن الأمور حينذاك: "جاء التقسيم والاستقلال سوية. فقد كان الواحد منهما ثمنا للآخر".
وعندما أعلن قرار التقسيم، نزح 12 مليون لاجئ على الأقل من إحدى الدولتين إلى الدولة الأخرى، وقتل في العنف الطائفي نصف مليون إلى مليون شخص على الأقل كما اختطف عشرات الآلاف من النساء.
آلام تقسيم الهند مستمرة رغم مرور 70 عاما
لماذا تتقاتل باكستان والهند على كشمير؟
تعرف على منطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان
وبعد خمس سنوات من التقسيم، هاجر خان إلى باكستان عام 1952، وفي عام 1960 تخرج من جامعة كراتشي بدرجة علمية في علم المعادن، قبل أن ينتقل إلى أوروبا لمزيد من الدراسات.
في أوروباوعلى مدار العقد التالي، تابع دراساته العليا في الخارج، أولا في برلين الغربية ثم في دلفت بهولندا حيث حصل في عام 1967 على درجة الماجستير في علم المعادن.
وفي عام 1972 حصل على درجة الدكتوراه في هندسة المعادن من الجامعة الكاثوليكية في لوفين في بلجيكا.
وتزوج في عام 1964 من هندرينا ريترينك، وهي مواطنة بريطانية وُلدت لأبوين هولنديين في جنوب إفريقيا وترعرعت في ما كان يعرف آنذاك بروديسيا (زيمبابوي الآن) قبل أن تنتقل إلى هولندا.
وفي السبعينيات من القرن الماضي، تولى عبد القدير خان وظيفة في مصنع لتخصيب اليورانيوم يديره كونسورتيوم بريطاني هولندي ألماني "أورينكو".
وقد حصل خان على تصريح أمني منخفض المستوى، ولكن من خلال الإشراف المتراخي تمكن من الوصول إلى مجموعة كاملة من المعلومات حول تقنية أجهزة الطرد المركزي الفائقة وزار المصنع الهولندي في ألميلو عدة مرات.
وكانت إحدى وظائفه ترجمة الوثائق الألمانية الخاصة بأجهزة الطرد المركزي المتقدمة إلى اللغة الهولندية.
تأثير الهزيمةوتقول دائرة المعارف البريطانية إن خان تأثر بشدة بالأحداث في الوطن، خاصة هزيمة باكستان المهينة في حرب قصيرة مع الهند في عام 1971، والخسارة اللاحقة لباكستان الشرقية من خلال إنشاء دولة مستقلة جديدة هي بنغلاديش، واختبار الهند لجهاز تفجير نووي في مايو/آيار من عام 1974.
في 17 سبتمبر/أيلول من عام 1974، كتب خان رسالة إلى رئيس الوزراء الباكستاني ذو الفقار علي بوتو، يعرض مساعدته في إعداد قنبلة ذرية.
وفي الرسالة عرض رأيه بأن طريق اليورانيوم إلى القنبلة، باستخدام أجهزة الطرد المركزي للتخصيب،أفضل من مسار البلوتونيوم (الجاري بالفعل في باكستان)، والذي يعتمد على المفاعلات النووية وإعادة المعالجة.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن بوتو التقى بخان في ديسمبر/كانون الأول من عام 1974 وشجعه على بذل كل ما في وسعه لمساعدة باكستان في الوصول إلى القنبلة.
وعلى مدار العام التالي، سرق خان رسومات أجهزة الطرد المركزي وقام بتجميع قائمة بالموردين الأوروبيين بشكل أساسي حتى يتمكن من شراء الأجزاء المكونة لها.
العودة إلى باكستانفي 15 ديسمبر/كانون الأول من عام 1975 غادر هولندا متوجها إلى باكستان برفقة زوجته وابنتيه وحاملا نسخ مخططه وقائمة الموردين الخاصة به.
وقد عمل خان في البداية مع هيئة الطاقة الذرية الباكستانية، ولكن دبت خلافات مع رئيسها منير أحمد خان.
وفي منتصف عام 1976، وبتوجيه من بوتو، أسس خان مختبر الأبحاث الهندسية لغرض تطوير قدرة تخصيب اليورانيوم.
وفي مايو/آيار من عام 1981، تم تغيير اسم المختبر إلى مختبر أبحاث خان.
وكانت قاعدة عمليات خان في كاهوتا، على بعد 50 كيلومترا جنوب شرق إسلام أباد.
وطور خان هناك نماذج أولية لأجهزة الطرد المركزي بناء على التصميمات الألمانية واستخدم قائمة الموردين الخاصة به لاستيراد المكونات الأساسية من الشركات السويسرية والهولندية والبريطانية والألمانية، من بين آخرين.
وفي أوائل الثمانينيات، حصلت باكستان من الصين على مخططات لسلاح نووي استخدم تصميم انفجار اليورانيوم الذي اختبره الصينيون بنجاح في عام 1966.
ويعتقد عموما أن الصينيين اختبروا تصميما مشتقا للباكستانيين في 26 مايو/آيار من عام 1990.
"التجارة النووية"وبعد أن استوفى خان احتياجات باكستان من سلاح اليورانيوم الخاص بها، بدأ في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي إنشاء شركات واجهة في دبي وماليزيا وأماكن أخرى، ومن خلال هذه الكيانات قام ببيع أو تداول أجهزة الطرد المركزي والمكونات والتصميمات والخبرة بشكل سري. بحسب دائرة المعارف البريطانية.
وكان من بين العملاء إيران التي استمرت في بناء مجمع لتخصيب اليورانيوم على أساس النموذج الباكستاني.
وقد زار خان كوريا الشمالية 13 مرة على الأقل ويشتبه في أنه نقل تكنولوجيا التخصيب إلى ذلك البلد.
وقد طور مختبره أيضا صاروخ غوري البالستي الباكستاني بمساعدة الكوريين الشماليين.
كما كان خان موردا لبرنامج ليبيا النووي حتى أوقفته الولايات المتحدة في عام 2003.
وقد أصر الدكتور خان، أثناء عمله، على أن البرنامج ليس له أي غرض عسكري، ولكن بعد اختبارات عام 1998 اعترف قائلا: "لم يكن لدي أي شك في أنني كنت أصنع قنبلة، كان علينا أن نفعل ذلك".
وتابع العمل على تجارب إطلاق ناجحة لصواريخ غوري الأول والثاني القادرة على حمل رأس نووي.
و كان الدكتور خان يخضع، أثناء تنفيذ برنامجه، أيضا للتحقيق في هولندا لنقله تكنولوجيا التخصيب خلال فترة وجوده في البلاد.
وفي عام 1983، حكمت عليه محكمة أمستردام غيابيا بالسجن لمدة 4 سنوات بتهمة محاولة التجسس، ثم تم إلغاء الحكم في وقت لاحق عند الاستئناف.
العقوبات الأمريكيةأصبحت منشأة الدكتور خان، مختبرات خان للأبحاث في كاهوتا، مختبر الأسلحة النووية الرئيسي في باكستان حيث يتم تخصيب اليورانيوم.
واستمرت تلك المنشأة في إثارة الشكوك الأمريكية، وفرضت واشنطن في عام 2003 عقوبات عليها بسبب نقلها المزعوم لتكنولوجيا الصواريخ من كوريا الشمالية.
في 31 يناير/كانون الثاني من عام 2004، تم القبض على خان لنقل التكنولوجيا النووية إلى دول أخرى.
وفي 4 فبراير/ شباط، قرأ بيانا على التلفزيون الباكستاني يعلن فيه تحمل المسؤولية الكاملة عن عملياته، ويبرأ الجيش والحكومة من أي تورط، وهو ادعاء وجد العديد من الخبراء النوويين أنه من الصعب تصديقه.
ووصف الرئيس الباكستاني برويز مشرف هذا الموقف يوما بأنه أكثر اللحظات إحراجا طوال رئاسته.
في اليوم التالي، أصدر مشرف عفوا عنه لكنه ظل رهن الإقامة الجبرية حتى عام 2009.
الإفراج عن خانكان أحد الوعود الانتخابية الرئيسية التي أطلقها حزب رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف، حزب الرابطة الإسلامية-جناح نواز في عام 2008 هو الإفراج عن العالم خان وإعادته إلى "مكانته المناسبة".
حرب أهلية وتقسيم ومشاكل مزمنة، حكاية استقلال الهند وباكستان
وقد برز حزب الرابطة الإسلامية-جناح نواز كفائز في المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات النيابية التي شهدتها البلاد آنذاك، وقد ساند ائتلاف الحكومة الوطنية بقيادة حزب الشعب الباكستاني من خلال الجمعية الوطنية أو مجلس النواب.
ولم يقتصر دعم خان على حزب الرابطة الإسلامية-جناح نواز، بل كان يلقى صدى ومساندة من قبل الشعب الباكستاني. فهو في عيون الكثيرين منهم الذي حول بلدا زراعيا من العالم الثالث إلى عضو في نادي النخبة من الدول النووية.
وكان خان قد وُضع رهن الإقامة الجبرية بعد اعترافه التلفزيوني عام 2004 بأنه يتحمل المسؤولية منفردا عن نقل تصاميم الأسلحة النووية الباكستانية إلى كل من كوريا الشمالية وليبيا وإيران.
ومنذ إصدار العفو عنه، خرجت السلطات لتعلن أكثر من مرة للملأ، أنها أجرت تحقيقات معمقة وفعالة بقضية خان، وتوصلت إلى نتيجة مفادها أن شبكته في باكستان قد جرى تفكيكها.
كما أعلنت السلطات أيضا أن اعتراف خان كان بمثابة عرض "قال فيه كل ما لديه" ولم يعد هنالك من معلومات جديدة يمكن الكشف عنها بخصوص القضية.
إلا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومحققين من قبل حكومات غربية واصلوا الطلب إلى السلطات الباكستانية للتمكن من الوصول إلى العالم خان بغية التحدث إليه.
وكانت النتيجة أنه لا الحكومة الباكستانية ولا الدكتور خان قدما تفاصيل كاملة لمشروع الأخير في نشر الأسلحة النووية.
واعتقد مراقبون محليون ودوليون ان أعضاء بارزين من النخبة العسكرية والبيروقراطية في باكستان كانوا متورطين أيضا بقضية انتشار الأسلحة النووية إلى كوريا الشمالية وليبيا وإيران.
زرداري يسلم "صلاحياته النووية" لرئيس الحكومة
حتى أن البعض اعتقد أن "شبكة عبد القدير خان" كانت في الواقع تُدار كجزء من سياسة الحكومة ومن قبل ضباط كبار في الجيش الباكستاني القوي، والذي كان دوما بمثابة الراعي والحافظ لترسانة البلاد النووية وأسرارها.
وكما اعتقد بعض المراقبين أن "شبكة خان" كانت جزءا من وسيلة الجيش لتبادل التكنولوجيا النووية مع بلدان أخرى.
وبات أمر إشراف الجيش على كل جزئية من البرنامج النووي في البلاد سرا مفضوحا ومعروفا في باكستان. ويعني هذا أنه لم يكن بالإمكان الإبقاء على شبكة الدكتور خان طي الكتمان بدون علم ومعرفة ضباط الجيش الباكستاني.
"فُرض الأمر علي"ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن عبد القدير خان في عام 2008 قوله إن الاعترافات التي أدلى بها قبل 4 أعوام عن بيعه أسرارا نووية فرضت عليه.
وقال خان لصحيفة الغارديان من منزله في العاصمة الباكستانية إسلام أباد حيث حددت إقامته منذ عام 2004 :"لم أفعل ذلك بمطلق حريتي. لقد فرض الأمر علي".
ورفض خان الكشف عما اذا كان اتخذ ككبش فداء لجنرالات باكستان المتورطين في التجارة النووية. وتشكك دبلوماسيون غربيون ومعلقون محليون وبعض الساسة في إمكانية عمل خان وحده.
وقال خان: "لا أريد الحديث عن ذلك، هذه الأشياء يجب أن تنسى"، مضيفا أنه لن يتعاون مع محققي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
وصرح خان للغارديان بأن التكنولوجيا النووية التي بيعت لإيران وكوريا الشمالية كانت متاحة بحرية في الغرب.
ونقلت الصحيفة عنه قوله: "كانوا مصدر إمداد لنا ومصدر إمداد لهم...ولكل من يستطيع أن يدفع".
سيناريو الرعب: ماذا لو سرقت قنبلة نووية من باكستان؟
ومن جانبه، نفى الجيش الباكستاني تقريرا نقل عن العالم النووي عبد القدير خان قوله إن الجيش وجهاز المخابرات التابع له والرئيس برويز مشرف، كانوا يعلمون بأمر بيع مضخات طرد مركزي لكوريا الشمالية.
وقال متحدث عسكري: "أود ان أقول بصفة قاطعة إنه (تقرير) خاطء وزائف".
وأضاف قائلا إن خان يسعى زورا لتوريط مشرف وأجهزة المخابرات والجيش في الانتشار النووي.
غير أنه في فبراير/شباط من عام 2009 خففت السلطات الباكستانية القيود على خان، وقالت زوجة عبد القدير خان حينئذ إن السلطات خففت القيود على العالم النووي وسمحت له بلقاء أصدقائه خارج المنزل حيث حددت إقامته قبل 4 أعوام.
وقالت الزوجة لوكالة رويترز للأنباء في إشارة الى أكاديمية في إسلام أباد كان يرأسها عبد القدير خان في التسعينيات: "هناك تخفيف إلى الحد الذي سُمح له بالذهاب إلى أكاديمية العلوم".
وأضافت قائلة: "لكننا لا نعرف ويتعين علينا الانتظار لمعرفة إذا كان (التخفيف) مجرد مرة واحدة أم أنهم سيسمحون بذلك كقاعدة عامة".
وفي أغسطس/آب من عام 2009 أمرت المحكمة العليا في مدينة لاهور الباكستانية الحكومة برفع آخر الإجراءات العقابية بحق العالم الباكستاني عبد القدير خان، الذي اتهم بتزعم شبكة لنشر التكنولوجيا النووية.
وقبل صدور الحكم كان لزاما على عبد القدير خان أن يبلغ السلطات مسبقا بتحركاته.
وقال خان في تصريحات للصحفيين أمام منزله بعد صدور الحكم "هذا ممتاز إنه أمر يثلج الصدر ويبعث على السرور وأعتقد أن الناس الذين تورطوا في الإساءة إلى سيفهمون الرسالة ويتركوني لشأني لأعيش حياتي الخاصة بسلام كمواطن عادي".
وأضاف العالم النووي عبد القدير خان قائلا حينئذ إن محاميه أبلغه بأن قضاة المحكمة أعلنوا بصراحة حريته كمواطن في التحرك دون أي قيود.
وكانت واشنطن قد انتقدت القرار السابق بتخفيف القيود المفروضة على عبد القدير خان.
باكستان تحذّر الهند من أي هجوم ينتهك سيادتها
لماذا فتن الهنود بشارب الطيار الذي أطلقت باكستان سراحه؟
باكستان ستفرج عن الطيار الهندي الأسير في "بادرة سلام"
وفي السنوات اللاحقة، أطلق الدكتور خان حملة ضد الأمية وأنشأ مؤسسات تعليمية في ميانوالي وكراتشي.
وقال لموقع ياسباكستان دوت كوم: "أنا فخور بعملي لبلدي. لقد منح الباكستانيين شعورا بالفخر والأمن وكان إنجازا علميا عظيما".
وقد أعرب منتقدو خان، خاصة في الغرب، عن استيائهم من هذه المعاملة المتساهلة لرجل وصفه أحد المراقبين بأنه "أكبر ناشر نووي في كل العصور".
لكن بالنسبة للعديد من الباكستانيين، يظل خان رمزا للفخر، وبطلا عززت مساهمته الأمن القومي الباكستاني ضد الهند.