يوم مصيري للشارع الذي يريد إثبات نفسه
مقتل متظاهر خلال احتجاجات مناهضة للإنقلاب في السودان وسط انتشار عسكري كثيف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الخرطوم: قُتل متظاهر في تظاهرة احتجاج ضد الإنقلاب العسكري في السودان فيما أطلقت قوات الأمن قنابل غاز مسيّل للدموع على المحتجّين في الخرطوم في يوم مصيري للشارع الذي يريد إثبات نفسه، وللسلطة التي سيتعيّن عليها التحلّي بضبط النفس لطمأنة المجتمع الدولي.
منذ الصباح الباكر، انتشر بكثافة في شوارع الخرطوم وأمّ درمان جنود وعناصر من قوّات الدعم السريع وأغلقوا الجسور التي تربط العاصمة بضواحيها وتتقاطع مع المحاور الرئيسيّة.
ودعا ناشطون عبر رسائل نصية ورسوم غرافيتي على الجدران، السودانيين إلى التظاهر بكثافة للمطالبة بإعادة السلطة إلى المدنيين وتجنيب البلاد الغارقة في ركود سياسي "ديكتاتورية عسكرية" جديدة.
ونزل إلى شوارع أمّ درمان، شمال غرب الخرطوم، آلاف المتظاهرين بحسب شهود عيان.
وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على عدّة مواكب في الخرطوم و"لاحقت المتظاهرين في ما بعد"، بحسب أحد الشهود.
ونزل متظاهرون آخرون إلى الشوارع في مدينة ودمدني في الجنوب وبورتسودان وكسلا في الشرق، بحسب شهود.
وتكرّرت شعارات "لا للحكم العسكري" و"الردّة مستحيلة" و"يسقط المجلس العسكري الإنقلابي" وشعارات أخرى للإحتجاج الذي أسفر قمعه عن 16 قتيلاً وأكثر من 300 جريح منذ انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر بحسب الأطباء.
ونادى متظاهرون محتجّون في باريس بالشعارات نفسها بعد ظهر السبت في ساحة الجمهورية، رفضًا للإنقلاب العسكري في السودان ومطالبةً بـ"نقل السلطة فورًا إلى المدنيين" في الخرطوم، بحسب مراسلة وكالة فرانس برس.
وقال حسن (32 عامًا) الذي كان يحمل شعار "لا للتفاوض، لا للشراكة" على لافتة "العسكريّون يريدون الحرب، ويسرقون المال".
ودعا تجمّع السودانيين في فرنسا "المجتمع الدولي وجميع شعوب العالم إلى إبداء الدعم والإنضمام إلى النضال".
إعلان حال الطوارئ
كان الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن في 25 تشرين الأول/أكتوبر حال الطوارئ في البلاد وحلّ مجلس السيادة الذي كان يترأّسه، والحكومة برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الذي أوقف لفترة وجيزة، قبل الإفراج عنه لينتقل إلى منزله حيث وُضع قيد الإقامة الجبرية.
كما أوقف معظم وزراء الحكومة من المدنيين وبعض النشطاء والسياسيّين.
ومنذ إعلان هذه القرارات، تشهد البلاد، وخصوصًا العاصمة، موجة من التظاهرات.
وشكّل البرهان الخميس مجلس سيادة انتقاليًّا جديدًا استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير، التحالف المدني المنبثق من الإنتفاضة التي أسقطت عمر البشير عام 2019.
واحتفظ البرهان بمنصبه رئيسًا للمجلس كما احتفظ الفريق أول محمّد حمدان دقلو، قائد قوة الدعم السريع المتهم بارتكاب تجاوزات إبّان الحرب في دارفور وأثناء الإنتفاضة ضد البشير، بموقعه نائبًا لرئيس المجلس. وتعهّدا أن يُجريا "انتخابات حرةّ وشفافة" في صيف العام 2023.
ولم تُرضِ الوعود المعارضة التي هزّتها مئات الإعتقالات التي استمرّت السبت، بحسب ما أكّدت النقابات ومنظّمات مؤيّدة للديمقراطية.
وخلال الإنقلاب الذي دانه المجتمع الدولي، علّق البرهان مواد عدّة من الإعلان الدستوري من المفترض أن تؤطر الإنتقال إلى انتخابات حرة. وأعاد إدخالها الخميس لكن بعد إزالة كل الإشارات إلى قوى الحرية والتغيير.
تعزيز هيمنة الجيش
ويرى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية جوناس هورنر "الآن بعد وقوع الإنقلاب، يريد الجيش تعزيز الهيمنة على السلطة".
ويضيف أنّه في مواجهة العسكر، "المعارضة المدنية للإنقلاب ممزّقة ومنقسمة"، في ظلّ انقطاع شبكة الإنترنت وخطوط الإتصالات حتى بعد ثلاثة أسابيع على الإنقلاب.
ويبدو أنّ المنظّمات المؤيّدة للديموقراطية التي نجحت في حثّ السودان على إسقاط عمر البشير لم تتمكّن من إطلاق شبكة عصيان واسعة في واحدة من أفقر دول العالم.
واعتبر موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرثيس أنّ "التسمية الأحادية الجانب لمجلس السيادة من قبل الفريق أوّل البرهان تجعل العودة إلى الإلتزامات الدستورية" لعام 2019 أكثر صعوبة.
وكتب في تغريدة أنّ الأولوية السبت هي "أن تتحلّى قوات الأمن بأكبر قدر من ضبط النفس وتحترم حرية التجمّع والتعبير".
حمدوك قيد الإقامة الجبرية
ولا يزال رئيس الوزراء المخلوع عبدالله حمدوك قيد الإقامة الجبرية. ولم يفرج الجيش سوى عن أربعة وزراء رغم دعوات شبه يومية من المجتمع الدولي للعودة إلى حكومة ما قبل 25 تشرين الأول/أكتوبر الإنتقالية.
وأعلن البرهان قبل أيام عن تشكيل "وشيك" لحكومة جديدة بدلًا من حكومة حمدوك، إلّا أنّ لا شيء ملموسًا حتى الآن، علمًا أنّ أعضاء مجلس السيادة الجديد لا يمثّلون جبهة موحدة.