بعد حضّه أوروبا على استضافة المهاجرين
البابا فرنسيس يحيي قداساً حاشداً في ملعب مرسيليا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مرسيليا: أحيا البابا فرنسيس السبت قداسا في ملعب مرسيليا حيث احتشد عشرات الآلاف للصلاة مع الحبر الأعظم، وذلك بعدما تطرّق إلى سجال سياسي حاد يؤججه تدفق طالبي اللجوء، وحضّ الحكومات الأوروبية على استضافة المهاجرين وعدم اعتبارهم غزاة.
وطغى على زيارة البابا الجدل القائم حول تدفّق المهاجرين إلى أوروبا، وقد أدخلته دعوته لاستضافة المهاجرين في خلاف مع غالبية حكومات الاتحاد الأوروبي في بلدان عدة، لا سيما إيطاليا وفرنسا.
لكن محور الزيارة هو القداس الحاشد في ملعب "فيلودروم" في مرسيليا الذي عادة ما تنظّم فيه مباريات بكرة القدم أو الركبي.
وقال البابا بالفرنسية في بداية القداس الذي حضره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "مرحبا مرسيليا، مرحبا فرنسا".
ودخل البابا الملعب مستقلاً العربة البابوية بعدما جال في شوارع المدينة حيث اصطف السكان لتحيته ونيل بركته ملوحين بأعلام الفاتيكان وفرنسا، وفق مراسلي وكالة فرانس برس.
وتواجد بين الحشود كهنة ورهبان ومتطوعون مكلفون خدمة القداس.
بحسب السلطات المحلية حضر القداس في الملعب 50 ألف شخص، فيما اصطف مئة ألف على جوانب الطريق خلال جولة البابا.
ورفع أنصار فريق المدينة "أولمبيك مرسيليا" في الملعب لافتة ضخمة تحمل صورة للبابا مبتسما وقبة كنيسة نوتردام-دو-لاغارد التي زارها الجمعة.
"قبر الكرامة"
البابا البالغ 86 عاماً بدا رشيقاً على الرغم من تنقّله في غالب الأحيان بين المراسم على كرسي متحرك، ولم يبد أي خشية من الخوض في السجال الدائر حول المهاجرين.
وفي خطاب ألقاه السبت في ختام مؤتمر جمع أساقفة وشباناً من حول المتوسط قال الحبر الأعظم إن "الذين يخاطرون بحياتهم في البحر ليسوا غزاة، بل هم طالبو ضيافة".
وشدّد على أن الهجرة "واقع ثابت في زمننا وهي ظاهرة تشمل ثلاث قارات حول البحر الأبيض المتوسط، ويجب التعامل معها بحكمة وبعد نظر، بمسؤولية أوروبية تقدر أن تواجه الصعوبات الواقعية".
مشيراً إلى الخطر الذي يتهدد حياة المهاجرين إذا لم يتم نقلهم إلى بر الأمان، قال الحبر الأعظم "هناك صرخة ألَم مُدوّية أكثر من أيّ شيء آخر والتي تحوّل بحرنا إلى بحر الأموات، وتحول البحر الأبيض المتوسط من مهد الحضارة إلى قبر الكرامة".
وتأتي زيارة البابا بعد أيام قليلة على وصول آلاف الأشخاص إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى تبنّي خطّة طوارئ لمساعدة روما على إدارة تدفّقات الهجرة من شمال أفريقيا.
والجمعة قال البابا أمام نصب للمفقودين في البحر في مرسيليا "لا يمكننا أن نبقى شهوداً لمآسي الغرق بسبب عمليات الاتجار الكريهة وتعصّب اللامبالاة. علينا أن ننقذ الأشخاص الذي يتعرّضون لخطر الغرق عندما يتركونهم فوق الأمواج. إنه واجب إنساني، إنه واجب الحضارة!".
وشكر البابا منظّمات الإغاثة التي تساعد المهاجرين الذي يواجهون الخطر في البحر، ودان جهودا تبذل لمنع عملها معتبرا أنها تنطوي على "كراهية".
ولم تتضمن تصريحات البابا أي تأييد لسياسات الحكومة الفرنسية الساعية إلى تشديد القيود المتصلة بالهجرة غير النظامية.
ملف الهجرة
وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية طلب عدم كشف هويته إن ماكرون والبابا بحثا في ملف الهجرة في محادثات ثنائية في وقت سابق
وأشار إلى أن "فرنسا ليس لديها ما تخجل به، إنها بلد ترحيب واندماج".
وفي بلد يُحكم منذ العام 1905 بمبدأ العلمانية، اتهمت المعارضة اليسارية ماكرون بـ"الدوس" على الحياد الديني للدولة عبر إعلانه المشاركة في القداس الكبير السبت.
استقبل اليمين زيارة البابا بشكل متباين، وشمل ذلك ممثليه الكاثوليك والمحافظين الذين انتقدوا تدخّلاته السياسية واتهموه بالقيام بالكثير تجاه المهاجرين.
لكن الحبر الأعظم لم يبذل السبت أي جهد لتهدئة المنتقدين، وبدا أنه يوجه انتقادات لمشاريع يعتزم ماكرون تنفيذها، لا سيّما تشريع الموت الرحيم وإدراج حق الإجهاض في الدستور.
وقال البابا "من يستمع إلى أنين كبار السن الوحيدين الذين بدلاً من أن يتم تقديرهم، يقفون في انتظار الكرامة الزائفة بموت رحيم، في واقع أشد ملوحة من مياه البحر".
كذلك تحدّث البابا عن "الأطفال الذين لم يولدوا، المرفوضين باسم الحق الزائف في التقدّم والذي هو، عكس ذلك، تراجع في احتياجات الفرد".
وقال المسؤول في الرئاسة الفرنسية إن ماكرون ناقش "المنهجية" و"الجدول الزمني" لمشروع قانون على صلة بالموت الرحيم تسعى الحكومة لعرضه على البرلمان في الأسابيع المقبلة.
قد لا يكون وقع رسائل البابا قويا في فرنسا نظرا إلى تراجع الكاثوليكية في البلاد حيث أقل من ثلث السكان كاثوليك، وقلّة قليلة من هؤلاء يحضرون القداس بشكل منتظم.
لكن لا يزال للإرث الديني للبلاد ثقله، إذ تباهى ماكرون هذا الأسبوع بالأشغال التي تنفّذ لترميم كاتدرائية نوتردام في وسط باريس خلال جولة رفقة الملك البريطاني تشارلز الثالث.