صراع مرير يمزق هذا البلد منذ سنوات
كأس الأمم الأفريقية: قصة التمرد الذي يلقي بظلاله على المنافسات في الكاميرون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فيما يتألق مجموعة من لاعبي كرة القدم الصغار وهم يتعرقون خلال لعبهم في وقت متأخر من فترة الظهيرة، تثير أحذيتهم سحبا صغيرة من الغبار أثناء العدو.
هم يلعبون على مرمى حجر من الأمواج الرائعة للمحيط الأطلسي، وفي ظل القمة المثلثة لجبل الكاميرون.
تعرف على "أمبازونيا" التي تسعى للانفصال عن الكاميرون؟
"حرب اللغة" تحرم أطفال الكاميرون من التعليم
كما أنهم متحمسون بشكل واضح لأن مدينتهم ليمبي تستضيف مباريات كأس الأمم الأفريقية (أفكون) التي انطلقت فعالياتها يوم الأحد الماضي.
ويقول إريك: "إنه لمن دواعي السرور الكبير لنا نحن الكاميرونيين أن نرحب بأشخاص من بلدان أخرى في هذه البطولة الرائعة".
بينما يقول فريدريك، الذي يلعب كحارس مرمى لأحد أفضل الفرق في ليمبي إنه لا يطيق الانتظار حتى يلقي نظرة على نجوم الدوري الإنجليزي الممتاز مثل المصري محمد صلاح والسنغالي ساديو ماني.
وهو حتى الآن لم يتمكن من مشاهدتهما إلا على شاشة التلفزيون.
ومضى يقول:"ربما يمكنني التحدث معهما، والترحيب بهما، سأكون سعيدا جدا".
ومدينة ليمبي هي الوحيدة في مناطق الكاميرون الناطقة باللغة الإنجليزية التي تستضيف مباريات كأس الأمم الأفريقية، ومثلما يلوح جبل الكاميرون فوق أرضية ملعب إريك وفريدريك، هناك ظل كئيب يخيم على البطولة هنا.
فمنذ ما يقرب من 5 سنوات، تمزقت مناطق الكاميرون الناطقة بالإنجليزية بسبب الحرب الأهلية.
وكان الفرنسيون والبريطانيون قد قاموا بتقسيم الكاميرون، وترك هذا الإرث الاستعماري فجوة لغوية.
وشكا الناطقون بالإنجليزية، لعقود بعد الاستقلال، من تهميشهم مع تركز القوة السياسية والاقتصادية في أيدي الأغلبية الناطقة بالفرنسية.
وقاد المحامون والمعلمون في عام 2016 حركة احتجاجية سلمية في مناطق الكاميرون الناطقة بالإنجليزية، فتم القبض على العديد منهم وفي غضون بضعة أشهر كانت المنطقة في حالة حرب.
"الجحيم على الأرض"لا أحد يعرف بالضبط عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم، على الرغم من اتهام كل من الجماعات الانفصالية والقوات الحكومية بارتكاب فظائع.
ولقد تم إجبار أكثر من مليون شخص على ترك منازلهم.
أحداث "غير تقليدية" في كأس الأمم الإفريقية تثير جدلا واسعا
جدل متواصل بشأن كأس الأمم الإفريقية وأبو تريكة يتهم الفيفا بـ "احتقار" البطولة
مهاجم إنجلترا السابق إيان رايت: بطولة كأس أمم أفريقيا "لا تحظى بالاحترام المطلوب"
ويقول أكامي كينغسلي نغول، الذي كان يدير مدرسة في مونيينغ الواقعة في شمال ليمبي: "كان الأمر أشبه بالجحيم على الأرض"، وقد اضطر إلى الفرار عندما بدأ الرصاص ينهمر.
وتابع قائلا: "احترق كل شيء كنت أمتلكه، منزلي وكل شيء آخر".
وبعد عودة معظم المدرسين والتلاميذ إلى ليمبي، عادت المدرسة للعمل مرة أخرى وإن كان ذلك في مكان مستأجر حيث تجعل الجدران الخشبية في الطابق الأرضي من المبنى المكون من ثلاثة طوابق ذلك المبنى يبدو وكأنه حل مؤقت.
وتعين على المعلمين التعامل مع العديد من الصعوبات، بما في ذلك الطلاب الذين فاتتهم سنوات عديدة من التعليم.
ولم يعد أحد يذهب إلى المدرسة. ومثل معظم سكان الكاميرون في المناطق الناطقة بالإنجليزية، تحولت ليمبي إلى ما يُعرف هنا باسم "مدينة الأشباح" بسبب تهديدات الجماعات الانفصالية بمهاجمة أي شخص يذهب إلى العمل أو المدرسة.
وتعرضت مدارس أخرى في المنطقة للهجوم حيث قُتل تلاميذ ومدرسون.
و ليس ذلك كل شئ. يشعر الشاب أوغسطين أكوا بالسعادة لأنه وجد مكانا آمنا في مدينة ليمبي، لكنه يقول إنه والعديد من الطلاب النازحين الآخرين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم "فشراء الكتب المدرسية صعب، حتى الحصول على ما يكفي من الطعام، فهذه هي الصعوبات التي نواجهها".
من هو "الخليفة" الأفريقي الذي أعادت فرنسا سيفه؟
هل انتقل مسلحو القاعدة والدولة الإسلامية إلى بوركينا فاسو؟
لكن ذلك لم يمنعه من متابعة دراسته، وهو يحلم بأن يصبح مهندس بترول حتى يتمكن من إعالة أسرته.
ولقد وجدت تصميما مماثلا لدى النازحين الذين التقيت بهم في مدينة ليمبي، فهم مصممون على تحسين حياتهم.
ومثال آخر هي رينغنويو لوفيتا نغالا التي أنشأت خدمة نظافة غود غريس كلينينغ سيرفيس لمنح النازحين مثلها فرص العمل في التنظيف وغسيل الملابس وإزالة الأعشاب الضارة والزراعة وغيرها من الخدمات.
وفي الشهر الجيد، يمكن للناس أن يكسبوا أكثر من 40 دولارا، وهو ليس بالمبلغ الكبير ولكنه يكفي لدفع الإيجار أو الرسوم المدرسية.
ويأمل الكثيرون في أن تجلب كأس الأمم الأفريقية القليل من الراحة من مخاوفهم اليومية.
وليس فقط أولئك الذين شردهم الصراع في المناطق الناطقة بالإنجليزية هم الذين يشعرون بآثاره.
ففي فندق سيما بيتش، وهو مبنى قديم مترامي الأطراف يقع بجوار البحر مباشرة، اضطروا إلى تسريح 80 في المئة من موظفيهم في السنوات الأخيرة، وذلك بسبب الأزمة ووباء كوفيد.
كل ما تريد معرفته عن كأس الأمم الأفريقية وأبرز الفرق المشاركة
وقد تجلب كأس الأمم الأفريقية الوفود والمشجعين إلى الفنادق وتبقي الأسواق نشطة، لكن ماذا سيحدث بعد البطولة؟
وهناك أيضا سؤال حول ما إذا كانت ممارسة مباريات كأس الأمم الأفريقية في ليمبي أمرا خطيرا.
فالانفصاليون لا يريدون أن تقام البطولة هنا وهددوا بتعطيلها.
اعترف إينغامبا إيمانويل لودو، وهو مسؤول رفيع المستوى في الكاميرون، بأن قنبلة انفجرت مؤخرا. وعلى الرغم من عدم إصابة أحد، لكنه قال إن السلطات ستبقي الفرق والمشجعين في أمان تام خلال البطولة.
وكجزء من هذا الجهد، يمكن رؤية جنود مدججين بالسلاح من وحدة النخبة، لواء التدخل السريع، وهم يقومون بدوريات في شوارع مدينة ليمبي.
ويعتقد فيليكس أغبور بالا، المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان والذي كان من أبرز الأصوات المناهضة للتهميش في المرحلة السلمية من النضال، أن الحكومة والانفصاليين يفتقدون المرونة.
تنظيم الدولة الإسلامية "نقل" مركز ثقله إلى قلب القارة الأفريقية
حكاية الجماعة التي تحرم التصويت في الانتخابات أو ارتداء السراويل
ويقول بالا إن على الانفصاليين إعلان وقف لإطلاق النار خلال البطولة، ويجب على الحكومة إطلاق سراح السجناء بمن فيهم الزعيم الانفصالي أيوك تاب.
وحتى الآن يبدو أن هناك القليل من الدلائل على حدوث ذلك، فهناك القليل من المؤشرات على أن الجانبين يثقان ببعضهما البعض بما يكفي للانخراط في نوع من المناقشات اللازمة لإنهاء الأزمة.
ويشير ناشطون مثل إستر نغومو أومام إلى أنه بينما يتقاتل الرجال فإن النساء والأطفال هم الأكثر معاناة.
وتأمل السلطات في أن تتمكن كأس الأمم الأفريقية من جمع الناس معا، وحتى أولئك الذين يشككون في الحكومة المركزية قد يذهبون إلى الملعب في ليمبي لمشاهدة ألمع نجوم كرة القدم في القارة.
ومع ذلك، سوف يستغرق الأمر أكثر من ذلك بكثير لتضميد جراح السنوات القليلة الماضية.
الإرث الاستعماري الفريد للكاميرون• استعمرتها ألمانيا عام 1884
• القوات البريطانية والفرنسية تجبر الألمان على المغادرة عام 1916
• انقسمت الكاميرون بعد 3 سنوات حيث ذهبت 80 في المئة من مساحتها إلى الفرنسيين و 20 في المئة إلى البريطانيين
• حصلت الكاميرون التي تديرها فرنسا على استقلالها عام 1960
• بعد استفتاء عام 1961، تم تقسيم الأراضي البريطانية حيث صوت جنوب الكاميرون للانضمام إلى الكاميرون، بينما انضم شمال الكاميرون إلى نيجيريا الناطقة باللغة الإنجليزية
أبرز المحطات في تاريخ الكاميرون 1520 - أنشأ البرتغاليون مزارع قصب السكر ودشنوا تجارة الرقيق في الكاميرون. القرن السابع عشر - استولى الهولنديون على تجارة الرقيق من البرتغاليين. 1884 - أصبحت الكاميرون مستعمرة ألمانية. 1911 - بموجب معاهدة فاس، الموقعة لتسوية أزمة أغادير حول الصراع الفرنسي الألماني على المغرب، تنازلت فرنسا عن أراضيها في الشرق والجنوب لألمانيا. 1916 - القوات البريطانية والفرنسية تجبر الألمان على مغادرة الكاميرون. 1919 - إعلان لندن يقسم الكاميرون إلى مناطق إدارية فرنسية (80 في المئة) وبريطانية (20 في المئة). وتنقسم المنطقة البريطانية إلى شمال وجنوب الكاميرون. 1960 - حصلت الكاميرون الفرنسية على استقلالها وأصبحت جمهورية الكاميرون، وكان أحمدو أهيجو أول رئيس للبلاد.