غداة الإنقلاب الذي نفّذه قائد الجيش
أصوات تطالب بالإفراج عن رئيس الوزراء السوداني المحتجز لدى العسكريين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخرطوم: تعالت الأصوات للمطالبة بالإفراج عن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك غداة الإنقلاب الذي نفّذه قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
تولّى البرهان السلطة بعد إعلانه الإثنين حل كافة المؤسسات وتوقيف وزراء ومسؤولين مدنيين في انقلاب علت الأصوات لتستنكره في الغرب فيما يواصل السودانيون الإحتجاج في الشارع على إخراج المدنيين من السلطة.
وفي مؤتمر صحافي، كشف الفريق أول عبد الفتاح البرهان عن أنّ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي تم توقيفه الإثنين متواجد معه في منزله.
وقال البرهان في مؤتمر الثلاثاء "رئيس الوزراء موجود معي في المنزل وليس في مكان آخر ... خشينا أن يحدث له أي ضرر". وتعهّد القائد العسكري بأنّ حمدوك سيعود إلى منزله "متى استقرّت الأمور وزالت المخاوف".
ولكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا الثلاثاء إلى "الإفراج الفوري" عن حمدوك، معرباً عن أسفه "لتعدّد" الإنقلابات و"الإقصاء الكامل" الذي ينتهجه العسكريون.
وقال غوتيريش في مؤتمر صحافي إنّ الإنقسامات الجيوسياسية الكبيرة" التي تمنع "مجلس الأمن من اتخاذ تدابير قوية" والوباء والصعوبات الإقتصادية والإجتماعية تجعل "القادة العسكريين يعتبرون أنّ لديهم حصانة كاملة، وأنّ بإمكانهم فعل ما يريدون لأنّه لن يمسّهم شيئاً".
المجتمع المدني
دان المجتمع الدولي منذ الإثنين إخراج المدنيين من السلطة وطالبت عدة دول بالإفراج عن حمدوك.
فقد ندّد الإتحاد الأوروبي الثلاثاء بالإنقلاب وهدّد بتعليق مساعدته المالية لهذا البلد في حال لم يعد العسكريون السلطة فوراً إلى الحكومة المدنية.
وحذّر وزير خارجية الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في تصريح باسم الدول الـ27 الأعضاء في التكتّل، "هذه المحاولة لتقويض الإنتقال نحو الديموقراطية في السودان، غير مقبولة. إذا لم يُعاد الوضع فوراً إلى ما كان عليه، ستكون هناك تداعيات خطيرة لالتزام الإتحاد الأوروبي، بما في ذلك دعمه المالي" للسودان.
كما دانت واشنطن "بشدة" الإنقلاب والإعتقالات التي طالت قادة مدنيين، داعية إلى العودة الفورية للحكم المدني والإفراج عن رئيس الوزراء المعتقل، كما قرّرت تعليق مساعدة مالية للسودان من 700 مليون دولار مخصّصة لدعم العملية الإنتقالية الديموقراطية.
من جهتها، دعت دول الترويكا (الولايات المتحدة وبريطانيا والنروج)، سلطات الأمن في السودان إلى "الإفراج الفوري عمّن احتجزتهم بشكل غير قانوني"، في إشارة إلى حمدوك وبعض القيادات السياسية المدنية.
وأضافت في بيان لها أنّ "تصرّفات الجيش تمثّل خيانة للثورة والعملية الإنتقالية والمطالب المشروعة للشعب السوداني".
يعقد مجلس الأمن الدولي إجتماعاً طارئاً مغلقاً بشأن السودان بعد ظهر الثلاثاء وقال دبلوماسيون إنّ أعضاء في المجلس يعتزمون مطالبة شركائهم بتبنّي إعلان مشترك، من دون الذهاب إلى حد إدانة الإنقلاب.
وصرّح دبلوماسي لفرانس برس أنّ الهدف هو الحصول على دعم جميع أعضاء المجلس، لكن موافقة روسيا والصين أمر غير مؤكّد.
اعتقال الحمدوك
أعلن البرهان الإثنين حلّ مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ في البلاد. كما تضمّنت قراراته حل جميع الكيانات النقابية والإتحادات المهنية.
والإثنين، أعلنت وزارة الثقافة والإعلام السودانية الإثنين على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك أنّ "قوة من الجيش" اعتقلت حمدوك "بعد رفضه تأييد الإنقلاب".
واعترف البرهان بقيام سلطات الأمن السودانية بتوقيف بعض السياسيين والوزراء وقال "صحيح اعتقلنا البعض وليس كل السياسيين أو كل الوزراء، ولكن كل من نشك في أنّ وجوده له تأثير على الأمن الوطني".
وأكّد البرهان أنّ العسكريين "ملتزمون بانجاز الإنتقال بمشاركة مدنية"، مشيرًا إلى أنّ مجلس السيادة "سيكون كما هو في الوثيقة الدستورية ولكن بتمثيل حقيقي من أقاليم السودان".
وكانت لجنة أطباء السودان المركزية التي قادت الإحتجاجات ضد الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، أعلنت عبر موقع فيسبوك مقتل أربعة "ثائرين بإطلاق نار من قوات المجلس العسكري الإنقلابي"، خلال احتجاجات السودانيين ضد "الإنقلاب".
تسلّم الجيش السلطة بعد أن أطاح في نيسان/أبريل 2019 نظام البشير الذي حكم السودان أكثر من ثلاثين عاماً بقبضة من حديد، بعد انتفاضة شعبية عارمة استمرت شهورًا. لكن الإحتجاجات الشعبية تواصلت مطالبة بسلطة مدنية وتخلّلتها اضطرابات وفضّ اعتصام بالقوة سقط خلاله قتلى وجرحى.
في آب/أغسطس 2019، وقّع العسكريون والمدنيّون في ائتلاف قوى الحرية والتغيير الذين كانوا يقودون الحركة الإحتجاجية، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقًا. وبموجب الإتفاق، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين (مجلس سيادة يرأسه عسكري، وحكومة يرأسها مدني)، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الإنتقالية.
وحصلت محاولة انقلاب في أيلول/سبتمبر تمّ إحباطها، لكن المسؤولين قالوا على أثرها إنّ هناك أزمة كبيرة على مستوى السلطة.
إنقسامات داخل السلطة
وبرزت إثر ذلك إلى العلن الإنقسامات داخل السلطة، لا سيما بين العسكريين والمدنيين.
نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الثقافة والإعلام السودانية المنحلّة على موقع فيسبوك بيانًا الثلاثاء يفيد بانشقاق سفراء السودان في فرنسا وبلجيكا وسويسرا وإعلان رفضهم الإنقلاب.
وقال البيان الذي نقلته صفحة الوزارة عن السفراء "ندين بأشد العبارات الإنقلاب العسكري الغاشم على ثورتكم المجيدة... وندعو الدول والشعوب المحبة للسلام إلى رفض الإنقلاب ونعلن انحيازنا التام إلى مقاومتكم البطولية التي يتابعها العالم أجمع ونعلن سفارات السودان لدى فرنسا وبلجيكا وسويسرا سفارات للشعب السوداني وثورته".
وكانت رابطة سفراء السودان أكّدت في بيان أنّها "تقف بين صفوف منظّمات الحرية والتغيير المهنية والنقابية والحزبية لإعلان الإضراب السياسي العام في كل مرافق الدولة حتى تعود الأوضاع إلى طبيعتها".
مساء الثلاثاء، تقرّر تعليق "جميع الرحلات الجوية القادمة والمغادرة من مطار الخرطوم حتى يوم 30 تشرين الأول/أكتوبر بسبب الظروف التي تمر بها البلاد" وفق ما أعلن إبراهيم عدلان مدير الطيران المدني لفرانس برس.
ومنذ صباح الإثنين، انقطع الإنترنت بشكل واسع عن البلاد، وتوجد صعوبة بالغة في إجراء مكالمات هاتفية.
وحمّل مكتب حمدوك "القيادات العسكرية في الدولة السودانية المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة رئيس الوزراء حمدوك وأسرته".
ودعا البيان "الشعب السوداني للخروج والتظاهر واستخدام كل الوسائل السلمية ... لاستعادة ثورته".
عصيان مدني
وبدوره دعا تجمّع المهنيّين السودانيين، أحد المحرّكين الأساسيين للإنتفاضة التي أسقطت البشير، في بيان على تويتر، إلى "المقاومة الشرسة للإنقلاب العسكري الغاشم". وقال "لن يحكمنا العسكر والميليشيات. الثورة ثورة شعب.. السلطة والثروة كلها للشعب".
كذلك، دعت نقابة الأطباء ونقابة المصارف إلى عصيان مدني.
وحسب مراسل فرانس برس في الخرطوم، أغلقت جميع المحال أبوابها في العاصمة، باستثناء المخابز وبعض محال البقالة.
وقطع متظاهرون في بعض أنحاء الخرطوم طرقاً وأحرقوا إطارات احتجاجاً، وحملوا الأعلام السودانية وهتفوا "لا لحكم العسكر" و"ثوار أحرار سنكمل المشوار"، بينما قطع الجيش جسوراً تربط الخرطوم بمناطق مجاورة مثل أم درمان وبحري.
وقال هشام الأمين المهندس البالغ من العمر 32 عاماً، خلال أحد الإحتجاجات لفرانس برس "لن نغادر الشوارع حتى تعود الحكومة المدنية. ولن نقبل مرة أخرى بالشراكة مع العسكر".
فيما قالت المتظاهِرة السودانية الشابة هنادي حسين وقد حملت علم السودان "لم تُحقَّق أهداف الثورة حتى الآن .. الحكم المدني الكامل".