أخبار

دونباس تحت نيران "كثيفة"

سقوط مجمع آزوفستال بأيدي القوات الروسية

منظر جوي للمباني السكنية المتضررة ومصنع آزوفستال للصلب في الخلفية في مدينة ماريوبول الساحلية في 18 مايو 2022
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كييف (أوكرانيا): أكّد الجيش الروسي الجمعة أنّه "حرّر بالكامل" مجمّع آزوفستال الصناعي في مدينة ماريوبول الاستراتيجيّة بجنوب شرق أوكرانيا بعد استسلام آخر الجنود الأوكرانيّين الذين كانوا داخله، في وقت تعرّض العسكريّون الأوكرانيّون لضربات "كثيفة" شنّتها المدفعيّة الروسيّة في دونباس.

وقال المتحدّث باسم وزارة الدفاع الروسيّة إيغور كوناشنكوف في بيان عبر تلغرام "منذ 16 أيّار/مايو، استسلم 2439 نازيًا من (كتيبة) آزوف وجنود أوكرانيّون محاصرون في المصنع. اليوم، 20 أيّار/مايو، استسلمت المجموعة الأخيرة المؤلّفة من 531 مقاتلاً".

وأضاف أنّ "منشآت الموقع تحت الأرض حيث كان يختبئ المقاتلون، باتت تحت السيطرة التامّة للقوّات المسلّحة الروسيّة"، مشيرًا إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تبلّغ من وزير الدفاع سيرغي شويغو "انتهاء عمليّة التحرير الكامل لمجمّع (آزوفستال) ومدينة ماريوبول".

وأكّد المتحدّث أنّ قائد مقاتلي كتيبة آزوف في المكان استسلم ونُقِل من المصنع "في آليّة مدرّعة خاصّة" تجنّبًا لأيّ صدام بينه وبين سكّان معادين له.

وأعلنت كتيبة آزوف الأوكرانيّة في وقتٍ سابق الجمعة أنّها تعمل على إجلاء قتلاها، بعد استسلام مئات من عناصرها بأمر من كييف "لإنقاذ حياتهم".

وأكّد قائد الكتيبة دينيس بروكوبينكو الذي ظهرت ضمّادة كبيرة على ذراعه اليمنى فيما بدت اليسرى متورّمة، في فيديو عبر تلغرام من مكان يبدو أنّه ملجأ تحت الأرض، أنّ "القيادة العسكريّة العليا أعطت أمرًا بإنقاذ حياة الجنود... والتوقّف عن الدفاع عن المدينة".

بعد عمليّة إجلاء مدنيّين ثمّ مئات من الجنود الأوكرانيّين أصبحوا بحكم الأمر الواقع أسرى لدى الروس، أشار بروكوبينكو إلى أنّ "العمليّة مستمرّة" لإجلاء جثث عسكريّين.

وختم "آمل في أن تتمكّن العائلات وأوكرانيا بكاملها قريبًا من دفن مقاتليها بشرف. المجد لأوكرانيا!".

وكتيبة آزوف هي وحدة نخبة أسّسها قوميّون أوكرانيّون وشاركت في الدفاع عن مجمّع آزوفستال خصوصًا إلى جانب وحدة من مشاة البحريّة.

رمز المقاومة الأوكرانية

وكان المجمع الصناعي الضخم مع دهاليز تحت الأرض حفِرت في الحقبة السوفياتيّة، آخر جيب للمقاومة الأوكرانيّة في مدينة ماريوبول الساحلية المطلّة على بحر آزوف والتي تعرّضت لقصف روسي مركّز.

في وقت سابق الجمعة، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن 1908 جنود أوكرانيين متحصّنين في مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول استسلموا منذ الاثنين و"جعلوا أنفسهم أسرى" لدى القوات الروسية.

وسبق أن نشرت موسكو صورًا تُظهر مجموعات رجال يرتدون زياً قتالياً، بعضهم على عكازات وبعضهم مضمّد، يخرجون من المصنع، بعد معركة طويلة أصبحت رمزًا للمقاومة الأوكرانية للغزو الروسي.

بحسب كييف، دُمّر 90 في المئة من هذه المدينة وقُتِل فيها ما لا يقل عن 20 ألف شخص.

ولم تتحدث كييف عن استسلام في آزوفستال.

أسرى الحرب

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الخميس "أقوم بكل ما يمكن لكي تكون القوات الدولية الأكثر تأثيرًا على عِلم (بما يجري)، ومنخرطة قدر الإمكان في إنقاذ أبطالنا".

وترغب أوكرانيا في تنظيم عملية تبادل أسرى، غير أنّ روسيا أبلغت أنّها تعتبر قسمًا منهم على الأقل مقاتلين من "النازيين الجدد" وليس جنودًا.

من جانبها، أشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان إلى أن اتفاقية جنيف تشترط على الأطراف المتحاربة منحها "حق الوصول الكامل" إلى أسرى الحرب "أينما كانوا محتجزين"، بما يشمل إبلاغ العائلات التي "لا تزال أسئلة الكثير منها معلقة".

بعد فشلها في السيطرة على كييف وخاركيف ثاني مدن أوكرانيا (شمال شرق)، تركز روسيا جهودها العسكرية في شرق البلاد وجنوبها. وتسعى موسكو خصوصًا إلى السيطرة بالكامل على دونباس التي تخضع جزئيًا لسيطرة انفصاليين موالين لروسيا منذ 2014.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر موتوزيانك خلال إفادة صحافية في كييف إن "قوات الاحتلال الروسية تطلق نيرانًا كثيفة على طول خط المواجهة بكامله"، مشيرا إلى أن الوضع "أظهر دلائل على التدهور".

وكان الرئيس الأوكراني قال قبل ساعات "إنه الجحيم" في دونباس "وهذه ليست مبالغة". وأشارت دوائره صباح الجمعة إلى عمليات قصف على محور يبدأ في شمال شرق البلاد ويصل إلى جنوبها.

وأعلن زيلينسكي عبر تطبيق تلغرام إلى أن "صاروخاً روسياً أصاب البيت الثقافي الذي أعيد بناؤه مؤخراً" في مدينة لوزوفا شرق البلاد، مشيراً إلى "سقوط سبعة جرحى بينهم طفل يبلغ 11 عاماً".

وأرفق الرئيس الأوكراني رسالته بتسجيل فيديو يظهر انفجاراً قوياً دمّر المبنى وتسبب بتصاعد الدخان مع مرور سيارتين على مقربة من المكان سارعت إحداهما إلى مغادرته.

ضربات لوغانسك

من جانبه، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن احتلال منطقة لوغانسك التي تشكل مع دونيتسك إقليم دونباس، "شارف الانتهاء".

وتسببت ضربات روسية بسقوط 12 قتيلاً و40 جريحاً الخميس في سيفيرودونيتسك في منطقة لوغانسك (شرق)، وفقاً للحاكم المحلي سيرغيه غايداي الذي قال إنّ القسم الأكبر من القصف أصاب مبانيَ سكنية وإنّ الحصيلة قد ترتفع.

بحسب السلطات الأوكرانية، لا يزال 15 ألف شخص يعيشون في ملاجئ في سيفيرودونيتسك التي دمّرتها القنابل.

وأفاد فريق لوكالة فرانس برس موجود في المكان بأنّ هذه المدينة الصناعية تحوّلت منذ أيام إلى ساحة معركة وترزح تحت وطأة نيران المدفعية.

وتشكل سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك آخر جيب للمقاومة الأوكرانية في منطقة لوغانسك. ويحاصر الروس حاليًا هاتين المنطقتين اللتين يفصل بينهما نهر، ويقصفونهما بلا توقف لإنهاك المقاومة ومنع وصول تعزيزات.

وصرّحت وزارة الدفاع الأوكرانية بأنّ "العدوّ شنّ محاولات هجوم باتّجاه سيفيرودونيتسك، لم تنجح وأرغِم على الانسحاب".

كما قتل جنود روس الخميس خمسة مدنيين في منطقة دونيتسك، في دونباس، بحسب الحاكم بافلو كيريلينكو.

في مالا روغان على بعد حوالى عشرة كيلومترات شمال شرق خاركيف، شوهد كثير من المتعلقات المتروكة بينها أكياس نوم وشفرات حلاقة وفرشاة أسنان وسترات وحتى لعبة ورق غير بعيد عن دبابة مدمرة، ما يشير إلى أن جنوداً روساً فروا على عجل في مواجهة هجوم مضاد أوكراني أدى إلى تحرير المنطقة.

مساعدات جديدة

وبينما وصلت المفاوضات قبل أسابيع قليلة بوساطة تركية إلى طريق مسدود، أشارت إيطاليا الجمعة إلى أنها اقترحت تشكيل "مجموعة تيسير دولية تضم منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا".

وقال وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو إنّ "الهدف هو العمل خطوة بخطوة، البدء على سبيل المثال بهدنات محلية وإجلاء مدنيين واحتمال فتح ممرات إنسانية آمنة ومن ثم تكثيف العمل من أجل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار ثم سلام دائم مع اتفاق سلام حقيقي".

ووافق الكونغرس الأميركي الخميس على رزمة مساعدة ضخمة لأوكرانيا بقيمة أربعين مليار دولار لدعم جهودها العسكرية في مواجهة روسيا.

ويُفترض أن تسمح رزمة المساعدات الأميركية الجديدة لأوكرانيا بالتزوّد خصوصاً بآليات مصفّحة وتعزيز دفاعها الجوي.

توازيًا، تعهّدت مجموعة السبع الجمعة تقديم 19,8 مليار دولار "لمساعدة أوكرانيا في سدّ عجزها".

إلا أن ألمانيا أعلنت الجمعة أنها لا تؤيد فكرة الحصول على قرض أوروبي مشترك لتمويل إعادة إعمار أوكرانيا.

على صعيد آخر، تهدد الحرب بتصعيد الأزمة الغذائية العالمية إذ تثير بلبلة خطيرة في النشاط الزراعي وحركة تصدير الحبوب في أوكرانيا.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي مساء الخميس "توقفوا عن إعاقة عمل موانئ البحر الأسود! اسمحوا بحرية التنقل للسفن والقطارات والشاحنات التي تنقل الأغذية من أوكرانيا".

ووفق مصدر دبلوماسي غربي، هناك نحو 20 مليون طناً من الحبوب عالقة حاليًا في أوكرانيا. وقالت تركيا إنها تعمل على إرساء "ممر آمن" للسفن الأوكرانية التي تحمل الحبوب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف