اقتصاد

دلائل تشير إلى أن مؤتمر الأطراف قد يحقق تقدماً حقيقياً

هل العالم على وشك التعهد بالتخلص من الوقود الأحفوري؟

REUTERS | يعد مستقبل الوقود الأحفوري أحد أكثر القضايا المثيرة للجدل، في مؤتمر المناخ (كوب 28) في دبي
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يعتقد مستضيفو مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28)، المنعقد في دبي أنه يقترب من تحقيق إنجاز كبير فيما يتعلق بخفض الغازات التي تؤدي إلى احترار كوكبنا.

وأعرب فريق التفاوض الإماراتي عن "تفاؤل حذر"، ويعتقد أن مؤتمر الأطراف (كوب 28) يستعد للالتزام بالتخفيض التدريجي للوقود الأحفوري خلال العقود المقبلة، وربما حتى التخلص منه تماما.

إن استضافة مؤتمر للمناخ في دولة نفطية تبدو وكأنها بداية مزحة سخيفة، ولكن هناك دلائل تشير إلى أنه قد يحقق تقدما حقيقيا في مجال المناخ.

ما هو مؤتمر كوب 28 في دبي وما سبب أهميته؟

من المؤكد أن التوصل إلى كيفية التخلص من الوقود الأحفوري هو ما يدور حوله مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ. هذا ما يدور في عقولنا.

ولكن على الرغم من غرابة الأمر، إلا أنه حتى قبل عامين فقط كان الوقود الأحفوري بمثابة "كلمة بذيئة" في هذه التجمعات العالمية الضخمة - ونادرا ما يتم التلفظ بها على الإطلاق.

وكان أول نقاش رسمي حول مستقبل هذا النوع من الوقود في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 26)، في غلاسغو في عام 2021، وكان الالتزام الوحيد الذي تم التعهد به هناك هو الوعد "بالتخلص التدريجي" من الفحم وهو الوقود الأكثر قذارة.

لنكن واضحين، التعهد الآن لن يعني أن العالم سيتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري بشكل كامل.

ومن غير المرجح أن نحصل على أي التزام بشأن تاريخ محدد لوقف استخدامه، لأن ذلك سيكون مثيراً للجدل إلى حد كبير.

وسيظل الوقود الأحفوري "المخفف" مسموحا به. وذلك عندما يتم احتجاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث منه - الذي يسخن الغلاف الجوي - لمنعه من التسبب في تغير المناخ.

ولكن على الأقل لابد أن يكون العالم قد اعترف بما أشارت إليه هذه المفاوضات بشكل ضمني دائما ـ وهو أننا في حاجة إلى التعامل مع المصدر الرئيسي لتغير المناخ.

وسيكون ذلك بمثابة خطوة تاريخية أولى وخطوة مهمة إلى الأمام.

UN CLIMATE CHANGE/KIARA WORTH سلطان الجابر هو رئيس شركة النفط الوطنية الإماراتية (أدنوك) ورئيس مؤتمر كوب 28

فلماذا قد يحدث هذا هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة الغنية بالنفط من بين جميع الأماكن؟

التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري موجود في النص قيد المناقشة هنا في دبي، وهو ما يريده الرجل المسؤول عن هذه المفاوضات - سلطان الجابر - رئيس مؤتمر كوب 28 ورئيس شركة النفط الإماراتية (أدنوك).

وما أثار انزعاجه كثيرا أن هذه الرغبة لم يتم الإعلان عنها على نطاق واسع.

ويرجع ذلك جزئيا على الأقل إلى أن الجابر كان يقول ذلك بنوع من اللغة البيروقراطية، التي لا يفهمها سوى رؤساء مؤتمر الأطراف (كوب) الأكثر التزاما.

ويقول إنه أول رئيس لمؤتمر المناخ يشجع "الأطراف على التقدم بصياغة، بشأن جميع أنواع الوقود الأحفوري، في النص الذي يتم التفاوض عليه".

وأوضح أنه "يتعامل مع جميع الأطراف"، ويريد منهم أن يتقدموا "بأرضية مشتركة وتوافق".

ويقول: "لقد تحدثت إلى ممثلي جميع دول العالم، وحثثتهم على الموافقة في النص النهائي لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين على التخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري، أو على الأقل التخفيض التدريجي منه".

وقد وعد الجابر مرارا وتكرارا بأن هذه القمة سوف "تتخذ طريقا جديدا"، وتفعل أشياء "غير مسبوقة" وستكون "نقطة تحول".

CHRISTOPHER PIKE المقر الرئيسي لشركة النفط الإماراتية (أدنوك) في أبوظبي

قد يتفاجأ العديد من القراء بأن دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة المبنية على أموال النفط، ربما تحاول إقناع العالم بالموافقة على التوقف عن استخدام هذه المادة.

وربما تكون قد شاهدت أخبارا، في الأيام الأخيرة، عن تشكيك الجابر في علم الاحتباس الحراري خلال مؤتمر كوب 28.

لقد أكد يوم الإثنين الماضي أن تعليقاته قد أسيء تفسيرها، مضيفا: "لقد قلت مرارا وتكرارا إن التخفيض التدريجي والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري أمر لا مفر منه".

وانضم إلى الجابر في مؤتمر صحفي البروفيسور جيم سكيا، الذي يرأس اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة.

وأوضح البروفيسور سكيا أن تحقيق هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، إلى 1.5 درجة مئوية، يعني التخلص من الفحم غير المخفف بشكل كامل بحلول عام 2050. وقال إنه سيتعين خفض النفط بنسبة 60 في المئة والغاز الطبيعي بنسبة 45 في المئة.

لذلك، حتى في عام 2050، سيظل العالم بحاجة إلى الكثير من الأشياء التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة (الوقود الأحفوري).

ولكن - مرة أخرى - فقط إذا كان من الممكن "تخفيف حدتها"، وإذا كان من الممكن احتجاز الانبعاثات منها لمنعها من التسبب في تغير المناخ، والتكنولوجيا اللازمة للقيام بذلك غير موجودة بأي حال من الأحوال بالقرب من النطاق الزمني المطلوب.

باختصار، أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة أن على العالم أن يتخلص من إدمانه على الوقود الأحفوري غير المخفف، وقررت أن تضع نفسها بشكل حاسم على الجانب الصحيح من التاريخ من خلال محاولة امتلاك القرار.

لكن نعم، في الوقت نفسه تخطط لزيادة قدرتها الإنتاجية وبيع المزيد من النفط.

REUTERS السيد جابر يريد التوصل إلى اتفاق، ولكن هل ضيوفه على استعداد لذلك؟

حسنا، رئيس المحادثات يريد أن يحدث ذلك، لكن ما الذي يجعله يعتقد أنه يستطيع التوصل إلى اتفاق؟.

وقد أعربت أكثر من 100 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عن رغبتها في التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

لقد كانت الصين تقليدياً رافضة بشأن هذه القضية، ولكن قبل بضعة أسابيع كان هناك تلميح إلى أن موقفها ربما تغير.

وتحدثت لأول مرة عن أهداف خفض الانبعاثات الناتجة عن توليد الكهرباء، عندما التقى الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئيس الصيني، شي جينبينغ، في قمة عقدت في كاليفورنيا.

ويذكر أن الصين هي الرائدة على مستوى العالم، في إنتاج وتركيب تقنيات الطاقة المتجددة.

وكانت روسيا تقليديا أيضا مترددة في دعم العمل بشأن المناخ، لكن فريق الإمارات العربية المتحدة واثق جدا من إمكانية "أن يتم إقناعها".

ويشير ذلك إلى أنه ربما تم التوصل إلى اتفاق ما، ويقول خبراء في سياسة المناخ الروسية إن ذلك ممكن للغاية.

ويقولون إن روسيا تتبع نهجا يدعم الوضع الراهن تجاه تعهدات الأمم المتحدة هذه، لأسباب ليس أقلها أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - الذي يزور الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية اليوم - لن يشعر بأنه مضطر للالتزام بأي تعهد على أي حال.

REUTERS الكثير يتوقف على المملكة العربية السعودية

سلطان الجابر لا يزال لم يحقق الهدف.

لكن لدي معلومات من جهة موثوقة أن شركة النفط السعودية العملاقة، أرامكو، تدعم مثل هذه الخطوة.

لماذا؟ لأن ذلك من شأنه أن يعزز سمعة البلاد ويسهل عليها القيام بالأعمال التجارية.

وإليك فكرة أخيرة. لدى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أجندة تحديث واسعة للغاية. ونموذجه في ذلك هو دولة الإمارات العربية المتحدة، مع مركزها التجاري العالمي اللامع، دبي.

إن تحقيق ذلك ليس مؤكدا حتى الآن، لكن راقبوا دبي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف