مواطنون حولوا سياراتهم منازل موقتة
لماذا يمكث الناس أيامًا في طوابير طويلة للحصول علي الوقود في سريلانكا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عادة ما يكون الوصول إلى المكان الأول في قائمة الانتظار أمرا مرغوبا فيه، لكن أجيوان ساداسيفام ليس لديه أي فكرة عن المدة التي سيبقى فيها عالقا في هذا المكان.
يقول ساداسيفام وهو ينتظر بصبر خارج محطة بنزين في العاصمة السريلانكية كولومبو: "أقف في الطابور منذ يومين بالفعل".
يعمل ساداسيفام سائق تاكسي، وبالتالي فالوقود يمثل شريان الحياة بالنسبة له، لكن سريلانكا ليس لديها إمدادات جديدة من البنزين.
ويُظهر لنا ساداسيفام مقياس البنزين على لوحة القيادة الخاصة به، إذ يُظهر السهم عدم وجود أي كمية من البنزين في السيارة.
يقول ساداسيفام: "أنام في هذه السيارة، وأحيانا أتركها وأذهب لكي أحضر الطعام، ثم أعود وأنتظر. لم أستحم منذ أيام".
ويقول إنه ليس لديه أي خيار آخر سوى الانتظار، مضيفا: "يجب أن أعتني بأسرتي وزوجتي وطفلي الاثنين. وعندما يتوفر الوقود فقط، يمكنني أن أبدأ تشغيل سيارتي وكسب لقمة العيش".
ومع عدم وصول شحنات دولية من الوقود لمدة أسبوعين على الأقل، تُرسل الإمدادات إلى العاصمة من أجزاء أخرى من سريلانكا، حيث لا تزال هناك بعض الاحتياطيات.
لكن هذه الدولة الجزيرة تعاني من نقص في الإمدادات.
يأمل ساداسيفام أن تصل إحدى ناقلات النفط قريبا. وبينما كان يحدق في الفناء الأمامي لمحطة الوقود، بدأ أفراد من الجيش السريلانكي بالتجول جيئة وذهابا لحراسة المضخات الفارغة.
يقول ساداسيفام بنبرة تفاؤل: "لقد أخبروني أنهم يتوقعون وصول سيارة الليلة".
ويضيف: "لا بد أن أنتظر، حتى لو استغرق الأمر أسبوعا. لا يمكنني الانتقال إلى طابور آخر، فهذا ليس عمليا".
لماذا تعاني سريلانكا من أزمة اقتصادية دفعتها لوقف بيع وقود السيارات لمواطنيها؟الموت في سبيل الوقود في سريلانكالم يكن ساداسيفام وحده بالطبع، إذ تمتد الطوابير الطويلة على طول الطريق الرئيسي، وعلى طول الشوارع الجانبية المجاورة الممتدة لما يقرب من كيلومترين (1.2 ميل).
إنه مشهد مذهل، فهناك أربعة طوابير متوازية: واحد للسيارات، وواحد للحافلات والشاحنات، واثنان للدراجات النارية والتوك توك.
إنه انتظار مزدوج، لأنه قبل أن يتمكن أي شخص من الحصول على أي كمية من الوقود، يتعين عليه أن يحصل على رمز يحمل رقم انتظاره في الطابور.
يقول من تحدثنا إليهم إن معظم محطات الوقود تصدر حوالي 150 رمزا في المرة الواحدة.
وفي الجزء الخلفي من طابور الانتظار، وجدنا جايانثا أتوكورالا الذي جاء من قرية خارج كولومبو، مستهلكا ما لا يقل عن 12 لترا من البنزين لمجرد الحصول على فرصة للعثور على المزيد من الوقود.
وعلى عكس ساداسيفام، فإن أتوكورالا لم يحصل على رمز، ويعتقد أن ترتيبه في طابور الانتظار هو 300 في أفضل الأحوال.
يقول أتوكورالا بيأس: "لست متأكدا من أنني سأحصل على رمز اليوم. لا يمكننا العيش بدون غاز أو بنزين. نحن في مأزق كبير".
ويضطر أتوكورالا، الذي يعمل بائع سيارات، للنوم في سيارته أثناء انتظاره للحصول على الوقود.
ولا تقدم بعض المحطات الوقود إلا للخدمات الأساسية فقط مثل الرعاية الصحية وتوزيع الطعام والنقل العام، لكن بعض المحطات الأخرى تسمح للجمهور بالحصول على بعض الوقود، في إطار نظام تقنين صارم.
يقول أتوكورالا إن الكمية المخصصة للسيارات - بقيمة 10,000 روبية سريلانكية (28 دولارا) - ستملأ بالكاد نصف خزان السيارة.
وفي ظل الضغط على حكومة سريلانكا للعثور على مصادر للوقود، تواصلت الحكومة مع روسيا طلبا للمساعدة. ومن المقرر أن يصل وفد إلى موسكو في نهاية الأسبوع لمناقشة شراء النفط الرخيص، وبعث الرئيس غوتابايا راجاباكسا إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة هذه المسألة.
وعند المرور بمحطة الوقود، التقينا بجاغاناثان، الذي لجأ إلى وسائل أخرى للالتفاف على الأمر.
أظهر لنا جاغاناثان، بابتسامة كبيرة على وجهه، دراجته التي اشتراها حديثا، والتي لا يزال عليها بعض التغليف البلاستيكي.
يقول جاغاناثان وهو يعبث بالدواسات: "ما زلت معتادا على ذلك".
يعمل جاغاناثان سائقا أيضا - لكن بدون بنزين أو ديزل - وقد توقف عن العمل وأنفق بعض مدخراته على شراء هذه الدراجة.
وأشار إلى أنه دفع أكثر من ثلاثة أضعاف السعر الطبيعي لدراجته - 70 ألف روبية (194 دولارا).
وبينما كان جاغاناثان يركب دراجته الجديدة وينطلق بعيدا، التقينا بآخرين يجربون حظهم بطرق أخرى.
وخلف طابور من عربات التوك توك الثابتة، يوجد طابور أصغر بكثير - مجموعة من ستة أشخاص ينتظرون شراء تذكرة يانصيب.
ولم يمر وقت طويل، حتى اشترى سيري، وهو عامل يعمل في وظائف غريبة، التذاكر المتبقية المعروضة للبيع - جميع التذاكر البالغ عددها 26 تذكرة.
يقول سيري إنه اشترى التذاكر لعائلته، مضيفا: "ليس لدي مصدر دخل. الأمر صعب، لكن يجب أن نتحلى بالصبر".
وبينما ينام البعض في طابور الوقود في عربات التوك توك الخاصة بهم، ويشكل البعض الآخر مجموعات ويتحدثون أثناء الانتظار، ينظر سيري إلى التذاكر التي يمسكها بيده ويقول وهو يحدوه أمل أكبر بكثير من معظم الناس هنا: "ربما سأفوز باليانصيب يوما ما".