أخبار

مع تواصل عمليات الإجلاء

طرفا القتال في السودان يلتزمان نسبياً وقف النار

أشخاص ينتظرون مع امتعتهم للصعود إلى حافلة في جنوب الخرطوم في 24 أبريل 2023 هربا من املعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الخرطوم: لقي وقف لإطلاق النار في السودان أعلنته واشنطن ثباتا نسبيا مع التزامه بشكل عام من الجيش وقوات الدعم السريع بعد عشرة أيام من معارك دامية فشلت معها كل محاولات التهدئة، وتواصل في ظلها إجلاء الرعايا الأجانب.

وبعدما تعهّد الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم بقيادة محمد دقلو المعروف بحميدتي احترام التهدئة، بقي الاختبار الميداني هو المحكّ، بعدما سبق للجانبين إعلان أكثر من هدنة منذ اندلاع المعارك في 15 نيسان/أبريل، ما لبث كل طرف أن اتّهم الآخر بخرقها.

وتكرر ذلك الثلاثاء خصوصاً من جهة قوات الدعم التي اتهمت الجيش بتحليق الطيران الحربي فوق الخرطوم. الا أن أصوات الانفجارات والرصاص في العاصمة تراجعت بشكل ملحوظ مقارنة بالسابق.

ولم يكن في الإمكان التحقق في الوقت الراهن مما اذا كانت حدة المعارك قد تراجعت أيضاً في إقليم دارفور (غرب).

وفي انعكاس لتراجع الاستقرار الأمني، حذّر ممثل منظمة الصحة العالمية نعمة سعيد عابد من وجود "خطر بيولوجي مرتفع جداً" بعد سيطرة أحد طرفي القتال على مختبر يضم عينات مسبّبة لأمراض الحصبة والكوليرا وشلل الأطفال.

وأشارت المنظمة الى أن المعارك أدت الى مقتل 459 شخصا وإصابة 4072 بجروح، موضحة أن هذه الحصيلة مستقاة من وزارة الصحة السودانية، ولم تتمكن المنظمة الأممية من التحقق منها.

وقبيل منتصف ليل الإثنين الثلاثاء بتوقيت الخرطوم، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن موافقة الطرفين على وقف النار ثلاثة أيام.

احترام الهدنة
وأوضح أن ذلك أتى عقب "مفاوضات مكثفة على مدار الساعات الثماني والأربعين الماضية"، وأن وقف النار يبدأ ليل الإثنين ويستمر لمدة 72 ساعة.

وأكد الجيش أنه سيحترم الهدنة بشرط "التزام" قوات الدعم بها، بينما رأت الأخيرة في الهدنة فرصة "لفتح ممرات إنسانية وتسهيل تنقل المدنيين".

وسجلت المعارك والانفجارات تراجعاً نسبياً اعتباراً من السبت، فيما شرعت دول غربية وعربية في عمليات إجلاء للدبلوماسيين والرعايا، على رغم أنها لم تتوقف بالكامل في الخرطوم وغيرها.

وبدأت السعودية اعتباراً من السبت، إجلاء أشخاص بعد نقلهم براً الى مدينة بورتسودان (شرق)، ومنها بحراً عبر البحر الأحمر الى مدينة جدّة.

ووصل ليلاً عشرات المدنيين الى المدينة الساحلية وقد بدا عليهم الانهاك، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.

وروى هؤلاء لحظات قلق وتوتر ومخاطر في رحلة إجلاء مضنية استغرقت ساعات عدة.

وقالت مواطنة لبنانية رفضت كشف اسمها "كان هناك الكثير من اللحظات الصعبة، شعرنا خلالها بالخوف والتوتر والقلق". وأضافت "لم نكن ننام ولا نأكل ولا نشرب. لقد عشنا أيامًا صعبة".

مخاوف حيال مصير السودانيين
وفي موازاة إجلاء الأجانب، أثار مسؤولون ومحللون مخاوف حيال مصير السودانيين وسط خشية من احتدام المعارك مجددا بنهاية إخراج الرعايا.

وتسبب النزاع بنقص حاد في الغذاء والمياه والوقود، وانقطاع في التيار الكهربائي وتراجع حاد في القدرة على توفير الخدمات الصحية، ودفع مئات الآلاف الى البحث عن سبل للرحيل.

وفي حين قامت الدول بنقل الرعايا الأجانب جوا أو بحرا، تخشى الأمم المتحدة من فرار ما يصل الى 270 ألف شخص برا الى تشاد وجنوب السودان.

وقالت ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تشاد لاورا لو كاسترو، إن 20 ألف لاجئ وصلوا الى هذا البلد، ويتوقّع أن يتبعهم 100 ألف آخرين "في أسوأ الحالات".

أما في جنوب السودان، ترجّح التقديرات الأممية دخول ما يصل الى 170 ألف شخص، بينهم 125 ألفا من جنوب السودانيين الذين سبق لهم اللجوء الى الشمال.

وأتى إعلان اتفاق وقف النار بعد تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ضرورة وقف أعمال العنف لأنها "تهدد بحريق كارثي داخل السودان قد يمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها".

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن جلسة مخصصة لموضوع السودان مساء الثلاثاء.

عمليات الإجلاء
وشملت عمليات الإجلاء دولاً مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والصين، بينما كانت مصر والسعودية الأبرز في هذه العمليات بين البلدان العربية.

وتواصلت الثلاثاء عمليات إجلاء الأجانب التي اكتسبت زخماً في نهاية الأسبوع.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء أن باريس تمكنت من إجلاء 538 شخصا بينهم 209 فرنسيين.

وأفادت وزارة الخارجية الباكستانية عن إجلاء 700 من مواطنيها، بينما أعلنت أوكرانيا إجلاء "138 مواطنا في المجموع" بينهم 87 من رعاياها "غالبيتهم خبراء في الطيران من طيارين وفنيين وأفراد عائلاتهم" فضلا عن "مواطنين من جورجيا والبيرو".

من جهتها، بدأت بريطانيا الثلاثاء إجلاء مدنيين بعد انتقادات تعرضت لها من مواطنيها الذين اعتبروا أنهم "تركوا لمصيرهم" بعد اقتصار عمليات الإجلاء السابقة على الدبلوماسيين.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك "بدأت الحكومة عملية إجلاء واسعة النطاق لحملة جواز السفر البريطاني من السودان عبر رحلات للقوات الجوية الملكية البريطانية".

وشدد على أن الأولوية ستكون للأشخاص "الأكثر ضعفاً، بما يشمل العائلات مع الأطفال والمسنّين"، شاكراً قوات بلاده والدبلوماسيين وغيرهم من المشاركين في عملية الإجلاء "المعقّدة".

وأعربت أطراف عدة عن أملها في أن يتيح وقف النار البحث عن حل مستدام.

وأكد سوناك أن لندن "ستواصل العمل من أجل إنهاء سفك الدماء في السودان ودعم حكومة ديموقراطية"، ما يتلاقى مع دعوة وزير الخارجية الأميركي الى طرفي النزاع للعمل على التوصل الى حل.

تأثير العنف
وكان دقلو والبرهان حليفين عندما نفذا انقلاباً في 2021 أطاحا خلاله من الحكم مدنيين كانوا يتقاسمون السلطة معهما، بعد عامين على إطاحة نظام عمر البشير. لكن الصراع على السلطة ما لبث أن بدأ بينهما.

وقال خالد عمر يوسف المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير لفرانس برس الإثنين إنه سيتم خلال الهدنة إجراء "حوار حول ترتيبات لوقف نهائي لإطلاق النار. الولايات المتحدة بتنسيق معنا تواصلت مع القوات المسلحة والدعم السريع".

وفي ظل عمليات الإجلاء، أعلنت الأمم المتحدة الإثنين الإبقاء على عدد من موظفيها وعلى رأسهم المبعوث الخاص للأمين العام فولكر بيرتيس.

وحذرت الأمم المتحدة من أنه "في حين يفرّ الأجانب القادرون على ذلك، يزداد تأثير العنف على الوضع الإنساني الحرج أساسا في السودان".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف