منافسة شرسة على الرئاسة بين لولا دا سيلفا وبولسونارو
البرازيليون يترقّبون النتائج بعد إغلاق مراكز الاقتراع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ريو دي جانيرو: أغلقت الأحد الساعة 17,00 بالتوقيت المحلي (20,00 ت غ) مراكز الاقتراع في البرازيل التي تحبس أنفاسها بانتظار معرفة هوية الفائز في الرئاسة بين الرئيس المنتهية ولايته جايير بولسونارو والرئيس الأسبق اليساري لولا دا سيلفا، الأوفر حظا.
وعكّر جدل النهار الانتخابي الذي لم تتخلّله إشكالات كبرى.
فقد أمر رئيس المحكمة الانتخابية العليا ألكسندر دي مورايس برفع كل حواجز التفتيش التي أقامتها شرطة المرور الاتحادية والتي "أخرت وصول الناخبين" إلى مراكز الاقتراع، ما وصفه اليسار بأنه فضيحة.
وكان مسؤولون في حزب العمال الذي يتزعمه لولا قد نشروا على وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلات فيديو عدة تظهر حافلات تقل ناخبين متوقفة خصوصا في المناطق الريفية في شمال شرق البلاد حيث معقل الرئيس الأسبق (2003-2010)، واصفين ما يجري بأنه "غير مقبول".
لكن مورياس أكد في مؤتمر صحافي أنه على الرغم من التأخير "لم تعد أي حافلة أدراجها وكل الناخبين تمكّنوا من الإدلاء بأصواتهم".
وأبدى كل من المرشحين ثقته في الفوز لدى اقتراعهما الأحد في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التي دعي إليها 152 مليون ناخب وتشهد تنافسا شديدا، علما بان
وقال الرئيس اليميني المتطرف بعيد فتح المكاتب في الساعة الثامنة صباحا (11 صباحا بتوقيت غرينتش) في ريو دي جانيرو "سنفوز الليلة".
وأضاف بولسونارو مرتديا قميصا أصفر وأخضر بألوان العلم الوطني، أن "البرازيل ستنتصر الليلة".
ثم توجه إلى مطار ريو دي جانيرو حيث استقبل فريق نادي فلامينغو لكرة القدم الذي فاز السبت في الاكوادور بكأس "كوبا ليبرتادوريس" التي توازي كأس الابطال في أوروبا.
ووقف بولسونارو مع اللاعبين رافعا الكأس ورسم بعضهم هؤلاء بإصبعه الرقم 22 الذي على الناخبين إدخاله في صناديق الاقتراع الالكترونية للتصويت للرئيس المنتهية ولايته.
وسبق أن حاز بولسونارو تأييد نجم كرة القدم نيمار ما أثار جدلا واسعا.
ويتوجّه لاحقا إلى العاصمة برازيليا حيث يتوقع أن ينتظر نتائج الاقتراع في قصر الفورادا.
لولا
بدوره، صوّت أيقونة اليسار لولا المرشح الأوفر حظا صباحا في مكتب قرب ساو باولو، مؤكدا "ثقته (...) في انتصار الديموقراطية".
وأعرب لولا عن أمله في أن هذه الانتخابات "ستعيد السلام بين البرازيليين".
والبرازيل منقسمة وسط أجواء استقطاب شديد تخللتها كميات هائلة من المعلومات المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيما تبادل المرشحان الشتائم أمام عشرات ملايين المشاهدين.
سن الاقتراع
وفي بلد يسمح بالاقتراع اعتبارا من 16 عاما وحيث التصويت إلزامي اعتبارا من 18 عاما تحت طائلة غرامة رمزية، قال غابريال فاليريانو الذي أكمل لتوه عامه السادس عشر "أن يكون المرء شابا ويصوت هو أمر بالغ الأهمية" والسبب "أننا مستقبل أمة".
وفي مكتب الاقتراع نفسه في برازيليا، اعتبرت كارولينا تافاريس (37 عاما) أن "من المهم التصويت في هذه الانتخابات المميزة".
وتتوقع استطلاعات الرأي منذ أشهر فوز لولا (77 عاما) الذي حكم سابقا لولايتين بين 2003 و2010، إلا أن بولسونارو (67 عاما) يحتفظ ببعض الأمل إثر النتيجة غير المتوقعة التي سجلها في الدورة الأولى من الانتخابات في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر بحصوله على 43 % من الأصوات في مقابل 48 % لغريمه.
واستفاد بولسونارو الذي كانت استطلاعات الرأي تشير إلى تخلفه أكثر من 10 نقاط مئوية عن منافسه، من دينامية مؤيدة له في المرحلة الفاصلة بين الدورتين.
وتعزز نتائج الاستطلاع الأخير للرأي الذي أعده معهد داتافوليا المنشورة مساء السبت من أمل بولسونارو مع تقلص الفارق وتوقع فوز لولا بنيله 52 % من الأصوات في مقابل 48 % للرئيس المنتهية ولايته. ويبلغ هامش الخطأ 2 % في حين سبق أن أخطأت استطلاعات الرأي في توقعاتها.
وقال براين وينتر رئيس تحرير "أميركاز كوارترلي" إن "المعركة محتدمة أكثر مما كان يتوقع الجميع. ستكون انتخابات فيها الكثير من الغموض".
توقعات
والسؤال الرئيسي المطروح: في حال فاز لولا بالانتخابات هل سيقبل بولسونارو بالنتيجة مساء الأحد؟
ورأى روجيريو دولترا دوس سانتوس من جامعة فلومينيسي الفدرالية أنّ "بولسونارو سيطعن بالنتيجة".
يخشى كثيرون أن يتكرر في البرازيل سيناريو الهجوم على مبنى الكابيتول إثر هزيمة دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية وقد يستهدف على سبيل المثال المحكمة العليا التي لطالما شن بولسونارو حملة كبيرة عليها.
ورأى المحلل أن بولسونارو يمكنه الاعتماد على "دعم ناخبيه الأكثر راديكالية (..) والتسبب باضطرابات" لكنه استبعد احتمال مشاركة القوات المسلحة في مغامرة انقلابية مشددا على أن المؤسسات الديموقراطية متينة في البرازيل.
ودعا ترامب البرازيليين إلى إعادة انتخاب بولسونارو "الرجل الرائع" وليس "لولو (كما سماه) المعتوه من اليسار الراديكالي".
وأمل لولا أن يتمتع بولسونارو بـ"الحكمة" ويتصل به في حال فوزه "للاعتراف بالنتيجة".
إلا أن الحملة الانتخابية كانت بعيدة كل البعد عن "الحكمة". فقد كال بولسونارو الشتائم للولا واصفا إياه بأنه "كذاب" و"سجين سابق" و"مدمن كحول" و"مصدر عار وطني" وقد رد عليه الأخير مؤكدا أن منافسه "معتد على أطفال" و"آكل لحوم بشر" و"مرتكب جرائم إبادة" و"ديكتاتور صغير".
وتبادل المرشحان الاتهامات بالكذب وقد غذى بولسونارو وبدرجة أقل لولا، آلة التضليل الاعلامي.
فقد نشرت وسائل التواصل الاجتماعي وهي مصدر المعلومات الوحيد لغالبية مستخدميها البرازيليين البالغ عددهم 170 مليونا، كمية غير مسبوقة من المعلومات الكاذبة.
وفي إطار هذه الحملة القذرة، أُهملت الهموم الفعلية للشعب البرازيلي لا سيما التضخم والبطالة والفقر والجوع التي يعاني منها 33 مليون برازيلي.
وكان الرهان الرئيسي في الفترة الفاصلة بين الدورتين الانتخابيتين محاولة استقطاب 32 مليون شخص امتنعوا عن التصويت في الدورة الأولى (21 %).
ويؤكد لولا أنه يريد حماية الديموقراطية وجعل "البرازيل سعيدة" مجدداً بعد ولايتين اخرج خلالهما نحو 30 مليون برازيلي من براثن الفقر في ظل ازدهار اقتصادي.
أما بولسونارو الشعبوي فيريد الدفاع عن "الخير في مواجهة الشر" والعائلة والله والوطن والحرية الفردية.
ورغم ولاية شهدت أزمات خطرة من بينها جائحة كوفيد، لا يزال يحتفظ بقاعدة أنصار متشددين وتمكن من فرض خطه السياسي في وجه يسار لم يرفع الصوت كثيرا ويمين تقليدي شهد انهيارا كبيرا.
وفي حال انتخابه سيكون لولا الشخصية السياسية المركزية في السياسة البرازيلية منذ أربعة عقود، قد سجل عودة لافتة بعدما دخل السجن بين العامين 2018 و2019 إلى أن الغيت ادانته بتهمة الفساد.
وعلى الرئيس الجديد أن يتعامل مع برلمان أكثر يمينية منذ الانتخابات التشريعية في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر إذ يشهد تمثيلا قويا للحزب الليبرالي بزعامة بولسونارو.