أخبار

اتفاقية تسهل المساعي الدبلوماسية في المنطقة

الإمارات تموّل اتفاق طاقة ومياه بين إسرائيل والأردن

محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في الأردن
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من بيروت: في 22 نوفمبر، توقع إسرائيل والأردن والإمارات اتفاقية تاريخية للطاقة مقابل المياه. ويمكن للاتفاق الثلاثي الجديد أن يسلّط الضوء على الكيفية التي يمكن للأطراف العربية في "اتفاقات إبراهيم" تسهيل العديد من مجالات التعاون في العلاقات الإسرائيلية-الأردنية والإسرائيلية-المصرية.

يقول غيث العمري، وهو زميل أقدم في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وسايمون هندرسون، وهو "زميل بيكر" في المعهد نفسه ومدير برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة، في مقالة لهما نشرها موقع معهد واشنطن، إن هذه الاتفاقية تاريخية للطاقة مقابل المياه، "وبموجب شروطها الافتراضية، سيتمّ بناء محطة للطاقة الشمسية في الأردن لتوفير الكهرباء لمحطة تحلية مياه إسرائيلية، والتي بدورها سترسل المياه إلى الأردن. ومن المتوقع أن يحضر حفل التوقيع مبعوث الولايات المتحدة لشؤون المناخ جون كيري".

وبحسبهما، يساعد الاتفاق في تلبية حاجة الأردن الملحة للمياه مع إرسال المزيد من الكهرباء إلى إسرائيل بطريقة تتماشى مع مخاوف تغير المناخ الإقليمي. التفاصيل الكاملة حول المشروع ليست متوافرة بعد، لكن التقارير المنشورة تطرح أسئلة عملية. وفيما يتخطى الجانب العملي، يمكن للاتفاق أن يسهّل الأهداف الدبلوماسية المهمة ويشكل نموذجاً لدمج الجيل الأول من صانعي السلام العرب - الأردن ومصر - مع الدول التي انضمت إلى "اتفاقات إبراهيم".

كسر الجمود

يقول العمري وهندرسون إنه على الرغم من أن العلاقات الأمنية بين الأردن وإسرائيل قد نمت بشكل قوي بعد معاهدة السلام الموقعة عام 1994، "فإن العلاقات على الصعيد المدني - سواء بين الحكومتيْن أو الشعبين - بقيت باردة، وأسفرت العلاقات الاقتصادية عن بعض الصفقات الثنائية، مثل الاتفاقية التي يشتري الأردن بموجبها الغاز الطبيعي الإسرائيلي من حقل ليفياثان البحري. مع ذلك، واجهت مثل هذه الصفقات عموماً معارضة سياسية كبيرة في المملكة الهاشمية".

حالياً، تتعافى العلاقات من أدنى مستوياتها التي وصلت إليها في عهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو. ولكن، حتى في أفضل حالاتها خلال تسعينيات القرن الماضي، بقيت العلاقات محدودة. ونتيجةً لذلك، عجزت معاهدة السلام عن معالجة العديد من التحديات المشتركة مثل التغير المناخي ونقص المياه والطلب على الكهرباء. وتشبه ديناميكية "السلام البارد" هذه النمط الذي نشأ بعد توقيع مصر وإسرائيل على معاهدة سلام.

وفي المقابل، حين قادت الإمارات التوقيع على "اتفاقات إبراهيم" في العام الماضي، بدت كأنها تبشر بمقاربة جديدة إزاء اتفاقات السلام العربية-الإسرائيلية. كونها غير مثقلة بتاريخ من الصراعات المباشرة التي قوّضت علاقات الأردن ومصر مع إسرائيل. وبحسب الكاتبين، أحرزت العلاقات المدنية بين الإمارات وإسرائيل تقدماً كبيراً في فترة زمنية قصيرة، بناءً على سجلهما القائم من الروابط السرية. ففي عام 2009 على سبيل المثال، فازت الإمارات باستضافة "الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة" بشرط أن تسمح لإسرائيل - الدولة العضو في الوكالة - بإنشاء مكتب تمثيلي في الإمارات على الرغم من واقع عدم قيام الدولتين بعد بالاعتراف بشكل رسمي ببعضهما البعض. واليوم، وقعتا الإمارات وإسرائيل اتفاقات في المجالات التجارية والسياحية والطبية والثقافية وغيرها.

وحين تمّ الإعلان للمرة الأولى عن مبادرة السلام الإماراتية-الإسرائيلية العام الماضي، أثّرت المبادرة مباشرة على قضية تشكّل مبعث قلق كبير في المنطقة، وهي وقف الخطط الإسرائيلية لضمّ أجزاء من الضفة الغربية. غير أنه في وقت لاحق، ركّزت مبادراتهما الثنائية إلى حد كبير على القضايا الثنائية. ورغم أن تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل جلب عدداً قليلاً من الأطراف الأخرى إلى "اتفاقات إبراهيم"، إلا أنه لم يؤثر كثيراً على علاقات القدس مع جيرانها العرب المباشرين. وقد يمثل الاتفاق الجديد مع الأردن خطوة نحو تغيير ذلك النمط.

مياه وطاقة

في السنوات الأخيرة، أدى تغير المناخ وتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى تفاقم نقص المياه الحاد في الأردن. فهذا العام وحده، جفّت ستة من خزانات السدود الأربعة عشر في البلاد مع انخفاض هطول الأمطار إلى 60 في المائة من متوسطها السنوي. وبموجب معاهدة السلام، تنقل إسرائيل 50 مليون متر مكعب من المياه إلى المملكة سنوياً، وتبيعها أحياناً كميات إضافية، حسب الحاجة (على سبيل المثال، 50 مليون متر مكعب إضافية هذا العام)، بحسب العمري وهندرسون.

يأتي الإعلان الجديد عن الطاقة الشمسية مقابل المياه في وقت تجري فيه العديد من المبادرات الأخرى المتعلقة بالطاقة على قدم وساق في الشرق الأوسط. ففي 11 نوفمبر، وقعت سوريا اتفاقية مع شركات إماراتية لبناء محطة للطاقة الشمسية بالقرب من دمشق. وفي أكتوبر، وافق الأردن على تزويد لبنان بالكهرباء عبر سوريا.

بالمثل، أعلنت مصر في سبتمبر أنها ستزوّد لبنان بالغاز الطبيعي عبر الأردن وسوريا. يُذكر أن لهذه الترتيبات مضاعفات سياسية واقتصادية وفنية أكثر مما تخلفه الاتفاقية الإسرائيلية-الأردنية-الإماراتية، كما سيتم تحليله في دراسة قادمة لمعهد واشنطن.

التفاصيل والتحديات

وفقاً للتفاصيل غير الرسمية التي نشرتها بوابة الأخبار الإسرائيلية "والّا"، ينص الاتفاق على تشغيل محطة الطاقة الشمسية الأردنية بحلول عام 2026 وإنتاج 2 في المائة من الطاقة في إسرائيل بحلول عام 2030، مما يشير إلى طاقة بقدرة 460 ميغاواط. ويبدو أن إسرائيل ستدفع 180 مليون دولار سنوياً، على أن يتم تقسيمها بين الأردن والإمارات، لكن من غير الواضح الثمن الذي ستدفعه إسرائيل مقابل بناء قدرة إضافية لتحلية المياه وإرسال المزيد من المياه إلى الأردن.

لا تفاصيل متاحة بشأن طرق إمداد الكهرباء أو المياه، لكن على الأرجح سيتم دمجها بالكامل في الشبكات القائمة في إسرائيل.

ووفقًا لمقالة العمري وهندرسون في موقع معهد واشنطن، تكتسي التفاصيل الفنية أهمية لأن عدم سيرها على الوجه الأكمل قد قوّض صفقات سابقة وإمكاناتها الدبلوماسية. فهذا الأسبوع على سبيل المثال، دعت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار إلى إلغاء اتفاق قد يتمّ بموجبه نقل المنتجات النفطية الإماراتية باستخدام خط أنابيب عبر إسرائيل يمتد من ميناء إيلات الجنوبي إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، مشيرة إلى مخاوف بيئية. وبالمثل، أسفرت التأخيرات والخلافات التي أدّت إلى إلغاء مشروع نقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت عن توترات دبلوماسية بين الأردن وإسرائيل.

التداعيات الدبلوماسية

يعزز الاتفاق الجديد هدفيْن من أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة: معالجة التغير المناخي وتعزيز "اتفاقات إبراهيم". ورغم أن الاتفاق نابع عن الطرفين المعنيين، إلا أن المسؤولين الأميركيين - وخاصة كيري - لعبوا دوراً مهماً في تسهيل إبرامه.

وما أن يتمّ تنفيذه، يمكن للاتفاق أن يعزز استقرار الأردن من خلال معالجة النقص الحاد في المياه وتقديم المساعدة للحكومة التي تعاني من ضائقة مالية. فإسرائيل والإمارات والولايات المتحدة، جميعها تعتبر المملكة الهاشمية حليفاً وتستثمر في استقرارها.

كما يكشف الاتفاق عن سبل إضافية للبناء على "اتفاقات إبراهيم". وحتى الآن، ركّز معظم النشاط الدبلوماسي المحيط بالاتفاقات على إضافة دول جديدة إليها أو تعميق العلاقات الثنائية بين إسرائيل وشركائها الجدد. يجب أن تستمر هذه الجهود، ولكن اتفاق الطاقة الشمسية/المياه يُظهر كيف يمكن لـ"اتفاقات إبراهيم" أن تعمّق في الوقت نفسه علاقات إسرائيل مع الجيل الأول من صانعي السلام العرب.

ومن خلال الاتفاق الثلاثي الأطراف، لن توفر الإمارات كل الموارد المالية المهمة فحسب، بل ستساعد أيضاً في استحداث سياق يمكن في إطاره أن تمضي العلاقات الأردنية-الإسرائيلية قدماً في بيئة سياسية أقلّ احتداماً. إن انتقاد إسرائيل أمر شائع في وسائل الإعلام الأردنية، لكن المعلقين يميلون إلى أن يكونوا أكثر حذراً عند محاورة دولة عربية صديقة مثل الإمارات، التي تُعتبر أقرب حليف خليجي لعمّان. ويمكن أن ينطوي دور أبوظبي على تأثير مماثل على المشهد المحلي الإسرائيلي.

روابط مدنية ثنائية

رغم أن إسرائيل لطالما كانت حريصة أكثر من الأردن على تطوير روابط مدنية ثنائية، إلا أن مؤشرات التسييس ظهرت هناك أيضاً. فعلى سبيل المثال، انتقد نتنياهو مؤخراً قرار الحكومة الحالية بيع المزيد من المياه إلى عمّان. ويمكن أن يؤدي وضع العلاقة الثنائية في إطار "اتفاقات إبراهيم" - التي تحظى بشعبية كبيرة في إسرائيل - إلى إضعاف بعض هذا التسييس.

ويختم العمري وهندرسون بالقول إنه يمكن الاتفاق الثلاثي الجديد أن يسلّط الضوء على الكيفية التي يمكن الأطراف العربية في "اتفاقات إبراهيم" تسهيل العديد من مجالات التعاون في العلاقات الإسرائيلية-الأردنية (والإسرائيلية-المصرية).

إلا أن ذلك رهن بتفاصيله النهائية. ويبدو أن عمّان والقاهرة والقدس مستعدة لإحراز مثل هذا التقدم، كما أن الدول المشاركة في "اتفاقات إبراهيم" تُظهر استعدادها للمساعدة في هذا الصدد. وتنبثق عن هذه الديناميكية أيضاً فرصة للدبلوماسية الأميركية لكي تدعم شرق أوسط أكثر تعاوناً، كما يتبيّن من مشاركة كيري.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الإمارات تنظر للمستقبل
زارا -

الإمارات قد تكون الامل الوحيد لكل دول المنطقة, في كثير من الامور ومنها تحسين المناخ.الف الف رحمة على الشيخ زايد، انه القائد العربي الحقيقي الوحيد.

هوية القدس
د. خالد حسنين -

تحية لمحرر موقع ايلاف، أعلم أن موقع إيلاف يتبنى سياسة عدم الاعتراف بالخطوة الأميركية المنفردة باعتبار القدس عاصمة لدولة الكيان الغاصب، وأن جميع الدول العربية رفضت ذلك، ولكن يبدو أن التحليل أعلاه أشار في عدة مواقع إلى اعتراف ضمني (غير مقصود بالتأكيد) بأن القدس عاصمة للكيان، ومثال ذلك الفقرة الأخيرة التي ورد فيها نصا ما يلي: " ويبدو أن عمّان والقاهرة والقدس مستعدة لإحراز مثل هذا التقدم..." فأرجو التوضيح، شاكرا لكم جهدكم.