عدسته تخطت الحرب إلى توثيق معاناة السكان المحاصرين
أرمان سولدين... من ساراييفو إلى خطوط المواجهة في أوكرانيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لندن: تكفي مشاهدة اللقطات الأخيرة لوكالة فرانس برس من مدينة باخموت الأوكرانية المحاصرة لمعرفة مدى شغف أرمان سولدين بعمله.
مع إحكام القوات الروسية تدريجا قبضتها من الشمال والجنوب والشرق، بدا أن باخموت رمز الحرب التي شنها الكرملين والمقاومة الأوكرانية، أصبحت على وشك السقوط.
ورغم المخاطر كان أرمان مصمما على نقل الأحداث معرضا نفس للخطر وفي مرمى النيران لتأمين صور المعركة العسكرية الشرسة والدمار المنتشر في كل مكان.
لم يقتصر عمل أرمان على تغطية المعارك، بل وثّق أيضا معاناة سكان محاصرين في الصراع يحاولون البقاء على قيد الحياة وسط الفوضى.
توثيق
كان في باخموت سكان يعبرون النهر الجليدي للحصول على الطعام والماء والحطب... في تشاسيف يار حيث قُتل، التقى امرأة تهتم بحديقتها.
وفي كييف، وثّق لحظة عاطفية بين أب مجند وابنه الذي فر من المعارك إلى الخارج، خلال ممارستهما لعبة على الإنترنت.
وفي وقت سابق من الشهر، أنقذ قنفذا مصابا من خندق واهتم به حتى استعاد عافيته وأطلق عليه اسم "لاكي".
تصدّرت لقطات أرمان غير العادية عناوين وسائل الإعلام في كل أنحاء العالم.
ولم يكن يكلّ. فحتى بعد يوم شاق من العمل وإعداد تقارير، كان يحمّل صورا التقطها على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك في محاولة لنقل مشاهد ما وصفها ذات مرة بأنها "حرب قديمة الطراز في قلب أوروبا"، لأكبر عدد من الناس.
سيرة حياته
ولد أرمان سولدين في ساراييفو، وكان من أوائل البوسنيين الذين تم إجلاؤهم إلى فرنسا مطلع العام 1992. وكان يبلغ من العمر وقتها بالكاد عاما واحدا.
وكتب في 2022 على مدونة فرانس برس "ميكينغ اوف" في مقابلة من كييف بينما كان يعمل على ضوء الشموع "قصص اللاجئين تمسني".
وأضاف "أنا من البوسنة، من ساراييفو. أفهم الوطنية لكنني لا أعرف الكثير عن القومية المتطرفة".
وكان يتحدث الفرنسية والإنكليزية والإيطالية بطلاقة لكن أصوله ساعدته في عمله في أوكرانيا. وكتب "أتحدث قليلا اللغة البوسنية، إنها لغة سلافية أيضا ونتفاهم قليلا". وأشار إلى أن "عددا كبيرا من النساء يحملن اسم أوكسانا ووالدتي أيضا".
لاعب كرة قدم
وسولدين لاعب كرة قدم موهوب لعب وهو شاب في ملعب رين في غرب فرنسا لكنه تخلى عن احتراف هذه الرياضة بعد تعرّضه لإصابة، وانضم إلى وكالة فرانس برس كمتدرب في روما عام 2015.
وترك انطباعا ممتازا ما أدى إلى تعيينه بعد وقت قصير.
بدأ العمل صحافي فيديو في لندن في تشرين الأول/أكتوبر، في الوقت المناسب لتغطية السنوات المضطربة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وخلال جائحة كوفيد-19 في 2020، وجد نفسه مجددا في روما التي جابها بحثا عن قصص، رغم أن كل شيء كان مغلقا.
وقال أحد زملائه "كان دائما يجد شيئا".
عندما غزت روسيا أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، تطوع سولدين ليكون من الموفدين الخاصين الأوائل للوكالة.
وفي شباط/فبراير كتب "بعد عام تماما تقريبا على وصولي إلى أوكرانيا للمرة الأولى الذي غير حياتي"، وأكد أنه "فخور جدا بالعمل والجهود والدموع التي بذلناها مع الزملاء". وأضاف "الأمر لم ينته بعد".
وقال مدير الأخبار في فرانس برس فيل شتويند في بيان إن "عمل أرمان الرائع لخّص كل ما جعلنا فخورين جدا بتغطية وكالة فرانس برس في أوكرانيا".
وصرّح فابريس فريز رئيس مجلس إدارة فرانس برس أن "الوكالة بأكملها حزينة لفقدان أرمان"، مذكرا بأن "مقتله يشكل تذكيرا رهيبا بالأخطار التي يواجهها الصحافيون يوميا خلال تغطيتهم النزاع في أوكرانيا".
من جهتها، أكدت المديرة الإقليمية لمنطقة أوروبا في فرانس برس كريستين بوهاجيار أن أرمان سولدين كان يعمل "بحماسة وحيوية وشجاعة، وكان مراسلا ميدانيا حقيقيا ومستعدا دائما للذهاب حتى إلى أصعب المناطق".
وأضافت "طوال فترة وجوده في أوكرانيا، التقط صورا استثنائية أشاد بها مشتركونا... كان مكرسا لمهنته".
جهاز الهاتف
صوّر أرمان الكثير من لقطاته بجهاز أيفون، لكن السرعة والتنقل لم تكونا السبب الوحيد لذلك. فقد أدرك أرمان أيضا التأثير الذي قد تحدثه "كاميرا كبيرة".
وأوضح "أستخدم هاتفي المحمول فقط عندما أتوجه إلى الأشخاص للتحدث معهم. إنه أقل إخافة بالنسبة إليهم".
وفي 21 آذار/مارس، كان مع فريق وكالة فرانس برس في كراماتورسك في شرق أوكرانيا يحتفل بعيد ميلاده الثاني والثلاثين.