أخبار

بعد مشاورات بين ممثلين عن كييف وموسكو

وقف إطلاق نار لإجلاء المدنيين من مدينة ماريوبول الأوكرانية

دبابة للجيش الروسي بالقرب من ماريوبول، الجمعة 4 مارس 2022
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كييف: أعلنت القوات الروسية السبت وقفاً لإطلاق النار في ماريوبول لإجلاء المدنيين من هذا المرفأ الاستراتيجي الواقع في شرق أوكرانيا في اليوم العاشر من الغزو وغداة الصدمة التي أحدثها قصف أكبر محطة الطاقة نووية في أوروبا تقع في زابوريجيا.

وكان رئيس بلدية ماريوبول أعلن السبت أنّ القوات الروسية تحاصر المدينة وتشن "هجمات بلا رحمة" عليها. وكتب فاديم بويتشينكو على تطبيق تلغرام "منذ خمسة أيام تتعرّض مدينتنا وأسرتنا التي تتألف من نصف مليون شخص لهجمات بلا رحمة"، داعياً إلى "مواصلة المقاومة".

وأضاف "نبحث عن حلول للمشاكل الإنسانية وجميع السبل الممكنة لإخراج ماريوبول من الحصار"، مؤكداً أن "أولويتنا هي وقف إطلاق النار حتى نتمكن من إعادة البنية التحتية الحيوية وإقامة ممر إنساني لجلب الغذاء والدواء إلى المدينة".

وبعيد ذلك، أعلنت روسيا وقفاً لإطلاق النار للسماح بإجلاء المدنيين من ماريوبول ومدينة ثانية في شرق أوكرانيا، وذلك بعد مشاورات بين ممثلين عن كييف وموسكو.

ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن وزارة الدفاع أنّ "الجانب الروسي يعلن نظام إسكات" السلاح اعتباراً من الساعة السابعة بتوقيت غرينتش و"فتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين من ماريوبول وفولنوفاخا".

نقطة تحوّل

وستشكل سيطرة موسكو على هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 450 ألف نسمة والواقعة على بحر آزوف، نقطة تحوّل مهمة في غزو أوكرانيا.

فهي ستسمح بربط القوات الروسية القادمة من شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو، بعد استيلائها على مرفأين رئيسيين في بيرديانسك وخيرسون، من جهة والقوات الانفصالية والروسية في دونباس من جهة أخرى.

ويحتل الجيش منذ الجمعة محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جنوب شرق أوكرانيا حيث أدى قصف مدفعي، حسب الأوكرانيين، إلى نشوب حريق فيها. وتنفي موسكو أن تكون تسببت بذلك.

وهذا الهجوم على أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا تتألف من ستة مفاعلات، سبب صدمة للمجتمع الدولي. وقالت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد في مجلس الأمن الدولي الجمعة إنه "تهديد هائل لكل أوروبا والعالم".

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي سيتحدث إلى مجلس الشيوخ الأميركي عبر الفيديو السبت "نجونا من ليلة كان يمكن أن تضع حدًّا للتاريخ. لتاريخ أوكرانيا. لتاريخ أوروبا". وأضاف أن انفجاراً في زابوريجيا كان سيعادل "ستة أضعاف" انفجار تشيرنوبيل.

ونفت موسكو بشكل قاطع الهجوم على الموقع. وأكد السفير الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا أن هذه "كذبة". وفي موسكو، اتهمت وزارة الدفاع الروسية "مجموعات من المخربين الأوكرانيين بمشاركة مرتزقة" بالوقوف وراء الحادث.

وأعلنت دول مجموعة السبع أنها "ستفرض عقوبات قاسية جديدة رداً على العدوان الروسي".

من جهته، أصر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ على ضرورة "إنهاء" هذا النزاع لكنه أكّد أن الحلف لا يمكنه تلبية طلب فرض منطقة حظر جوي لتجنب الإنجرار إلى الصراع.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن "الطريقة الوحيدة لفرض شيء مثل منطقة حظر الطيران هي إرسال طائرات من الناتو إلى المجال الجوي الأوكراني وإسقاط الطائرات الروسية. قد يؤدي ذلك إلى حرب شاملة".

ردّ الرئيس زيلينسكي بحدة. وقال في تسجيل فيديو نشرته الرئاسة الأوكرانية إن الحلف "أعطى الضوء الأخضر لمواصلة قصف مدن وقرى أوكرانية، ورفض فرض منطقة حظر طيران".

وأضاف أن دول الناتو أقنعت نفسها "بأن حظراً للطيران فوق أوكرانيا من شأنه أن يؤدي إلى عدوان روسي مباشر ضد الناتو"، معتبراً أنها "عملية تخدير ذاتي للضعفاء والذي يفتقدون للسلام الداخلي بينما يمتلكون أسلحة أقوى بكثير من أسلحتنا".

في الوقت نفسه أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجمعة أنه تم تسليم القوات الأوكرانية "في مواقع عدة (...) معدات بقيمة 240 مليون دولار بما في ذلك بعض أهم المعدات مثل تلك المضادة للدروع".

المفاوضات الروسية الأوكرانية

وذكر ميخايلو بودولاك مستشار الرئاسة الأوكرانية أن جولة ثالثة من المفاوضات الروسية الأوكرانية قد تعقد السبت أو الأحد.

لكن فرص تحقيق تقدم تبدو ضئيلة جداً. فقد حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن الحوار مع كييف لن يكون ممكناً إلّا إذا تم قبول "كل المطالب الروسية" بما في ذلك ضمان وضع أوكرانيا كدولة "محايدة وغير نووية" و"إخلائها الإجباري من السلاح".

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز العربية" مساء الجمعة "ننتظر جولة ثالثة من المفاوضات في بيلاروس مع السلطات الأوكرانية". وأضاف "نأمل أن تصغي أوكرانيا إلى موقف روسيا ومخاوفها، وهذا ضروري خصوصاً لوضع حد للعمليات العسكرية".

ولم تفضِ جولتان سابقتان من المحادثات على الحدود الأوكرانية البيلاروسية ثم على الحدود البولندية البيلاروسية، إلى وقف القتال، لكن الطرفين اتفقا على إقامة "ممرات إنسانية" لإجلاء المدنيين.

بعد عشرة أيام من الحرب من المستحيل التحقّق من الأرقام بشكل مستقل. فقد أعلنت موسكو سقوط 2870 قتيلاً في الجانب الأوكراني و498 في الجانب الروسي. لكن كييف تتحدث عن مقتل أكثر من تسعة آلاف جندي روسي.

أكد فلاديمير بوتين أن القوات الروسية لا تقصف كييف والمدن الأوكرانية الكبرى ووصف المعلومات عن عمليات التدمير الذي تقوم بها موسكو بـ "التلفيق الدعائي الجسيم".

قمع الأصوات المعارضة

في روسيا شدد الكرملين قمعه لكل الأصوات المعارضة للنزاع.

منذ بدء الهجوم في 24 شباط/فبراير تجري عمليات اعتقال وإغلاق وسائل الإعلام المستقلة القليلة المتبقية وإصدار نصوص قمعية الجديدة بينما يقدم الكرملين ووسائل الإعلام الروسية الرئيسية النزاع على أنه "عملية عسكرية خاصة".

ووقع فلاديمير بوتين الجمعة قانوناً ينص على عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاماً لمن ينشر "معلومات كاذبة".

وأعلنت وكالة الأنباء المالية بلومبرغ وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تعليق نشاط صحافييها مؤقتاً كما أوقفت شبكة "سي أن أن" الأميركية بث برامجها في روسيا.

كما أعلنت شبكة "سي بي سي/إذاعة كندا" تعليق عمل صحافييها مؤقتاً "بسبب القانون عن بث "أخبار كاذبة حول الجيش"، معتبرة أنه "نص يهدف إلى تجريم التغطية الصحافية الحيادية والموضوعية للوضع الحالي في أوكرانيا وروسيا".

وفر أكثر من 1,2 مليون لاجئ من أوكرانيا حسب آخر إحصائيات الأمم المتحدة مما أدى إلى تعبئة كبيرة لا سيما في البلدان المجاورة.

وقال دبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعاً جديداً طارئاً الاثنين لمناقشة الأزمة الإنسانية بينما حذر برنامج الغذاء العالمي من نقص الإمدادات الغذائية في المناطق المتضررة من الحرب.

العقوبات

في إطار العقوبات، أعلنت إيطاليا الجمعة أنها صادرت يخت رجل أعمال روسي مقرب من فلاديمير بوتين وتشمله عقوبات الاتحاد الأوروبي.

وكتب فرديناندو جوليانو المستشار الصحافي لرئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي في تغريدة على تويتر أن "الشرطة الإيطالية صادرت يختاً بقيمة 65 مليون يورو يملكه أليكسي مورداشوف ويرسو في إمبيريا (شمال غرب) بموجب العقوبات الأخيرة للاتحاد الأوروبي".

ومورداشوف هو مالك مجموعة الصلب "سيفرستال" وأحد أفراد الأوليغارشية الروسية الذين أدرجهم الاتحاد الأوروبي على لائحته السوداء.

من جهة أخرى، اتخذت شركات جديدة قراراً بالابتعاد عن روسيا. فأوقفت مجموعة "سامسونغ ايلكترونيكس" الكورية الجنوبية صادراتها إلى روسيا حيث تسيطر على ثلث سوق الهواتف الذكية.

وكانت مجموعة مايكروسوفت الأميركية العملاقة للكمبيوتر علقت الجمعة أي "مبيعات جديدة" لمنتجاتها وخدماتها في هذا البلد بينما قررت مجموعة الصناعات الفاخرة الأولى في العالم "أل في أم أتش" إغلاق 124 متجراً لها مؤقتاً.

وفي وسائل الإعلام الأوكرانية وشبكات التواصل الاجتماعي، يتم تناقل دعوة إلى مقاطعة شركة كوكا كولا التي قررت في الوقت الحالي مواصلة أنشطتها في روسيا. ورأى مستشار الرئيس الأوكراني بأن يدها "ملطخة بالدماء".

وأخيراً شكّل مئات المتظاهرين في العاصمة البرتغالية لشبونة سلاسل بشرية أمام سفارات خمس دول (فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والصين والولايات المتحدة) من أجل الدعوة إلى "السلام في أوكرانيا" و"فرض منطقة حظر جوي لوقف الهجمات الروسية".

لكن في العاصمة الصربية بلغراد تظاهر نحو ألف شخص للتعبير عن دعمهم للرئيس الروسي وغزو أوكرانيا وعدائهم للحلف الأطلسي. وهتفوا "الصرب والروس أخوة إلى الأبد" مشيدين "بتحرير أوكرانيا من النازيين الجدد" بحسب ما قال أحدهم مرددا اتهامات بوتين نفسه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف