استحضروا واقع الصراع الدولي الجديد ومحددات المصالح الإقليمية الأفريقي
خبراء وسياسيون يناقشون في أصيلة الموروث والمأمول في علاقة أفريقيا والغرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من أصيلة: شددت ندوة منتدى أصيلة الـ44 الثانية حول موضوع "أفريقيا والغرب: الموروث والمأمول"، أن الشراكة بين أفريقيا والغرب لا يمكن أن تقوم إلا على التكافؤ والندية والاحترام المتبادل والواقعية المرنة، من منظور الحقائق والمعطيات الموضوعية والمصالح المتبادلة.
وهدفت الندوة، التي تواصلت على مدى اليومين الاخيرين ، إلى توجيه النظر إلى الاهتمام الغربي الجديد بأفريقيا، برصد خلفياته ومحدداته، والوقوف على رهاناته وسياقاته، وتحليل معطياته واستشراف آفاقه. وتوزعت أشغال الندوة ثلاث جلسات، تناولت "أفريقيا والغرب واتجاهات النظام الدولي الجديد: آفاق ومطامح الشراكة الاستراتيجية"، و"أفريقيا والغرب: الآفاق الاقتصادية والتجارية للشراكة في المستقبل"، و"أفريقيا والغرب: الشراكة الأمنية".
وعملت الندوة، التي تميزت بمشاركة خبراء وباحثين وفاعلين سياسيين، على دراسة طبيعة وآفاق الشراكة المستقبلية بين أفريقيا والغرب، بتقويم الموروث واستشراف المأمول، من خلال ثلاث معطيات أساسية، هم التنسيق السياسي والاستراتيجي إزاء الملفات الدولية الكبرى، مع اعتبار واقع الصراع الدولي الجديد ومحددات المصالح الإقليمية الإفريقية التي أصبحت هي المعايير الضابطة لمواقف وسياسات بلدان القارة؛ والشراكة الاقتصادية والتجارية التي لا بد أن تراعي سريان اتفاقية السوق الإفريقية المشتركة وتنامي حركة الإندماج الإقليمي في القارة، ودخول شركاء دوليين جدد في الساحة الأفريقية، مع تركز الاهتمام الاقتصادي في القارة على الثروات النفطية والمعدنية ومسالك التجارة الجديدة من موانئ وطرق وبنى تحتية؛ والشراكة الأمنية في مواجهة الخطر الثلاثي الذي تمثله حركية الإرهاب والتطرف، وتنامي الجماعات الانفصالية، وتزايد الهجرة غير الشرعية. وهي اهتمامات ذات أولوية بالنسبة للأطراف الأوروبية، رأت أرضية الندوة، أنها لا بد أن تراعي حاجيات ومتطلبات التنمية والأمن في أفريقيا.
آفاق ومطامح الشراكة الاستراتيجية
قال محمد بن عيسى، الأمين العالم لمؤسسة منتدى أصيلة، في كلمة افتتاح الندوة إن الغرب، بحكم الجوار والماضي الاستعماري وكل الروابط الثقافية والاقتصادية والسياسية بين أغلبية الدول الأفريقية والغرب، حاضر في كل الدراسات والمناقشات، مشيرا إلى أن أغلبية المخاضات التي تعيشها أغلبية دولة القارة السمراء مرجعها مسألة الماضي وتقييم المستقبل، انطلاقا من الهيمنة التي تمارسها دول غربية على أغلبية دول أفريقيا.
ورأى بن عيسى أن أفريقيا تتطلع إلى التخلص من سيطرة ووصاية الغرب عليها، وأننا نعيش اليوم على رؤى جديدة لأفريقيا والغرب، ونشاهد توجهات سياسية تمس باستقرار القارة وشعوبها، وتنذر بتصدعات كبيرة في الحكم والثروات، حيث تتعرض القارة الأفريقية لسباق بين قوى الشرق والغرب، في ظل حركات إرهابية تهدد سيادة الدول واستقلالها وتشجع التوجهات الانفصالية، هنا وهناك. لذلك دعا إلى علاقات جديدة مع الغرب، تحترم كرامة الإنسان الأفريقي وتطلعاته وقيمه وثقافته.
وتحدث الشيخ تيديان غاديو، نائب رئيس الجمعية الوطنية للسنغال ورئيس المعهد الأفريقي للاستراتيجية والسلم والحكامة ووزير الخارجية سابقا، عن الغرب الذي فقد السيطرة على المستقبل،وقال إن أفريقيا عانت في السابق، مشيرا ، في هذا السياق، إلى الدور الذي لعبه الاستعمار على مستوى بلقنة القارة الأفريقية.
واضاف " لا شيء تغير في أفريقيا بعد أكثر من 7 عقود على نيل استقلالها. لا شيء، لا على مستوى الصحة والتعليم والبينات التحية، وغيرها".
وحث غاديو على تشجيع الشباب ومنحه فرص النجاح، بتكوينه ووضعه في خضم التحولات التكنولوجية الجارية.
ورأى أن أخطر ما في الأمر بالنسبة للقارة الأفريقية يبقى عدم حل إشكالية الحوكمة، مشيرا إلى أن غرب أفريقيا شهد 7 انقلابات في السنوات الأخيرة، مع تشديده على أن القارة الأفريقية ضحية عنف إرهابي وجهادي، يؤثر على المسألة الأمنية التي هي أساس التنمية. وتساءل لماذا يرفع شباب القارة في عدد من دول القارة، خلال الانقلابات والاحتجاجات، صورا قادة أجانب كفلاديمير بوتين؟،كما شدد غاديو على حاجة أفريقيا إلى أن تمتلك قدرها وأن تتوحد، من خلال تحمل مسؤولياتها كاملة، مع إعطاء الفرصة للشباب بدل دفعه إلى المغادرة والمغامرة بحياته للوصول إلى أوروبا وغيرها. وتناولت المالية راكي تالا ديارا، نائبة رئيس المجلس الانتقالي ووزيرة العمل والوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة والعلاقات مع المؤسسات سابقا، ثناية أفريقيا والغرب، مشيرة إلى أن هذا الأخير يرتبط بمجموعة مفاهيم مرافقة، من قبيل الديمقراطية والرأسمالية والليبرالية.
محمد بن عيسى يتحدث في الجلسة الافتتاحية للندوة (رضا التدلاوي)
وتوقفت ديارا عند عدد من الأحداث التي جاءت أخيرا لتؤثر سلبا على ما هو اقتصادي واستراتيجي، على مستوى العالم، من قبيل "كوفيد &- 19" وحرب أوكرانيا.
وفضلا عن تأثر أفريقيا بمثل هذه الأحداث، تحدثت ديارا عن مشاكل إضافية على مستوى السياسة والحوكمة وعدم الاستقرار والمشاكل الأمنية والتحديات المرتبطة بالتنمية المستدامة، فضلا عن تحديات الانفصال. ودعت الأفارقة إلى الثقة في الذات، وتطوير التعاون جنوب &- جنوب لمواجهة التحديات الجديدة.
ورأت أن الغرب منظم وله استراتيجيات واضحة، فيما يحدث العكس في أفريقيا.
أما المحلل السياسي اللبناني خطار أبو دياب ، فقال إن أفريقيا هي، للأسف، ضحية للتنافس الدولي وللتحولات التي يشهدها العالم. وتحدث أبو دياب عن مؤهلات أفريقيا، وقال إنها قارة للمستقبل، غنية بمواردها.
وشدد على القول إن لكل مآربه ومراميه من وراء علاقاته مع أفريقيا، سواء من الشرق أو من الغرب، مشيرا إلى التنافس الذي صار بين البريكس ومجموعة العشرين على أفريقيا.
ورأى أن كل هذا يعني أن أفريقيا تتطور. واستدرك بالتساؤل عن الكيفية التي يمكن أن تكون بها أفريقيا للأفارقة.وقال إن للغرب مسؤولية كبيرة في ما عاشته وتعيشه أفريقيا. غير أنه شدد على أن على أفريقيا أن تنظر هي الأخرى إلى وجهها في المرآة، قبل أن يؤكد حاجتها إلى استراتيجية جديدة للتعامل مع التحديات والمستجدات.
تيديان غاديو وزير خارجية السنغال الاسبق يتحدث في الندوة
أما ادريس الكراوي، رئيس الجامعة المفتوحة بالداخلة المغربية، فطرح في مستهل مداخلته،ثلاثة أسئلة حول العلاقة بين أفريقيا والغرب، همت ماهية حالة أفريقيا وحالة الغرب في ظل العالم الجديد، وكيف يكون على أفريقيا القرن ال21 أن تتعامل مع الغرب ومع العالم الجديد، فضلا عن التحديات التي يتوجب التعاطي معها من طرف أفريقيا نحو مستقبل مشترك وممكن مع الغرب.
ورأى الكراوي أن ما يميز العالم الجديد، يتمثل في التدهور والانخفاض والتقلص المتنامي لمكانة وأدوار وقوة الغرب داخل العالم الجديد، وهو شيء مرده إلى كون النموذج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والقيمي الذي بنى عليه الغرب حضارته قد بلغ مداه، وهذا ما جعله يفقد مكانته.
وذهب الكراوي إلى أن الانحسار الاقتصادي والمجتمعي والأزمة البنيوية للنموذج الغربي للديمقراطية كلها عناصر أدت إلى أن الغرب لم يعد اليوم مرجعا، لا إديولوجيا، ولا ثقافيا، ولا حضاريا. بينما تحدث، في المقابل، عن وعي متنامي لأفريقيا، في ظل العالم الجديد، شعوبا ونخبا سياسية واقتصادية وعلمية وثقافية ودينية، بالدور المستقبلي الرائد الذي يمكن أن تلعبه كقاطرة للاقتصاد العالمي، وكقطب قوي وجديد للنمو، وكرافعة بشرية لإنجاح التحديات المرتبطة بالانتقالات الجوهرية، بيئيا وطاقيا ورقميا، وكذا بالمجالات الحيوية المرتبطة بالسيادة الغذائية والمائية والدوائية، وتلك المتعلقة بالتنوع البيولوجي وتثمين الرأسمال غير المادي الذي تزخر به القارة السمراء كما ونوعا.
وقارن الكراوي بين التدهور المتنامي لقوة الغرب داخل عالم اليوم، مقابل وعي أفريقيا بالأوراق التي تسمح لها باستثمار مواردها البشرية والطبيعية والطاقية والاقتصادية، ليتحدث عن إمكانية أن تستثمر أفريقيا كل ذلك في تدبير علاقتها مع محيطها الخارجي، في سياق يتميز بدخول عولمة الاقتصاد في أزمة بنيوية، في ظل تطور رقابة جديدة وتنامي أزمات جديدة وبزوغ جيل جديد من الحروب أكثر فتكا ودمارا.
وأشار الكراوي إلى أن أزمة العولمة يواجهها بحث من طرف دول وجهات عن السيادة الاقتصادية والاقتصادية والغذائية والصحية والطاقية والأمنية والعسكرية من جهة، وتطوير تحالفات استراتيجية جديدة تقودها قوى غير غربية صاعدة اقتصاديا وعسكريا كالهند والصين وروسيا وتركيا والمكسيك والبرازيل، وأيضا المملكة العربية السعودية، والمغرب بالنسبة لأفريقيا. لذلك، وفي ظل هذا الوضع، يبقى السؤال هو:"كيف يمكن لأفريقيا أن تتعامل مع الغرب والعالم؟". وأجاب الكراوي بأن أفريقيا القرن ال21 مطالبة بإعادة ترتيب أوراقها من خلال إعادة التفكير في إشكالياتها الكبرى، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية والأمنية والثقافية والمجتمعية والعسكرية، وتلك المتعلقة بعلاقاتها مع العالم. وهنا، سيطرح على القارة سؤالان جوهريان، أحدهما ذو طابع منهجي والآخر ذو طابع استراتيجي. وفي هذا الصدد، قال الكراوي إن هناك حاجة لإعادة النظر في أفريقيا القرن ال21، لأن كل شيء يتغير أو هو في طور التغير بسرعة فائقة، على جميع الأصعدة. ورأى أن مقاربة "مع أو ضد الغرب" صارت عقيمة وغير منتجة للمعنى. وقال الكراوي إن على نخب أفريقيا أن تؤسس لحركة فكرية جديدة تنطلق من إعادة قراءة تاريخها، والتخلص من "غرْبنة" كل مجالات الحياة الأفريقية. ثم تساءل: في أية قارة إفريقية تريد شعوب أفريقيا أن تعيش؟ ليخلص إلى أن أفريقيا عليها أن تكون واعية بأن الدخول في التحالف الجيو استراتيجي الجديد يتطلب توفير ثلاثة شروط هي: بناء جيل جديد من التنمية المتبادلة، ومواجهة التحالفات الجديدة، وتحقيق السلم والأمن.
جانب من جمهور الجلسة الاولى للندوة
الآفاق الاقتصادية والتجارية للشراكة
خلال الجلسة الثانية للندوة ، صباح الثلاثاء، ركز أبو بكر عيسى عبد الرحمن، المستشار ومدير "نيجر داتا لاب"بالنيجر،على العلاقات التجارية والاقتصادية بين أفريقيا والغرب، فتوقف عند نقطتين: نقطة أولى قال فيها إن أفريقيا والغرب مدعوان للتعاون، وهو ما سبق أن قاما به في سنوات سابقة،لكن ضمن شروط ثقافية معروفة.
وذكّر أبو بكر بأن كل ذلك استند على معطى يتعلق بمركزية الدولة، حيث أن كل شيء كان ينطلق منها وإليها يعود.
نياغالي باكايوكو الباحثة المالية في العلوم السياسية تتابع جلسة الندوة
أما النقطة الثانية، فتتعلق، يضيف المتحدث، بمعطى "أننا نوجد في فترة تحول على مستوى الإنتاجية ووسائل الإنتاج، حيث أننا صرنا إلى عامل إنتاج جديد، يتمثل في المعلوميات المرتبطة بالاقتصاد الرقمي، الشيء الذي عدل جذريا من وضعية الاقتصاد والتجارة"، مشيرا إلى أن المنافسة التي صارت تبرز أكثر تتعلق بالتحكم في المعلومة.
ورأى أبو بكر أن القيم المجتمعية تبقى مهمة من وجهة نظر سياسية. وشدد على أن الوضع الجديد سيؤثر على طريقة التدبير السياسي للمجتمعات، مع دعوته إلى التفكير في الكيفية التي يتعين خلالها على الدول والمؤسسات في أفريقيا أن تتموقع ضمن هذا الواقع الجديد.
من جهته، تطرق أليون بدرة ديوب، أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة الشيخ أنتا ديوب في العاصمة السنغالية دكار ،إلى وزن أفريقيا في المعاملات التجارية الدولية،منتقدا الطريقة التي كان عدد من قادة الدول المتقدمة، كالولايات المتحدة وفرنسا،يتحدثون بها عن القارة ويقيمون إسهامها التجاري والاقتصادي على مستوى الاقتصاد والتجارة العالمية.
واستعرض ديوب ثلاثة عناصر للشراكة المستقبلية بين أفريقيا والغرب،تتمثل في تعاون متنوع، وتأكيد على أهمية العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الحديث عن مسؤولية الأفارقة بدل تركيز النقاش فقط على المسؤولية التاريخية للغرب في ما حدث ويحدث،وإبراز تأثير التحولات الجارية على طبيعة العلاقة بين الجانبين.
وزير خارجية الرأس الاخضر الاسبق لدى إدارته الجلسة الثانية للندوة
الشراكة الأمنية بين أفريقيا والغرب
تطرق الصحافي السنغالي الحاجي غوركي واد ندوي، المراسل في الأمم المتحدة، إلى أهمية العمل الصحفي، منطلقا من جملة "المعلومة سلاح".
وعاد غوركي إلى تاريخ أفريقيا في علاقتها بالغرب، خصوصا أوروبا، بإشارته إلى أنه، على مستوى المتخيل الأوروبي، كان هناك خطاب يرى أن أفريقيا هي أرض الذهب التي يتعين غزوها والهيمنة عليها. ورأى أن الهيمنة على الآخر، دفعت أوروبا إلى تبرير ما اقترفته من نزع الآدمية عن الأفارقة.
وشدد غوركي على أنه، انطلاقا من خلفيته المهنية كصحفي، يرى أنه سيبقى من المستعجل أن يكون لنا خطاب حول أنفسنا، وفي حالة لم نقم بذلك، فلن تكون هناك أفريقيا حرة تمتلك قرارها ومصيرها، حتى تكون قادرة على أن تبني المستقبل مع من تريد. وأكد غوركي على دور وسائل الإعلام في محاربة الأحكام المسبقة، ومحو الصورة السلبية التي يقدمها الإعلام الغربي حول أفريقيا والأفارقة، ليخلص إلى أن دور الإعلام مؤثر "بخصوص نظرتنا ورؤيتنا للقارة الأفريقية، خصوصا في ظل التحولات الجارية على مستوى وسائل التواصل الجديدة".
وتحدثت نياغالي باكايوكو الباحثة المالية في العلوم السياسية ، عن النموذج الأمني المقترح من طرف الغرب منذ تسعينيات القرن الماضي، قبل أن تتناول موضوع الجلسة، انطلاقا من 6 توجهات، همت الأولويات الاستراتيجية على مستوى حل الأزمات، والتحديات التي تواجه أشكال التدخل العملياتي والوسائل الموظفة على الأرض، ونماذج التدخلات الغربية أو متعددة الأطراف، والانتقاد ذات الطبيعة الأخلاقية التي ترافق محاولات تنزيل النظم الديمقراطية والليبرالية، وعدم الأخذ بعين الاعتبار تعقيدات السياق المحلي، والعناصر المقاومة للنظام العالمي.
من جهته، تساءل إيريك بلانشوت، مدير عام منظمة بروميدياسيون من فرنسا، عن أسباب فشل مقاربات التعاون والشراكة بين الغرب وأفريقيا، ليتحدث عن غياب التخطيط، داعيا إلى العمل مع الفاعلين المحليين على مستوى الاستفادة من التجارب والتعلم منها؛ مع إطلاق مختبرات بحث، أشار إلى أنها تتطلب موارد وتحتاج إلى وقت وجهد.
أما الموريتاني محمدو لمرابط أجيد، رئيس جامعة العلوم الإسلامية ، فقد قارب علاقة أفريقيا والغرب، انطلاقا من مدخلين أساسيين، الأول مفاهيمي يستكنه مفهوم النظام الدولي ومكوناته، والثاني افتراضي يستعرض الشراكة الأفريقية وأسسها.
فبخصوص المدخل الأول، قال أجيد إن من المهم التنبه إلى أن تطور مصطلح النظام الدولي تنقل، في سيرورته، من تعدد الأقطاب بعد الحرب العالمية إلى القطبية الأحادية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. ورأى أن هذا النظام أصبح محكوما بأربع سمات أساسية هي القطبية الأحادية، وحتمية التعدد، والقيم السائلة وتعدد مداخل ووسائل النفوذ. أما بخصوص المدخل الثاني، قال أكيد إن النظام العالمي الجديد صيغ وفق رؤية تجعل من أفريقيا ساحة للصراع والنفوذ، ولاحظ أن الأمر يستلزم وضع شراكة على أسس جديدة، وهو ما يضع على عاتق أفريقيا رهانات كثيرة حتى تتبوأ المكانة التي تستحقها، أخذا بعين الاعتبار حجمها الديمغرافي وتاريخها المثقل بالتهميش.
وأضاف أجيد أن بين هذه الأسس الجديدة، تبرز أربعة، تتمثل في الإيمان بأفريقيا هوية وتاريخا ضمن النظام العالمي، واستغلال أوراق القوة اقتصاديا وثقافيا وسياسيا، وتعدد الخيارات بفعل التحولات الجارية والتكتلات الجديدة من دون نزوع إلى الاصطفاف، وتدويل الثقافة الأفريقية والحفاظ على الخصوصية.