"نقاط ضعف مزمنة" أودت بحياة 47 شخصاً
حكومة اليونان ومدير المحطّة يعترفان بـ"خطأ" أدّى إلى كارثة اصطدام القطار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لاريسا (اليونان): اعترفت الحكومة اليونانية الخميس بـ"نقاط ضعف مزمنة" بعد كارثة القطار التي أودت بحياة 47 شخصاً على الأقل مساء الثلاثاء قرب لاريسا في وسط اليونان، فيما اعترف مدير المحطة بارتكاب "خطأ" أمام المحكمة.
وقال المتحدث باسم الحكومة يانيس إيكونومو في مؤتمر صحافي الخميس إنّ "التأخيرات (في تحديث سكك الحديد) تجد جذورها في المشاكل المزمنة التي يعاني منها القطاع العام اليوناني، خلال عقود من الضعف".
وعادت إخفاقات قطاع السكك الحديدية العام في اليونان إلى الأضواء، بعد الاصطدام بين قطارين كانا يسيران على السكة ذاتها لعدّة كيلومترات. وأعقبت الحادث عدّة تظاهرات من قبل مستخدمي القطارات في مدنٍ يونانية.
وأُلقي القبض على مدير المحطّة البالغ من العمر 59 عاماً الأربعاء، وتجري محاكمته بتهمة "القتل بسبب الإهمال" والتسبّب في "أذى جسدي".
وعليه أن يشرح كيف تمّ السماح لقطار ينقل 348 راكباً وعشرة موظفين في السكك الحديدية، يربط أثينا بتيسالونيكي في شمال البلاد، بأن يستخدم المسار ذاته مع قطار شحن.
وأكد إيكونومو الخميس أنّ "تمّ الاعتراف بالخطأ من قبل مدير المحطّة"، فيما أشار محاميه إلى أنّه "يدرك ما فعله".
مشاهد رعب وفوضى
من جانبه، قدم وزير النقل اليوناني الجديد يورغوس ييرابيتريتيس اعتذاره لأسر ضحايا حادث القطار، وقال "أود أولاً وقبل كل شيء أن أعتذر لعائلات الأشخاص الذين فقدوا حياتهم مع ممارسة النقد الذاتي الكامل للنظام السياسي والدولة"، بعد توجيه انتقادات إلى الإخفاقات الجسيمة في شبكة السكك الحديد في اليونان. وكان وزير النقل السابق كوستاس كرامانليس قد قدّم استقالته الأربعاء.
وأدّى الحادث إلى مقتل 47 شخصاً، وفقاً للمتحدث باسم أجهزة الإطفاء اليونانية. وتمت الاستعانة باثنين وسبعين من رجال الإطفاء فيما استمرّت عمليات البحث طوال الليل.
وقالت متحدثة باسم خدمة الإطفاء لوكالة فرانس برس "واصلنا (الليلة) لأن الوقت ليس في صالحنا. كلّما مرّ الوقت قلّت فرص (العثور على ناجين)".
وتحطّمت القاطرات الأمامية فيما قُتل سائقا القطارين على الفور بفعل الاصطدام العنيف الذي وقع قبل منتصف الليل بقليل (22,00 بتوقيت غرينتش) ليل الثلاثاء الأربعاء في وادي تيمبي.
ووصف بعض الركّاب مشاهد رعب وفوضى تحت أمطار من الزجاج المحطّم والأنقاض التي خلّفها انقلاب القطار.
خطأ بشري مأساوي
وقال رئيس الحكومة اليونانية كيرياكوس ميتسوتاكيس مساء الأربعاء "كلّ شيء يُظهر أنّ المأساة تعود للأسف في الأساس إلى خطأ بشري مأساوي".
وبعد لقائه أقرباء للضحايا خلال زيارته موقع الاصطدام ثمّ مستشفى لاريسا، قال كيرياكوس ميتسوتاكيس "لقد سألوني: لماذا؟". وأضاف في مداخلة تلفزيونية مقتضبة ومسجّلة "نحن مدينون لهم بإجابة صادقة". كما أصدر مرسوم حداد وطني لمدّة ثلاثة أيام.
وأعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن تعازيه عبر "تويتر" الخميس قائلاً "بالنيابة عن الشعب الأميركي، نرسل أنا وجيل خالص تعازينا لأُسر الضحايا".
كذلك، تحدّث وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكين عبر الهاتف مع نظيره اليوناني نيكولاوس ديندياس، وأكد له أنّ "الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب اليوناني في هذه الفترة الصعبة"، وفقاً لمتحدث باسم وزارة الخارجية.
وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، لم تعلّق المجموعة الإيطالية العامة "فيروفي ديلو ستاتو" (Ferrovie dello Stato)التي تدير شركة السكك الحديد "هيلينيك تريْن" Hellenic Train، التي تمّت خصخصتها في العام 2017.
في هذه الأثناء، تظاهر سكّان في لاريسا حاملين لافتات كُتب عليها "الخصخصة تقتل!". كذلك، جرت تظاهرات في أثينا أمام مقر شركة "هيلينيك ترين".
وقال بافلوس أسلانيديس الذي لا يزال ابنه في عداد المفقودين مع أحد أصدقائه "كان قطار الرعب".
بدوره، ندّد رئيس نقابة سائقي القطارات كوستاس ينيدونياس بأن السلامة غير متوفرة على هذا الخط الذي يربط مدينتين رئيسيتين في اليونان.
وقال لقناة "اي ار تي" التلفزيونية "كلّ (الإشارات) تتمّ يدوياً. النظام لا يعمل منذ العام 2000".
وكان أكد لوكالة فرانس برس في وقت سابق أنّه "لا يوجد نظام للسلامة ولا جهاز تحكّم عن بعد ولا إشارات مرور تعمل".
وقال كوستاس بارغيوتاس وهو طبيب في مستشفى لاريسا "كان قطاراً مليئاً بالطلّاب، بالشباب في العشرينات من أعمارهم". وأضاف "إنّه لأمر مروّع أن نرى العربات تتكوّم مثل الورقة".
وقال الراكب أنجيلوس (22 عاماً) لوكالة فرانس برس من مكان الحادث "ما عشته كان كابوساً ... ما زلت أرتعش".
وتابع "شعرنا بالاصطدام مثل هزّة أرضية كبيرة"، مضيفاً "لحسن الحظ، كنّا في العربة قبل الأخيرة وخرجنا على قيد الحياة".
عمليات الإنقاذ
يشارك حوالى 500 شخص في عمليات الإنقاذ، حسبما أفاد المتحدث باسم الحكومة.
وقد تفحّم عدد من الجثث فيما لم يكن من الممكن التعرّف على بعض الركاب إلّا عبر عيّنات الحمض النووي.
في لاريسا حيث تمّ نقل الجرحى، تحدّث رئيس البلدية أبوستولوس كالويانيس عن "تدفّق سيارات الإسعاف التي تحمل ضحايا الحروق، ومبتوري الأطراف، وكل ما يمكنك تخيله".
وقال أحد أعضاء فرق الإنقاذ الذي كان يعمل بين الأنقاض "لم أرَ شيئاً كهذا من قبل".
كذلك في لاريسا، وقف سكان عند موقع الاصطدام بصمت، قبل أن يقوموا بوضع ورود بيضاء تكريماً للضحايا.
إذا ثبتت إدانته، فإنّ مدير المحطّة يواجه السجن مدى الحياة.