معاناة الأمهات الحوامل في غزة شديدة
الولادة في زمن الحرب: قابلات يجرين عمليات ولادة على الأرض
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"إنه شعور لا يوصف، كان صعباً جداً أن أكون حبلى وألد في هذه الظروف، في الحرب، الحرب بشعة"، هكذا عبّرت إيمان ماهر، البالغة من العمر 26 عاماً، عن إحساسها وقت ولادتها.
نزحت إيمان مع زوجها وابنتيها من منطقة عبسان الكبيرة جنوب شرقي قطاع غزة إلى مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة مشياً على الأقدام.
وتقول إيمان لبرنامج "غزة اليوم" الذي تبثه بي بي سي: "مشيت تقريباً 5 كيلومترات، المستشفى بعيد عن المكان الذي نزحت إليه، فاضطررت أن أذهب إلى المستشفى سيراً وأنا في مرحلة المخاض".
وتضيف إيمان: "لم يعطوني مسكنات بسبب النقص الشديد في الأدوية وكانت الولادة صعبة على الرغم من أنها ولادة طبيعية، والمستشفى كان مزدحماً جداً، حاولت أن أدخل المرحاض قبل الولادة فلم أستطع بسبب الطابور الطويل من النازحين".
وعن سؤالها عن أكثر شيء كانت تحتاجه، تقول إيمان: "كنت في حاجة إلى أن أشعر بالأمان. كنت خائفة أن أفقد أحدا من عائلتي، خائفة على بناتي، خائفة على الجنين".
وتضيف إيمان: "من أصعب الفترات التي مررت بها كانت قبل الولادة بخمسة أيام، قضيتهم في الحرب، سيطر علي الخوف والتوتر".
تستطرد إيمان: "طلبوا منا إخلاء المكان، فخفنا ونزحنا دون أي أمتعة، فلم يكن معي ملابس لابنتي ولا حفاضات للأطفال. ما أحتاجه الآن أنا وابنتي هو الطعام، نحن لا نأكل إلا أشياء بسيطة، فالطعام لا يكفي. والمفترض أن تأكل الأم حتى تستطيع أن تعتمد على الرضاعة الطبيعية، ولا يوجد حليب أطفال".
وتشير التقديرات لوجود نحو 50 ألف أمرأة حامل في غزة. وقد حذرت منظمة اليونيسف ووكالة الأونروا وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الصحة العالمية من تعطل الخدمات الصحية للأمهات والأطفال حديثي الولادة بسبب عمليات القصف المستمرة، وتضرر المرافق الصحية أو توقفها عن العمل.
كما توقعت الوكالات أن ترتفع وفيات الأمهات في غزة، وحذرت من أن الآثار النفسية الناجمة عن الحرب وما لها من عواقب مباشرة على الصحة الإنجابية، بما في ذلك ارتفاع حالات الإجهاض الناجم عن التوتر، والولادات المبكرة.
لا راحة حتى بعد الولادة القيصريةفي ثاني يوم من الحرب، خرجت رنا صبري أبو العراج، الحامل في الشهر التاسع، من منطقة القرارة وتوجهت إلى مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، بعد قصف المنزل المجاور لمنزلها.
وتقول رنا: "اصطحبت أسرتي سريعاً وخرجت من المنزل في الساعة السادسة صباحا، ومشيت مسافة طويلة من قرارة إلى خان يونس لعدم وجود مواصلات. وفور وصولي منزل أهلي في خان يونس، شعرت بألم الولادة، توجهت إلى مستشفى الخير ووضعت ابنتي بعملية قيصرية".
وتشرح رنا معاناتها بعد الولادة، فتقول: "لا يوجد طعام نأكله مثل البشر، ودخول المراحيض صعب جداً، حتى المرأة التي تلد بعملية قيصرية لابد أن تقف في طابور طويل لدخول المرحاض".
وتضيف: "المرأة الحامل تحتاج إلى مكان هادئ وراحة نفسية، لا تريد أن تسمع أصوات القصف والحرب، أنا بسبب الحرب خرجت من المستشفى مشيا على الأقدام وبطني بها عملية خياطة وعملية قيصرية".
لم تنته معاناة رنا بعد عملية الولادة، بل ما زالت تشعر بالقلق بسبب حال ابنتها الصحية حيث تعاني من الجفاف الحاد بسبب نقص الحليب وهي الآن في حال صعبة ومحتجزة في مجمع ناصر الطبي بخان يونس، وننتظر قرار تحويلها إلى مصر للعلاج.
النزيف بسبب النزوحتتعرض الحوامل لمشاكل صحية بسبب النزوح والتوتر بالإضافة إلى نقص المياه والطعام، فتقول القابلة بمجمع ناصر الطبي في خان يونس، سحر عبد السميع، لبرنامج "غزة اليوم": "من أكثر المشكلات التي تواجهنا هي التهابات البول بسبب النقص الشديد في شرب المياه لأن المياه غير متوفرة، وأيضا حالات النزيف لعدم وجود المواصلات حيث تضطر الأمهات للمشي مسافات طويلة مثلا من غزة إلى خان يونس، فيُسبب لها الارهاق الشديد والتعب نزيف."
تستطرد سحر: "لا تتوفر حالياً الفوط الصحية وحفاضات للأطفال. عدم وجود فوط صحية يشكل ضرراً كبيراً على المرأة والطفل لأنه يؤثرعلى النظافة الشخصية، فلن تستطيع الأم أن تهتم بأطفالها في ظل عدم وجود نظافة شخصية بسبب وجود الالتهابات والصعوبة في الحركة. الملابس أيضاً غير متوفرة لهم بسبب النزوح."
عدم الحصول على الرعاية الكافية بعد الولادةخروج الكثير من المستشفيات عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي المستمر له دور كبير أيضاً، فتشرح سحر: "عدد حالات الولادة كبير، لأننا أصبحنا نعمل على مستوى قطاع غزة بعد أن كنا نعمل فقط على مستوى خان يونس، بالإضافة إلى النقص في الكوادر الطبية والتمريض لأننا نحن أيضاً ننزح من مكان إلى مكان مع عائلاتنا. نضطر للتعامل مع كل حالة في غضون ساعة فقط أو أقل، فبالتالي لا تأخذ الحالة حقها الكامل في الرعاية. أحياناً نضطر أن تخرج بعض الحالات لأن وضعها أفضل من غيرها لكي نستقبل حالات أخرى، وأحياناً توجد ثلاث حالات على سرير واحد، وأحياناً بعد الولادة تجلس مباشرة على كرسي لنولد حالة أخرى، وفي بعض الأوقات نقوم بالولادة على الأرض".