أخبار

لا تعترف إدارة بايدن بفضل الرياض في تبادل الأسرى الأخير

معهد واشنطن: الدبلوماسية السعودية تساهم في حلّ المشكلات العالمية

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يبدو أن واشنطن والرياض غير قادرتين مجدداً على الحفاظ على سرية سوء التفاهم بينهما، لكن ولي العهد السعودي أثبت قدرته على التوسط في بعض الخلافات الأميركية - الروسية متى طُلب منه ذلك.

إيلاف من بيروت: في 8 ديسمبر الجاري، أجرت واشنطن وموسكو عملية تبادل أسرى أُعيدت فيها نجمة "الاتحاد الوطني لكرة السلة النسائية" الأميركية بريتني غرينر إلى الولايات المتحدة في مقابل إعادة تاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت. كانت غرينر محتجزة منذ فبراير لارتكابها جنحة بسيطة متعلقة بالمخدرات. أما بوت، فقد قضى فترة حُكم طويلة تزيد عن عقدٍ من الزمن أصدرتها بحقه الولايات المتحدة بسبب تُهم الإرهاب والتآمر وتهريب الأسلحة. بعد عملية التبادل، أصدرت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بياناً مشتركاً أشارتا فيه إلى أن إطلاق سراح غرينر تم بوساطة كلٍ من قيادتيهما على التوالي، أي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي محمد بن زايد. لكن، سرعان ما دحض البيت الأبيض هذا القول، ما أثار تساؤلات حول ما حدث بالفعل.

يقول بينيت نيوهوف، وهو باحث مشارك في مشروع كوريت التابع لمعهد واشنطن حول العلاقات العربية الإسرائيلية، في مقالة له نشرها موقع المعهد: "شكلت رواية الرياض حول المفاوضات المتعلقة بالأسرى أحدث محاولاتها للاستفادة من شراكتها المتزامنة مع كلٍ من واشنطن وموسكو نحو تحقيق هدف أوسع نطاقاً، وهو الانخراط في الدبلوماسية المحيطة بحرب أوكرانيا. فطوال فترة النزاع، حاول الأمير محمد بن سلمان تحقيق التوازن بين هذه العلاقات، وإبقاء خطوط الاتصال مفتوحة مع روسيا وأوكرانيا والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة دعماً لكييف. وخلال المكالمات الهاتفية التي أجراها ولي العهد السعودي مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد أسبوع واحد فقط من الغزو الروسي، عرض التوسط بين البلدين، وكرر هذا العرض في عدة مكالمات منذ ذلك الحين".

مفاوضات في مسارين

يضيف: "على الرغم من أن فرص السعوديين ضئيلة للتوسط في خفض التصعيد على نطاق أوسع في أي في وقت قريب، إلّا أن الأمير محمد بن سلمان نجح في دبلوماسية الأسرى. فبين نيسان وسبتمبر، شارك شخصياً في محادثات سرية تعلقت بالإفراج عن عشرة أسرى حرب محتجزين في روسيا، بينهم أميركيان. وبعد أشهرٍ من المفاوضات السرية بينه وبين الأوليغاركي الروسي رومان أبراموفيتش والنائب البرلماني الأوكراني رستم أوميروف، تم إرسال هؤلاء الأسرى إلى الرياض ثم عادوا إلى بلدانهم على متن طائرة خاصة". كان هذا الإطار السري مرتبطاً بمسار تفاوضي منفصل بوساطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ولم يركّز مسار الرياض سوى على إطلاق سراح الأسرى من المقاتلين الأجانب، بينما شمل مسار أنقرة أنواعاً أخرى من الأسرى.

وبحسب الكاتب، أكسبت جهود الوساطة هذه رسائل شكر للأمير محمد بن سلمان من بوتين ومسؤولين غربيين مختلفين، بينهم زيلينسكي، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين، ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، "وعندما سُئل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عن الأمر، أجب بأن سمو ولي العهد السعودي "استطاع إقناع الرئيس بوتين بأن هذه لفتة إنسانية"، وهكذا، أظهرت هذه الوساطة الناجحة أن علاقاته بجميع الأطراف يمكن أن تؤتي ثمارها في مفاوضات عالية المخاطر، كما يمكن أن تعزز مكانته الدبلوماسية.

فما هو دور الإمارات والسعودية في مقايضة غرينر؟

يلاحظ الكاتب أن لا شك في أن الإمارات العربية المتحدة ساعدت في مرحلة التنفيذ، إذ تمت عملية التبادل التي جرت في 8 ديسمبر في قاعدة جوية في أبو ظبي، كما أشار بعض التقارير إلى أن الشيخ محمد بن زايد أثار قضية غرينر عندما اجتمع مع بوتين في سانت بطرسبرغ في 11 أكتوبر، بعد أن تشاور المسؤولون الإماراتيون مع إدارة بايدن مسبقاً. أما انخراط الرياض فيُعَدّ أقل وضوحاً. صرّح وزير الخارجية السعودي أن الأمير محمد بن سلمان "تدخل شخصياً لتسهيل عملية الإفراج" عن غرينر، لكن التصريحات الأميركية ألقت بظلال من الشك على هذا الدور. كان المسؤولون السعوديون حاضرين في عملية تبادل غرينر في أبو ظبي، لكن لم يكشف عن تفاصيل أخرى حول دور المملكة في تنفيذ المقايضة.

من جانبها، قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان-بيير: "الدولتان الوحيدتان اللتان تفاوضتا على هذا الاتفاق هما الولايات المتحدة وروسيا... لم تكن هناك حاجة إلى الوساطة". كما لم تذكر التغطية الإعلامية الأميركية أي دور سعودي أو إماراتي باستثناء استضافة أبوظبي عملية المبادلة نفسها وزيارة الشيخ محمد بن زايد لروسيا.

لكن.. لماذا الوساطة السعودية مهمة؟

يختم نيوهوف مقالته بالقول: "كما كان عليه الحال مع الخلافات السابقة بين السعودية والولايات المتحدة حول إنتاج الطاقة، والالتزامات الدفاعية، يبدو أن إدارة بايدن والرياض عجزتا مرة أخرى عن الحفاظ على خصوصية خلافاتهما وسوء التفاهم بينهما أو لم تكونا راغبتين بذلك. لكن على الرغم من تصريحاتهما العلنية المتباينة بشأن إطلاق سراح غرينر والصعوبات الثنائية الأوسع نطاقاً التي تواجهانها، أثبت الأمير محمد بن سلمان في سبتمبر أن قنواته الدبلوماسية مع روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة يمكن أن تكون مفيدة في حل مشاكل شائكة مثل تبادل الأسرى".

يضيف: "لا يزال ولي العهد السعودي أحد قادة العالم القلائل الذين لديهم الرغبة وإمكانية الوصول اللازمتان لانتهاز الفرص الدبلوماسية المحدودة في حرب أوكرانيا. وهاتان السمتان، إلى جانب نهجه الطموح في السياسة الخارجية ورفضه الانحياز علناً إلى جانب أي طرف من أطراف النزاع، تساهم في جعله وسيطاً فعالاً محتملاً. ويبقى السؤال: هل ستحتاج واشنطن إلى مساعدته في أي مفاوضات مستقبلية؟

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "معهد واشنطن"

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف