بعد تأجيل اضطراري بسبب تداعيات كورونا
تسليم جائزة الأركانة العالمية للشعر لمحمد الأشعري اليوم بالرباط
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من الرباط :بعد تأجيل اضطراري بسبب تداعيات جائحة (كورونا)،ينظم بيت الشعر في المغرب، مساء اليوم الجمعة، بالمكتبة الوطنية بالرباط، حفلا لتسليم جائزة الأركانة العالمية للشعر في دورتها الـ15، التي فاز بها الشاعر المغربي محمد الأشعري.
وقال "بيت الشعر" إن منح الجائزة للاشعري جاء "تقديرا لمنجزه الشعري المتميز على مدى خمسة عقود من الكتابة الإبداعية التي تتقاطع مع مسار أدبي وثقافي رفيع". كما ساق عدة اعتبارات للاختيار، في مقدمتها أن قصيدة الأشعري أسهمَت في "ترسيخ الكتابة بوصفها مقاومة تروم توسيعَ أحياز الحرية في اللغة وفي الحياة، عبر ممارسة شعرية اتخذَت من الحُرية أفقاً ومدارَ انشغال".
وتبلغ القيمة المادية للجائزة 12 ألف دولار، تُمنح مصحوبة بدرع الجائزة وشهادتها إلى الشاعر الفائز.
وكان بيت الشعر في المغرب، قد اختار، بدعم من قطاع الثقافة، أن يُصدر عددا خاصا من مجلته "البيت" عن الشاعر الفائز، ضمّ ثلاثة أبواب، الأوّل خاصّ بدراسات في أعمال محمد الأشعريّ الشعريّة، والثاني بشهادات عن الشاعر وتجربته، والثالث بمُقاربات لأعماله الروائيّة.
ملصق حفل تسليم جائزة الأركانة للأشعري
وأكد بيان لجنة تحكيم الجائزة أن قصيدة الأشعري، التي "يجسدُ مسارُها أطوارَ وعي القصيدة المغربية المعاصرة بذاتها وبأزمنتها الشعرية"، عملت على "تحرير مساحات في اللغة لصالح القيَم ولصالح الحياة، وذلك بتحرير هذه المساحات من النزوع التقليدي المحافظ الذي يشل الحياة بشل اللغة وتقليص مناطق مجهولها". كما ظلت "وفية لما يُوسعُ أُفق الحرية في الكتابة وبالكتابة، باعتبار هذه الحرية مقاومة باللغة، بما جعل الانحياز إلى هذا الأفق، في منجَزه النصي، ذا وجوه عديدة؛ منها التصدي بطرائق مختلفة للتقليد ولتضييق الحياة، والارتقاء باللغة إلى صفائها الشعري، وتمكين الجسد من حصته الحرة في بناء اللغة وفي بناء المعنى، وتهيئ الكلمة الشعرية لأن تقتاتَ مجهولَ الجسد، احتفاءً به وبالحياة، وانتصاراً للحُرية التي هي ما يمنحها المعنى".
وتوسع البيان في الحديث عن قيمة تجربة وقصيدة الأشعري، مشيرا إلى أنه "في التفاعُلِ الشعري لهذا الأخير مع الحياة الحرة في أدق التفاصيل؛ في اليومي وفي العابر وفي المتغير بوجه عام حَرصَ دوماً على (تحصين قصيدته من كل تجريد ذهني)"، وعلى "صون حيَويتها وديناميتها استناداً إلى تجربة تُنصتُ لنبْض اليومي ولمُتغيرات الحياة الحديثة ولانشغالات الإنسان وقلقه، وتنصتُ، في الآن ذاته، للمنجَز الشعري العالمي، بما أمن لقصيدته خلفيتها المعرفية، دون أن تتحول هذه الخلفية إلى تجريد"، لأنه "انحازَ إلى شعر المعنى وفق تصور يرى أن الشعر يُقيمُ لا في اللا معنى، بل بين المعنى واللا معنى، اعتماداً على لغة عربية حديثة قائمة على صفاء شعري".
قصيدة الأشعري
وشدد البيان على أن انحيازَ قصيدة الأشعري إلى المعنى تحققَ بـ"الابتعاد عن المُباشر وبالتجاوُب الذي أقامتهُ بين الشعر واللوحة والمعمار والسينما"، حيث "نهضَت قصيدته على مُحاوَرات صامتة بين الكلمة والرسم وفنون أخرى، وعلى تفاعلات حيوية بين الشعري والسردي"، وعبر دينامية هذا البناء النصي، كان المعنى الشعري يتخلقُ، في منجز الأشعري، "مُنصتاً لنبْض الحياة ولمُتغيراتها، برُؤية حداثية تنتصرُ للقيَم وللإنسان وللفكر الحر".
وأحدثت "جائزة الأركانة العالمية للشعر" من طرف "بيت الشعر" في المغرب، عام 2002، واستوحت اسمها من شجرة "الأركان" الشهيرة، التي لا تنبت إلا في المغرب. ويقول "البيت" إن الجائزة تحتفي بالصّداقة الشّعرية، "يقدّمُها المغاربة لشاعرٍ يتميّزُ بتجربةٍ في الحقل الشّعري الإنساني ويُدافع عن قيم الاختلاف والحُرية والسّلم. بها نُحيّي الشعراء وبها نتقاسمُ وإيّاهم حُبّنا للشعر وسَهرَنا عليه بما يليقُ من التّحية".
وسبق أن فاز بالجائزة ثلاثة شعراء مغاربة، هم: محمد السرغيني (2005) والطاهر بن جلون (2010) ومحمد بنطلحة (2016)، و11 من الشعراء العرب والعالميين: الصيني بي داو (2003)، والفلسطيني محمود درويش (2008)، والعراقي سعدي يوسف (2009)، والأميركية مارلين هاكر (2011)، والإسباني أنطونيو غامونيدا (2012)، والفرنسي إيف بونفوا (2013)، والبرتغالي نونو جوديس (2014)، والألماني فولكر براون (2015)، والنيجري محمدين خواد (2017)، واللبناني وديع سعادة (2018)، والأميركي تشارلز سيميك (2019).
وبدأ الأشعري، الذي ولد في زرهون، بوسط المغرب، سنة 1951، نشر قصائده في مطلع سبعينات القرن الماضي، قبل أن يصدر ديوانه الأول "صهيل الخيل الجريحة" سنة 1978.
مكتبة الأشعري
ومن كتابات الأشعري في الشعر، نذكر "عينان بسعة الحلم" (1981)، و"يومية النار والسفر" (1983)، و"سيرة المطر" (1988)، و"مائيات" (1994)، و"سرير لعزلة السنبلة" (1998)، و"حكايات صخرية" (2000)، و"قصائد نائية" (2006)، و"أجنحة بيضاء... في قدميها" (2007)، و"يباب لا يقتل أحداً" (2011)، و"كتاب الشظايا" (2012)، و"جمرة قرب عُش الكلمات" (2017)؛ كما صدرت له منتخبات شعرية في 2020. وفي الرواية والقصة: "يوم صعب" (1992)، و"جنوب الروح" (1996)، و"القوس والفراشة" (2010)، و"علبة الأسماء" (2014)، و"ثلاث ليال" (2017)، و"العين القديمة" (2018)، و"من خشب وطين" (2021).
ونال الأشعري، عن "القوس والفراشة"، جائزة البوكر العربية للرواية لعام 2011، مناصفة مع الروائية السعودية رجاء عالم، عن روايتها "طوق الحمام". كما عمل في الصحافة وترأس تحرير عدد من الملاحق والمجلات الثقافية، وصدر له أخيرا كتاب "عين العقل"، ويضم سلسلة مقالات سبق أن نشرها ما بين 6 ديسمبر 1990 و27 فبراير 1998، ضمن عمود صحفي حمل الاسم نفسه.
كما انخرط الأشعري في المجال السياسي الذي قاده إلى مسؤوليات نيابية وحكومية، منها تولي منصب وزير الثقافة والاتصال (الإعلام). كما ترأس اتحاد كتاب المغرب، ما بين 1989 و1996.