أخبار

السلطات الفرنسية تواجه مهمة معقدة

شبكات تهريب منظمة تدير الهجرة غير الشرعية عبر المانش

صورة تم التقاطها في 15 آذار/مارس 2022، لمهاجرين يرتدون سترات نجاة يجلسون في زورق وهم يعبرون قناة المانش بشكل غير قانوني من فرنسا إلى بريطانيا
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس: تنطبق على شبكات التهريب التي تنظم عبور قناة المانش خلسةً بالقوارب صفات منظمات "الجريمة المنظمة"، ما يعقد مهمة السلطات الفرنسية التي تكافح من أجل وقف تطور نشاطها.

أدى غرق زورق في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 إلى وفاة 27 مهاجراً على الأقل، ما أثار مشاعر الاستياء على نطاق واسع فيما تعهدت الحكومة الفرنسية بمهاجمة هذه الشبكات.

وتعهد وزير الداخلية جيرالد دارمانين حينها بمضاعفة عدد الموظفين المسؤولين عن مكافحة الهجرة غير الشرعية، وإنشاء فروع إقليمية لـ "مكتب مكافحة المهربين"، بينما كانت طائرة تابعة لوكالة خفر السواحل الأوروبية فرونتكس تحلق فوق ساحل أوبال مقابل إنكلترا التي اجتذبت لسنوات مهاجرين غير شرعيين آملين في العثور على مستقبل أفضل هناك.

أعلنت لندن من جهتها الخميس اتفاقاً مثيراً للجدل مع كيغالي يقضي بإرسال المهاجرين وطالبي اللجوء غير الشرعيين إلى رواندا، بعد وصولهم إلى المملكة المتحدة. وأثارت الصفقة ردود فعل المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان التي قالت إنها "بعيدة عن الإنسانية"، فيما عارضتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.

كذلك كلفت الحكومة البريطانية الخميس البحرية الملكية، بدلاً من خفر السواحل، بمهمة مراقبة المعابر غير الشرعية وستقوم ببناء مراكز استقبال جديدة مخصصة للمهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى الساحل الإنكليزي.

وما زال المهربون موجودين على خلفية ارتفاع كبير في الطلب. ففي عام 2021 حاول 52000 شخص عبور المانش (نجح 28000 منهم، وفقًا لوزارة الداخلية)، وهو رقم قياسي يزيد بنحو خمسة أضعاف عن عام 2020.

تقف الجالية الكردية العراقية وراء ظاهرة "المراكب الصغيرة" التي بدأت عام 2019 وحلت مكان محاولات التسلل بالصعود إلى الشاحنات.

وتوضح رئيسة التحقيقات في شرطة الحدود الفرنسية في المنطقة لورانس مارنيكيه، لوكالة فرانس برس أنّ هذه الشبكة تسيطر "على نقاط المغادرة" في شمال فرنسا، حيث تدير "60%" من عمليات التهريب.

تفرض الشبكة أسعارها هناك بمتوسط 2500 إلى 3000 يورو للفرد، بالإضافة إلى أماكن المغادرة وشروط الرحلة وإمكانية التعاقد مع شبكات أخرى، لاسيما الأفغانية أو الإيرانية.

وماذا لو حاولت مجموعة أن تحل محلها؟ تقول مارنيكيه "هناك تصفية حسابات، جرائم قتل".

وتضيف "لقد أصبحوا أكثر احترافًا"، متحدثةً عن قوارب تزداد حمولتها (اثنا عشر شخصاً على متن القارب المطاطي في المتوسط في عام 2019، و27 شخصاً في عام 2021)، واستخدام مجموعة من الوسطاء، فضلاً عن "المغادرة ضمن مجموعات" على طول الساحل البالغ 150 كيلومتراً.

ويقول المدير المركزي لشرطة الحدود فرناند غونتييه "تعمل هذه الشبكات وفق نموذج دولي وهي جزء من الجريمة المنظمة الخطيرة"، مع "منظمين وممولين ومشرفين وأشخاص يكلفون مهام صغيرة".

ولا يتم الدفع في فرنسا أبداً لإرباك عمل المحققين، بل غالباً ما يتم تسليم المبالغ في بلد المنشأ (في العراق، وإيران، وأفغانستان...) من قبل العائلات بمجرد إثبات العبور وعادة ما يكون لقطة على شاشة هاتف تظهر الموقع الجغرافي في المياه الإنكليزية.

لكن رغم الصعوبات تحدث عمليات قبض على مهربين. في عام 2021 تم تفكيك نحو عشرين شبكة، بحسب وكالة "مكافحة التهريب" (أوكريست) التي ترغب وزارة الداخلية في تعزيزها.

حُكم على رزكار حامد أمين، وهو كردي عراقي يبلغ 35 عاماً في منتصف آذار/مارس في دونكيرك (شمال فرنسا) بالسجن خمس سنوات مع اثنين من مواطنيه. وهو متهم بقيادة شبكة من المهربين سهلت بشكل خاص توفير القوارب على الساحل ونظمت حوالي عشرين رحلة عبور بين أيار/مايو 2021 وكانون الثاني/يناير 2022.

ويقول محقق متخصص مشترطاً عدم الكشف عن هويته "المشكلة أنه كلما قطعنا رأساً، ظهر آخر".

وتشير مارنيكيه إلى مصدر قلق آخر يتمثل في أن "الشبكات تمتلك قاعدة خلفية كبيرة في أوسنابروك في ألمانيا". وتضيف "إذا أردنا حقاً إيقاف العبور، فعلينا العمل على (وقف) توريد القوارب. لكن اليوم، يمكن شراؤها في ألمانيا دون قلق".

وتفيد وثيقة صادرة عن الإدارة المركزية لشرطة الحدود تم الإعلان عنها بعد حادث الغرق، بأن حدثاً وقع قبل ذلك أثار استياء الجانب الفرنسي.

في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021، شوهد شخصان في أوسنابروك ينقلان خمسة محركات ومئة سترة نجاة وتسعة زوارق في مركبة. اعتقلتهما الشرطة ثم أطلقتهما بعدما تقدم رجل يحمل فاتورة تركية متذرعاً بخطأ في التسليم. وتمت إعادة المواد.

أدرك المحققون لاحقاً أن أحد هذه القوارب استُخدم لعبور قناة المانش.

واعترف وزير الداخلية الفرنسي في كانون الأول/ديسمبر أن "في ألمانيا، هناك ثغرة". وأضاف لتحقيق مزيد من الفعالية "من الضروري تتبع المواد المستعملة أكثر من الأشخاص".

وأشار الوزير إلى أن منذ عدة أشهر لم تعد المعدات اللازمة للعبور متاحة بحرية في فرنسا، حيث "جفّفنا" هذا المصدر. لذلك تتحول الشبكات إلى بلدان أخرى.

أولاً، تُصنع هذه المعدات في الصين، ثم يتم إرسالها بحاويات إلى تركيا حيث تدخل الاتحاد الجمركي دون أن يتم فحصها من شرطة الحدود التي تركز عملها على عمليات التهريب. ثم تنقل بالشاحنات إلى أوسنابروك.

من هناك يقوم وسطاء يتلقون أجورًا زهيدة و"لا يعرفون غالبًا ماذا يفعلون بنقل المعدات إلى شاطئ على الساحل"، وفق محقق في شرطة الحدود.

ويؤكد المحققون الذين تمت مقابلتهم أن منع المغادرة أمر ضروري، لأنه يوجه ضربة موجعة للمهربين. ويقول أحدهم "القارب، مع كل الخدمات اللوجستية، يكلف ربما 10 آلاف يورو. يدفع كل شخص ليعبر 2000 يورو في المتوسط، فإذا أقلوا 50 شخصاً سيجنون 100 ألف يورو في كل مرة. إنه أمر مربح جداً، لذا فإن منع القوارب من المغادرة يؤلمهم".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف