صحة وعلوم

تداعيات ما يعرف بـ"اضطراب ما بعد الصدمة"

ما هي التبعات النفسية على الرهائن المفرج عنهم من قبل حماس؟

سيارات إسعاف إسرائيلية بانتظار الرهائن الذين أفرجت عنهم "حماس"
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عقب إطلاق سراح عشرات الرهائن من النساء والأطفال الجمعة، كجزء من الهدنة الموقتة المبرمة بين إسرائيل وحركة حماس التي كانت تحتجزهم منذ شهر ونص شهر في قطاع غزة، يبدو الجانب المرتبط بالصحة النفسية للمفرج عنهم حاضرا بقوة في سياق الحديث عن الوسائل والطرائق الممكنة للتخفيف من حدة التداعيات التي قد يعانونها.

في هذا السياق، يقول الطبيب النفسي البريطاني نيل غرينبرغ المتخصص في الصدمات النفسية "لا يصاب كل الأشخاص الذين يخرجون من الأسر (...) باضطراب ما بعد الصدمة أو اضطرابات عقلية أخرى، لكن هذه حال أقلية كبيرة".

لكن، ما هي التبعات النفسية على هؤلاء الرهائن؟ وهل هناك سابقة تسمح بتوصيف علمي لآثار ما حصل بأن يكون هناك أي مجال للمقارنة بين الصدمات؟

وفق غرينبرغ، عموما "لا توجد أعراض إجهاد ما بعد الصدمة خاصة بالرهائن".

لكن تجربة الرهينة بحد ذاتها تحمل خصوصيات قد تسبب مشكلات مستقبلية مثل العزلة والتعرض المحتمل للإذلال والشعور بالعجز...

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأضواء الإعلامية التي ترافق عمليات احتجاز الرهائن في كثير من الأحيان، تضيء على قدرة هؤلاء على التعافي أم لا.

بعضهم انهار مثل الصحافي الفرنسي بريس فلوتيو الذي أنهى حياته عام 2001 بعد ثمانية أشهر من احتجازه كرهينة في الشيشان، وجون بول غيتي الثالث (حفيد قطب النفط الأمريكي جون بول غيتي الذي كان ذات يوم أغنى رجل في العالم) الذي لم يتمكن من التعافي من صدمة اختطافه في إيطاليا في السبعينيات عندما كان طفلا وغرق في دوامة من الإدمان تركته مشلولا حتى وفاته.

كذلك، رصدت أعراض ما بعد الصدمة أقل حدة بين رهائن سابقين، مثل الصعوبة في التركيز وفقدان الذاكرة ونوبات اكتئاب أو قلق وانسحاب من الحياة الاجتماعية.

لكن الضحايا يميلون رغم كل شيء إلى استعادة السيطرة على حياتهم، وبعض الرهائن السابقين، رغم التناقض الذي قد يبدو عليه الأمر، يكتسبون في نهاية المطاف تأثيرات إيجابية من تجربتهم على المستوى النفسي.

ما تفسير هذه الاختلافات؟
يواجه الأطباء النفسيون صعوبة في الإجابة ويقرون بأنه من الصعب معرفة مسبقا ما إذا كان أحد الرهائن أكثر عرضة من غيره للإصابة باضطرابات عقلية.

وفي العام 2009، أقر معدو دراسة حول هذا الموضوع في مجلة الجمعية الملكية البريطانية للطب بأنه "لم نحدد بشكل واضح العوامل التي تؤدي إلى تطورات سلبية بعد احتجاز رهائن".

لكن حددت بعض عوامل الخطر المحتملة: أن تكون الرهينة امرأة أو ذات مستوى تعليمي متدنٍّ أو العزل لفترة طويلة... لكن تلك الدراسة قديمة ويصعب الاعتماد عليها في وضع الخلاصات العلمية.

وأوضحت الدراسة أنه "لأسباب أخلاقية وعملية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بأطفال، من الصعب متابعة الرهائن بعد إطلاق سراحهم"، مشيرة إلى خطر إحياء الصدمة من خلال إجراء مقابلات مع الرهائن السابقين "وبالتالي فإن البيانات الطبية والعلمية المتوافرة متواضعة نسبيا".

وتعتمد الكثير من الدراسات على سير ذاتية لرهائن سابقين، وهي وجهة نظر محدودة.

وهناك عنصر آخر يزيد من تعقيد عملية تعقب الآثار النفسية، وهو أن الاضطرابات قد تستغرق وقتا طويلا للظهور.

وتوضح الطبيبة النفسية كريستين روليير المتخصصة في اضطرابات ما بعد الصدمة "قد تظهر بعد سنة أو سنتين أو عشر سنوات، ولا يمكن توقعها على الإطلاق"، مشددة على ضرورة متابعة الرهينة على المستوى النفسي فور إطلاق سراحها.

وتؤكد ضرورة "السماح للشخص على الفور بالتحدث عما مر به. إنها طريقة لإعادة الأحداث الاستثنائية" التي نقلته لعالم مغاير، مضيفة أن "الهدف هو مرافقته في طريق العودة إلى عالم الأحياء".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف