اقتصاد

بعضهم يعمل ليلاً لتأمين معيشته

التضخم يفاقم معاناة المدرّسين في ولاية أريزونا الأميركية

عائشة توماس، معلمة متدربة في برنامج التوجيه بجامعة ولاية أريزونا، تدرس فصلًا تحت إشراف البروفيسور أليكسا مارتينيز في مدرسة نيفيت الابتدائية في فينيكس.
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

فينيكس (الولايات المتحدة): اضطرت شيفاني دلال خلال الأشهر الأخيرة للتوقف عن تناول المعكرونة النباتية المفضلة لديها وتولّي وظيفة ثانية لتستطيع تأمين عيش كريم لها... حالها حال معلّمين كثر في ولاية أريزونا هم من الفئات ذات الرواتب الأدنى في الولايات المتحدة ويواجهون تضخّماً يضع رسالتهم التعليمية على المحك.

وتقول معلمة اللغة الانكليزية البالغة 27 عاماً لوكالة فرانس برس من شقتها الواقعة في فينيكس، عاصمة ولاية أريزونا، "لم أكن أشتري خلال الصيف إلّا ما هو أساسي جداً".

وبعد تسديدها إيجار مسكنها والضرائب المتوجبة عليها والدفعة الشهرية لسيارتها، كان يبقى من راتبها مبلغ 400 دولار ينبغي أن تكمل شهرها به، مما يشكل تحدياً، تزامناً مع أكبر تضخم يُسجّل في الولايات المتحدة منذ 40 عاماً.

وتخلت الشابة عن ارتيادها دور السينما وتوقفت عن القيام برحلات في سيارتها وشراء معكرونة الرامين بصلصة الصويا بعدما ارتفعت أسعار هذه الوجبة اليابانية أربع مرات.

وحصلت دلال منذ أيلول/سبتمبر على زيادة لراتبها قدرها 300 دولار. ومع أنّ هذا المبلغ شكّل متنفّساً لها، إلا أنّه غير كاف في ظل الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار السلع.

وتقول المدرّسة "بعد انخفاض طفيف في أسعار المحروقات، تعاود الارتفاع حالياً بوتيرة بطيئة، وهذا مقلق بعض الشيء". ويُفترض أن تستأنف عام 2023 سداد قرضها الطالبي الذي جُمّد خلال فترة الجائحة.


كريم نيل أمضى نصف حياته في العمل مع طلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة في فينيكس، أريزونا

عمل إضافي

ومن أجل الحصول على مردود إضافي، أجرت دلال استطلاعات لصالح الحزب الديمقراطي بعد انتهاء الدوام المدرسي، مما أتاح لها كسب 250 إلى 300 دولار إضافية أسبوعياً قبل انتخابات منتصف الولاية الأميركية، وقد عملت لـ70 ساعة في هذا المجال.

وتقول الشابة التي تصرّ على عدم التخلي عن مهنة التعليم وتخطط للانتقال إلى كاليفورنيا حيث يمكن أن تعيش مع أسرتها إنّ "العمل كثيراً هو أمر مرهق فعلاً".

وتتأثر ولاية أريزونا بصورة كبيرة بالتضخم الحاصل في الولايات المتحدة، إذ تشكل عاصمتها فينيكس أكثر مدينة أميركية شهدث ارتفاعاً في الأسعار لشهر آب/أغسطس (+13% على أساس سنوي).

وتسبب هذا التضخم بضغوط كبيرة على المدرّسين الذين يُعدّون من الفئات ذات الرواب الأدنى بالولايات المتحدة. وتحتل ولاية أريزونا المرتبة 44 على 50 لناحية رواتب المعلمين، مع متوسط مردود سنوي يبلغ 52157 دولاراً، بحسب الرابطة الوطنية للتعليم.

وتمكّن كريم نيل الذي يبلغ 48 عاماً قضى 24 منها في رعاية التلاميذ ذوي الإعاقة، أخيراً من استئجار شقة مع إطلالة جميلة على وسط مدينة فينيكس. وعمل نيل الذي حاز مكافآت عدة آخرها من منظمة "ناشونال تيتشرز هول أوف فايم" لفترة طويلة سائقاً وحارساً في ملهى ليلي خارج دواماته التدريسية.

لكن منذ ستة أشهر، ارتفعت الأسعار بشكلٍ كبير لدرجة أنه لم يعد قادراً على الادخار رغم الدخل الإضافي الذي يحصّله من محاضرات يعطيها في شأن التعليم. وليتمكّن من تحقيق أحلامه المتمثلة في امتلاك منزل والادخار للتقاعد، يفكّر في إيجاد مسكن أقل تكلفة.

ويقول لوكالة فرانس برس إنّ ممارسته أعمالاً عدة "يتسبب يؤثر سلباً على صحته الذهنية"، مضيفاً "هل سأتمكن يوماً ما من الاكتفاء بوظيفة واحدة؟ هل سأتمكن من إبطاء تقدّمي في السن؟".

وفي المدرسة الثانوية حيث يدرّس، تخلى بعض زملائه في الآونة الأخيرة عن وظائفهم، وهي مشكلة كبيرة في ولاية أريزونا تفاقمت نتيجة التضخم. وفي بداية العام الدراسي 2022، بقيت أكثر من ربع وظائف التدريس شاغرة، على ما تشير ASPAA (أريزونا سكول برسنل ادمينيسترايترز أسوسيايشن").

استقدام أجانب

وفي مواجهة النقص الكبير في أعداد المعلمين، تستقدم مدارس عدة "مدرّسين من الفيليبين أو الهند أو فيتنام"، على ما يوضح بول تيغي، وهو مدير منظمة أخرى تضم مديري المؤسسات.

وفي محاولة للاحتفاظ بالمعلمين الذين استقال الكثير منهم خلال السنوات الخمس الأولى من حياتهم المهنية، أطلقت جامعة "نورذرن أريزونا" برنامجاً إرشادياً هذا الصيف.

ويتيح البرنامج للطلاب أن يتعلّموا عبر التدريس في الصفوف تحت إشراف أحد المدرّسين، من دون دفع أي مقابل للدروس الخاصة بدرجة الماجستير. ويحصلوا على منحة بقيمة 15 ألف دولار في السنة الأولى، ثم يتقاضون راتباً مماثلاً للذي يتقاضاه الأستاذ شرط أن يدرّسوا في الولاية لثلاث سنوات.

وتقول عائشة توماس، وهي إحدى الطلاب الاثنين والعشرين الذين وقع الاختيار عليهم، "لولا هذا البرنامج، ربما كنت سأضطر للجوء إلى قرض طلابي وتمويل التغطية الطبية الخاصة بي"، مضيفةً أنّ هذا البرنامج شكل "مصدر راحة كبير" لها.

وعلى المدى البعيد، تخطط المبادرة لتدريب مئة طالب جديد سنوياً، وترغب في أن تكون قادرة على تقديم حلول في ما خصّ الإقامة، بحسب مديرتها فيكتوريا تيسين-هومر.

وتأمل هومر في أن "تتطور المبادرة لتتيح للمعلّمين الاستمرار في ظل التضخم الذي يواجهونه حالياً".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف