ماذا تعني عودة اليمين المتطرف إلى فرنسا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خلال يومي 13 و14 مايو -أيار من العام الحالي، شهدت باريس تجمّعًا كبيرًا لأنصار اليمين المتطرف الذي يزداد نفوذًا وانتشارًا يوما بعد يوم في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها فرنسا راهنًا.
وفي نفس الشهر المذكور، قام هؤلاء أيضا بحرق مأوى للمهاجرين للتعبير عن سخطهم تجاه السياسة المتعلقة بالهجرة التي تنتهجها حكومة الرئيس ماكرون.
وتقول التقارير الصادرة عن الاستخبارات الفرنسية إن هناك مجموعات من اليمين المتطرف تميل راهنا إلى العنف لفرض وجودها في المشهد السياسي، بل قد تتجاسر على ارتكاب جرائم إرهابية في سبيل ذلك.
وهذه العودة لليمين العنيف والمتطرف تثير مخاوف كبيرة لدى المسؤولين في أعلى مستوى، وأيضا لدى القوى التقدمية واليسارية، وحتى لدى القوى اليمينية المعتدلة.
وأول ظهور لليمين المتطرف في فرنسا كان في عام 1899 مع "لاكسيون فرانسيز"(العمل الفرنسي). وكان ذلك في نفس الفترة التي حوكم فيها دريفوس الضابط الفرنسي من أصل يهودي بتهمة الخيانة العظمى.
وكانت تلك المحاكمة قد أثارت جدلا واسعا في الأوساط الفرنسية السياسية والثقافية. وكانت القوى اليمينية والمحافظة تطالب بتسليط أقصى العقوبات على من نعتته بـ"الخائن"، في حين نددت القوى التقدمية واليسارية بتلك المحاكمة معتبرة إياها "عنصرية"، و"معادية للسامية".
وباسم هذه القوى، نشر الكاتب الفرنسي الكبير ايميل زولا رسالته الشهيرة:" إني أتهم". وكان قائد "العمل الفرنسي" شارل مورّا" منظر "القومية، و" فرنسا الأبدية"، والذي لم يكن يتردد في المجاهرة بعدائه المطلق لليهود.
وفي كتاباته ومقالاته النظرية، انتقد بشدة ما سمّاه بـ"انحطاط فرنسا" الذي يعود بحسب رأيه إلى الفردانية التي جاءت بها الثورة الفرنسية، وإلى عالميتها التجريدية الشيء الذي أغرقها في الفوضى، وفتح أبوابها على مصراعيها للتدخل الأجنبي، خصوصا لليهود.
وكان يرى أن خلاص فرنسا من هذا الانحطاط لا يمكن أن يتحقق إلاّ بإعادة الاعتبار للنظام الملكي. أما على المستوى الفكري فقد كان شارل مورّا الذي سيرحب في ما بعد بالاحتلال النازي لبلاده، مساندا حكومة الجنرال فيشي التي وصفها بـ"المفاجأة الربانية"، من أنصار العقلانية.
ومفتونين بأفكاره، ردد أنصار اليمين المتطرف شعارات مناهضة للنظام الجمهوري خلال تجمعهم الكبير في باريس في شهر مايو-أيار الماضي.
وبعد الثورة الطلابية في ربيع68، ظهرت مجموعة يمينية أخرى أغلب عناصرها من الطلبة. وتستند أفكارها النظرية إلى "الثورة الألمانية المحافظة" التي ظهرت في فترة جمهورية "فايمار" القصيرة بين عام1918 وعام1933.
وكانت تلك الثورة تتغذى من أفكار الكاتب الألماني الكبير ارنست يونغر، ومن نظريات المفكر المحافظ المعروف كارل شميدت. وفي عام2002، برزت للوجود حركة يمينية تتظاهر بمعاداة العنف لكنها مارسته اكثر من مرة. من ذلك مثلا أن أنصارها عارضوا بالقوة في عام 2012 أشغال بناء مسجد في مدينة بواتييه الفرنسية. وتسعى كل هذه القوى اليمينية المتطرفة راهنا إلى التجمع والتوحد من أجل ما تسميه بـ"فرنسا للفرنسيين".