العراق: السوداني لتطويق عسكري استباقي لتوسع الاحتجاجات الدامية

إيلاف من لندن: مع استعدادات لناشطي محافظات عراقية للخروج باحتجاجات الخميس دعما لمتظاهري الناصرية وللمطالبة باطلاق ناشط حكم عليه بالسجن فقد سارع السوداني لاتخاذ اجراءات لمنع امتداد الاحتجاجات لمدن اخرى.

وفيما تم اليوم وضع اكثر من ثلاثة الاف عسكري في حالة الجهوزية في العاصمة بغداد تحسبا لانطلاق احتجاجات واسعة فيها فقد ترأس رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني في وقت متأخر من ليل الاربعاء اجتماعا للمجلس الوزاري للأمن الوطني ناقش خلاله الأوضاع الأمنية في البلاد والتظاهرات الدامية التي شهدتها مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد) وقرر "إرسال لجنة أمنية عليا إلى المحافظة للتحقيق في الأحداث التي تسببت بسقوط ضحايا وحدوث إصابات بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية" كما قال مكتبه الاعلامي في بيان تابعته "ايلاف".

وشدّد المجلس على "ضرورة الحفاظ على أرواح المتظاهرين السلميين ومنع أية جهة من التدخل عبر تسييس التظاهرات أو استغلالها لأغراض شخصية".

نشطاء يحملون وسط بغداد مساء الاربعاء 7 ديسمبر 2022 صور الشاب حيدر الزيدي الذي حكم عليه الاثنين الماضي بالسجن ثلاث سنوات لانتقاده مليشيا الحشد الشعبي مطالبين بأطلاق سراحه (تويتر)

وكانت مدينة الناصرية قد شهدت مساء الاربعاء اندلاع صدامات بين قوات الامن ومتظاهرين كانوا يطالبون بالخدمات وإقالة المحافظ وإسقاط التهم الكيدية عن الناشطين والغاء الحكم بالسجن على الناشط حيدر الزيدي ثلاث سنوات لانتقاده مليشيات الحشد وعدم توزيع قطع أراضي سكنية لجرحى التظاهرات التي تشهدها البلاد منذ عامين.

وأكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان في بيان مقتضب تابعته "ايلاف" مقتل متظاهرين اثنين بالرصاص الحي الذي اطلقه ضدهم عناصر قوات الامن وسط مدينة الناصرية هما علي الياسري ومحمد سمير اللذين اصيبا برصاصات في الرأس . وأشار الى ان المتظاهرين توفيا في مستشفى الحبوبي هناك موضحا ان حوالي 25 جريحا قد اصيبوا أيضا.

واليوم الخميس تم الاعلان في الناصرية عن وفاة متظاهر ثالث كان قد اصيب برصاص قوات الامن يوم امس الاربعاء.

لجنة أمنية الى ذي قار

كما وجه السوداني بإرسال لجنة أمنية عليا إلى محافظة ذي قار لإجراء التحقيق في حادث سقوط ضحايا من المتظاهرين برصاص قوات الامن التي قتلت اثنين منهم واصابت حوالي 25 آخرين ومعرفة ملابسات إطلاق النار على المتظاهرين ومقتل اثنين منهم ومعرفة المقصرين ومحاسبتهم ومن أي جهة كانت.
ووافق مجلس الامن الوزاري على الشروع بخطة نقل المسؤلية الأمنية من وزارة الدفاع إلى وزارة الداخلية من خلال تسليم الملف الأمني في المدن من الجيش إلى الشرطة في المحافظات الجنوبية : المثنى، والديوانية، وواسط كمرحلة أولى بعد ذلك يجري تقييم هذه الخطوة.

دعوة المتظاهرين لعدم الاحتكاك مع قوات الامن

وعقب الاجتماع قال اللواء يحي رسول الناطق العسكري باسم السوداني ان اجتماع المجلس الوزاري للامن الوطني أكد على أن "القوات الأمنية هي المسؤولة عن حماية المتظاهرين السلميين وان الحكومة تسعى الى تحقيق المطالب الجماهيرية" على حسب قوله.
ودعا في تصريحات تابعتها "ايلاف" المتظاهرين الى "الابتعاد عن الاحتكاك مع القطعات الامنية والالتزام التام بتوجيهات الأجهزة الأمنية التي وجدت لحمايتهم وعلى الجميع كشف العناصر المغرضة وأصحاب الاجندات التي تسعى لتصعيد الموقف الأمني وإخراج التظاهرات عن مسيرتها السلمية".

عطلة في ذي قار لتهدئة الاوضاع المتفجرة

ومن جهته ندد المركز الاعلامي لمحافظة ذي قار بوجود من أسماهم "مندسين" بين المتظاهرين كانوا يعدون لهجمات "مخطط لها" ضد الجيش وينوون استخدام قنابل مولوتوف على حد قوله.
كما أعلن محافظ ذي قار محمد هادي الغزي تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة اليوم الخميس.
وقال الناطق باسم الحكومة المحلية في ذي قار في بيان ان "محافظ ذي قار محمد هادي الغزي اعلن اليوم الخميس عطلة رسمية حداداً على ارواح شهداء التظاهرات كما أعلن الحداد ثلاثة ايام في المحافظة في محاولة على مايبدو لتهدئة الاوضاع الامنية المتفجرة فيها حيث ان فترة التعطيل ستستمر ثلاثة ايام لان االبلاد تعطل عادة يومي غدا الجمعة وبعده السبت من كل أسبوع.

متظاهرون بكربلاء في 25 أكتوبر 2022 بذكرى بدء الاحتجاجات الشعبية عام 2019 يحملون صور النشطاء القتلى برصاص المليشيات الموالية لايران (تويتر)

عزل قائد شرطة ذي قار وتعيين بديل عنه

وعلى الصعيد نفسه وبهدف تطويق محاولة توسيع الاحتجاجات لمحافظات اخرى فقد وجه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري باستبدال قائد شرطة محافظة ذي قار وتعيين العميد مكي شناع بدلاً عنه .
وقالت وزارة الداخلية في بيان الليلة الماضية تابعته "ايلاف" أنه "تنفيذا لتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني وجه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري باستبدال قائد شرطة محافظة ذي قار وتعيين العميد مكي شناع بدلا عنه".

تحركات في محافظات وانباء عن حرق مقرات احزاب

وفيما تجري استعدادات في العاصمة ومدن في الوسط والجنوب لتنظيم وقفات احتجاجية وتظاهرات اليوم الخميس ضد الحكم بالسجن على الزيدي فقد اكد ناشطون مساء امس انهم شاهدوا إرتفاع أعمدة من الدخان من مقر تيار الحكمه برئاسة عمار الحكيم في محافظة واسط الجنوبية التي اعلن ناشطوها تضامنهم مع زملائهم في ذي قار.

واشاروا الى ان مدينة البصرة الجنوبية تشهد توترا أمنيا ومشادات وشتائم قرب المقار الحزبية حيث يصر المتظاهرين على حرق مقر احدى المليشيات المسلحة وحماية المقر ترد بإطلاق نار في الهواء.
وشهدت مدن النجف وكربلاء وبغداد أمس وقفات احتجاجية ضد الحكم الاثنين الماضي بالسجن على الناشط الشاب لانتقاده مليشيات الحشد الشعبي.

اضطهاد النشطاء

ومن جهتها وصفت منظمة هيومن رايتس الاميركية الحقوقية حكم القضاء العراقي على الناشط الزيدي بالجائر ودعت لمعالجة التحديات التي تواجه البلاد بدل اضطهاد النشطاء.
وكانت موجة من الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية قد انطلقت في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات في وسط وجنوب البلاد كان اعنفها في محافظة ذي قار اواخر عام 2019 للمطالبة بمحاربة الفساد وتوفير الخدمات وفرص العمل أوقعت حوالي 600 قتيلا من المتظاهرين و20 الفا من الجرحى بينهم عناصر من قوات الأمن وارغمت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي على الاستقالة وتشكيل مصطفى الكاظمي للحكومة في الثامن من أيار مايو عام 2020 بمهة اجراء انتخابات مبكرة استجابة لمطالب المحتجين جرت فعلا في تشرين الاول اكتوبر عام 2020 شكلت نتائجها نكسة للقوى الشيعية الموالية لايران.