دعوات لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية
ناشطون إيرانيون يقللون من أهمية التصريح عن تفكيك شرطة الأخلاق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس: قلل ناشطون حقوقيون مؤيّدون للحركة الاحتجاجية في إيران الاثنين من أهمية تصريح رسمي عن تفكيك السلطات لجهاز شرطة الأخلاق المثير للجدل، مشددين على أن أي تغيير لم يطرأ على قواعد الجمهورية الإسلامية المقيّدة بشدة للباس المرأة.
كما صدرت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي لتنفيذ إضراب مدته ثلاثة أيام، بعد أكثر من شهرين على اندلاع موجة الاضطرابات التي أثارتها وفاة الإيرانية الكردية مهسا أميني (22 عاما) بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران.
اتُّهمت أميني بخرق القيود الصارمة المفروضة على لباس النساء في الجمهورية الإسلامية وأثارت وفاتها احتجاجات تحوّلت إلى أكبر تحد يواجهه النظام منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
منتظري
وفي تصريح مفاجئ نهاية الأسبوع، قال المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري إنه تم إلغاء شرطة الأخلاق التي تعرف محليا باسم "كشت ارشاد" (أي دوريات الإرشاد).
لكن الناشطين شككوا في مدى صحة تصريحاته التي بدت أقرب إلى رد عفوي على سؤال طُرح عليه خلال مؤتمر صحافي من كونها إعلانا واضحا بشأن شرطة الأخلاق التابعة لوزارة الداخلية.
وشددوا على أنه حتى وإن أُلغيت، فإن الخطوة لن تمثّل أي تغيير في سياسة إيران بشأن الحجاب التي تمثّل إحدى الركائز الفكرية لنظامها الديني، بل ستكون مجرّد تعديل في التكتيكات المتبعة لفرضها.
واتفقت برلين مع هذه الرؤيا الإثنين إذ قالت متحدثة باسم الخارجية الألمانية إن "الإيرانيين والإيرانيات ينزلون إلى الشارع للدفاع عن حقوقهم الأساسية. يريدون العيش بحرية واستقلالية، وهذا الإجراء في حال تطبيقه لن يغير هذا الأمر إطلاقا".
وقالت المؤسسة المشاركة لمركز عبد الرحمن بوروماند لحقوق الإنسان ومقرّه الولايات المتحدة رؤيا بوروماند لفرانس برس إن إلغاء وحدات شرطة الأخلاق سيشكّل خطوة "ضئيلة جدا ومتأخرة جدا على الأرجح" بالنسبة للمحتجين الذين باتوا يطالبون بتغيير النظام بأكمله.
وأضافت "ما لم يرفعوا جميع القيود القانونية على لباس النساء والقوانين التي تتحكم بحياة المواطنين الخاصة، فلا تنصب هذه الخطوة إلا في إطار العلاقات العامة"، مضيفة أن "لا شيء يمنع (أجهزة) إنفاذ القانون الأخرى" من مراقبة تطبيق "القوانين التمييزية".
يعد مشهد دوريات شرطة الأخلاق مألوفا في شوارع طهران منذ العام 2006 عندما أُدخلت في عهد الرئيس المحافظ المتشدد حينذاك محمود أحمدي نجاد. لكن القيادة الدينية تطبّق القواعد التي تشمل فرض الحجاب منذ ما قبل ذلك بكثير.
عهد الشاه
في عهد آخر شاه هو محمد رضا بهلوي، كان للنساء الحرية في اختيار ما يرتدينه إذ كان نمط اللباس في مناطق طهران العلمانية يشبه إلى حد كبير الأزياء الغربية. وذهب والده رضا شاه قبله أبعد من ذلك فأصدر مرسوما حظر فيه الحجاب بكافة أشكاله.
وكان الغضب بشأن الحجاب الإلزامي هو ما أطلق شرارة أولى الاحتجاجات على وفاة أميني التي ذكرت عائلتها بأنها قضت نتيجة ضربة على الرأس تعرّضت لها أثناء احتجازها، وهو أمر نفته السلطات.
لكن الحراك الذي تغذيه أيضا سنوات من الغضب المرتبط بالوضع الاقتصادي والقمع السياسي، بات يتركّز حاليا على دعوات لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية بزعامة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وتفيد التقارير الواردة من طهران بأن دوريات شرطة الأخلاق باتت أقل شيوعا بكثير أو اختفت بعد اندلاع الاحتجاجات.
في الأثناء، تركّز السلطات على التصدي للمحتجين في إطار حملة أمنية أودت بحياة 448 شخصا على الأقل، بحسب مركز حقوق الإنسان في إيران ومقرّه النروج.
وقال المحلل البارز المتخصص في شؤون إيران لدى منظمة "الديموقراطية الآن للعالم العربي" أوميد ميماريان إن "الإلغاء المفترض لشرطة الأخلاق الإيرانية لا معنى له إذ أنه بات غير ذي صلة بالفعل بسبب المستوى الهائل للعصيان المدني الذي تقوم به النساء والتحدي للقواعد المرتبطة بالحجاب".
ووصف الحجاب الإلزامي بأنه "أحد ركائز الجمهورية الإسلامية" ولفت إلى أن "إلغاء هذه القوانين والهيكليات سيعني تغييرا جوهريا في هوية ووجود الجمهورية الإسلامية".
واعتُبر إعلان منتظري والإرباك الذي أثارته تصريحاته مؤشرا على الاضطراب في صفوف النظام بشأن كيفية التعامل مع الاحتجاجات المتواصلة في أنحاء البلاد رغم الحملة الأمنية.
وبدا هناك تردد في إيران الاثنين حيال معنى التصريحات. فبينما عنونت الصحف الإصلاحية عليها في صفحتها الأولى، تجاهلتها وسائل الإعلام المحافظة إلى حد كبير.
وعنونت صحيفة "سازانديجي" "نهاية شرطة الأخلاق". لكن صحيفة "شرق" بدت مشككة أكثر وتساءلت "هل هذه نهاية الدوريات؟" مشيرة إلى أن قسم العلاقات العامة التابع للشرطة لم يؤكد الأمر.
بدروه، أكد ميماريان "يجب ألا تنطوي على أحد الخطوات المخادعة التي توظفها الجمهورية الإسلامية في أوقات اليأس، إذ أنها قد تعود بسياسات وإجراءات أخرى مقيّدة".
وأفاد المؤسس المشارك لمجموعة "العدالة من أجل إيران" في لندن شادي صدر أن الحجاب "ما زال إلزاميا". ولفت إلى أنه بينما بدأت الاحتجاجات على خلفية وفاة أميني، إلا أن "الإيرانيين لن يهدأوا إلى حين رحيل النظام".