عودة إلى الموروث الأصيل والعادات القديمة
أسواق نجران الشعبية... باعة قدامى وأدوات بدائية وتراثيات نادرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نجران: للأسواق الشعبية بمنطقة نجران تفاصيل مبهرة ومبهجة، تحكي عن الموروث الشعبي للأهالي في أزمان مضت، حيث يجد فيها الناس أنفسهم بالعودة إلى موروثهم وأصالتهم وعاداتهم القديمة، وتمنحهم الفرصة للعودة إلى الماضي لاستذكار كيف كان الأجداد يعيشون قديماً من خلال الصناعات الأصيلة المتجذرة والمنتجات التي كانوا يستخدمونها وما زال بعضها يستخدم حتى الوقت الحاضر في حياتهم اليومية، بل ويتفاخرون بتوريثها للأجيال الجديدة.
وتحتفظ تلك الأسواق بطابعها التراثي وهويتها المنفردة على مر العصور، منذ أن كانت مقراً للقوافل التجارية قديماً مروراً بتطويرها، مع الاحتفاظ بهوية منطقة نجران التراثية المتأصلة، حتى أصبحت هذه الأسواق تشكل رافداً اقتصادياً مهماً للمواطنين والمواطنات الذين يعرضون صناعاتهم وبضائعهم فيها على مدار العام.
وتقع الأسواق الشعبية في حي أبا السعود بجانب قصر الإمارة التاريخي، مما يعطيها قيمة تاريخية، وساعد على أن تكون هذه المنطقة التراثية عامل جذب للكثير من الزوّار من داخل وخارج المملكة، وكذلك السياح الأجانب، حيث الهوية التراثية التي تعكس طابع المنطقة القديم، رغم الحداثة والتطور الذي تشهده نجران في شتى المجالات.
وكالة الأنباء السعودية "واس" كان لها جولة مطولة في هذه الأسواق الشعبية، وتجولنا في محال كثيرة وشاهدنا صناعات تراثية متنوعة ومنتجات مختلفة بدءًا بسوق التمور الذي تعرض فيه مختلف الأصناف التي تشتهر بها المنطقة مثل البياض والخلاص والمواكيل والرطب، حيث يشهد السوق حراكاً اقتصادياً لافتاً في بيع وشراء حصاد إنتاج مزارع النخيل بالمنطقة.
كما تضم الأسواق الشعبية، سوق القمح والبر النجراني بأنواعه السمراء والصمّاء والزراعي، وهي من منتجات مزارع نجران وتشهد إقبالاً كبيراً من المتسوقين نظراً للقيمة الغذائية العالية والمفيدة التي يكتنزها البر النجراني.
وفي جهة أخرى من هذه الأسواق.. يأتي سوق الجنابي بكل ما يحمله من هوية ثقافية تراثية نابعة من تمسك أفراد المجتمع النجراني بهويتهم، حيث تعد صناعة الجنابي من الصناعات القديمة في الجزيرة العربية، وكانت تستخدم قديماً للدفاع عن النفس، وأصبحت اليوم رمزاً للاعتزاز والأصالة، وتستخدم بصفتها جزءاً من الأزياء الشعبية لارتدائها في الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية.
وفي ركنٍ آخر تنتشر في جنبات السوق الشعبي محال الحرف اليدوية والصناعات التقليدية مثل صناعة الفخار الذي تنتج منه العديد من الأدوات التقليدية القديمة، كالمدهن والبرمة والزير والجرة والتنور والمداخن وغيرها من الأدوات التي يحرص المتسوقون على اقتنائها لاستخدامها في الكثير من الاستخدامات، وأهمها الطعام والشراب إلى جانب وضع بعضها كزينة في المنازل.
وتبرز أيضاً الصناعات الجلدية التي لا تزال قائمة وتستخدم خلال الوقت الحاضر مثل "الميزب" وهو أداة لحمل الطفل الرضيع، و"المسبت" وهو حزام من الجلد يحيط بالخصر، و"الزمالة" وهي حاوية كبيرة لحفظ الأشياء الخاصة، و"المشراب" وهو وعاء من الجلد لحفظ الماء.
كما تضم الأسواق الشعبية محال للملبوسات التراثية القديمة التي يحرص أهالي المنطقة على ارتدائها في مناسبات الأعياد وحفلات الأعراس، وفي زاويةٍ أخرى، بمجرد أن تشم رائحة البخور، فهذا يعني أنك مقبل على سوق النساء، وهو سوق قديم جداً يقع بجوار قصر الإمارة التاريخي، كأحد أقدم الأسواق بالمنطقة، وتعرض فيه بضائع أغلبها نسائية كالمصوغات والملبوسات وأدوات الزينة والبخور وغيرها.
والتقت "واس" عدداً من الحرفيين والصنّاع الذين أكدوا مضيهم في هذه الصناعات والحرف التراثية التي نمت معهم منذ صغرهم، مشيرين إلى أنهم يعلمون أولادهم هذه الصناعات والمهن، لكي لا تندثر، وتبقى رمزاً ثقافياً من رموز المنطقة.
وأوضحوا أن تلك الصناعات والحرف تدّر عليهم دخلاً مادياً جيداً، كون الكثير من المتسوقين يحرصون على استخدامها وشرائها بشكلٍ يومي، معبرين كذلك عن سعادتهم البالغة وهم يشاهدون السياح من مختلف دول العالم يتجولون بالأسواق، ويشترون البضائع القديمة، مما يؤكد العمق الأثري والتراثي لمنطقة نجران.