قضت داخل السيارة التي كانت تستقلها
مقتل فتاة فلسطينية مصابة بالتوحد يسلط الضوء على استخدام إسرائيل للقوة المميتة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
دُفنت فلة المسالمة في عيد ميلادها السادس عشر في قبر مغلق بالإسمنت ومُحاط بباقة واحدة من الزهور.
كانت عائلتها تخطط لإعداد حفل لها في ذلك اليوم، لكنها بدلا من ذلك ودعت ابنتها "الرائعة والجميلة" التي عاشت وهي تعاني من صعوبات التوحد ونشأت في فقر.
وقبل عيد ميلادها بيوم واحد، قُتلت فلة برصاص جنود إسرائيليين أطلقوا عدة أعيرة نارية على السيارة التي كانت تستقلها.
وقال الجيش إن السيارة التي كان يقودها فلسطيني يبلغ من العمر 26 عاما لم تستجب للنداءات بالتوقف واندفعت نحو الجنود، وهو ما نفاه شهود عيان وعائلة فلة. وقال الجيش في وقت لاحق إن السائق كان مخمورا.
وسلطت هذه القضية الضوء من جديد على استخدام إسرائيل للقوة المميتة فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أكثر الأعوام دموية للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة منذ عام 2005، في أعقاب سلسلة من الهجمات الفلسطينية المميتة ضد إسرائيليين.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى المنطقة، تور وينيسلاند، إنه "أُصيب بالفزع" لوفاتها، ودعا إلى إجراء تحقيق فوري وشامل.
شيرين أبو عاقلة: لماذا يصعب تحقيق العدالة للصحفيين الذين قتلوا في الشرق الأوسط؟اشتباكات نابلس: ستة قتلى من الفلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في المدينة الفلسطينية ورام الله روايات متناقضةنشأت فلة في قرية ريفية جنوبي الضفة الغربية. لكن بعد انفصال والديها، عاشت مع والدتها، غالية، التي كانت تعمل كعاملة نظافة في مستشفى في بلدة بيتونيا.
وقالت غالية لبي بي سي، في إشارة إلى الإعاقة التي جعلت ابنتها تجد صعوبة في التعلم بشكل مستقل: "كانت تعني كل شيء بالنسبة لي. كانت تنام دائما في حضني. ونظرا لأنها كانت مريضة، فكانت تنام معي. لقد كانت مصابة بالتوحد".
وفي الأيام التي سبقت عيد ميلادها السادس عشر، اتصلت فلة بأختها الكبرى، داليا، وطلبت منها إعداد حفل في منزل الأسرة بالقرية.
تقول داليا: "كانت فلة تريد الخروج وشراء بعض الأشياء، لكنها لم تكن تعرف النهار من الليل. كانت أمي تغلق الباب لأنها كانت تخشى عليها. لكن فلة أخذت المفتاح الاحتياطي وخرجت من المنزل. وعندما خرجت، اتصلنا بالشرطة [الفلسطينية] للبحث عنها".
ومن غير الواضح كيف أصبحت فلة مع الرجل الذي كان يقود السيارة التي قُتلت فيها. وتقول عائلتها إنه كان ينقلها إلى المنزل في الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين.
ويعد هذا جزءا من القصة التي يحجم السكان المحليون عن الحديث عنها، نظرا للمحرمات الاجتماعية حول إمكانية وجود علاقة استغلالية أو غير مسموح بها وتعاطي الكحول. لكنها تشير إلى إمكانية حدوث مأساة أخرى لفلة؛ تلك الفتاة الضعيفة التي تبلغ من العمر 15 عاما والتي أبلغت العائلة عن فقدانها من المنزل.
في غضون ذلك، كان الجيش الإسرائيلي يشن سلسلة من المداهمات العسكرية في أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك بيتونيا، حيث قال إن الجنود كانوا يعتقلون "مشتبها به مطلوبا".
ويُظهر مقطع فيديو التقطته كاميرا الأمن المحلي عدة جنود إسرائيليين مدججين بالسلاح وسيارة جيب عسكرية تتوقف على تل في أحد الطرق الرئيسية في البلدة، بينما كانت المداهمة تحدث في مكان قريب.
وفي اللقطات التي ظهرت في مقطع الفيديو، والتي ليس لها صوت، دخلت سيارة في الإطار ويُمكن رؤية جنديين في شارع جانبي يطلقان النار باتجاه الراكب، الذي يُعتقد أن فلة كانت تجلس بجانبه.
ويبدو أن رصاصتين على الأقل أطلقتا بعد توقف السيارة. ولا يُظهر مقطع الفيديو ما حدث في اللحظات التي سبقت ذلك، وتشير صور الأضرار التي لحقت بالسيارة إلى أن الجنود المتمركزين في مكان آخر أطلقوا النار عليها أيضا.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن الجنود رأوا "مركبة مشبوهة" تتجه نحوهم وأمروها بالتوقف، مشيرا إلى أن ذلك الأمر استمر "لبضع ثوان". لكن الجيش يقول إن السيارة انطلقت بعد ذلك باتجاه الجنود الذين "ردوا بإطلاق النار". وأضاف أنه تبين فيما بعد أن السائق كان تحت تأثير الكحول.
وأسفر ذلك عن إصابة أنس حسونة، البالغ من العمر 26 عاما، بجروح بالغة، واعتقلته القوات الإسرائيلية ونُقل إلى المستشفى.
تحدثت بي بي سي مع ثلاثة شهود عيان يعيشون في مبنى سكني يطل على مكان الحادث، وقالوا جميعهم إنهم لم يروا أي محاولة لدهس الجنود.
وقال أحد السكان، الذي قال إن اسمه قصي وطلب عدم نشر اسمه كاملا خوفا من فقدان تصريح عبور نقاط التفتيش العسكرية للعمل في إسرائيل: "لم يكن السائق يهاجم أي شخص، لقد فوجئ بهم".
وأضاف: "مرت السيارة وكانت السماء تمطر، وكان هناك رعد وبرق، لذلك كان السائق يغلق النوافذ وربما لم يسمعهم".
حصيلة متزايدةقُتل هذا العام أكثر من 130 فلسطينيا في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. وكانت النسبة الأكبر من بين المسلحين الذين قُتلوا برصاص القوات الإسرائيلية، وكان ذلك في كثير من الأحيان خلال معارك بالأسلحة النارية خلال مداهمات الاعتقال.
وتشمل قائمة الوفيات الأخرى مراهقين أُطلق النار عليهم بعد قيامهم بإلقاء حجارة أو قنابل حارقة، ومدنيين عزل ومارة، ومتظاهرين مناهضين للاستيطان، وأفرادا فُتحت عليهم النار أثناء تنفيذ هجمات، بما في ذلك عمليات طعن ودهس بالسيارات.
وينفذ الجيش الإسرائيلي غارات بحث واعتقال كل ليلة تقريبا في الأراضي المحتلة، في أعقاب موجة من العنف المسلح من قبل فلسطينيين يستهدفون الإسرائيليين. وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل أكثر من 25 شخصا منذ مارس/آذار الماضي، مما يجعل هذا العام الأكثر دموية للإسرائيليين منذ عام 2015.
وقُتل ثلاثة اشخاص يوم الثلاثاء بالقرب من مستوطنة أريئيل بالضفة الغربية في هجوم دهس وطعن نفذه فلسطيني قتل برصاص القوات الإسرائيلية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه سيواصل تنفيذ عملياته في الضفة الغربية من أجل حماية المدنيين من تهديد الإرهاب.
ووفقا للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين، فإن قضية فلة المسالمة تسلط الضوء على عدم وجود أي نظام محاسبة مناسب للفلسطينيين الخاضعين للاحتلال العسكري الإسرائيلي.
ويقول مدير الحركة، خالد قزمار: "هذه هي الأجواء التي يعيش فيها الأطفال الفلسطينيون. وفقا لوثائقنا، لم يكن هناك خطر من هذه الفتاة والسيارة التي كانت بداخلها. لم يكن يحق لهم استهدافها".
وفي جنازتها بقرية بيت عوا، شارك مئات الرجال في موكب دفنها، بينما ذهبت النساء إلى منزل العائلة لمواساة أقاربها.
وقالت سميرة ملوح، عمة فلة، إن فلة كانت طفلة بريئة، مشيرة إلى أنها كانت تأتي إلى منزلها و"تخبرني أنها تحب أطفالي كثيرا".
وأضافت: "كانت فلة طفلة رائعة وجميلة. كانت فقيرة، لكنها كانت تذهلك بجمالها".