أخبار

تبقي الكثير من معطياتها الاستخبارية طي الكتمان

أزمة أوكرانيا: واشنطن تدافع عن تحذيراتها التهويلية

بلينكن وبوريل خلال مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية في واشنطن في 7 فبراير 2022
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن: دافعت الولايات المتحدة عن صدقية التحذيرات التي وجّهتها بشأن خطر تعرّض أوكرانيا لغزو روسي، مؤكّدة أنّ مواقفها حيال هذه الأزمة ليست "تهويلية" حتى وإن أبقت الكثير من معطياتها الاستخبارية المتعلّقة بهذه المسألة طيّ الكتمان.

وشدّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على أنّ ما تدلي به بلاده " ليس تهويلاً، إنّها بكل بساطة حقائق"، وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الإثنين.

ومنذ الخريف، تحذّر واشنطن من تعزيزات عسكرية ضخمة لروسيا عند حدودها مع أوكرانيا، متهمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتخطيط لاجتياح أراضي جارته الغربية، الجمهورية السوفياتية السابقة.

وفي الأيام الماضية، سرّبت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تقييماً استخبارياً للوضع الراهن عند الحدود الروسية-الأوكرانية، مفاده أنّ روسيا بنحو 110 آلاف عنصر من قواتها إلى حدودها مع أوكرانيا، ما يشكّل نحو 70 بالمئة من القوة اللازمة (150 ألفاً) لشنّ غزو واسع النطاق لهذا البلد، وفق تقييم الاستخبارات الأميركية.

الا أنّ معنيين بهذه الأزمة سعوا إلى التقليل من شأن هذا التحذير.

وكتب وزير خارجية أوكرانيا ديمترو كوليبا على تويتر "لا تصدقوا التوقّعات المدمّرة. عواصم مختلفة لديها سيناريوهات مختلفة لكنّ أوكرانيا مستعدة لأيّ تطوّر".

وفي ما يعدّ تنازلاً محدوداً، تراجع البيت الأبيض الأسبوع الماضي عن اعتبار الاحتياج أمراً "وشيكاً"، وذلك بعدما أبدت دول أوروبية امتعاضها من اللهجة الأميركية المتعلّقة بالأزمة الأوكرانية.

وقال وزير الخارجية الأوروبي جوزيف بوريل أواخر كانون الثاني/يناير "نعرف جيّدًا درجة التهديد والطريقة التي يجب التصرف من خلالها. يجب تجنّب اللعب بأعصابنا وردود الفعل المثيرة للقلق التي تؤدّي حتى إلى تداعيات مالية".

الا أنه بدا أقرب إلى الموقف الأميركي خلال مؤتمره الصحافي مع بلينكن الإثنين.

وردّاً على سؤال بشأن تحذيرات الولايات المتحدة من غزو وشيك، قال بوريل "أنا أتشارك معها القلق الشديد" من هذا التهديد، مضيفاً "نحن نعيش، برأيي، اللحظة الأكثر خطورة على أمننا منذ انتهاء الحرب الباردة".

وأضاف "تمّ حشد 140 ألف جندي على الحدود، ليسوا هناك لاحتساء الشاي!".

ورأت أستاذة الشؤون الدولية في جامعة "نيويورك نيو سكول" نينا خروتشيفا، أنّ واشنطن تخاطر برفعها منسوب التحذير إلى هذا الحدّ.

وأوضحت لوكالة فرانس برس أنّ "المشكلة مع صدقية الأميركيين هي أنّهم يتحدّثون منذ ثلاثة أشهر عن قرب حصول الاجتياح".

وأضافت "نعلم أنّ المعطيات الاستخبارية الأميركية ليست مثالية دائماً، و(نعلم) أيضاً أنّه غالباً ما يتمّ نسجها لتناسب غايات سياسية".

وعدّدت الأستاذة الجامعية سلسلة أمثلة على ذلك، منها التقارير الاستخبارية الأميركية عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل لتبرير غزوه في 2003، وفشل وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" في توقّع الانهيار السريع للحكومة الأفغانية أمام حركة طالبان بعد انسحاب القوات الأميركية.

وعكس المؤتمر الصحافي اليومي لوزارة الخارجية الخميس الماضي بعضاً من الانزعاج لدى قسم من الإدارة في واشنطن. وهذا المؤتمر الذي جاء بعد تأكيد واشنطن حيازتها أدلّة على أنّ موسكو تخطّط لتصوير اعتداء أوكراني زائف على روسيا لتوفير ذريعة للاجتياح، تخلّله نقاش حادّ بين المتحدث باسم الخارجية نيد برايس ومندوبي المؤسّسات الإعلامية.

وتفادى برايس ضغوط الصحافيين لعرض أدلّة واشنطن على وجود مخطط كهذا، مكتفياً بالقول إنّ مصدر المعلومات هو الاستخبارات الأميركية، وإنّ قرار كشف هذه المعطيات يدلّ على الثقة بصدقيتها.

وقال لأحد الصحافيين خلال نقاش متوتر معه "اذا أردت أن تشكّك بصدقية الحكومة الأميركية أو الحكومة البريطانية أو حكومات أخرى، وتريد أن تجد العزاء في معلومات يوفّرها الروس...".

وأبدت خروتشيفا تفهّمها لغياب التفاصيل بشأن المعطيات، موضحة أنّ "هذه معلومات استخبارية، وبالتأكيد الأدلّة الاستخبارية لا ينبغي كشفها، وبالعادة لا يتمّ كشفها".

وأضافت "من الممكن بطبيعة الحال أن يكون الروس يحضّرون لعملية (زائفة) أو لنوع من حملة دعاية، حملة معلومات زائفة"، معتبرة أنّ الافراط في التهويل إزاء أمر ما لا يعني بالضرورة أنّ هذا الأمر لن يحصل "بل عليك أن تأخذ احتياطاتك إلى أيّ مدى ولأيّ فترة زمنية" ستواصل التحذير.

وفي مواجهة هذه الانتقادات، حاولت واشنطن أن تشرح موقفها، لكن من دون أن تكشف كلّ ما في حوزتها.

وقال بلينكن الإثنين إنّ "الترياق الأفضل في مواجهة الأخبار الزائفة هو المعلومات، وهذا ما سعينا إلى توفيره بأفضل ما يمكننا".

كما سعى برايس إلى تبريد الأجواء، مشدّداً على "أنّني بالتأكيد لن أتمكّن على الإطلاق من إعطائكم الدليل الذي تريدونه".

وتابع "نحن نعمل على تحقيق توازن صعب جداً بين أن نقول أكثر مما يجب أو أقلّ مما هو مطلوب"، مضيفاً "حتى في سعينا إلى فضح جهود موسكو، لا نريد أن نهدّد أو نضع في خطر محتمل، قدرتنا على جمع هذا النوع من المعلومات مستقبلاً".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف