أخبار

فاعليته بوجه النزاعات موضع شك

العقوبات سلاح غربي بامتياز.. ولكن!

آخر جولة من العقوبات هي التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا بسبب غزوة أوكرانيا
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس: قد يكون نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وليبيا في عهد معمر القذافي والاجتياح الروسي لأوكرانيا مسائل متباعدة، غير أن القاسم المشترك بينها هو فرض عقوبات على الدولة المعنية، وهو أول سلاح تلجأ إليه الدول الغربية منذ ثلاثين عاما ولو أن فاعليته تبقى موضع نقاش.

وأوضح المحامي أوليفييه دورغانس من مكتب آشهورست الذي عمل في الأسابيع الأخيرة على تقديم النصح للشركات الغربية الناشطة في السوق الروسية بمواجهة تعقيدات العقوبات الغربية "لم يسبق أن تحدثنا إلى هذا الحد عن عقوبات، بات هذا موضوعا عاديا".

واشتدت العقوبات على وقع تقدم الدبابات الروسية في أوكرانيا، ما بين إقصاء عدة مصارف روسية من نظام سويفت للحوالات بين البنوك، وتجميد أصول البنك المركزي وعدد من الأوليغارش، وفرض قيود على الصادرات وحظر الفحم ومنع التحليق في الأجواء...

وبعد حوالى سبعة أسابيع على بدء غزو أوكرانيا وفي وقت تحذر كييف من هجوم ضخم وشيك على منطقة دونباس الشرقية، يعمل الاتحاد الأوروبي على إعداد حزمة سادسة من العقوبات، فيما يستبعد الغرب إرسال قوات على الأرض.

وقال دورغانس "شهدت هذه الأداة رواجا هائلا في وقت لم يعد الردّ العسكري مستحباً كثيرا" وبات نادرا.

وتزايد استخدامها في النزاعات بين الدول منذ 1950 يوتيرة بقيت دون ثلاثين مرة في السنة حتى 1990، حين ازداد اللجوء إليها بشكل كبير.

وبين 1950 و2019 فرضت عقوبات في سياق 1101 نزاع بين دول، بحسب منظمة "قاعدة بيانات العقوبات في العالم" Global Sanctions Data Base التي تضع سجلاً مفصلا بهذا الصدد.

وأوضح أحد الأعضاء المؤسسين للمنظمة أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة كونستانس في ألمانيا إردال يالسين أن تضاعف الاتفاقات الاقتصادية الإقليمية أدى إلى زيادة كبيرة في العقوبات المفروضة على دول أخرى.

ومن الأسباب الأخرى لتزايد استخدام سلاح العقوبات، تطور التكامل المالي العالمي منذ نهاية القرن العشرين. وقال يالسين إن "معظم الدول انضمت إلى نظام مالي دولي، وازداد الميل إلى معاقبة الدول بواسطة أدوات اقتصادية".

كذلك، شددت قاعدة بيانات العقوبات في العالم على أنه تقرر فرض عقوبات بصورة خاصة في مسائل تتعلق بحقوق الإنسان وإعادة بسط الديموقراطية والحروب.

وتطغى بعض هذه القضايا على غيرها، ولا سيما مكافحة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا والحظر الأميركي على كوبا والعقوبات الشديدة على البرنامج النووي الإيراني.

لكن بالرغم من شيوعها المتزايد، لا تزال فاعلية العقوبات موضع تشكيك.

وذكر الباحث من معهد بيترسون للدراسات في واشنطن غاري هابفاور الذي صدر له كتاب حول تاريخ العقوبات، في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس أخيرا، أنها تكون فعالة في أقل من ثلث النزاعات، وعادة عندما يكون البلد المستهدف صغيرا.

من جهته أوضح إردال يالسين أن "هذه العقوبات فعالة جدا في الأضرار الاقتصادية التي تتسبب بها. أما على صعيد النجاح السياسي، فإن مستوى الفاعلية يراوح بين 30 و40%"، مشيرا إلى أن الأمر قد يستغرق سنوات لتعطي العقوبات تأثيرا حقيقيا.

كذلك يصعب بحسبه قياس فاعليتها بدقة لأنها غالبا ما تترافق مع تدابير أخرى، كالعقوبات التي فرضتها واشنطن على العراق بعد اجتياح الكويت والتي ترافقت مع تدخل عسكري أميركي.

وفي روسيا بدأت العقوبات تعطي أثرا اقتصاديا منذ الآن، وتوقع البنك الدولي انكماشا بنسبة 11,2% هذه السنة، فيما خفضت وكالة التصنيف المالي "إس إند بي غلوبال رايتينغز" (S&P Global Ratings) تصنيف روسيا على صعيد المدفوعات بالعملات الأجنبية إلى مستوى "التخلف عن السداد الانتقائي"، غير أن الروبل يحافظ على مستوى مرتفع بعدما تراجع في مرحلة أولى.

أما على الصعيد السياسي، فالوضع مختلف وقال المستشار في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية خوان زاراتي في مقابلة مع فرانس برس إن "العقوبات لا يمكنها إعادة الدبابات أدراجها، أقله ليس على الفور".

ورأى هذا المستشار السابق في إستراتيجية مكافحة الإرهاب الأميركية في عهد الرئيس جورج بوش أن "التأثير الأقصى للعقوبات لن يظهر إلا بعد أسابيع أو أشهر أو حتى سنوات".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف