أرتال من السيارات خارج المدينة
خيرسون: المدنيون يفرون مع اشتداد الهجمات الروسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
رسمت الطفلة نيكا سيليفانوفا، 13 عاما، شكل قلب بكلتا يديها، وهي تلوح لوداع صديقتها المقربة إينا، التي كانت أمام حاجز زجاجي يفصل صالة مدخل محطة قطار خيرسون عن منطقة الانتظار.
قبل هذا المشهد بلحظات كان هناك مشهد آخر لعناق حار انهمرت فيه الدموع بين نيكا وإينا. كانت إينا قد احتضنت وقبلت أيضا الكلبة آسيا، وهي كلبة ألمانية ملفوفة في بطانية لتدفئتها، حملتها نيكا بين ذراعيها.
لم تعد تعرف الفتاتان متى ستتقابلان مرة أخرى.
كانت عائلة نيكا تغادر خيرسون، غير متأكدة من أين سينتهي بهم المطاف في نهاية الأمر. لكنهم في الوقت الحالي، كانوا متجهين إلى مدينة خميلنيتسكي الغربية، على أمل أن يحصلوا على بعض المساعدة هناك.
كانت الأيام القليلة الماضية في خيرسون أصعب من اللازم بالنسبة لإيلينا والدة نيكا.
5 سيناريوهات محتملة للحرب الأوكرانية خلال 2023
"أفضل طريق للسلام مع بوتين ليس المحادثات بل مساعدة أوكرانيا على الانتصار"
بوتين "أُهين" في خيرسون ولكن زيلينسكي "يجب أن يحذر الثقة المفرطة"
وقالت إيلينا: "من قبل، كانت (القوات الروسية) تقصفنا من سبع إلى عشر مرات في اليوم، والآن يتراوح القصف بين 70 و80 مرة طوال اليوم. إنه أمر مخيف للغاية."
وأضافت، "أنا أحب أوكرانيا ومدينتي العزيزة. لكن علينا أن نذهب".
إيلينا وبناتها الثلاث كانوا بين أكثر من 400 شخص غادروا خيرسون منذ 3 أيام، بعد زيادة القصف الروسي للمدينة.
وقررت إيلينا المغادرة بالقطار، في عملية إخلاء سهّلته الحكومة الأوكرانية.
وهناك مئات الأشخاص يغادرون المدينة بمفردهم، وتكدس طابور طويل من السيارات عند نقطة التفتيش المؤدية إلى خارج خيرسون، وكان به الكثير من المدنيين المذعورين.
أجهشت المواطنة إيرينا أنتونينكو، بالبكاء عندما صعدنا إلى سيارتها للتحدث معها.
وقالت باكية: "لا يمكننا التحمل بعد الآن. القصف عنيف جدا. بقينا هناك واعتقدنا أنه سيمر وأننا سنكون محظوظين. لكن غارة أصابت المنزل المجاور لمنزلنا كما تعرض منزل والدي للقصف".
وأوضحت أنها خططت للسفر إلى كريفي ريه، وهي مدينة في وسط أوكرانيا حيث توجد لديها عائلة هناك.
عاشت مدينة خيرسون حالة من الفرح الشهر الماضي. كانت القوات الروسية قد احتلتها في اليوم الثاني من الغزو، وتم تحرير المدينة من جانب القوات الأوكرانية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني.
لكن وسط الاحتفالات وبالقرب من مكان تجمعت فيه الجماهير للاحتفال بالتحرر من السيطرة الروسية، وقع هجوم بقذائف المورتر عشية عيد الميلاد خلف 11 قتيلا وأصاب العشرات.
وكان من بين القتلى عامل في مؤسسة اجتماعية وجزار وامرأة تبيع بطاقات هاتف محمول، وكذلك أشخاص عاديون يعملون أو يزورون السوق المركزية بالمدينة.
في ذلك اليوم، تعرضت خيرسون لقذائف الهاون 41 مرة، بحسب الحكومة الأوكرانية.
الروس يطلقون النار من الضفة اليسرى (الشرقية) لنهر دنيبرو، التي انسحبوا إليها، أصبح الممر المائي بحكم الواقع خطا دفاعيا أماميا في جنوب أوكرانيا.
خيرسون منطقة ذات أهمية إستراتيجية، وغالبا ما تسمى بوابة القرم. ويقول العديد من المحللين إن روسيا اضطرت الآن إلى اتخاذ موقف دفاعي هنا.
من الصعب فهم ما تريد روسيا تحقيقه من قصف خيرسون. بالإضافة إلى قذائف الهاون، رأينا أيضا استخدام ذخائر حارقة أسقطت شرارات نارية على المدينة، بهدف إشعال النار في الأهداف.
ومن غير الواضح ماذا يفعل الجيش الأوكراني وما إذا كان يحاول استعادة السيطرة على مناطق على الضفة اليسرى للنهر.
هنا في المدينة، نادرا ما يحدث هدوء وتتوقف أصوات الهجمات المستمرة بقذائف الهاون.
هنا قُتل سرهي بريشون، 56 عاما، عندما كان نائما. انهار عليه منزله بعد أن أصابته قذيفة.
في اليوم التالي لوفاته التقينا بوالدته تمارا، البالغة من العمر 82 عاما، والتي جاءت للبحث عن جواز سفره وسط الأنقاض. احتاجت إلى مستند رسمي لإخراج جثته من المشرحة.
وقالت باكية: "كان عندي شعور يومها أن هناك خطب ما سيحدث. لأنني تحدثت معه هاتفيا وطلبت منه مغادرة المنزل. لكنه لم يفعل فكان ما حدث. لقد دُمرت حياتنا".
بالكاد انتهينا من الحديث معها، وكان هناك أصوات المزيد من الانفجارات القوية.
إن محاولة الأم المسنة إقامة وداع يليق بابنها بمفردها أمر خطير، لأنه لا يوجد جزء من خيرسون آمن.
البقاء على قيد الحياة هنا، سواء في الشارع أو داخل المنزل، هو مسألة حظ.
قُتلت فيكتوريا ياريشكو، متطوعة في الصليب الأحمر عمرها 39 عاما، في انفجار قذيفة هاون خارج قاعدة المنظمة في خيرسون، على بعد أمتار قليلة من منطقة الأمان.
استعرضت لنا والدتها ليودميلا بيريزنا، ميدالية الشرف التي حصلت عليها ابنتها.
وقالت الأم: "أنا سعيد جدا لأنها ساعدت الكثير من الناس. لقد كانت لطيفة جدا. لكن الموقف أيضا مؤلم بالنسبة لي. يجب أن أتعافى وأربي طفليها. وأقول لهم إنهم يجب أن يفخروا بأمهم لأنها بطلة".
كانت فيكتوريا تعيش في ملجأ تحت الأرض تابع للصليب الأحمر مع طفلتيها أليونوشكا، 17 عاما، وساشا 12 عاما. تعيش الطفلتان هناك حتى الآن وتشعران بالراحة والحماية وسط مجموعة من المتطوعين الذين أصبحوا عائلاتهما.
ويوضح ديمترو راكيتسكي، صديق فيكتوريا وأحد متطوعي الصليب الأحمر، أنه عندما يموت شخص قريب جدا، يكون الأمر صعبا. "لكن إذا استسلمنا وتوقفنا، فإن موتها سيذهب عبثا. نحن نعمل للتأكد من أن الناس يعيشون. أما كل شيء أخر غير مهم بالنسبة لنا".
لكنه قال، "من الصعب أن تفعل ذلك وأنت تعلم أن عائلتك قد تكون في خطر كل دقيقة".
عندما انفجرت المزيد من القنابل بعد لحظات قليلة، يتحرك ديميترو صعودا وهبوطا محاولا الاتصال بزوجته، ويبدو التوتر واضحا على وجهه. إن لديه طفلين.
وقال "إنهم لا يريدون المغادرة. إنهم قلقون علي وأنا أشعر بالقلق عليهم. هكذا نعيش".
وأضاف ديميترو: "أكثر ما يثير غضبي هو أنهم (القوات الروسية) قصفت دائما البنية التحتية المدنية. منازل ومجمعات سكنية وغرف تسخين المياه. من المستحيل فهم المنطق وراء هذه الهجمات".
وقالت لاريسا ريفتوفا، إحدى السكان: "لا تتوفر لدينا كهرباء أو ماء على الإطلاق. إنها تأتي لفترة وجيزة في بعض الأحيان وتختفي مرة أخرى بسبب القصف. إنه أمر مخيف للغاية في الليل. ومع ذلك، لا يزال لدينا غاز، ويمكننا الحفاظ على التدفئة".
لا يزال عشرات الآلاف من المدنيين يعيشون في خيرسون، لكن الإدارة الإقليمية حثتهم على المغادرة مرتين على الأقل هذا الأسبوع.
إنها مدينة مبتلاه بهجمات عشوائية لا تتوقف.
التعليقات
مجرم حرب
فول على طول -بوتين مجنون ومجرم حرب ويجب معاملته مثل هتلر أو موسولينى على أقل تقدير . ضرب البنيه التحتيه لأوكرانيا عمل ارهابى .