أخبار

مهما طالت الحرب وتعاظمت الخسائر

هآرتس: إسرائيل لن تسمح بعودة حماس إلى غزة

رجل فلسطيني يصنع الطين أثناء صنع أفران الطابون التقليدية التي يبيعها بمبلغ 25 دولارًا، مع ندرة إمدادات تشغيل مواقد الغاز، في خان يونس جنوب قطاع غزة
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إسرائيل طردت سكان شمال القطاع إلى جنوبه بحجة أن ذلك خطوة إنسانية لحمايتهم، لكن بين يديها الآن ورقة استراتيجية: لن توافق على الانسحاب وإعادة السكان والسماح بإعادة ترميم المدينة لتسليم مفاتيحها لاحقًا لحماس

إيلاف من بيروت: الإجراء الاستراتيجي الأساسي الذي قامت به إسرائيل في حربها ضد حماس هو تهجير سكان غزة إلى جنوب القطاع، ولو بصورة مؤقتة، وتدمير المدينة. التحديثات الإعلامية التي يقدمها الناطق الرسمي بلسان الجيش، والتي تتمحور حول العمليات التكتيكية ـ الأهداف التي تمت مهاجمتها، المسلحون الذين قُتلوا، الأنفاق التي تم سدّها ـ وخطابات رئيس الحكومة، التي تزخر بالشعارات الفارغة، تخفي الصورة الواسعة عن الحرب: احتلال شمال القطاع، وسط تطهير المنطقة تدريجياً من قوات حماس. هذه هي القصة.

يقول ألوف بن، في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن تهجير السكان الفلسطينيين وتدمير بيوتهم وتقييد دخول الإمدادات والوقود إلى القطاع "إجراءات اتخذتها إسرائيل لكسر التعادل في المواجهة الحالية، خلافاً لكل جولات القتال السابقة في الجنوب. فمذبحة 7 أكتوبر التي نفذتها حماس في بلدات غلاف غزة، واختطاف مئات الإسرائيليين إلى غزة، منحت إسرائيلحجة محلية ودعماً دولياً لاستخدام القوة بصورة غير مسبوقة من حيث كثافة النيران ومدة العملية. وحتى لو تم الإعلان قريباً عن أي وقفٍ لإطلاق النار، فلن تسارع إسرائيل إلى الانسحاب وإفساح المجال أمام عودة السكان إلى شمال القطاع". حتى لو عادوا، فإلى أين سيعودون؟ لن تكون لديهم منازل، ولا شوارع ولا مؤسسات تعليمية ولا متاجر ولا نى تحتية.

لا عودة

يضيف بن: "المُنظِّر العسكري البريطاني، باسيل ليدل هارت، الذي تربت أجيال من قادة الجيش الإسرائيلي على نظرياته، كتب أن هدف الحرب هو التأثير في عقول قادة العدوّ، وليس قتل جنوده فحسب". في رأيه، هذه الاستراتيجية هدفها إخضاع العدوّ، وليس خوض معارك دامية. إسرائيل تسعى إلى ضرب حماس المتحصنة في الأنفاق وستحاول اغتيال قادتها مثل يحيى سنوار ومحمد ضيف. لكنّ الإجراء الذي أعدّ لـ "تدمير" المنظمة وتفكيك قدرتها على السيطرة على غزة هو الأمر الذي صدر إلى مليون شخص من سكان شمال القطاع للتجمع في جزئه الجنوبي. بحسب بن، عدم اليقين بشأن ما إذا كانوا سيتمكنون من العودة إلى بيوتهم هو الخطوة النفسية التي تحدث عنها ليدل هارت، والتي ترمي إلى حرمان العدوّ من حرية العمل.

براي بن، لا تستطيع حماس إرغام إسرائيل بالقوة على إعادة السكان. خلافاً لما كان في الماضي، فهي تجد صعوبة في حشد ضغط دولي على إسرائيل "لمنع حدوث أزمة إنسانية" والانسحاب غير المشروط من القطاع. وحتى لو نجح الفلسطينيون في تكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر في الأرواح وقامت إسرائيل بسحب قواتها البرية، أو الجزء الأكبر منها، إلى الخط الأخضر، فستبقى قادرة على منع السكان من العودة بالقصف من الجو. لا تملك حماس طريقة لحمايتهم والدفاع عنهم، وهي لا تحاول ذلك أصلاً؛ فهي تفضّل أن تؤدي الخسائر البشرية المدنية في القطاع إلى إجبار حكومات الدول الغربية ومصر والأردن على لجم إسرائيل.

سوء تقدير

يقول بن في "هآرتس": "ليس معروفاً حتى الآن، وربما لا يُعرَف أبداً، كيف قدّر السنوار وضيف ردة فعل إسرائيل حين أصدرا الأمر بتنفيذ المذبحة في 7 أكتوبر. رجح أنهما، على غرار قادة إسرائيل وقادة الجيش الإسرائيلي، استعدوا للحرب السابقة: غارات مكثفة، وربما دخول برّي متردد، ثم وقف إطلاق نار يتم التوصل إليه إلى جانب الضغط الدولي، الإرهاق الإسرائيلي من الخسائر البشرية والقلق على مصير المخطوفين. بالإمكان التكهن بأنه كما لم يتخيل أحد في إسرائيل خطة حماس لنكبة مضادة في غلاف غزة، كذلك أيضاً في خندق السنوار المحصَّن لم يفكروا بأنّ إسرائيل ستردّ بتهجير نصف سكان القطاع وتدمير منازلهم، بدعوى أن هذه خطوة إنسانية تهدف إلى حماية حيواتهم".

ويختم بن مقالته بالقول: "الحرب ليست قريبة من نهايتها وربما تنجرّ إلى حالة استنزاف متواصلة، دامية وطويلة الأمد وعلى إسرائيل، أيضاً، أن تهتم بمئات آلاف اللاجئين في الداخل، من الجنوب ومن الشمال ـ والذين ليس من الواضح متي سيعودون إلى بلداتهم، إلى جانب مئات المخطوفين والمفقودين بالطبع. لكنّ ما يحسم الأمر في الحروب الطويلة هو موازين القوى العددية والاقتصادية والدبلوماسية، وهي تميل الآن لصالح إسرائيل. بينما غزة مدمَّرة وخالية من الأغلبية الساحقة من سكانها، لن يكون بمقدور حماس العودة والسيطرة على السلطة في القطاع كما كان الحال في السنوات الأخيرة. كذلك، لن توافق إسرائيل على الانسحاب وإعادة السكان والسماح بإعادة إعمار المدينة يمكن تسليم المفاتيح لحماس. إن الصور القاسية التي ستظهر تباعاً من تجمعات اللاجئين في خاني ونس ودير البلح ورفح وبسبب الأمطار والأوحال وخطر تفشي الأوبئة الوشيك، من شأنها كلها أن تضغط على المجتمع الدولي وعلى الدول العربية لإيجاد جهة تمسك زمام السيطرة على غزة".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها ألوف بن ونشرتها "هآرتس" الإسرائيلية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف