إثر موجة حادة لم تشهدها البلاد منذ أربعين سنة
الجفاف يقضي على الحيوانات في متنزهات كينيا الوطنية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
امبوسيلي (كينيا): أدت موجة حادة من الجفاف لم تشهدها كينيا منذ أربعين سنة، إلى نفوق أعداد من الفيلة والجواميس والحمير الوحشية في المتنزهات الوطنية.
وأصبحت الأرض في أمبوسيلي (جنوب) قرب الحدود التنزانية، جافة وتتشقق تحت الأقدام، فيما لا يُرصد أي عشب طويل في الأفق بل اصفرار في أوراق الأشجار الضعيفة. وتنتشر جيف الحيوانات على طول الطريق.
ويشير جوسفات وانجيجي كاغاي (37 عاماً)، وهو حارس لدى هيئة الحفاظ على الطبيعة ويعمل في متنزه أمبوسيلي الوطني منذ سنة 2016، إلى أنّ "آخر هطول كبير للأمطار شهدته المنطقة كان في كانون الاول/ديسمبر 2021".
واستُدعي كاغاي من كيليمبو أوله نكورين، وهو راع متحدر من مجموعة ماساي عثر خلال رعي قطيعه على فيل نافق منذ نحو شهر.
وجيفة الفيل التي تتغذى عليها الطيور الجارحة وحيوانات مفترسة أخرى، ملقاة في السهل الشاسع الذي تطل عليه القمم المكسوة بالثلوج في كليمنجارو. وتنبعث رائحة نتنة من بقايا الحيوان الذي كان في سنواته السابعة فيما يبلغ متوسط العمر المتوقع للفيلة نحو 60 عاماً.
ويؤكد جوسفات وانجيجي كاغاي بأسف أنّ "الفيل نفق بسبب الجفاف".
ويزيل الحارس بواسطة فأس أنياب الحيوان لكي لا يستولي عليها الصيادون. ويقول "منذ أسابيع قليلة، نقوم بهذه المهمة بشكل يومي تقريباً. هذه المرة الأولى التي أرى فيها أمراً مماثلاً وهذا يحزنني جداً".
ومنذ أواخر عام 2020، يعاني القرن الأفريقي من شح في كميات الأمطار المتساقطة .
وفي كينيا، تسبّب الجفاف الناجم عن التغير المناخي في تجويع ما لا يقل عن أربعة ملايين شخص (من أصل 50 مليون نسمة)، ومعهم حيوانات برية استثنائية جعلت كينيا وجهة سياحية بارزة.
وتشير وزيرة السياحة بينينا مالونزا إلى أن الجفاف تسبب في نفوق 205 فيلة و512 ثيتلاً افريقياً و381 حماراً وحشياً و12 زرافة بين شباط/فبراير وتشرين الاول/أكتوبر.
جفاف الآبار
وفي متنزه أمبوسيلي الوطني، أحد المنتزهين البارزين في كينيا إلى جانب محمية ماساي مارا، تشهد الآبار جفافاً وتفرغ المراعي من الحيوانات.
ويقول جوسفات وانجيجي كاغاي "رأيت في إحدى المرات فيلاً على شفير النفوق فأشربته لكنّ الأوان كان قد فات، ونفق بعد وقت قصير"، موضحاً أنّ الحمير الوحشية والظباء هي بين أكثر الأنواع تضرراً.
ويشير كيليمبو اوله نكورين الذي أمضى سنواته الخمس والثلاثين في أمبوسيلي، إلى أنّ "هذا الجفاف رهيب (...) لأنّ الحيوانات كلها تختفي حالياً، من حمير وحشية إلى ثيتل إفريقية وزرافات وفيلة"، مضيفاً "لم أشهد قط أعداداً مماثلة لحيوانات برية نافقة".
ويتابع "قبل الجفاف، كان بالإمكان رؤية قطعان من الفيلة تتجوّل في هذا الجزء من المتنزه، بينما لم تعد موجودة حالياً".
وفي منطقة نائية من المتنزه، تنتشر جيف متعفنة من الحمير الوحشية والجواميس والظباء على أرض قاحلة، وتتشكل فوقها أسراب من الذباب. ويلفت جوزفات إلى أنّ "أقرب نقطة مياه تقع على بعد حوالى ثلاثين كيلومتراً، وكانت هذه المسافة بعيدة جداً للحيوانات".
وتفيد نورا نجيريني، وهي عضو منذ 1985 في منظمة "امبوسيلي تراست فور إيليفنتس" المتخصصة في دراسة الفيلة داخل المتنزه، بأنّ أكثر من مئة فيل من أصل ألفين نفقت منذ حزيران/يونيو في متنزه امبوسيلي الوطني.
وتذكّرها الفترة الحالية بموجة جفاف أخرى سُجلت عام 2009 وتسببت بنفوق فيلة تحديداً، وكانت أسوأ من الحالية بالنسبة إلى الحيوانات.
وتقول "في عام 2009، خسرنا إناث فيلة بالغة (...)، إلا أنّ هذه السنة مختلفة لأن الفيلة الأصغر سنّاً تنفق".
الحد من العواقب
وهذه السنة، تحاول الهيئة المولجة حماية الطبيعة إلى جانب موظفي المنتزهات، الحد من عواقب موجة الجفاف.
وفي متنزه أمبوسيلي، يُحضر الحراس التبن للحيوانات كل يومين.
أما في متنزه تسافو إيست الوطني الذي يقع على بعد حوالى 140 كيلومتراً إلى الشمال، فتولّت هيئة الحفاظ على الطبيعة حفر آبار لسحب مياه وتوفيرها للحيوانات. ورغم هذه الخطوة، نفق 54 فيلاً في المتنزه بين شباط/فبراير وتشرين الأول/أكتوبر.
ويقول مدير المتنزه كينيث أوتشينغ "بحسب توقعات الأحوال الجوية، لا يفترض أن تكون كميات المتساقطات في هذا الموسم (من تشرين الأول/أكتوبر إلى كانون الأول/ديسمبر) كافية"، رغم تسجيل هطول حديث للأمطار.
ورغم التوقعات القاتمة، يرغب أوتشينغ في أن يبقى "متفائلاً" ويؤمن في أنّ الإجراءات المتخذة ستثمر نتائج إيجابية. ويقول إنّ "المشاكل التي نعاني منها (كالاحترار المناخي) سببها البشر والحلّ لدى البشر أيضاً".