الرفاهية العصرية في الحل والترحال
HTSIA في فبراير: سفر بين مشرق الأرض ومغربها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من بيروت: للرحالة وهواة السفر، عدد فبراير من How To Spend It Arabic مخصص لكم، إي يأتيكم بما يلبي رغباتكم المرهفة من مشارق الأرض ومن مغاربها.
فبحسب ما تقول سمر عبد الملك، رئيسة تحرير المجلة، عادت السياحة بعد انقضاء الجائحة ورفع قيودها لتسجّل انتعاشاً لافتاً، مع توقّع استعداد قطاع السفر للعمل بطاقته القصوى في هذه السنة. ولهذا الشهر، تجمع How To Spend It Arabic مجد الرحالة من أطراف المسكونة كلها، مقدمة لائحة غنية بوجهات يُنصح بزيارتها.
أوّل هذه الوجات.. مصر. فإلى أرض الكنانة يقودنا جيل خوري في "رحلة خارج الزمن"، مستغرباً ألا توحي قاهرة المعزّ بأنها عالقة في الماضي، بالرغم من عظمة التاريخ المصريّ، إنما يراها تتحوّل وتتطوّر، حضرياً وثقافياً على حدٍّ سواء، فيجول في القاهرة الكبرى التي تعادل مساحتها، عند إضافة مدينتَي القاهرة الجديدة و6 أكتوبر الجديدتَين، خمس مرات مساحة بلد صغير كالبحرين، ليلاحظ أنه يتنقّل عبر مستوطنات عديدة مجمَّعة في مستوطنة واحدة، مختلفة كلّها في الشكل وكأنّها رواسب خلّفتها طبقات زمنية متعدّدة من حقبات الفاطميين والمماليك والخديويين، ثمّ حقبة العمارة الحداثية، والرابط بينها ألوانها الرملية وضوء الصحراء الوهّاج.
يقول خوري في مقالته المزينة بصور مصرية جميلة: "حين تجول هنا في السيارة، تشعر كأنك تتنقّل عبر مستوطنات عديدة مجمَّعة في مستوطنة واحدة، مختلفة كلّها في الشكل وكأنّها رواسب خلّفتها طبقات زمنية متعدّدة من حقبات الفاطميين والمماليك والخديويين، ثمّ حقبة العمارة الحداثية، الرابط بينها هو ألوانها الرملية وضوء الصحراء الوهّاج. في جانبَي الطريق الدائري، وهو عبارة عن جادةٍ واسعةٍ جداً تربط بين أوصال المدينة، المباني متصدّعة بما يكشف عن جدرانها الداخلية المطليّة بألوان الباستيل".
تقودنا ماريا شولنبارغر إلى الضفة الأخرى من المتوسط: إيطاليا، فنطلّ معها من قمّة تلّة في توسكانا على كروم شاسعة معتنى بها، وعلى غابات كثيفة، حيث تقطن عائلة تنحدر من سلالة لامعة من المغامرين ومن رجال الدولة والمحسنين، زرعوا عنباً لتقطيره نبيذاً وزيتوناً لعصره زيتاً وحبوباً لطحنها دقيقاً، وعاملوا أرضهم كما عومِلت قروناً عدة، بالقدر نفسه من الاحترام والمهارة والاجتهاد والحكمة.
بحسبها، جديد هذا المكان بدأ في عام 1988، حين شاهدت البارونة كاترينا دي رِنزيس وزوجها الراحل، البارون أليساندرو دي رِنزيس سونينو، هذا العقار للمرة الأولى، فقالت: "أريد أن أنجب أطفالاً هنا". كان القصر مؤلفاً من مزرعة تفوق مساحتها نصف مليون متر مربع، وتضمّ مصنعاً للنبيذ في مونتيسبيرتولي. كان السقف مليئاً بالثقوب، والكهرباء بالكاد تعمل، والغبار يغطّي المكان. لكنه مسكون بالتاريخ: في خلال 500 سنة، توالى على السكن فيه أشخاص من آل فريكوبالدي وآل ماكيافيلي وآل ستروزي، فضلاً عن آل سونينو.
من هذا القصر الإيطالي، تعيدنا شولنبارغر إلى بلاد العرب.. إلى المغرب، فتنزل ضيفةً على فندق Caravan Agafay في صحراء أكفاي المغربية، وترقد في واحدة من 20 خيمة منتشرة في مساحة خمسة هكتارات، وتستمتع باستخدام حوضين للسباحة، والعديد من الفضاءات المشتركة، وتتبادل الأحاديث مع ضيوف آخرين فيما يتأمّلون النجوم في الأمسيات.
وفي بلاد العرب أيضًا، يحدثنا غاندي المهتار عن ولعه بمدينة "دبي"، التي يصفها بأنها "عاصمة الأدرينالين"، حيث الانسياق تام لتجارب قلّما يجدها المرء مجموعة تحت سقف واحد. يروي ما لا ينساه: المشي على ارتفاع 220 متراً فوق منصّة Sky Views التي تتوّج الجزء العلوي من برجي فندق Address Sky View، ورؤية المدينة منبسطة في صورة جميلة تجمع في إطارها برج خليفة ووسط مدينة دبي وشارع الشيخ زايد. وهو إن اختار الجبل، فوجهته منتجع JA Hatta Fort، على بعد 90 دقيقة من وسط دبي. إنه ملاذ فعلاً لمن يبحث عن الهدوء، والأروع هو مشاهدة طيور الطاووس تتجوّل في الحديقة بريشها الملوّن الجميل، أو زيارة حديقة النحل.
يقول: "أجمل ما في موقع هذا الفندق هو قربه من مسارات لهواة المشي، لا أوفّرها أبداً، خصوصاً قبل اشتداد الشمس. أما بعد اشتدادها، فحوض السباحة هو المقصد الدائم. أما الأجمل غذائياً فمطاعمه الثلاثة: مقهى Gazebo لتناول الطعام طوال اليوم، مع إطلالات رائعة على المسبح ، وSunset Terrace للاستمتاع بمغيب الشمس خلف الجبال، وJeema المميز ببوفيه غني في عطلات نهاية الأسبوع. أما Palm Tree Garden فأتركه للمساء، أتناول فيه مشروبات منعشة تخفف عني القيظ".
ودبي قريبة من كل شيء.. إنها قريبة من زوريخ، أكبر مدن سويسرا وأكثرها ثراء ورفعة من حيث المكانة التاريخية والسياسية، والتي يسود على نطاق واسع انطباع بأنها منمّقة ورزينة وبرجوازية أكثر ممّا ينبغي. لكن لويس وايز ينقل صورة مختلفة عن هذه المدينة.
ينقل وايز عن ماثيو دا روكا، بائع الأعمال الفنية لدى Bottega Veneta قوله: "ما يستهويني في زوريخ هو أن الطبقة اللمّاعة للمدينة تُخفي وراءها هذا النبض الجامح. إنها مدينة التناقضات غير المتوقعة. يمكنك أن تبدأ يومك بالسير على ضفاف البحيرة، ثم تذهب لتناول طعام الغداء لدى Kronenhalle، هذا الصرح الذي لم يتغير مطلقاً"، وهو يقصد بكلامه ذاك المطعم المهيب الذي تصطفّ على جدرانه لوحات رسمها بيكاسو وشاغال وميرو. يضيف دا روكا: "ربما ينتهي بك الأمر إلى الإصابة بالهذيان تحت الجسر. إنها مدينة تعطي الكثير، لكن عليك أن تبحث عن هذا الكثير".
نستمر صعوداً.. إلى نيوزيلندا، حيث تأخذنا جيسيكا بيرسفورد إلى فلوك هيل، إحدى أفضل المزارع المعروفة في هذا الجزء من نيوزيلندا، وكانت ذات يوم ممرّاً إجبارياً بين الساحلين الشرقي والغربي يستخدمها شعب الماوري للاتجار بالبونامو، وهو نوع من اليشم يصعب العثور عليه في أي مكان في نيوزيلندا باستثناء الجزيرة الجنوبية منها، ويُستخدَم في صنع الأدوات والأسلحة والزخارف.
ما زال البيت الريفي الخشبي الأصلي في هذه المزرعة، الذي شُيِّد في عام 1857، قائماً في يومنا هذا، ولو في شكل غير مستقرّ. يُقال إن المبنى أغنى بالقصص من الأرض التي يقوم عليها: تخبر رواية مزعومة عن خلاف بين حفّار جائع وطبّاخ على وجبة الطعام، انتهى بطلقتين قاتلتين. ثمة تفاصيل أخرى تتعلّق بحادث أوقعه شخص بنفسه، في أثناء زيارة الأمير ألفريد إلى المنطقة، حين دخل أحد مرافقي صاحب السموّ إلى أحد الأبواب وهو يحمل مسدساً مصلياً. وهناك، ينتظر مرشدو فلوك هيل الزوار لاصطحابهم في جولة على الشلالات والبحيرات والجبال والكهوف المنتشرة هنا، تقول بيرسفورد: "هناك تصطاد سمكاً في نهري ويندينغ وبروكن، أو تركب الدرّاجة الإلكترونية في مسارات متعدّدة، أو تبحر على متن الكاياك وألواح التجذيف في بحيرة مواناروا، أو تتزلّج في واحد من ستة حقول تزلج في الجوار".
من جزيرة فير آيل في اسكتلندا، أتت ميليسا فنتوسا مارتن، محرّرة موضة سابقة تقيم الآن في شمال ولاية نيويورك، بكنزات محوكة بنقشات جميلة وصديريات من دون أكمام. هناك، تعرض فنتوسا مارتن في متجرها الإلكتروني Old Stone Trade ملابس نسائية وأدوات منزلية مصنوعة يدوياً بناءً على الطلب من توقيع حرَفيين مستقلين يصنعون أعمالاً يدوية متقنة في مختلف أنحاء العالم. تقول فنتوسا مارتن: "نسلّط الضوء على القصص وعلى التقاليد العائلية التي تقف خلف هذه القصص".
الملابس المحوكة هي التي قادتها إلى جزيرة فير آيل. أُطلِقت كنزات عصرية خاصة بصيّادي الأسماك حصرياً على الموقع الإلكتروني في نهاية العام الماضي، ولا شكّ في أنها البديل الأكثر أناقة من الكنزات المحوكة الجديدة، وتكمن ميزتها البارزة في إمكان ارتدائها على مدار العام. "استُلهِمت هذه الكنزات من جدّتي الاسكتلندية التي كانت ترتديها دائماً"، كما تقول فنتوسا مارتن التي تمعّنت أيضاً في حملات J Crew الترويجية للكنزات المحوكة في تسعينيات القرن الماضي. وقد أُنجِزت الكنزات المتمايزة عن الأسلوب الكلاسيكي، بالتعاون مع الحائكة ماتي فِنتريون.
في باب الذواقة لهذا الشهر، نتعرف إلى الفندقي ويل كوبّر. فالعلامة الفارقة في أسلوبه الشخصي هي ارتداء الأبيض من الرأس حتى أخمص القدمين على مدار السنة. يقول: "ممتعٌ كيف يبرز الأبيض بقوّة للناظر، لأنّ الأغلبية ترتدي ملابس داكنة. الأبيض لونٌ سهل، يجلي عينَيّ ويصفّي ذهني. أضع حول معصمي دائماً سواراً من الكريستال أو اثنَين أستمدّ منهما الحماية، مصنوعين في العادة بحجر السبج بألوان قوس قزح، أو بحجر الجمشت إن أردت أن أفتح عيني الثالثة، أو حجر عين النمر إن أردت حماية طاقتي".
لكوبّر ثلاث أيقونات في الأناقة: "المعماري رِنزو مونجياردينو، الأنيق والمؤثّر وصاحب الموهبة الرائعة. ووَرد بينيت، صاحب المواهب المتعدّدة الذي يجمع في عمله بين وسائط الديكور وأساليب الحداثة، وصمّم بعضاً من أجمل المنازل في العالم. وجياني أغنيلي، وهو أشهر من نارٍ على علم".
يملك كوبّر مجموعة من المرامد جمعتها من مختلف أنحاء العالم، وعلب ثقاب تتلاءم معها، ولديه أيضاً مجموعة من التحف الفنية تأخذ أشكال حيوانات صغيرة، يحاول أن يحضر واحدة منها من كلّ مكان يزوره: "فثمة فيل من الهند، وثور من البيرو، والكثير من مجسّمات الحيوانات الأخرى".
حين ترى نيكولا مولتون في زجاجة العطر عملاً فنياً، تقول إنه صعب ألا يتأثر المرء بزجاجةٍ جميلة، أو ألا ينفر من زجاجة قبيحة. لكن، بالنسبة إلى صنّاع العطور الذين يرغبون في جذب العملاء في متاجرهم وعبر الإنترنت، صار ابتكار زجاجة مرغوبة كما الرائحة الموجودة بداخلها مهماً مرة أخرى. فلقوارير العطور لون وملمس، وحتى بصمة. يتجاوز التعاون الإصدارات المحدودة المعتادة في موسم العطلات، في حين يُستدعى الفنانون والمعماريون وصنّاع الزجاج الرئيسيون لإعادة اختراع النموذج المعتمد. "هي جزء من المعنى"، كما تنسب مولتون إلى كريستين ناجل، صانعة العطور في Hermès، عن تصميم الزجاجة. تضيف: "بالنسبة إليّ، ثمة معنى يصاحب الرائحة دائماً". ,بحسب مولتون، تاريخياً، كانت العلاقة بين الشذا والقارورة في مدّ وجزر. في مطلع القرن الماضي، عندما كانت الثورتان التوأمان للتصنيع والتسويق تعنيان إمكانية تصميم قارورة زجاجية جديدة لكل إبداع جديد، كانت زجاجة العطر أبعد من أن تكون عملاً فنياً، وأقرب إلى أن تكون فضولاً، أو وسيلة للتحايل. ومن الأمثلة على ذلك حدوات الحظ (لعطر Chance من Cherigan) وبرج إيفل (لعطر Soir de Paris من Bourjois).
وفي العدد أيضًا أبوابه الثابتة. فلهواة الجمع، يتحدث مارك سي أوفلاهيرتي عن كاميرات 35 مليمتراً، وعن "حبنا للأشياء التناظرية كلّها الذي حوّل التركيز والتصوير إلى شيء قابل للجمع". ولهواة جمع السيارات الكلاسيكية، يقدم لنا مارك غاليفان دليلاً مفصلاً لكل ما يجب أن يعرفه من يريد أن يقتني سيارة من خمسينيات القرن الماضي وستينياته وسبعينياته. ويصحبنا ألكساندر لوبرانو إلى أقدم متجر للشوكولا في باريس، ويشكل فيها علامة فارقة: À la Mère de Famille. يقول لوبرانو: "الواجهة العتيقة ذات اللون الأخضر الزمردي بأحرفها الذهبية، والمدرجة كنصب تذكاري منذ عام 1984، ليست وحدها ما يجعل من À la Mère de Famille واحداً من أفضل صنّاع الحلوى في العاصمة الفرنسية. تُخزَّن داخل المتجر في خزائن العرض العتيقة المؤطرة بخشب الماهوغني وذات السطوح الزجاجية صناديق لذيذة من الشوكولا المصنوع يدوياً، وأكوام من هلام الفاكهة بلون الجواهر، وحلوى البرالين الغنية، وفاكهة مرزبانية ذات أشكال تبدو حقيقية، وألواح من النوغا. يقول ستيف دولفي، أحد الأشقاء الأربعة الذين يملكون المتجر: "نحن تجار المتعة، فما نبيعه يولّد فرحاً".
وفي باب الطعام، يبدو أن كاتبة الطعام إيميكو دافيز محظوظة لأنها تعيش في معقل الكمأة البيضاء بتوسكانا، وحين يبلغ الموسم ذروته تبادر إلى جمعها.