أولاف شولتس ليس أنغيلا ميركل
ألمانيا لا تستطيع قيادة أوروبا.. وهي لا تريد ذلك أصلًا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
زعيم ألمانيا رجل يُدعى أولاف شولتز، شخصية بلا لون وغير مثيرة للإعجاب، وهو لا يستطيع قيادة أوروبا كما كانت تفعل أنجيلا ميركل، بحسب "إيكونوميست"
إيلاف من دبي: ثمة رواية قديمة، ولو كانت ملفقة، تقول إن الراحل هنري كيسنجر كان يتذمر: "بمن أتصل إذا كنت أرغب في مكالمة أوروبا؟".
تقول "إيكونوميست" البريطانية في الواقع إن الإجابة عن هذا السؤال بقيت، لفترة طويلة من الزمن (بعد أن ترك كيسنجر الحكومة)، جيدة، "ففي معظم الثمانينيات والتسعينيات كان هيلموت كول، المستشار الألماني، ومن عام 2005 حتى نهاية عام 2021، كانت أنجيلا ميركل. ألمانيا دولة كبيرة وغنية وذات ثقل في عموم الأمر، حتى أن لا شيء مهم يحدث في أوروبا إلا إذا أراد مستشار ألمانيا أن يحدث، وما يريده المستشار يحصل عليه في عادة... الى الآن".
بلا لون
بحسب المجلة البريطانية، يكشف بحث "غوغل" أن زعيم ألمانيا رجل يُدعى أولاف شولتز، "لكنه شخصية بلا لون وغير مثيرة للإعجاب. فبينما يعاني الاقتصاد الأوروبي من الركود، يصعد اليمين المتشدد في استطلاعات الرأي في كل مكان تقريباً، وبينما تنهمر صواريخ فلاديمير بوتين على أوكرانيا، الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، يكاد يكون شولز غير مرئي. ويُعَد حزبه الديمقراطي الاشتراكي ثالث أكثر الأحزاب شعبية في ألمانيا، حيث يتمتع بمستوى مثير للسخرية من الدعم عند حدود 15 في المئة".
هذا العجز المشتت يؤثر على ما هو أبعد من ألمانيا. فالاتحاد الأوروبي متروك بلا قيادة بسبب غياب شولتز، وعلى ألمانيا أن تكون المحرك في أوروبا، سواء في جمع الأموال لأوكرانيا أو إصلاح مشاكل الهجرة أو بناء اتحاد أسواق رأس المال أو إصلاح النظام حتى يتسنى قبول أوكرانيا وغيرها، أو حتى إعداد أوروبا لكل ما قد يترتب على فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية في نوفمبر المقبل. تعقب "إيكونوميست": "كان كول وميركل يعلمان ذلك، وسافرا وتفاوضا بلا توقف. وازدهرت أوروبا نتيجة لذلك. تبدو هذه الفكرة غريبة تمامًا على شولتز قليل الكلام، وهو مؤيد قوي لأوكرانيا فشل في إلهام الآخرين".
واضح بالنسبة إلى "إيكونوميست" أن الأمر لا يعود إلى المستشار، فالعامل الحيوي المساعد لألمانيا قوية هو فرنسا قوية. مع ذلك، أصبح إيمانويل ماكرون، نظير شولز، مكروهًا على نطاق واسع في بلاده، فخسر أغلبيته البرلمانية في عام 2022، ويكافح من أجل إقرار تشريعاته، وأقال أخيرًا رئيسة وزرائه، كما اعتاد الرؤساء الفرنسيون المحاصرون أن يفعلوا، وعيّن غابرييل أتال، ابن الرابعة والثلاثين الذي يتمتع بشخصية جذابة لكن يفتقر إلى الخبرة.
التوافق غائب
تقول "إيكونوميست": "في الماضي، كان ماكرون بطلاً للإصلاح، لكن قدرته على التأثير في أوروبا تضاءلت. والأهم من ذلك هو أن المطلعين على الأمور يقولون إن شولتز وماكرون يسيئان التعامل مع المشكلات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن شخصيتيهما مختلفتان تمامًا، لكن أيضًا إلى وجهات نظر غير قابلة للتوافق". يفضل ماكرون المزيد من الإنفاق على المستوى الأوروبي، والمزيد من الاستقلال عن حلف شمال الأطلسي وأميركا، وانتهاج سياسة اقتصادية موجهة، لكن شولز المتهور لا يتفق مع أي من ذلك، ويمكن أن تكون الاختلافات في وجهات النظر مثمرة إذا كان ثمة استعداد للتعاون... وهذا ليس موجودًا.
تختم "إيكونوميست" بالقول إن تعطل المحرك الفرنسي - الألماني الذي كان يدير أوروبا لا ينفي حقيقة أن بعض الآليات المساعدة لا تزال تعمل، "إحداها هي رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، وهي ألمانية أكثر فعالية من شولتز نفسه، وتستحق إعادة تعيينها في الخريف. فقد أجادت حين دعت إلى إنشاء صندوق للتعافي من فيروس كورونا بقيمة 875 مليار دولار، لكن صلاحياتها محدودة، وهي ليست مثل الراحل جاك ديلور الذي وحد زعماء أوروبا لبناء السوق الموحدة والعملة الموحدة. وهناك قوة دافعة أخرى تتمثل في دونالد تاسك، رئيس وزراء بولندا الجديد والرئيس السابق للمجلس الأوروبي. لسوء الحظ، سيكون مشغولاً بتدبير أمور بلاده الداخلية". وحتى لو فاز جو بايدن في نوفمبر، فإن أميركا تتراجع عن دورها مصدرًا رئيسيًا للأمن في أوروبا، وسيتعين على القارة العجوز أن تنفق أكثر وتجتهد أكثر لتحافظ على سلامة مواطنيها.
المصدر: "إيكونوميست"