اقتصاد

باتت مصانعها على شفير الهاوية

العقوبات ترخي بثقلها على مدينة روسية ارتبط اسمها بسيارات لادا

سيارة لادا متوقفة أمام مبنى المكاتب في مصنع سيارات أوتوفاز في تولياتي، روسيا
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تولياتي (روسيا): باتت مدينة تولياتي التي تشكّل مركزا لصناعة مركبات "أوتوفاز"، أكبر مصنّع للسيارات في روسيا، على شفير الهاوية في ظلّ العقوبات الدولية المفروضة على موسكو.

وتسعى المدينة والمصنّع أوتوفاز الذي ينتج سيارات لادا الشهيرة، إلى ضمان استمراريتها في ظل العقوبات المفروضة على روسيا.

يتجمع العديد من أعضاء نقابة يدينستفو في شقة صغيرة في حي أوتوزافودسكي السكني المحيط بالمصنع المترامي الأطراف، ويعبرون عن قلقهم إزاء مستقبلهم.

ويقول الكسندر كالينين (45 عاما) وهو مشغّل مصعد للشحن في أوتوفاز منذ 15 عاما "إنها بلدة للمصنع. الجميع هنا يعملون إما لدى المصنع أو لدى الشرطة".

تأسس المصنع في ستينيات القرن الماضي كي يتمكن الاتحاد السوفياتي من تلبية الطلب المتزايد على السيارات الأرخص ثمنا. وأصبحت سيارات لادا التي يشتهر بها أوتوفاز، معروفة على نطاق واسع لبساطتها ومتانتها.

أُنشأ المصنع في بلدة ستافروبول على بعد 780 كلم جنوب شرق موسكو، والتي تم تغير اسمها إلى تولياتي نسبة للسياسي الإيطالي الشيوعي بالميرو تولياتي.

صمد المصنع بوجه الأزمة الاقتصادية التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991. واستحوذت شركة السيارات الفرنسية العملاقة رينو على المصنع بنهاية الأمر.

وقالت إيرينا ميالكينا (33 عاما) الموظفة في مستودع قطع الغيار منذ 11 عاما إن "المصنع بالنسبة لتولياتي هو كل شيء. المدينة كلها بُنيت حوله".

أضافت "عندما بدأت العمل كنت مفعمة بالحماس، كنت ولا زلت آمل بمدخول جيد".

توقفت معظم خطوط التجميع في المصنع بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير. ونظرا للعقوبات المفروضة لم يعد بإمكان المصنع تسلم مكونات ضرورية.

مُنح الموظفون والعمال إجازة مدفوعة بأجر يبلغ ثلثي الراتب العادي. ويعني هذا بالنسبة لميالكينا الحصول على 13 ألف روبل (نحو 140 دولار) بدلا من راتبها البالغ 20 ألف روبل (215 دولار).

وتسجل أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية ارتفاعا كبيرا في تولياتي كما في مدن روسية أخرى.

وقالت ميالكينا "الناس متوترون".

وبعد استكمال اجراءات الاستحواذ على أوتوفاز، ضخت رينو مليارات اليوروهات في المصنع العائد للحقبة السوفياتية، لكنها قامت أيضا بتسريح عدد كبير من الموظفين لتبقي على أقل من 40 ألف عامل من أصل 70 ألفا.

وقال رئيس معهد أبحاث الصناعة والسوق في الكلية العليا للاقتصاد في موسكو أندريه ياكوفليف "حصلت عدة مشكلات بسبب تسريح موظفين، لكن مع ذلك كان هناك نهج إيجابي واضح".

أضاف "كان مصنّع سيارات روسي بصدد النشوء".

وبات مستقبل المصنع الآن في مهب الريح، في وقت تفكر رينو بمسألة الانسحاب من أوتوفاز وسط تعرضها لضغوط كبيرة لمقاطعة روسيا.

لم يشأ أي من موظفي الشركة التحدث بل أن الشركة رفضت السماح بالدخول إلى "متحف لادا" في تولياتي خلال زيارة مؤخرا.

وحينما كانت وكالة فرانس برس تصوّر لقطات في محيط المصنع، اتصل حراس الأمن لدى أوتوفاز بالشرطة التي استجوبت الصحافيين لعدة ساعات ثم أفرجت عنهم.

أُجبر موظفو المصنع على أخذ عطلتهم الصيفية ومدتها 3 أسابيع في نيسان/أبريل فيما تدرس رينو خياراتها.

اضطر العديد من الموظفين للبحث عن وظيفة ثانية، مثل ليونيد إمشانوف (31 عاما) الميكانيكي الذي يعمل أيضا حارسا أمنيا لإعالة أسرته.

وقال "أنا المعيل الوحيد في عائلتي. لدي طفلان وزوجتي... في إجازة أمومة. علي أن أؤدي وظيفتين، ومع ذلك فإنهما لا تكفيان".

وإذا عجزت أوتوفاز عن الصمود بوجه هذه الأزمة، فإن انهيارها قد يكون إيذانا بانتهاء عصر صناعي بالنسبة لروسيا ولكثيرين من محبي سيارات لادا.

في مرأب لإصلاح السيارات تحت الأرض في تولياتي، انهمك رجلان في العمل على سيارة لادا نيفا العائدة للثمانينات وذات الدفع الرباعي. وكان طلاؤها الأحمر الجديد يلمع.

وقال أحدهما الميكانيكي سيرغي ديوغريك "منذ طفولتي ترتبط حياتي بالمصنع".

أضاف "جميع أقاربنا في تولياتي كانوا يعملون في المصنع وأنا أيضا كنت أعمل هناك. لم يكن لدي خيار آخر، كل شي مرتبط بالشركة".

أسس الرجل البالغ 43 عاما ويدير "نادي تاريخ لادا" الذي يجمع هواة السيارة العائدة للحقبة السوفياتية من كافة أنحاء العالم.

وقال "كانت شركة تصنيع قوية. بلغ الرقم القياسي مطلع الثمانيات 720 ألف سيارة سنويا" مقارنة بنحو 300 ألف سيارة تم تصنيعها في 2021.

وأضاف "درج الناس على المجيء إلى هنا. الآن أصبح الشبان يذهبون إلى موسكو أو إلى أي مكان آخر".

محاولا الحفاظ على تفاؤله أشار إلى أن المصنع وعماله صمدوا بوجه الصعوبات الاقتصادية في التسعينيات.

وقال "المواطن الروسي الذي صمد في التسعينيات، وخصوصا في تولياتي، سيتكيف الآن، كل شيء سيكون على ما يرام".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف