أخبار

بعد معركة ضد الجهاديين استمرت تسع سنوات

باريس تمهل نفسها أسبوعين للبت في مستقبل وجودها في مالي

جنود فرنسيون في تمبكتو قبل ساعات على تسليم الجيش المالي معسكر برخان في 14 ديسمبر 2021
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس: في مواجهة مجلس عسكري معادٍ لها، حددت فرنسا مهلة لنفسها مدّتها أسبوعين لإعادة النظر في مستقبل تواجدها في مالي، بعد معركة ضد الجهاديين استمرت تسع سنوات، وقد نجحت أخيرا باريس في كسب شركائها الأوروبيين للوقوف إلى جانبها فيها.

وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية غابرييل آتال أن الدول الشريكة في التجمع الأوروبي للقوات الخاصة "تاكوبا" الذي أنشئ في 2020 بمبادرة من فرنسا لتشارك العبء، ستعمل "حتى منتصف شباط/فبراير للتفكير في تكييف" انتشارها في مالي نظرا "للعزلة التدريجية" لهذا البلد.

وأضاف لمحطة "فرانس انفو" غداة إعلان طرد السفير الفرنسي ردا على تصريحات اعتبرت "معادية" من جانب مسؤولين فرنسيين، أن "الوضع لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه. من الآن وحتى منتصف شباط/فبراير سنعمل مع شركائنا لمعرفة ما هو التغير في تواجدنا في المكان" و"التفكير في تكيف".

يشكل هذا القرار ذروة التوتر بين باماكو وفرنسا، القوة المستعمرة سابقا لمالي، والتي لا تزال تنشر أكثر من أربعة آلاف جندي في منطقة الساحل اكثر من نصفهم في مالي رغم تخفيف انتشارها الذي بدأته الصيف الماضي وتم تعويضه بوصول تعزيزات أوروبية.

ردا على سؤال لمعرفة ما اذا ستنسحب القوات الفرنسية من مالي، أشار الناطق باسم الحكومة الى ان باريس "خفضت تدريجيا تواجدها وستواصل القيام بذلك".

في الواقع تجري محادثات مكثفة في الكواليس بين الأوروبيين منذ قرار المجلس العسكري الأخير المطالبة بانسحاب كتيبة القوات الخاصة الدنماركية التي جاءت لتعزيز قوة تاكوبا، وتضم 800 عسكري في مالي.

وأعلنت وزيرة الدفاع الدنماركية ترين برامسن الجمعة أن "الدول ستتخذ في الأيام الـ14 المقبلة قرارا حول ما يجب ان تكون عليه الحملة المقبلة لمكافحة الارهاب في الساحل" فيما تعتمد قوة تاكوبا، رمز أوروبا الدفاعية التي يطالب بها الرئيس ايمانويل ماكرون، اليوم على حسن نية باماكو لكي تكون موجودة.

وفرنسا التي تقود منذ 2013 تدخّلاً عسكرياً في مالي ومنطقة الساحل، تدهورت علاقتها مع مالي منذ تولى العسكريون السلطة في آب/أغسطس 2020 في هذا البلد الغارق منذ العام 2012 في أزمة أمنية وسياسية عميقة.

وتأزمت العلاقات بين البلدين أكثر في أيار/مايو 2021 إثر انقلاب ثان نفّذه الضباط أنفسهم لتعزيز قبضتهم على البلاد.

وتفاقم التوتر بشكل أكبر منذ أن تراجع المجلس العسكري بقيادة الكولونيل أسيمي غويتا عن التزامه الأولي بإجراء الانتخابات في 27 شباط/فبراير في خطوة ردّت عليها في 9 كانون الثاني/يناير منظمة دول غرب إفريقيا بفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية صارمة على هذا البلد. ويعتزم المجلس العسكري البقاء في السلطة لسنوات.

كما تشعر فرنسا وحلفاؤها الأوروبيون بالقلق من استعانة المجلس العسكري، بحسب قولهم، بمرتزقة شركة فاغنر الروسية المعروفة بقربها من الكرملين والمتّهمة بارتكاب انتهاكات في جمهورية إفريقيا الوسطى وبمشاركتها في حروب أخرى. لكنّ المجلس العسكري ينفي أي نيّة له بالاستعانة بخدمات فاغنر.

في خضم الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي وقبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي سيترشح فيها إيمانويل ماكرون مرة أخرى بدون شك، سيشكل الانسحاب المسرع من مالي بعد تسعة أعوام من التزام كلف خسارة 48 جنديا فرنسيا (53 في منطقة الساحل) نكسة كبرى. لكن موقف المجلس العسكري يزيد من صعوبة تجنب هذا السيناريو بحسب العديد من المراقبين.

وكتب الكولونيل الفرنسي المتقاعد رافاييل برنار مؤلف كتاب نشر في تشرين الثاني/نوفمبر تحت عنوان "في قلب برخان" بحسب اسم عملية مكافحة الجهاديين الفرنسية في منطقة الساحل، على تويتر "هل ما زال بإمكان جندي فرنسي أن يخاطر بحياته من أجل حماية دولة فاشلة تطرد سفيره؟".

لكن الخروج من مالي لن يكون بدون صعوبة. سيستغرق فك ارتباط الجنود الفرنسيين المتواجدين بقوة في قواعد في غاو وميناكا وغوسي عدة أشهر لكي ينظم بحسب هيئة الأركان. من جانب آخر، فإن نقل قوة تاكوبا قد يشكل معضلة، فالنيجر المجاورة أعلنت انها لن تستضيف هذه القوة. اما بوركينا فاسو، فقد شهدت انقلابا للتو.

سيفيد الفراغ الذي ستخلفه القوات، أيضا الحركات الجهادية التابعة، بحسب المناطق، لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية، والتي لا تزال تحظى بقوة شنّ هجمات رغم القضاء على العديد من قادتها.

فيما امتدت أعمال العنف إلى بوركينا فاسو والنيجر وكذلك إلى شمال ساحل العاجل وبنين وغانا، تعتزم فرنسا رغم ذلك الاحتفاظ بتواجدها في المنطقة عبر تعزيز أنشطة التعاون بحسب ما أفادت مصادر متطابقة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف