دولٌ أفريقيّة مستاءة من عدم تضامن الدول الغربيّة
الفرنكوفونية تسعى إلى تعزيز دورها الدولي عبر قمتها في تونس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جربة (تونس): انطلقت السبت الدورة الثامنة عشرة لقمّة الفرنكوفونيّة في جزيرة جربة التونسيّة بمشاركة نحو تسعين وفدا و31 من كبار القادة لتأكيد قدرة المنظّمة الدوليّة للفرنكوفونيّة على أداء "دور مهمّ" لحلّ الأزمات الدوليّة الراهنة.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي مساء السبت "تمكّنّا من الوصول على بيان من جميع الأعضاء (...) فيه موقف واضح جدًا من الحرب التي تشنّها روسيا في أوكرانيا"، دون أن يُعطي مزيدًا من التفاصيل. كما أعلن أنّ فرنسا تقدّمت بطلب كي تُنظّم قمّة الفرنكوفونيّة عام 2024.
وأكّدت الأمينة العامّة للمنظّمة، الروانديّة لويز موشيكيوابو، أنّ المنظّمة قادرة على التمتّع بـ"تأثير في عالم ممزّق" بأزمات متعدّدة. وتابعت في كلمة الافتتاح "يجب أن تظلّ الفرنكوفونيّة حلقة وصل للحدّ من تحوّل التوتّرات إلى نزاعات".
وذكّرت الأمينة العامّة بالكثير من "العواصف" التي اجتاحت العالم، خصوصا جائحة كوفيد-19 التي تسبّبت في تأجيل قمّة 2020.
ملفات دولية
ويتناقش المشاركون على مدى يومين في المسائل المتعلّقة بـ"المجال الرقمي بوصفه محرّكا للتنمية"، فضلا عن ملفّات دوليّة تتعلّق خصوصا بالحرب في أوكرانيا.
وينعقد اللقاء مع استمرار قمّة المناخ في مصر وبعد اجتماع مجموعة العشرين في إندونيسيا الذي طغت على جدول أعماله الحرب في أوكرانيا، البلد الذي يحمل صفة مراقب في منظّمة الفرنكوفونيّة.
لم تتطرّق الأمينة العامّة إلى الأزمة الروسيّة الأوكرانيّة في كلمتها، بينما شكّل هذا الملفّ محور محادثات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورؤساء آخرين خلال القمّة، على ما أفادت مصادر قريبة من الملفّ.
ويحضر القمّة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو فضلا عن رؤساء دول أفريقيّة.
استياء
وتُعبّر دول أفريقيّة عدّة عن استيائها من عدم تضامن الدول الغربيّة مع القارّة التي تواجه أزمات متعدّدة ومتواصلة، بينما كان اهتمامها مركّزًا على مساعدة أوكرانيا.
وعبّر الرئيس التونسي قيس سعيّد عن أمله في أن تخلص القمة إلى "نتائج ملموسة وحقيقيّة" لمواجهة "التقلّبات التي يشهدها العالم".
وشدّد الرئيس الفرنسي خلال لقائه مجموعة من الشباب على هامش القمّة، على ضرورة "استرداد" اللغة الفرنسيّة مكانتها في بعض الدول الفرنكوفونيّة بعد أن سجّلت "تراجعا حقيقيا".
ودعا ماكرون إلى أن تكون الفرنكوفونيّة "فضاء حيّا وفضاء للصمود ... وليس فضاء مؤسّساتيا".
ومنحت فرنسا السبت قرضا بقيمة 200 مليون يورو لتونس لمواجهة أزمتها الاقتصادية. كذلك، وقّع الرئيسان التونسي والفرنسي "مخططا طموحا لتعزيز مهارات اللغة الفرنسيّة للمعلّمين والطلاب في التعليم"، وفقا لبيان أصدره الإليزيه.
تحتفل المنظّمة الفرنكوفونيّة التي تضمّ 88 عضوا بالذكرى الخمسين لتأسيسها. وكانت تونس من الدول المؤسّسة للمنظّمة في العام 1972 إلى جانب السنغال ونيجيريا وكمبوديا.
وتشارك دول غير منضوية في الفرنكوفونيّة في أعمال القمّة على غرار مولدافيا والإمارات العربيّة المتّحدة وصربيا.
المرشحة الوحيدة
ويُتوقّع إعادة انتخاب الأمينة العامّة على رأس المنظّمة لأربع سنوات جديدة، وهي المرشّحة الوحيدة لهذا المنصب.
يشمل الفضاء الفرنكوفوني 321 مليون ناطق باللغة الفرنسيّة يتوقّع أن يتضاعف عددهم بنهاية العام 2050 بفضل انتشار اللغة الفرنسية في القارّة الأفريقيّة.
وأكّدت الأمينة العامّة في مقابلة سابقة مع فرانس برس أنّ المنظّمة تكتسب "أهمّية أكبر من أيّ وقت مضى"، وذلك ردا على تصاعد الانتقادات الموجّهة إليها ومن بينها ما كتبه الكاتب السنغالي أمادو لمين صال في مقال واعتبر فيه أنّ الفرنكوفونيّة "لا تُرى" و"لا تُسمع" على النطاق الدولي.
وبحسب مسؤول كبير في كندا، فإنّ المنظّمة "يمكن أن تكون قوّة إيجابيّة" في القضايا العالميّة مثل "تعزيز السلام والازدهار الاقتصادي وترسيخ الديموقراطيّة".
ويُبدي مسؤولون كنديّون آخرون "مخاوف" بشأن "المشاركة الديموقراطيّة" في تونس منذ أن قرّر سعيّد في 25 تموز/يوليو الفائت احتكار السلطات في البلاد، مشدّدين على أنّ كندا ستثير هذا الموضوع خلال اجتماعات القمّة.
المعارضة التونسية
وتستضيف تونس القمّة بعد تأجيلها مرّتين، الأولى في العام 2020 بسبب كوفيد-19، ثم في خريف 2021، بعد الإجراءات التي اتّخذها سعيّد ويُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تنهي تجربة ديموقراطيّة رائدة في العالم العربي.
من جهتها، اعتبرت المعارضة التونسيّة أنّ تنظيم القمّة "استغلال من قبل سلطات الانقلاب للتسويق للانقلاب".
وقالت سميرة الشواشي العضو في "جبهة الخلاص"، وهي تكتّل أحزاب معارضة في مقدّمها حزب النهضة، في مؤتمر صحافي السبت بالعاصمة تونس "نتمنّى أن يكون حضور الوفود في قمّة الفرنكوفونيّة في تونس دعما لمسارها الديموقراطي".
رأى الخبير السياسي الفرنسي فينسان جيسار أنّ انعقاد القمة يعدّ "نجاحًا" لسعيّد لأنّه "سيُخرجه من عزلته موقّتا على الأقل".
وأضاف "إنّه نوع من التقاط أنفاس وتهدئة في علاقاته مع شركائه الغربيّين الرئيسيّين... سيوظّف هذا الحدث لإضفاء الشرعيّة على تحوّل سلطوي يُنتقد بشدة" من المنظّمات الحقوقيّة المحلّية والدوليّة والأحزاب السياسيّة المعارضة.
وقال المنسّق العام للقمّة محمد الطرابلسي إنّ هذه الاجتماعات تمثّل "اعترافا بدور تونس في العالم الناطق بالفرنسيّة وبدبلوماسيّتها على المستويين الإقليمي والدولي"، وهي فرصة "لتعزيز التعاون الاقتصادي".