الجنود يقولون إنها حرب فُرضت عليهم.. وهم جاهزون
"إيلاف" في المطلّة الإسرائيلية: هدوء ما قبل الحرب الطاحنة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يتجول مجدي الحلبي في المطلة، ينقل مشاهداته عن الحدود الإسرائيلية - اللبنانية المشتعلة، حيث يؤكد جنود احتياط إسرائيليون أنهم جاهزون لحرب لا يرغبون فيها أصلاً!
إيلاف من المطلة: نسمع محادثة عبر اللاسلكي. الصوت واضح، وملامح الضابط جدية جدًا:
- نعم معك، ماذا هناك؟
- مجموعة تستعد لإطلاق قذائف من الجانب الشرقي.
- عُلم، سأطلب الرصد والتأكد ثم الضرب.
بعد دقائق يعود الشخص ليخبر الضابط في هاتف قديم اسود اللون انه تم تسوية الأمر واحباط التهديد.
هذه المحادثة بين ضباط وجنود على الحدود الاسرائيلية &- اللبنانية، تحديدا في بلدة المطلة التي تقع الشريط الحدودي بين مناطق وقرى لبنانية تحيطها من جهات ثلاث، تمت باللاسلكي التقليدي القديم والذي يعمل بطريقة الذبذبات لا الديجيتال، والذي عاد ليكون وسيلة اتصال آمنة اكثر من الهواتف المحمولة والتقنيات الرقمية التي يتم اختراقها بسهولة في أيامنا.
ربما هو درس وعبرة للجيش من 7 اكتوبر، كما يقول احد الجنود متحدثًا عن العودة لاستخدام الالات التقليدية التي يصعب اختراقها او التنصت عليها، ولهواتف سلكية سوداء قديمة يستخدمها الجيش.
ندخل إلى البلدة في سيارة عسكرية تمر في ازقة وشوارع جانبية. عند الوصول إلى منطقة مفتوحة على جهة لبنانية يسرع السائق بشكل جنوني حتى يجتاز المنطقة المفتوحة حيث يرصد عناصر حزب الله تحركات الجنود والقوات الاسرائيلية ويطلقون صوبهم الصواريخ المضادة للدروع.
احد الضباط يشير بيده عندما نصل إلى جانب احد البيوت، ويقول: "هذا البيت تلقى ضربة من صاروخ كورنيت"، ثم يطلب ان اتبعه راكضا. نعبر الشارع بسرعة لندخل ساحة البيت ثم البيت المدمر من الداخل. كل محتوياته مبعثرة والحيطان الداخلية سقطت أو مالت بشكل يصعب المرور بينها.
لا سياحية ولا سياح
اصبحت بلدة المطلة السياحية والزراعية خلال اشهر المواجهات الثلاثة بلدة اشباح تخلو من سكانها ومن السياح، ولا تجد هنا سوى قطط تتجول بين البيوت التي يتمركز في ساحاتها الخلفية جنود يرابطون في البلدة لحمايتها.
يقول احد الضباط إن هذا الوضع غير طبيعي ولن يستمر إلى ما بعد الحرب، "فوضع يكون فيه حزب الله على الحدود بهذا الشكل لن تسمح اسرائيل باستمراره". تقاطعه مجندة وتقول: "أنا بنت هذه البلدة ولا اعرف متى اعود إليها، لكنني مصرة مع عائلتي على العودة لإعمارها". تضيف: "سكان المطلة والبلدات الاخرى لن يعودوا إلا إذا تغير الوضع الامني وانتهى تهديد حزب الله، وهذا ما يجب ان يعرفه قادة البلاد والجيش وكل العالم، نحن نريد الحياة والجيرة الحسنة ولا نريد ان نكون رهائن بيد احد وعلى الدولة ان تقوم بكل ما يلزم هنا وفي كل مكان".
يتدخل ضابط آخر مسؤول في المنطقة برتبة عالية، يقول إن التعليمات واضحة: الدفاع والرد على اي هجوم والقضاء على اي تهديد. في كل لحظة، قد تندلع الحرب هنا. يقول إن القوات جاهزة "وحزب الله لن يستطيع مفاجأتنا كما حصل في 7 اكتوبر في الجنوب". ثم نظر إلى بندقيته واستطرد: "لقد فشلنا كمؤسسة عسكرية في اسرائيل وبقينا 24 ساعة لا ندري ما نفعل إلى حين عدنا لصد الهجوم هناك وبعد ذلك دخلنا غزة، اما هنا فلن نسمح بتكرار الأمر، لا 7 اكتوبر على الحدود الشمالية". يتدخل ضابط آخر ويقول إن هجوم 7 اكتوبر "زعزع مقولة اننا شعب حر في دولتنا لكن سننتفض ونعود لنبقى شعبا حرا في بلدنا اسرائيل". ويوافقه الجنود الذين كانوا هناك.
بعد بعض الوقت والتنقل من بيت إلى آخر لمشاهدة ما يحدث على الحدود مع لبنان ورؤية الجانب الاخر حيث يبدو المنظر هادئا وساحرا وسط طبيعة جميلة وجبال وأودية وكروم تفاح وكرز وعنب وغيرها من الجانبين، تعود المجندة لتقول ان هذا المكان من اجمل الاماكن وان بيتها يطل على سهل الخيام في لبنان، والمنظر ساحر وخلاب، "لكن هذا المنظر يخدع الجميع اذ ان صاروخًا قد ينطلق باتجاهك في اي لحظة ليشق هذا الهدوء، ومن حسن الحظ ان لا احد من السكان هنا والا كان حزب الله سيستهدف كل من يتحرك".
لم نبدأها
من منطقة عالية لكن خفية، يمكن مشاهدة بلدة كفركلا اللبنانية المتاخمة للحدود. إنها خالية تماما من السكان، على الاقل من الجانب الذي كنت أنظر منه، حيث هناك بوابة فاطمة الشهيرة التي تحولت بعد انسحاب اسرائيل من لبنان مكانا لرمي الحجارة على اسرائيل.
ويذكر ان الكاتب ادوارد سعيد جاء خصيصا إلى هناك ليرمي حجرا على بوابة فاطمة رمز الاحتلال الإسرائيلي، والذي أطلقت عليها إسرائيل لقب الجدار الطيب.
على جانبي الحدود هدوء حذر وبلدات اشباح. غالبية سكان الجنوب اللبناني المتاخمين للحدود تركوها ونزحوا شمالا، وغالبية سكان بلدات الشمال الاسرائيلي نزحوا جنوبا. الفرق ان سكان اسرائيل نزحوا بإيعاز من الحكومة مع امكانية التعويض ومنح اماكن للحياة والتعليم وغير ذلك. اما في الجانب اللبناني، فيقول الضابط إن الأمر مختلف، "فالسكان دفعوا مبالغ باهظة لاستئجار الشقق والبيوت في الجبل او بيروت".
قال الجندي الذي كان يمشي امامي: "نحن لم نبدأ هذه الحرب ولم نهاجم اللبنانيين، حزب الله قرر مساندة غزة وبدأ بإطلاق النار والقذائف علينا وعلى مواقعنا وقرانا وبلداتنا ونحن نرد بقوة ونكبده خسائر كبيرة جدا في الأرواح والعتاد، ونستهدف البيوت التي يطلقون منها الصواريخ علينا، وفي كل يوم نضرب له منشآت وبنى تحتية ومخازن اسلحة ومنصات إطلاق صواريخ ونقتل له عناصر من قوات الرضوان".
توقف قليلا ثم قال: "قوات الرضوان لم تنسحب إلى شمال الليطاني كما يقولون في الاعلام، انما اعادت الانتشار وبدأت ترتب أمورها من جديد في كل القرى والبلدات المقابلة بمحاذاة الحدود. نحن نرصدهم هنا وهناك، وها هي قوة منهم كما سمعت وفهمت في بداية لقاءنا كانت تتجهز لاستهداف هذه المنطقة بقذائف الهاون وقد أحبطنا العملية وقتلنا افراد الخلية".
أضاف: "صحيح اننا جاهزون كما ترى، لكن قد ينجحون في بعض العمليات. لكننا لن نتركهم يجتازون الحدود. في كل مرة حاولوا أحبطنا مسعاهم، وقتلناهم، واحيانا دفعنا ثمنًا باهظًا بأرواح الجنود والضباط، وانا شخصيا فقدت ضابطا من اعز اصدقائي قريبا من هنا، لكن سنستمر بالدفاع عن حدودنا والوضع الذي ساد قبل 7 اكتوبر لن يعود".
خلال تجوالنا في المطلة الخالية، توقف الضابط بجانب سيارة محروقة وقال إنها كانت لأحد السكان الذي سافر في الايام الاولى من الحرب، "نبهه احد الجنود ان المكان خطر لكن في ذات اللحظة اطلق عليه صاروخ كورنيت من هناك"، واشار نحو بلدة الخيام. تابع: "اصيبت سيارته وهو نجا بأعجوبة".
ذهب بنا إلى حديقة خلفية ليرينا شظايا الصاروخ والأضرار التي ألحقتها بالمبنى الذي كان خاليا حينها لحسن الحظ، ثم طلب مني الركض بسرعة لان المكان مكشوف لنصل إلى مبنى آخر فيه ملجأ اجتمع به بعض جنود الاحتياط للراحة وشرب القهوة.
إسرائيل الحقيقية
قال الضابط: "كل الجنود الذين يرابطون هنا احتياط تم استدعاءهم في الأمر رقم 8 اي الحضور الفوري وترك كل شيء وراءهم: بيوتهم وعائلاتهم واشغالهم وتعليمهم، وهم لا يعرفون متى تنتهي هذه الحالة لكنهم يرابطون هنا منذ اليوم الاول للحرب ولا يزالون هنا ويرون عائلاتهم لأوقات قصيرة جدا".
احد الجنود يتدخل في الحديث ليقول انه لم يزر بيته شهرًا ونصف: "نحن هنا من اجل الدفاع عن بيوتنا هناك، فهذا الواقع غير عادي واسرائيل ستبقى قوية رغم كل الظروف. وبالرغم من انها تواجه حربا في الجنوب والشمال ومن الحوثي في اليمن، وتسود في اوروبا واميركا لا سامية وهجوم إعلامي على اسرائيل، فانها ستظل الدولة التي تمتلك اكبر كنز إنساني وثقافي، اذ ان الإسرائيليين هنا على الجبهة يقاتلون جنبا الى جنب من كل الفئات والمذاهب، متدينين وعلمانيين واشكناز وسفرديم ودروز وغيرهم، هنا تجد اسرائيل الحقيقية".
بعد محاضرة جندي الاحتياط، يقول احد الضباط: "الوضع هنا غير ما يحدث في تل ابيب او على شاشات التلفاز حيث تشاهد وتسمع النقاشات التي لا نراها هنا ولا نلمسها بل نشعر بعكسها تماما".
اضاف: "نحن جنود ننفذ الأوامر ونرى ان الوضع على الحدود قد ينقلب بين ليلة وضحاها لحرب طاحنة، ونحن على أتم الاستعداد، والخطط موجودة ويتم تحديثها بالاستخبارات يوميا لتحديد الاهداف الجديدة، فساعات قليلة فقط تفصلنا بين الدفاع والهجوم وقد تدربنا على ذلك سنوات طويلة وسنقوم بما يجب عند تلقي الامر".
وتابع: "ما سيحدث في الجانب الآخر إذا اندلعت الحرب هو أضعاف ما حدث في غزة، في الجنوب وبيروت وكل لبنان".
مفروضة علينا وعليهم
عندما انهى الضابط حديثه، قال لي ضابط آخر رافقنا في المرحلة الأخيرة: "أنظر إلى جبل الشيخ، كم هو جميل وساحر، لكن لا احد هنا ليستمتع بالمناظر الطبيعية. هناك من قرر ان يقوم بالهجوم وإطلاق النار والقذائف والصواريخ والسكان من الجانبين يعانون من ذلك، كنا نفضل ان يتم حل هذه المعضلة هنا بالطرق الدبلوماسية اي بتطبيق القرار 1701 من جانبي الحدود وابعاد حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني، مع ان ذلك ليس الحل الامثل إلا اننا نقبله ليعود السكان إلى بيوتهم في المطلة وكريات شمونة وزرعيت وشتولا وباقي القرى والبلدات على طول الحدود مع لبنان".
أضاف: "هناك ثلوج ومياه وشتاء وشلالات ساحرة إلا أن كل شيء مغلق من ناحية السياحة في الجانبين. في هذه الفترة من السنة يعج المكان بالسياح والمتنزهين وطالبي الهدوء والتمتع بسحر الطبيعة، في المطلة وفي لبنان، الجميع متوقف عن العمل، حتى المزارعين من الجانبين قلما يستطيعون الخروج والعمل في كرومهم ومزارعهم، المنطقة تستحق افضل من هذه الحرب البشعة التي فرضت علينا وعلى سكان لبنان".
في طريق العودة والخروج من المطلة، كان هناك قصف مدفعي لمواقع قرب الخيام في الجانب اللبناني وأصوات القصف كانت قريبة جدا. استعجل الضابط خروجنا من المطلة التي اصبحت منطقة عسكرية مغلقة.
بعد ان خرجت من البلدة باتجاه كريات شمونة ابلغوني ان صاروخا مضادًا للدروع أطلق باتجاه إحدى البيوت القريبة من مكان تواجدنا، واقتصرت الاضرار على الماديات، ورد الجيش بإطلاق المدفعية على مصدر الصاروخ.
الواقع هنا مخيف: هدوء ما قبل العاصفة. الأجواء تنذر بأيام ساخنة قد تصل إلى حرب طاحنة إذا اخطأ هذا الجانب او ذاك التقدير او تجاوز قواعد الاشتباك غير المكتوبة بين حزب الله وبين اسرائيل.
التعليقات
قراءة ممتعة
شيعية من الجنوبية اللبناني -الكاتب ينقلنا بكلماته الى ارض المعركة. يجعلنا نسرع في منطقة "مكشوفة امنيا" هرباً من صاروخ ارهابي قادم... ثم نبطء الخطى لنتأمل معه جمال الطبيعة في بلدة المطلة - التي تضاهي بجمالها بلدات الجنوب اللبناني... الطبيعة الجميلة ذاتها مع فارق جوهري: في بلدة المطلة: الجيش يحمي الناس. يقف مكانهم للتصدي للضربات الإرهابية. يؤمن لهم الملاجئ او يضمن نقلهم الى اماكن اكثر امناً الى حين انتهاء الحرب بينما في الجنوب اللبناني، فالمقاومة - حزب الله وجماعاته الارهابية المتفلتة من النظام والقانون والضمير - تعرض حياة وممتلكات اهل الجنوب للخطر الدائم. تطلق صواريخها من اراضي اهل الجنوب. لا تأخذ في الحسبان لا الشجر ولا البشر. فالكل في تلك المناطق اما "مقاوم" وبئس المصير له او "نازح" وهو امر يحمل من المذلة ما يحمله للعائلات التي تضطر لترك منازلها واملاكها وشجرها وجذورها للنزوح نحو العاصمة للاحتماء من توجيه أحمق قد ينزل على حسن نصر الله من ولية امره إيران فيطلق صاروخاً غبياً لا يصيب الا الاسفلت وعواميد الكهرباء. وفي الأخير. يظل مصير اللبنانيين مرهوناً بمزاج شخص - اخطأ اللبنانيون حين لم يجردوه السلاح كغيرة من الميليشيات وأخطأت اسرائيل حين لم تتخلص منه في الوقت المناسب. ولهذا تحليلات عدة نحن اللبنانيون نتداولها: - اما ان اسرائيل لم تشأ ان تمنح هذا الارهابي (الشهادة) التي يدعي انه يريدها وبالتالي تجعل منه بطلاً بتصفيته - او انها راهنت على ان اللبنانيين سيتخلصون منه (وهذا مستبعد لان اللبنانيين تقودهم السياسة والدين) - او ان مصلحة حزب الله وحسونة التقت مع المصلحة الاسرائيلية في تلك الفترة... وهذا الاقرب الى المنطق. ومن هذا المنطق، المصلحة المشتركة التي حفظت رأسه في حرب تموز لم تعد قائمة - بالتالي نستبشر نحن اللبنانيين خيراً من ان موعد الخلاص من هذا الكابوس حسن نصر الله صارت قريبة جدا. صلواتكم يا لبنانيين.
هذا ما قاله بن غوريون
عدنان احسان- امريكا -قــال ( اذا هزمت اسرائيل مره واحده في احدى الحروب ستنتهي ) ..كل المؤشـــرات ان اســرائيل تحفر قبرهــــا بيــــدها وهـــي تعلـــم بذلك..،، الحرب لا تعني القتل و التدمير فقط ،، و الاهم ان يشعر الاسرائيلي بالقناعه بهذا المشروع المستورد من ثقافه الغرب ، وفشلوا في جعله هويــه للمهاجر الاسرائيلي / وعن اي هويــه تتحدثون اذا كنت تعيش في مستوطنه - ولا تشعر انك تعيش بدوله بل مستوطنات وطرق التفافيه ومرفوضه ايضا من محيطها وليس لها حتى هويه اليهـــود التاريخيه في المنطقه ، دوله الصهيوينه - لا تعبر عن هويه اليهـــود الحقيقيه - وهي ليست الا مشروع سياسي - وسيفشل واستمراره فقط - لانها هذا الكيان مرتبط بمشاريع الاخرين واذا انتهت هذه المشاريع انتهت معها ذا الكيان ، واما / خماش / والاسلام السياسي هم الوجه الاخر للمشروع الصهيوني ، ولكي بستمر والسبب مثل هذه المشاريع لا تحارب بالصواريـخ واشكال النضال متعدده - وليس بالصواريخ - فقط ،، وهذه سـر عدم هزيمه اسرئيل بعسكره النضال ضد المشروع الصهيوني - حتى لو احتلو الوطن العربي كله وليس غـــــزه ...وتحويل الحرب الى حرب اصوليات دينيــه هو بدايه هزيمــ - الاسلام السياسي و نهايه دولـــه عزرائيــــل ،،، وليست اسرائيل..